إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع) / العدد (165)
الوصية المقدسة
الكتاب العاصم من الضلال
السيد أحمد الحسن (ع)
جمعه وعلّق عليه
علاء السالم
الطبعة الأولى
1433 هـ ـ 2012 م
لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن (ع)
يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي :
www.almahdyoon.org
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً
تقديم ..
لعل من نافلة القول أن ننوه إلى أهمية هذا الكتاب الذي يضم جوابين لسليل العترة الطاهرة السيد أحمد الحسن (ع)، والتأكيد على رزانة ما يحتويه من علم يتفجر الهدى من جوانبه ويفيض النور من مشاربه، فهو أثر من آثار الكرام ورشحة من بحور أئمة الأنام الذين لا يصدر عنهم إلا ما يَحيى به الناس ويزيل عنهم الالتباس، ولكن من باب (وأما بنعمة ربك فحدث) وحرصاً على هداية طالبي الحق وتنبيهاً للغافلين، وإلا فالشمس لا تنفك ناصعة وإن سمجت محاسنها بعين الأرمد، كما يقول الشاعر.
تكلم السيد أحمد الحسن (ع) عن وصية النبي محمد (ص) المقدسة صدوراً ودلالة بأجوبة مختصرة الألفاظ زاخرة بالبراهين القاطعة والأنوار الساطعة التي تنير درب المؤمنين وتعمي الحاسدين الحاقدين، قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾([1]).
فما عساي أن أتكلم أو أكتب أمام هذا الصرح الشامخ المستغني عن غيره مع احتياج الجميع اليه، وما عسى أن تنفع الظلمة أمام الشمس الساطعة .. ولذلك كُتِبَ لي أن أتكلم في الحواشي وفي الأمور التي لا تفتقر لها الوصية المقدسة، لسد أفواه المتشدقين بها جهلاً وعناداً، ألا وهي مسألة صحة سند الوصية، فأقول:
الثابت عند القوم إن اثبات سند رواية ما لا يعني اثبات قطعية صدورها بل غاية ما يفيده السند الصحيح هو ظنية الصدور المعمول بها في الفقه دون العقائد، بل أحياناً رغم صحة السند يُترك العمل بالخبر لنكارة متنه أو شذوذه .. إذن، فمسألة صحة السند ليست أمراً جوهرياً في العقائد لأن العقائد يشترط فيها العلم أي القطع والجزم، وهذا لا يحصل من صحة السند كما تقدم، بل يحصل القطع والجزم بطريقين رئيسيين هما (التواتر) و (قرائن الصحة)، والتواتر ينقسم إلى قسمين؛ تواتر لفظي، وتواتر معنوي؛ وكلاهما يفيد القطع والجزم بلفظ الخبر أو معناه.
فلو أردنا أن نبحث عن صحة صدور رواية عقائدية ينبغي أن نبحث عن الحجة التي تُؤمِّن لنا الاعتماد عليها والعمل بها في الاعتقاد، أما الطريق الذي لا يفيد سوى الظن – صحة السند – فلا ريادة له هنا، لأنه لا يفي بالغرض بمجرده، إذن الأمر محصور في الطرق التي تفيد الجزم والقطع وهي التواتر وقرائن الصحة.
ورواية الوصية موضوعها عقائدي كما لا يخفى، وبذلك لابد أن نسلك الطرق التي تثبت بها العقائد لا الطرق القاصرة عن إثبات ذلك، بل اللجوء إلى الطرق القاصرة عن إفادة القطع يعتبر تطويلاً بلا طائل ومجانبة للموضوعية العلمية، ورواية الوصية متواترة معنىً ومحفوفة بعدة قرائن تفيد قطعية صدورها عن النبي محمد (ص)، وبعبارة أخرى: قد اجتمع في الوصية كلا طريقي إثبات القطع والجزم وهما التواتر وقرائن الصحة، وبذلك فالوصية لا تفتقر الى صحة السند، بل بعد حصول القطع لا ينبغي البحث عن الظن، بل البحث عن الظن عندئذٍ لا يعدو الجهل والتعسف، وتفصيل تواتر الوصية معنىً واحتفافها بالقرائن لا يسعه هذا الاختصار ومن شاء ذلك فليراجع كتاب (الوصية والوصي أحمد الحسن) و (دفاعاً عن الوصية) و (انتصاراً للوصية) و (الأربعون حديثاً في المهديين وذرية القائم).
والأمر المهم الآخر هو أن موضوع تقسيم الأخبار باعتبار صفات الرواة إلى (صحيح وحسن وموثق وضعيف) هو (خبر الآحاد المجرد عن القرينة)، أي إن الخبر المتواتر أو المحفوف بالقرينة لا يدخل في هذا التقسيم الرباعي، لأن الخبر المحفوف أخذ قطعية صدوره من القرينة لا من السند، وكذلك الخبر المتواتر أخذ قطعية صدوره من كثرة رواته لا من السند، ولأن ما يفيده التواتر والقرائن أقوى مما يفيده السند الصحيح، وما يفيده صحة السند حاصل من التواتر والقرائن وزيادة.
قال الحر العاملي "رحمه الله": (أنهم ـ الأصوليون – اتفقوا على إن مورد التقسيم هو خبر الواحد الخالي عن القرينة وقد عرفت إن أخبار كتبنا المشهورة محفوفة بالقرائن...) ([2]).
وقال الشيخ الطوسي "رحمه الله": (... لأنه إن كان هناك قرينة تدل على صحة ذلك كان الاعتبار بالقرينة، وكان ذلك موجباً للعلم ...) ([3]).
فبعد أن أثبتنا وفي كتب عديدة تواتر مضمون الوصية واقترانها بقرائن الصحة، نعلم أنّ الذين يطالبون بصحة سند الوصية المقدسة إنما هم بين جاهل ومتجاهل مخادع، فالجاهل يجب عليه أن يعرف حدَّه ويتعلم قبل أن يتكلم، والمتجاهل المخادع يَعلم ويَعرف ما قدمته آنفاً ولكنه حاقد حاسد يفتقر إلى شرف الخصومة، وما على الناس إلا الاحتجاج عليه وسؤاله عمّا مسطر في كتب دراية الحديث التي يلتزم بها، مما يقره المتقدمون والمتأخرون والمعاصرون من أهل هذا الفن.
فالخبر ينقسم ابتداءً الى قطعي الصدور وظني الصدور، وقطعي الصدور ينقسم إلى الخبر المتواتر والخبر المقرون، وكلا القسمين يفيد القطع ولا يحتاج إلى النظر الى سنده، وظني الصدور ينقسم باعتبار أحوال رواته إلى الأقسام الأربعة المتقدم ذكرها، فالبحث عن أحوال وصفات رجال السند يكون في الخبر الظني الصدور لا في الخبر القطعي الصدور، كما هو مقرَّر في علم الدراية.
ثم إنّ محاكمة سنة النبي (ص) وأهل بيته (ع) بميزان معين، لابد أن يكون هذا الميزان نابعاً من صاحب الشرع نفسه، لا من الأهواء والآراء المتناقضة والمتعارضة والتي كثر الخطأ والوهم فيها بصورة منفرة، فالدين الكامل لا يكون كاملاً إن كان مفتقراً إلى ناقصي العقول ليضعوا له قانوناً ومنهجاً لقبول ورفض الأحاديث، فتجد بعضهم يعتمد منهجاً معيناً يصحح فيه مئات أو آلاف الأحاديث، والبعض الآخر يخالف ذلك المنهج فيضعِّف هذه الأحاديث أو يتركها، وتجد بعض علماء الرجال يوثقون مجموعة رواة فيعتمدون على ما يروونه من عقيدة وفقه وأخلاق وسيرة، ويأتي آخرون ليخالفوهم في ذلك فيضعفون هؤلاء الرواة وبالتالي يرفضون تلك الروايات بما تحتويه من عقائد وفقه ...الخ، وهكذا يبقى الدين وصاحب الدين محكوماً بغيره ينظر الى تراثه نهباً بين آراء وأهواء علماء الرجال واختلافهم !
فمن يطلع على الأُصول الرجالية يجد الاختلاف حتى بين النجاشي والشيخ الطوسي فأحدهم يوثق بعض الرجال والآخر يضعفهم أنفسهم، بل تجد التناقض حاصلاً بين أقوال الرجل الواحد من علماء الرجال حيث يوثق رجلاً في أحد كتبه ويضعفه في كتاب آخر، وتجد القميين مثلاً يضعفون كل من يشتهر بنقل ما يخالف اعتقادهم من منزلة الأئمة (ع) وما شابه ذلك، ويردّون أخبار هؤلاء الرواة والتي تصل إلى الآلاف، ثم يتضح لمن تأخر عنهم خطأ القميين في هذا المنهج وأن هؤلاء الرواة ثقات ويجب الاعتماد على رواياتهم، وهكذا تبقى الروايات في مهب الآراء والأهواء تارة تُرد الآلاف منها وتارة تُقبل، قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾([4]).
ثم أين هي الأُصول الرجالية التي نحاكم بها تراث آل محمد (ص) ؟! فعمدة الأصول الرجالية ثلاثة: فهرست النجاشي وفهرست الطوسي وكلاهما مصنفان لذكر المؤلفين والمصنفين من الرواة وليس لذكر كل الرواة، والثالث رجال الطوسي وهو كتاب طبقات ولم يتعرض للجرح والتعديل إلا نادراً، ولم تتعرض هذه الأصول الرجالية إلا لعدد قليل جداً من الرواة الذين تجاوز عددهم في المستدركات الرجالية المعاصرة الخمسة عشر ألفاً حسب ترقيم معجم رجال الحديث للسيد الخوئي ومستدركات علم رجال الحديث للشيخ النمازي، والمُترجَم لهم جرحاً أو تعديلاً في جميع الأُصول الرجالية لا يبلغ الألف ! ومن شاء التفصيل بالمصادر والأرقام فليراجع كتاب (انتصاراً للوصية).
إذن، في الحقيقة لا توجد أُصول للجرح والتعديل معتد بها لكي نحاكم بها جميع الرواة بحيث من لم تذكره تلك الأصول نعتبره ضعيفاً أو مجهولاً، وحتى ما تضمنته كتب الطوسي والنجاشي من جرح أو تعديل إما أن يكون اجتهاداً أو نقلاً؛ والاجتهاد لا يعتمد عليه بمجرده ولا يحتج به، والنقل يفتقر إلى السند ثم وثاقة رجال السند، وكل ما في كتب الطوسي والنجاشي الرجالية لا سند له إلا نوادر، وبذلك يكون علم الرجال بلا رجال، فلا يستأهل البحث.
ورغم كل ما تقدم فقد تنزلنا جدلاً وأثبتنا اعتبار سند الوصية من خلال علم الرجال المزعوم، ويكفينا شهادة الميرزا النوري باعتبار سند الوصية في كتابه النجم الثاقب، حيث قال: (روى الشيخ الطوسي بسند معتبر عن الإمام الصادق (ع) خبراً ذكرت فيه بعض وصايا رسول الله (ص) لأمير المؤمنين (ع) في الليلة التي كانت فيها وفاته، ومن فقراتها إنه قال: "فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أول المقربين... إلى آخره") ([5]). وتفصيل ذكر توثيق ومدح رواة الوصية مفصَّل في كتاب (انتصاراً للوصية)، فمن أحب التفصيل فليراجع هناك.
والنتيجة أن رواية الوصية قطعية الصدور عن النبي محمد (ص) لتواتر معناها ولاحتفافها بعدة قرائن أهمها موافقتها للقرآن الكريم والسُّنة المطهرة للنبي محمد (ص) ولأهل بيته الأطهار (ع)، وبذلك فهي مستغنية عن تزكية علم الرجال بتزكية الله ورسوله والأئمة الأطهار (ع).
والحمد لله رب العالمين.
الشيخ ناظم العقيلي
الرابع من ذي الحجة المبارك 1433 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً
هذا الكتاب ..
كثر لغط البعض في زماننا هذا على وصية رسول الله (ص) المقدسة، بل تجرأ بعض أدعياء العلم منهم ليطلق عليها أوصافاً يندى لها جبين الغيور على سيد الخلق ودين الله، كل هذا يحصل في محضر آل محمد (ص) بعد ابتداء دعوتهم الإلهية الكبرى اليوم واحتجاج ابنهم يماني آل محمد بها، وهو ما يذكرنا باللغط وقلة الأدب الذي مارسه البعض في محضره (ص) في أول زمان الإسلام في رزية الخميس سيئة الصيت.
وغرض الفاعلين في كلا الموقفين واحد، وهو التشويش على الناس وحملهم على الاستخفاف بدليل الأوصياء، وبالتالي تحقيق غرضهم الشيطاني في إبعاد الخلق عن دين الله الحق واتباع آل محمد (ص). فإذا كان قصد أولئك من التهريج الذي افتعلوه هو صدّ الناس عن ولاية وطاعة أول الائمة الاثني عشر؛ الإمام علي (ع)، فانّ غرض المهرجين اليوم هو إبعادهم عن ولاية وطاعة أول المهديين الاثني عشر؛ الإمام أحمد (ع). ليستمر بعد هذا مسلسل الخطف والارتهان لأمة محمد (ص) عموماً وأتباع أهل البيت (ع) منهم بالخصوص، من قبل فقهاء السوء وأبواقهم، تلبيةً لأهوائهم وشهواتهم، وطمعاً في دنيا قذرة. ولذا فهم ليسوا من محمد (ص) ولا هو منهم، بل هم نتج الهرج، قال: (.. وكيف تهلك أمة أنا أولها واثنا عشر من بعدي من السعداء وأولي الألباب، والمسيح عيسى بن مريم آخرها، ولكن يهلك بين ذلك نتج الهرج ليسوا مني ولست منهم) ([6]).
(يهلك بين ذلك): أي بين وقت الأئمة الاثني عشر، وتحديداً بعد غيبة الإمام الثاني عشر وبين ابتداء المسيح بدعوته في آخر الزمان، والتي تتحقق بإرسال الامام المهدي (ع) لوصيه ورسوله ويمانيه إلى الناس وابتداء الدعوة الالهية الكبرى، (نتج الهرج): أي هرج علماء الضلال.
وأكيد أنّ من علائم هلاك الانسان واتصافه بأنه نتاج للهرج، أنك تراه يدعي الانتساب إلى محمد وآله (ع) ثم في نفس الوقت يتجرأ على وصيته المقدسة (وهي ذخره ورميته التي لا تخطئ صاحبها) ويصفها بأنها كلام عجائز أو فاسدة أو متهالكة ..... الخ، من كلمات يهتز لها عرش الله تعالى لشدة قبحها. والحال، أنّ الوصية متواترة معنىً ومحفوفة بعشرات القرائن القرآنية منها والروائية وحتى العقلية، كما يتضح ذلك لمن يطالع هذا السفر الكريم.
وإذا كان مصير أُولئك الطرد من قبل النبي (ص) والضلال، فإنّه ذاته مصير هؤلاء إن لم يتوبوا؛ ذلك أنّ طالب الهداية والنجاة لا سبيل له إلا التمسك بما جعله النبي عاصماً للأمة من الضلال أبداً، ولأنّ للوصية المقدسة خطر عظيم عند الله وخلفائه فإنّ يماني آل محمد (ص) وأنصاره قد بيّنوا في عدة كتب الوصية وخطرها وقرائنها وكيفية الاحتجاج بها، كما أجابوا عن الاشكالات التي اُثيرت ضدها، وقد ضمَّ الموقع الرسمي للدعوة اليمانية المباركة تلك الاصدارات.
وبين يدي الجميع هذا السفر المبارك أيضاً، والذي يضمُّ بين دفتيه جوابين للإمام أحمد الحسن فيما يتعلق بالوصية المقدسة، وهما كغيرهما من أجوبته الشريفة انطويا على الحق الواضح والصريح والذي ليس بوسع مؤمن التنكر له إلا بالخروج من ربقة المؤمنين والعياذ بالله.
وكان لي تعليق مختصر على بعض الموارد رغبة في نفع طلاب الحق والهدى، وتأكيداً لتلك الرغبة وقطعاً لبعض الأعذار الواهية لدى البعض وضعت ثلاث ملاحق في آخر الكتاب ضمّتْ بعض الروايات التي تؤكد كتابة الوصية من جهة، وتواتر مضمونها الشريف في الإشارة إلى المهديين الأوصياء وأولهم بالذات صلوات الله عليهم أجمعين، من جهة أخرى.
هذا، ورجائي من الرب الكريم العفو والمغفرة، ومن صاحب الوصية المقدسة القبول والرحمة، ومن ابنه أحمد المظلوم الدعاء والشفاعة لعبد أسرف في حق ربه وأوليائه الشيء الكثير.
والحمد لله رب العالمين.
15 ذو القعدة 1433 هـ
علاء
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً كثيراً.
﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾، ما معنى هذا الآية، وهل لها علاقة بأصحاب المهدي (ع) أو المهديين ؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً كثيراً.
﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ @ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ @ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ @ وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ @ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ [الزخرف: 57 ـ 61].
قريش والعرب كانوا يجادلون بمغالطة يصيغونها على أنها سؤال يطلبون جوابه من محمد (ص)، وسؤالهم يقارن بين ألوهية أصنامهم التي يدعونها وألوهية عيسى التي يدعيها المسيحيون لعيسى (ع)، في حين أنّ المسؤول (ص) الذي ينكر عليهم تأليه الأصنام أيضاً لا يقر بألوهية عيسى (ع) المطلقة، بل يقول إنّ عيسى (ع) إنسان وعبد من عباد الله وخليفة من خلفاء الله في أرضه، ولهذا وصف الله حالهم بأنهم مجادلون، حيث إنّ السؤال مبني على فرض غير صحيح ولا يقره ولا يقول به المسؤول، وهذا الأسلوب يستخدمه أئمة الكفر دائماً عندما يجدون أنّ أدلة الدعوة الإلهية قد أخذت بأعناقهم فيصيغون سؤالاً مبنياً على مغالطة وفرض غير صحيح لا يقره ولا يقول به المسؤول ليشكلون على الدعوة الإلهية ويطلبون جواباً لمغالطتهم وسؤالهم الخاطئ والمبني على الخطأ، وهؤلاء جوابهم يكون في بيان أنّ السؤال مبني على فرض خاطئ ليتضح أنهم مجرد مجادلين كما وصفهم القرآن: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾.
ومن ثم انتقل النص الإلهي إلى القول: ﴿وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾: أي لو نشاء لجعلنا منكم خلفاء ـ كالملائكة معصومين أنقياء أطهار ـ يخلفون الله سبحانه وتعالى بعد محمد (ص)، ويخلفون محمداً (ص) بعد انتقاله إلى الملأ الأعلى، ويخلف بعضهم بعضاً، كما أنه سبحانه جعل قبل هذا عيسى (ع) عبد الله خليفة لله في أرضه، فالله سبحانه وتعالى قال عن عيسى (ع): ﴿وَجَعَلْنَاهُ﴾، ثم قال: ﴿لَجَعَلْنَا مِنكُم﴾ والجعل فيهما واحد، ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ @ وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم ....﴾ أي جعل عيسى (ع) مثالاً وقدوة وقائداً يقتدي به بنو إسرائيل ويتبعونه، ولو شاء الله لجعل منكم خلفاء في هذه الأمة تقتدون بهم وتتعلمون منهم وتتخذونهم مثالاً يحتذى به كما جعل الله عيسى (ع) ﴿مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾.
وحقيقة أنّ العجب لا ينقضي ممن يسمّون أنفسهم مفسري القرآن، ويقولون إنّ المراد هنا هو "بدلاً منكم" ([7])، فلو كان يمكن أن تقلب المعاني بهذه الصورة القبيحة بإضافة ألفاظ تغير معنى الكلام تماماً بحيث يقلب النفي إيجاباً والإيجاب نفياً، لما بقي للكلام معنى، فكيف لعاقل أن يقول إنّ معنى (منكم) هو (بدلاً منكم)، هذا كمن يقول إنّ معنى (نعم) هو (لا)، ومعنى (لا) هو (نعم) ؟!!! في حين أنّ عدَّ فرد من الجن أو الإنس بأنه من الملائكة لسبب، كمشابهتهم في الطاعة أو نقاء وطهارة باطنه أو لارتقائه معهم في السماوات، قد ذكر في القرآن، فالله قد عدَّ إبليس من الملائكة لأنه كان قبل أن يعصي وبحسب ارتقائه في السماوات يُحسب من الملائكة:
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى﴾ [طه: 116].
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 34].
والجعل في الآيات المتقدمة هو نفسه الجعل الأول لآدم (ع) خليفة الله في أرضه ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 30]، وهو نفسه جعل الله لداود (ع) خليفة في الأرض ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ [ص: 26].
فلو رتبنا الآيات وقرأناها بالتوالي سنجد أنّ القرآن ينص بوضوح على أنّ أمر الاستخلاف بدأ بآدم (ع) وهو مستمر بعد محمد (ص) ﴿.... وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ...... يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ........ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ....... وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾.
وقد شاء سبحانه وتعالى وفعل ما أراد وجعل ملائكة في الأرض يخلفون بعد محمد (ص) كما أنه جعل عيسى سابقاً قبل محمد (ص)، وهؤلاء هم آل محمد (ص) الأئمة والمهديون ([8]).
لهذا ([9]) أتم سبحانه بقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾: أي إنّ هذا الجعل الإلهي ﴿لَجَعَلْنَا مِنكُم﴾ ـ والذي نقل بنص وصية محمد (ص) الوحيدة ليلة وفاته ([10]) ـ عِلمٌ يعرف به دين الله الحق إلى يوم القيامة، أي كما وصفه رسول الله (ص) بأنه كتاب عاصم من الضلال أبداً ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ﴾([11])، والله يقول هو كذلك فلا تشكوا بأنه عاصم لكم من الانحراف والضلال عند ساعة القيامة الصغرى وظهور من يحتج بهذا النص، فمن يحتج بهذا النص فهو صاحبه وإلا لما صحَّ أن يوصف النص بأنه عاصم من الضلال لمن تمسك به، فلو لم يكن محفوظاً من الله أن يدعيه الكاذبون المبطلون حتى يدعيه صاحبه ([12]) لكان وصفه بأنه عاصم من الضلال كذباً وإغراءً للمكلفين باتباع الباطل، وهذا أمر لا يصدر من العالم الصادق القادر الحكيم المطلق سبحانه.
إذن، فلا تشكوا أنها ساعة القيامة الصغرى عندما يرفع هذا الكتاب صاحبه ﴿فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا﴾، فمن يرفع هذا الكتاب فهو صاحبه، فإذا كنتم تريدون النجاة من الضلال والانحراف اتبعوا محمداً (ص) بقبول وصيته التي أوصاها ليلة وفاته والتي فيها العلم الذي يكفيكم للنجاة أبداً، وفيها علم الساعة ومعرفة الحق عند القيام، وتشخيص المدعي عندما يرفع هذا الكتاب الموصوف بأنه عاصم من الضلال ([13]).
﴿وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ أي اتبعوا محمداً (ص) في نصه من الله على من يخلفونه من بعده.
والوصية كتاب كتبه رسول الله (ص) في آخر لحظات حياته امتثالاً لقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180]، ووصفه بأنه عاصم من الضلال لمن تمسك به أبداً، وأُؤكد في آخر لحظات حياته؛ لأنه نبي يوحى له فما يقوله في آخر لحظات حياته هو خلاصة رسالته وما يحفظ الدين بعده، فما بالك إذا كان مع شدة مرضه وأوجاع السم التي كانت تقطّع كبده مهتماً أشد الاهتمام أن يكتب هذا الكتاب ويصفه بأنه عاصم من الضلال، فهذا الكتاب من الأهمية بمكان بحيث إنّ الله سبحانه وتعالى الذي كان يرحم محمداً (ص) إلى درجة أنه يشفق عليه من كثرة العبادة التي تتعب بدنه فيخاطبه بقوله: ﴿طه @ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾ نجده سبحانه مع شدة رحمته بمحمد (ص) وإشفاقه عليه يكلف محمداً (ص) في آخر لحظات حياته أن يملي كتاباً ويصفه بأنه عاصم من الضلال على رؤوس الأشهاد رغم ما كان يعانيه محمد (ص) من آلام السم الذي كان يسري في بدنه ويقطع كبده ([14]).
وهذه بعض النصوص التي وصف فيها الرسول محمد (ص) كتاب الوصية بأنه عاصم من الضلال وفي آخر لحظات حياته، ففي يوم الخميس أراد كتابته لكل الأمة وأراد أن يشهد عليه عامة الناس ولكن منعه جماعة وطعنوا في قواه العقلية وقالوا إنه يهجر (أي يهذي ولا يعرف ما يقول) ([15])، فطردهم وبقي رسول الله بعد يوم الخميس إلى يوم وفاته الاثنين، فكتب في الليلة التي كانت فيها وفاته وصيته وأملاها على علي (ع) وشهدها بعض الصحابة الذين كانوا يؤيدون كتابتها يوم الخميس:
في كتب السنة:
عن ابن عباس، قال: (يوم الخميس وما يوم الخميس، اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: ائتوني اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً، فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي نزاع، فقالوا ما شأنه ؟ أهجر، استفهموه، فذهبوا يردون عليه، فقال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه، وأوصاهم بثلاث قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها) [صحيح البخاري: ج4 ص4168].
عن ابن عباس، قال: (يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم جعل تسيل دموعه حتى رؤيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ائتوني بالكتف والدواة، أو اللوح والدواة، أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً، فقالوا: إنّ رسول الله يهجر) [صحيح مسلم ـ كتاب الوصية].
في كتب الشيعة:
عن سليم بن قيس الهلالي، قال: (سمعت سلمان يقول: سمعت علياً (ع) بعد ما قال ذلك الرجل (عمر) ما قال وغضب رسول الله (ص) ودفع الكتف: ألا نسأل رسول الله (ص) عن الذي كان أراد أن يكتبه في الكتف مما لو كتبه لم يضل أحد ولم يختلف اثنان ......) [كتاب سليم بن قيس: ص398].
عن سليم بن قيس الهلالي، قال الإمام علي (ع) لطلحة: (ألست قد شهدت رسول الله (ص) حين دعا بالكتف ليكتب فيها مالا تضل الأمة ولا تختلف، فقال صاحبك ما قال: "إنّ نبي الله يهجر" فغضب رسول الله (ص) .......) [كتاب سليم بن قيس: ص211].
عن سليم بن قيس إنّ علياً (ع) قال لطلحة في حديث طويل عند ذكر تفاخر المهاجرين والأنصار بمناقبهم وفضائلهم: (يا طلحة، أ ليس قد شهدت رسول الله (ص) حين دعانا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمة بعده ولا تختلف فقال صاحبك ما قال إنّ رسول الله يهجر فغضب رسول الله (ص) وتركها ؟ قال: بلى قد شهدته) [الغيبة للنعماني: ص81].
وفي كتاب الغيبة للطوسي نقل النص الوحيد المروي للكتاب العاصم من الضلال الذي أراد رسول الله (ص) كتابته كما ثبت في أصح كتب السنة البخاري ومسلم، ومن نقل الوصية عن الرسول محمد (ص) هم آل محمد (ص):
عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين (ع)، قال: (قال رسول الله (ص) ـ في الليلة التي كانت فيها وفاته ـ لعلي (ع): يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة. فأملا رسول الله (ص) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع، فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماماً، سماك الله تعالى في سمائه: علياً المرتضى، وأمير المؤمنين، والصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، والمأمون، والمهدي، فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك. يا علي، أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم، وعلى نسائي؛ فمن ثبتها لقيتني غداً، ومن طلقتها فأنا برئ منها، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي، فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد (ص). فذلك اثنا عشر إماماً، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين (وفي مصادر أول المهديين)، له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث: المهدي، هو أول المؤمنين) [كتاب الغيبة ـ الشيخ الطوسي رحمه الله].
ووصف الرسول له بأنه عاصم من الضلال أبداً يجعل من المحال أن يدعيه مبطل، ومن يقول إنّ ادعاءه من المبطلين ممكن فهو يتهم الله سبحانه بالعجز عن حفظ كتاب وصفه بأنه عاصم من الضلال لمن تمسك به، أو يتهم الله بالكذب؛ لأنه وصف الكتاب بأنه عاصم من الضلال أبداً، ومن ثم لم يكن كذلك !! أو يتهم الله بالجهل؛ لأنه وصفه بوصف لا ينطبق عليه جاهلاً بحاله، وحاشاه سبحانه من هذه الأوصاف وتعالى الله عما يقول الجاهلون علواً كبيراً.
فلابد أن يحفظ العالم القادر الصادق الحكيم المطلق سبحانه النص ـ الذي وصفه بأنه عاصم من الضلال لمن تمسك به ـ من ادعاء المبطلين له حتى يدعيه صاحبه ويتحقق الغرض منه، وإلا لكان جاهلاً أو عاجزاً أو كاذباً مخادعاً ومغرياً للمتمسكين بقوله باتباع الباطل. ومحال أن يكون الله سبحانه جاهلاً أو عاجزاً؛ لأنه عالم وقادر مطلق، ويستحيل أن يصدر من الحق سبحانه وتعالى الكذب؛ لأنه صادق وحكيم، ولا يمكن وصفه بالكذب، وإلا لما أمكن الركون إلى قوله في شيء ولانتقض الدين.
ونص خليفة الله في أرضه على من بعده مع وصفه بأنه عاصم من الضلال لمن تمسك به ـ نصاً إلهياً ([16])ـ لابد أن يكون محفوظاً من الله أن يدعيه الكاذبون المبطلون حتى يدعيه صاحبه وإلا فسيكون كذباً وإغراءً للمكلفين باتباع الباطل، وهذا أمر لا يصدر من العالم الصادق القادر الحكيم المطلق سبحانه.
فلو قال لك إنسان عالم بالغيب ومآل الأمور: إذا كنت تريد شرب الماء فاشرب من هنا وأنا الضامن أنك لن تسقى السم أبداً من هذا الموضع، ثم إنك سُقيت في ذلك الموضع سماً فماذا يكون الضامن ؟ هو إما جاهل، وإما كاذب من الأساس، أو عجز عن الضمان، أو اخلف وعده، فهل يمكن أن يقبل من يؤمن بالله أن يصف الله بالجهل أو بالكذب أو العجز أو خلف الوعد ؟! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وقد تكفّل الله في القرآن وفيما روي عنهم (ع) بحفظ النص الإلهي من أن يدعيه أهل الباطل، فأهل الباطل مصروفون عن ادعائه، فالأمر ممتنع كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ @ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ @ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: 44 ـ 46].
ومطلق التقوّل على الله موجود دائماً ولم يحصل أن منعه الله، وليس ضرورياً أن يُهلك الله المتقولين مباشرة، بل أنه سبحانه أمهلهم حتى حين، وهذا يعرفه كل من تتبع الدعوات الظاهرة البطلان كدعوة مسيلمة، فأكيد ليس المراد في الآية مطلق التقول على الله، بل المراد التقول على الله بادعاء القول الإلهي الذي تقام به الحجة، عندها يتحتم أن يتدخل الله ليدافع عن القول الإلهي الذي تقام به الحجة، وهو النص الإلهي الذي يوصله خليفة الله لتشخيص من بعده والموصوف بأنه عاصم من الضلال؛ حيث إنّ عدم تدخله سبحانه مخالف للحكمة، ومثال هذا القول أو النص: وصية عيسى (ع) بالرسول محمد (ص)، ووصية الرسول محمد (ص) بالأئمة والمهديين (ع) ([17]).
فالآية في بيان أنّ هذا التقول ممتنع، وبالتالي فالنص محفوظ لصاحبه ولا يدعيه غيره، وتوجد روايات تُبيِّن أنّ الآية في النص الإلهي على خلفاء الله بالخصوص، فهو نص إلهي لابد أن يحفظه الله حتى يصل إلى صاحبه، فهو نص إلهي محفوظ من أي تدخل يؤثر عليه سواء كان هذا التدخل في مرحلة نقله إلى الخليفة الذي سيوصله، أم في مرحلة ـ أو مراحل ـ وصوله إلى الخليفة الذي سيدعيه ([18]).
وهناك روايات بيَّنت هذه الحقيقة، وهي أنّ التقول في هذه الآية هو بخصوص النص الإلهي: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (ع) قَالَ: (سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: "يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ"، قَالَ: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا وَلَايَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) بِأَفْوَاهِهِمْ. قُلْتُ: "وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ"، قَالَ: وَاللَّهُ مُتِمُّ الْإِمَامَةِ ...................... قُلْتُ: قَوْلُهُ: "إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ"، قَالَ: يَعْنِي جَبْرَئِيلَ عَنِ اللَّهِ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ (ع). قَالَ: قُلْتُ: "وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ"، قَالَ: قَالُوا إِنَّ مُحَمَّداً كَذَّابٌ عَلَى رَبِّهِ وَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهَذَا فِي عَلِيٍّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ بِذَلِكَ قُرْآناً، فَقَالَ: إِنَّ وَلَايَةَ عَلِيٍّ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا مُحَمَّدٌ بَعْضَ الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) [الكافي: ج1 ص434].
كما أنّ الإمام الصادق (ع) يقول: (إنّ هذا الأمر لا يدعيه غير صاحبه إلا تبر الله عمره) [الكافي ـ للكليني: ج1 ص372].
فالمبطل مصروف عن ادعاء الوصية الإلهية الموصوفة بأنها تعصم من تمسك بها من الضلال، أو أنّ ادعاءه لها مقرون بهلاكه قبل أن يظهر هذا الادعاء للناس، حيث إنّ إمهاله مع ادعائه الوصية يترتب عليه إما جهل وإما عجز أو كذب من وعد المتمسكين به بعدم الضلال، وهذه أمور محالة بالنسبة للحق المطلق سبحانه، ولهذا قال تعالى: ﴿لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ @ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾. وقال الصادق (ع): (تبر الله عمره).
وللتوضيح أكثر أقول: إنّ الآية تطابق الاستدلال العقلي السابق وهو أنّ الادعاء ممتنع وليس ممكناً، فإن قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ @ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ @ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾، معناه أنّ الهلاك ممتنع لامتناع التقول أي أنه لو كان متقولاً لهلك ([19])، والآية تتكلم مع من لا يؤمنون بمحمد (ص) والقرآن، وبالتالي فالاحتجاج بالكلام في الآية ليس بها كونها كلام الله؛ لأنهم لا يؤمنون بهذا، بل الاحتجاج هو بمضمون الآية، أي احتجاج بما هو ثابت عندهم عقلاً وهو أنّ النص الإلهي الموصوف بأنه عاصم من الضلال لمن تمسك به لا يمكن أن يدعيه غير صاحبه؛ لأن القول بأنه يمكن أن يدعيه غير صاحبه يلزم منه نسب الجهل أو العجز أو الكذب لله سبحانه وتعالى.
إذن فلا يمكن ـ عقلاً وقرآناً وروايةً ـ أن يحصل ادعاء النص الإلهي التشخيصي الموصوف بأنه عاصم من الضلال لمن تمسك به، أي أنّ النص محفوظ من الادعاء حتى يدعيه صاحبه ليتحقق الغرض من النص وهو منع الضلال عن المكلف المتمسك به كما وعده الله سبحانه.
وللتوضيح والتفصيل أكثر أقول:
إنّ مدعي المنصب الإلهي:
⦁ إما أن يكون مدعياً للنص التشخيصي الموصوف بأنه عاصم من الضلال لمن تمسك به، فهذا المدع محق ولا يمكن أن يكون كاذباً أو مبطلاً؛ لأن هذا النص لابد من حفظه من ادعاء الكاذبين والمبطلين، وإلا فسيكون الله قد أمر الناس بالتمسك بما يمكن أن يضلهم، ورغم هذا قال عنه بأنه عاصم من الضلال أبداً، وهذا كذب يستحيل أن يصدر من الله.
⦁ وإما أن يكون مدعياً للمنصب الإلهي ولكنه غير مدعٍ للنص التشخيصي الموصوف بأنه عاصم من الضلال لمن تمسك به، وهكذا مدعي: إما أن يكون ادعاؤه فيه شبهة على بعض المكلفين لجهلهم ببعض الأمور، وهذا ربما يمضي الله به الآية ويهلكه رحمة بالعباد وإن كان بعد ادعائه بفترة من الزمن رغم أنه لا حجة ولا عذر لمن يتبعه. وإما أنه لا يحتمل أن يشتبه به أحد إلا إن كان طالباً للباطل فيتبع شخصاً بدون نص تشخيصي كما بينت، ومع هذا تصدر منه سفاهات كثيرة ويجعل الله باطله واضحاً وبيّناً للناس، وهذا لا داعي أن تطبّق عليه الآية بل ربما أمهل فترة طويلة من الزمن فهو يترك لمن يطلبون الباطل بسفاهة.
وهذا تقريب ليتوضح الأمر أكثر: نفرض أنّ هناك ثلاث دوائر؛ بيضاء، ورمادية، وسوداء. فالدائرة البيضاء محمية من أن يدخل لها كاذب، وبالتالي فكل من دخلها فهو مدعٍ صادق ويجب تصديقه، فالآية: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ @ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ @ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ واجبة التطبيق في هذه الدائرة.
والرمادية غير محمية من أن يدخل لها الكاذب، فلا يصح الاعتماد على من كان فيها وتصديقه، ورغم هذا فيمكن أن تحمى بعض الأحيان من الكاذب بعد دخوله رحمة بالعباد رغم أنهم لا عذر لهم باتباع من كان في هذه الدائرة، فالآية ممكنة التطبيق على هذه الدائرة وليس واجبة التطبيق.
والثالثة سوداء غير محمية من أن يدخل لها الكاذب، بل هي دائرة الكاذبين وواضحة بأنها دائرة الكاذبين، فلا داعي لحمايتها أصلاً من الكاذبين لا قبل دخولهم ولا بعد دخولهم، فالآية ليس موضعها هذه الدائرة.
فلابد إذن من الانتباه إلى أنّ كلامنا في منع ادعاء النص التشخيصي الموصوف بأنه عاصم من الضلال وليس في ادعاء المنصب الإلهي عموماً، فادعاء المنصب الإلهي أو النبوة أو خلافة الله في أرضه باطلاً بسفاهة ودون الاحتجاج بالوصية (النص التشخيصي) حصل كثيراً وربما بقي حياً من ادعى باطلاً فترة من الزمن، ومثال لهؤلاء مسيلمة الكذاب ادعى أنه نبي في حياة رسول الله محمد (ص) وبقي مسيلمة حياً بعد موت رسول الله محمد (ص)، فالادعاء بدون شهادة الله ونص الله وبدون الوصية لا قيمة له وهو ادعاء سفيه، فمن يصدق هكذا مدعٍ مبطل لا عذر له أمام الله.
إذن، فالمقصود ليس منع أهل الباطل من الادعاء مطلقاً، بل منعهم من ادعاء النص التشخيصي الموصوف بأنه عاصم لمن تمسك به من الضلال وهو وصية خليفة الله للناس، وهذا المنع الذي أثبتناه عقلاً وأكد عليه النص القرآني والروائي يؤكده أيضاً الواقع، فمرور مئات السنين على النص دون أن يدعيه أحد كافٍ لإثبات هذه الحقيقة، فقد مرّ على وصايا الأنبياء في التوراة ووصية عيسى (ع) مئات السنين ولم يدعِها غير محمد (ص) وأوصيائه من بعده، كما ولم يدعِ وصية النبي غير الأئمة (ع)، وقد احتج الإمام الرضا (ع) بهذا الواقع على الجاثليق فبعد أن بيّن النص من الأنبياء السابقين على الرسول محمد (ص) من التوراة والإنجيل احتج الجاثليق بأنّ النصوص يمكن أن تنطبق على أكثر من شخص، فكان احتجاج الإمام الرضا (ع) على الجاثليق أنه لم يحصل أن ادعى الوصايا المبطلون، وهذا هو النص موضع الفائدة قال الجاثليق: (......... ولكن لم يتقرر عندنا بالصحة أنه محمد هذا، فأما اسمه محمد فلا يصح لنا أن نقر لكم بنبوته ونحن شاكون أنه محمدكم ......... فقال الرضا (ع): "احتججتم بالشك، فهل بعث الله من قبل أو من بعد من آدم إلى يومنا هذا نبياً اسمه محمد ؟ وتجدونه في شيء من الكتب التي أنزلها على جميع الأنبياء غير محمد ؟" فأحجموا عن جوابه) [إثبات الهداة: ج1 ص194 ـ 195].
فاحتجاج الأوصياء السابقين بهذا النص حجة على من يؤمن بهم، وقد احتج عيسى ومحمد صلوات الله عليهما به، فعيسى (ع) احتج بنص الأنبياء السابقين عليه رغم عدم مباشرتهم له، ومحمد (ص) كما في القرآن احتج بنص عيسى (ع) عليه ونص الأنبياء قبل عيسى (ع) عليه، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ [الصف: 6].
﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157].
والله بيَّن في القرآن أنّ ادعاء محمد (ص) لو كان باطلاً ـ وحاشاه ـ لما تركه يدعيه؛ لأن الله متكفل بحفظ النص وصونه من ادعاء المبطلين، أو يمكن أن نقول إنّ الله متكفل بصرفهم عن النص ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ @ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ @ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ @ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ @ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ @ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ @ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ @ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ @ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ @ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ @ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ @ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ @ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ @ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ @ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الحاقة: 38 ـ 52].
وها هو كتاب الوصية الذي كتبه الرسول محمد (ص) ليلة وفاته موجود منذ أكثر من ألف عام في الكتب، ويستطيع أي إنسان أن يقرأه ويطلع عليه ولكن لم يتمكن مبطل من ادعائه مع كثرتهم، فالله صرف عنه كل مدعٍ كاذب حيث ادعى كثيرون النبوة والإمامة والمهدوية ولكن أبداً لم يتمكن أحدهم من خرق حجاب الله المضروب على هذا الكتاب فيدعيه، وهذا الواقع يؤكد ما بيَّنته فيما تقدم من أنّ وصف هذا الكتاب بأنه عاصم من الضلال بذاته يعني أنه لا يدعيه غير صاحبه الذي ذكره الرسول محمد (ص)، ومن يدعيه فهو صادق وهو صاحبه.
وهذا كافٍ كدليل تام وحجة قائمة على أحقية هذه الدعوة، فمن أراد الحق ومعرفة أحقية هذه الدعوة تكفيه الوصية وادعائي أني المذكور فيها، وهناك أدلة كثيرة غيرها، كالعلم بدين الله وبحقائق الخلق، والانفراد براية البيعة لله، وأيضاً النص من الله مباشرة بالوحي لعباده بالرؤيا ([20]) وغيرها من سبل شهادة الله عند خلقه لخلفائه في أرضه، فكما شهد للملائكة بخلافة آدم (ع) بالوحي فقد شهد الله عند عدد كبير من الناس المتفرقين بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب بأنّ أحمد الحسن حق وخليفة من خلفاء الله في أرضه ([21])، وقد قال تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً﴾ [النساء: 79].
وقال تعالى: ﴿لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً﴾ [النساء: 166].
وأيضاً بالنسبة للمسلمين السنة فقد حثهم رسول الله (ص) على نصرة المهدي وأسماه (خليفة الله المهدي) كما في الروايات الصحيحة في كتب السنة ([22])، وقد جئتهم واسمي يواطئ اسم رسول الله (ص) (أحمد)، واسم أبي يواطئ اسم أب رسول الله (إسماعيل) كما نصّت الروايات ([23]) والرسول (ص) قال: (أنا ابن الذبيحين عبد الله وإسماعيل) ([24])، وقد جئتكم بالنص التشخيصي الموصوف بأنه عاصم من الضلال لمن تمسك به، وجئت بالعلم، والانفراد براية البيعة لله.
فاتقوا الله يا أمة محمد (ص) وأذعنوا للحق واتبعوا خليفة الله المهدي الذي دعاكم رسول الله (ص) لنصرته ولو زحفاً على الثلج، وآمنوا بوصية نبيكم الوحيدة لتنجوا في الدنيا والآخرة.
* * *
السؤال:
عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾. قال: (هي منسوخة، نسختها آية الفرائض التي هي المواريث، ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ يعني بذلك الوصي) ([25]).
هل الآية منسوخة ؟ وما هي الوصية الواجبة على المكلف ؟
الجواب:
الخير غير محصور بالأموال والممتلكات ([26])، فلو كانت الآية منسوخة لما تعدى النسخ حكمها فيما يخص الأموال والأملاك التي هي موضوع القسمة بين الورثة، أي كون الوصية بالأموال والأملاك المادية التي تقسَّم بين الورثة غير واجبة بعد نزول آيات المواريث أي غير واجبة بالثلثين([27])، أما حكم الآية فيما عدا هذا فهو سارٍ وجارٍ ولا يمكن ادعاء أنّ آيات المواريث ناسخة له.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع)، قَالَ: (سَأَلْتُهُ عَنِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، فَقَالَ: تَجُوزُ. قَالَ: ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: "إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ") [الكافي: ج7 ص10].
والآية تبيِّن أيضاً للمؤمن حال الثلث الذي يحق له أن يوصي به وأنه يجب أن يوصي به أو ببعضه لخليفة الله في أرضه في زمانه كما ورد عنهم (ع). نعم، يحق لخليفة الله أن يسقط هذا الفرض كما يحق له إسقاط الخمس؛ لأنها أموال تخصه فله إسقاطها متى شاء، فهي أموال يعيل بها الأمة وفقراءها ويتقوَّم بها حكم خليفة الله في أرضه ([28]).
عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ("الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ"، قَالَ: هُوَ شَيْءٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ. قُلْتُ: فَهَلْ لِذَلِكَ حَدٌّ ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قُلْتُ: وَمَا هُوَ ؟ قَالَ: أَدْنَى مَا يَكُونُ ثُلُثُ الثُّلُثِ) [من لا يحضره الفقيه: ج4 ص235].
عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع)، قَالَ: (سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: "إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ"، قَالَ: حَقٌّ جَعَلَهُ اللَّهُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ. قَالَ: قُلْتُ: لِذَلِكَ حَدٌّ مَحْدُودٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: كَمْ ؟ قَالَ: أَدْنَاهُ السُّدُسُ وَأَكْثَرُهُ الثُّلُثُ) [مستدرك الوسائل: ج14 ص143].
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيُّ فِي كِتَابِ التَّنْزِيلِ وَالتَّحْرِيفِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ"، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ (ع): (وَهُوَ حَقٌّ فَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مِنَ الثُّلُثِ. قِيلَ لَهُ: كَمْ هُوَ ؟ قَالَ: أَدْنَاهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَالْبَاقِي فِيمَا أَحَبَّ الْمَيِّتُ) [مستدرك الوسائل: ج14 ص143].
أيضاً: الوصية بتقوى الله وحث الناس على نصرة خليفة الله في أرضه خصوصاً لمن يظن أنّ لكلامه أو وصيته أثراً على بعض من يقرأها بعد موته في معرفة الحق ونصرة خليفة الله، فأمير المؤمنين (ع) لم يأمر شخصاً مقلِّاً أن يترك الوصية بل أمره أن لا يتركها ويوصي بتقوى الله.
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع): (أَنَّهُ حَضَرَهُ رَجُلٌ مُقِلٌّ فَقَالَ: أَلَا أُوصِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ: أَوْصِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأَمَّا الْمَالُ فَدَعْهُ لِوَرَثَتِكَ فَإِنَّهُ طَفِيفٌ يَسِيرٌ، وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "إِنْ تَرَكَ خَيْراً" وَأَنْتَ لَمْ تَتْرُكْ خَيْراً تُوصِي فِيهِ) [مستدرك الوسائل: ج14 ص141].
أما فيما يخص خليفة الله في أرضه أو رسول الله (ص) بالخصوص فواضح أنه يترك خيراً كثيراً وهو منصب خلافة الله في أرضه ([29]) بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وخليفة الله هو طريق إيصال التكليف للناس، فكيف يترك الوصية بمن يخلفه ؟!
هذا، والآية فيها لفظان واضحان في أنّ الوصية فرض واجب عند حضور الموت: (كَتَب، وحقاً على)، فلا يصح أن يعرض عنها صاحب الشريعة؛ لأنّ الإعراض عنها أمر قبيح ([30])، فكيف يعرض محمد (ص) عن الوصية عند الموت مع أنه كان لديه الوقت الكافي لكتابتها حتى بعد أن مُنع من كتابتها على رؤوس الأشهاد يوم الخميس ([31])، فهل أُعدم رسول الله شاهدين عدلين من الأصحاب مع وجود علي (ع) وسلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وغيرهم ممن كانوا يؤيدون كتابة الكتاب ([32]) ؟! أم هل أُعدم الوقت وكان عنده قرابة ثلاثة أيام بلياليها ؟!
لا أعتقد أنّ شخصاً يحترم رسول الله (ص) سيقول إنه ترك كتابة كتاب (الوصية) وصفه هو (ص) بأنه عاصم للأمة من الضلال إلى يوم القيامة.
وغير صحيح قول بعض من يدعون العلم من الشيعة: (إنّ ترك كتابة الوصية مطلقاً راجح لأنّ من اعترضوا ـ أي عمر وجماعته ـ في رزية الخميس على كتابتها وقالوا يهجر أو غلبه الوجع لن يتورعوا بعد وفاة رسول الله عن الطعن بسلامة قواه العقلية عند كتابته للوصية كما فعلوا في رزية الخميس) ([33]).
وقولهم هذا غير صحيح؛ لأنّ هذا يمكن أن يحصل فيما لو كُتبت الوصية وأُبرزت وأُظهرت لهؤلاء المعترضين، أما لو كُتبت لعلي وأُشهد عليها مَنْ قبلها من الأصحاب دون أن تبرز لهؤلاء المعترضين فلن يكون هناك طعن بالرسول (ص)، وفي نفس الوقت يحقق الغرض من كتابة الوصية وهو أن تصل إلى الخَلَف من هذه الأمة وتنفي الضلال عن هذه الأمة إلى يوم القيامة.
نعم، يجوز لمن يدعون الفقه أن يسوقوا الكلام السابق لتعليل عدم إصرار رسول الله (ص) على كتابة الوصية في نفس الموقف، أي في حادثة الخميس لا مطلقاً.
وهذا أمر بديهي، فهل من يشقّ عليه صيام يوم من شهر رمضان يُعرض عن صيام هذا اليوم مطلقاً، أم يصومه في يوم آخر يمكنه صيامه فيه ؟ وهل من لا يتمكن من أداء الصلاة في مكان لوجود النجاسة فيه يمتنع عن الصلاة، أم يصليها في مكان آخر ؟
وكتاب رسول الله عند الاحتضار (الوصية) أمر عظيم أعظم من الصوم والصلاة فرَضَه الله على الرسول بقوله تعالى: (كُتِب، وحقاً على)، ووصفه رسول الله بأنه يعصم الأمة من الضلال إلى يوم القيامة، فكيف يتركه رسول الله (ص) مطلقاً بمجرد أن اعترض عليه جماعة في يوم الخميس ؟!
في الحقيقة أنه أمر عظيم وخطير أن يُتهم رسول الله (ص) بترك كتابة الوصية عند الاحتضار، حيث إنه يمثِّل اتهاماً للرسول بأنه ترك ما أمره الله به مع تمكنه من أدائه والقيام به، فالله يوجب كتابة الوصية على سيد وإمام المتقين محمد مرتين بآية واحدة بقوله: (كتب، حقاً على) ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180]، ويأتي فلان أو فلان اليوم ليقول: إنّ محمداً ترك الوصية التي تُشخِّص الثقلين !!
وهكذا بكل بساطة يتهم رسول الله بأنه يعصي الله؛ لأنّ الوصية الوحيدة المروية لا توافق هواه، ولأنّ فيها ذكر المهديين واسم أولهم، هكذا فقط لأنها لا تعجبه يقول إنّ رسول الله (ص) لم يوصِ، هل هناك اتباع للهوى أبين من هذا ؟!!
والمصيبة أنّ بعضهم يدّعون أنهم يعلمون ما في وصية رسول الله التي لم يكتبها حسب زعمهم وبأنها مجرد تأكيد لبيعة الغدير ولحديث الثقلين المجمل ([34])، ولهذا فهو (ص) لم يهتم لكتابتها ولم يكتبها بعد حادثة الرزية بحسب زعمهم ولو للمساكين الذين يقبلونها كعمار وأبي ذر والمقداد، ولم يكتبها حتى لعلي لتصل لمن يقبلونها بعده لكي لا يضيع ويضل كل من في أصلاب الرجال وتعصم الأمة من الضلال ([35]).
ولا أدري من أين علموا أنّ الوصية مجرد تكرار أو تأكيد لحادثة الغدير أو غيرها من الحوادث والأقوال السابقة لرسول الله (ص) كحديث الثقلين المجمل، مع أنه (ص) نبي ورسول من الله والوحي مستمر له، ورسالته لهداية الناس مستمرة حتى آخر لحظة من حياته، فهل أنّ الله أخبرهم مثلاً أنه لم يوحِ لمحمد قبل احتضاره بيوم أو بشهر أو بشهرين شيئاً جديداً وتفاصيل جديدة تخصّ أحد الثقلين وهو الأوصياء من بعده وأسماء وصفات بعضهم بما يضمن عدم ضلال الأمة إلى يوم القيامة، مع أنّ هذا الأمر موافق للحكمة ؟! وإذا لم يكن قد أوحى الله لهؤلاء المدعين شيئاً، فلماذا الجزم أنّ الوصية كانت مجرد تكرار لما سبق ولهذا كان الأفضل ترك كتابتها بعد رزية الخميس بحسب زعمهم ؟!!
هل هذا يعني أنّ عمر يقرر لرسول الله أنّ الأفضل عدم كتابة الوصية في يوم الخميس كما يزعم من اعتبروا أنّ اعتراض عمر على كتابة الكتاب كان بتوفيق وتسديد ([36])، وأنتم تقررون لرسول الله أنّ الأفضل عدم كتابة الوصية بعد يوم الخميس ولا تُعدمون القش لإيقاد ناركم، فمن الرسول بربكم محمد بن عبد الله (ص) أم عمر وجماعته، أم أنتم يا من تسميتم بالتشيع ؟
أنا أدعو من يقولون هذا القول إلى التوبة والاستغفار إن كانوا يخافون الله.
فعلّة الوصية عند الاحتضار لخليفة الله والحكمة منها لأنّ الوحي والتبليغ مستمر لخليفة الله في أرضه حتى آخر لحظة من حياته، فوصيته تكون بآخر ما يوحى له فيما يخص أمر خليفة أو خلفاء الله من بعده أو أوصيائه، ولهذا قال الحكيم المطلق سبحانه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ..﴾، ولم يقل كتب عليكم الوصية فحسب، ولهذا بيَّن الرسول محمد (ص) فيما سمي برزية الخميس بأنّ وصيته عند الموت هي العاصم من الضلال لا غير؛ لأنها في تشخيص الثقلين (المـُخلَف العاصم من الضلال) بالاسم والصفة الذي لا يمكن معه أن يحصل الضلال لمن التزم بهذه الوصية إلى يوم القيامة.
وهنا أعيد للتنبيه ولفت الانتباه أنّ قول الرسول في يوم الرزية ـ كما سماه ابن عباسـ (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً) معناه: أنّ ما سبق من التبليغ الذي جاء به الرسول بما فيه القرآن وعلي (ع) الذي بلغ بوصايته مرات عديدة بل والحسن والحسين (عليهما السلام) اللذان شخّصا بحديث الكساء وغيره ([37])، لا يعصم الأمة من الضلال إلى يوم القيامة، بل الذي يعصم الأمة من الضلال هو هذا التشخيص الدقيق للثقلين الذي أُوحي لرسول الله (ص) وأمره الله بتبليغه للناس بوصيته المباركة عند الاحتضار وفي ختام حياته ورسالته المباركة.
في الختام:
لدينا آية توجب كتابة الوصية عند الاحتضار وبكلمتين دالتين على الوجوب (كتب، وحقاً على)، قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180]، فمن ينكر كتابة الوصية يتهم الرسول بالمعصية.
ولدينا روايات تدل على كتابة الوصية أو همّ الرسول بكتابة الوصية عند الاحتضار كرزية الخميس المروية في البخاري وما رواه سليم بن قيس في كتابه ([38]).
ولدينا روايات موافقة لمحتوى الوصية وهي روايات المهديين الاثني عشر، وهي موجودة في كتب الأنصار ويمكن الرجوع إلى مصادرها عند الشيعة والسنة ([39])، وأيضاً ما رواه الطوسي عنهم (ع) في أنّ اسم المهدي (أحمد وعبد الله والمهدي) ([40])، وما رواه السنة من أنّ اسم المهدي يواطئ اسم النبي ([41]) أي أحمد كما ورد في الوصية.
ولدينا نص الوصية المكتوبة عند الاحتضار وهي مروية في غيبة الطوسي ([42])، ولا يوجد لدينا معارض لنص الوصية. وكل إشكال أتوا به لرد الوصية تم رده وبيان بطلانه.
فكيف يمكن ـ بعد كل هذا ـ لعاقل أن يرد الوصية، وكيف لمن يخاف الآخرة أن يرد الوصية، وكيف لمن يتقي الله أن يرد الوصية ؟!!.
ملحق (1)
بعض روايات كتابة الوصية أو الهم بكتابتها في كتب الشيعة والسنة
أولاً: في كتب الشيعة
أ- روايات تؤكد صدور الوصية:
1. الكليني: [5ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع): الْوَصِيَّةُ حَقٌّ وقَدْ أَوْصَى رسول الله (ص) فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُوصِيَ] الكافي: ج7 ص3.
2. وعنه أيضاً: [4ـ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُسْتَفَادِ أَبِي مُوسَى الضَّرِيرِ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّه ألَيْسَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) كَاتِبَ الْوَصِيَّةِ ورسول الله (ص) الْمُمْلِي عَلَيْه وجَبْرَئِيلُ والْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ (ع) شُهُودٌ. قَالَ: فَأَطْرَقَ طَوِيلاً ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ قَدْ كَانَ مَا قُلْتَ ......] الكافي: ج1 ص281.
3. وعنه ايضاً: [5ـ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: أَوْصَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) إِلَى الْحَسَنِ وأَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّتِه الْحُسَيْنَ (ع) ومُحَمَّداً وجَمِيعَ وُلْدِه ورُؤَسَاءَ شِيعَتِه وأَهْلَ بَيْتِه ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْه الْكِتَابَ والسِّلَاحَ ثُمَّ قَالَ لِابْنِه الْحَسَنِ: يَا بُنَيَّ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّه أَنْ أُوصِيَ إِلَيْكَ وأَنْ أَدْفَعَ إِلَيْكَ كُتُبِي وسِلَاحِي كَمَا أَوْصَى إِلَيَّ رَسُولُ اللَّه ودَفَعَ إِلَيَّ كُتُبَه وسِلَاحَه وأَمَرَنِي أَنْ آمُرَكَ إِذَا حَضَرَكَ الْمَوْتُ أَنْ تَدْفَعَه إِلَى أَخِيكَ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ابْنِه الْحُسَيْنِ وقَالَ: أَمَرَكَ رسول الله (ص) أَنْ تَدْفَعَه إِلَى ابْنِكَ هَذَا ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ ابْنِ ابْنِه عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: يَا بُنَيَّ وأَمَرَكَ رسول الله (ص) أَنْ تَدْفَعَه إِلَى ابْنِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وأَقْرِأْه مِنْ رسول الله (ص) ومِنِّي السَّلَامَ ...] الكافي: ج1 ص298.
4. كتاب سليم: [عن سليم بن قيس، قال: سمعت سلمان يقول: سمعت علياً (ع) ـ بعد ما قال ذلك الرجل ما قال وغضب رسول الله (ص) ودفع الكتف ـ : ألا نسأل رسول الله (ص) عن الذي كان أراد أن يكتب في الكتف مما لو كتبه لم يضل أحد ولم يختلف اثنان ؟ فسكت حتى إذا قام من في البيت وبقي علي وفاطمة والحسن والحسين (ع) وذهبنا نقوم أنا وصاحبي أبو ذر والمقداد، قال لنا علي (ع): إجلسوا. فأراد أن يسأل رسول الله (ص) ونحن نسمع، فابتدأه رسول الله (ص) فقال: (... وأن الله قد قضى الفرقة والاختلاف على أمتي من بعدي، فأمرني أن أكتب ذلك الكتاب الذي أردت أن أكتبه في الكتف لك وأشهد هؤلاء الثلاثة عليه، ادع لي بصحيفة). فأتى بها، فأملى عليه أسماء الأئمة الهداة من بعده رجلاً رجلاً وعلي (ع) يخطه بيده. وقال (ص): إني أشهدكم إن أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي علي بن أبي طالب، ثم الحسن ثم الحسين ثم من بعدهم تسعة من ولد الحسين. ثم لم أحفظ منهم غير رجلين علي ومحمد، ثم اشتبه الآخرون من أسماء الأئمة (ع)، غير أني سمعت صفة المهدي وعدله وعمله وأن الله يملأ به الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. ثم قال النبي (ص): إني أردت أن أكتب هذا ثم أخرج به إلى المسجد ثم أدعو العامة فأقرأه عليهم وأشهدهم عليه. فأبى الله وقضى ما أراد.
ثم قال سليم: فلقيت أبا ذر والمقداد في إمارة عثمان فحدثاني. ثم لقيت علياً (ع) بالكوفة والحسن والحسين عليهما السلام فحدثاني به سرا ما زادوا ولا نقصوا كأنما ينطقون بلسان واحد] كتاب سليم بن قيس: ص398 ـ 399، تحقيق الأنصاري.
5. سليم بن قيس عن علي (ع): [يا طلحة، ألست قد شهدت رسول الله (ص)حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمة ولا تختلف، فقال صاحبك ما قال: (إن نبي الله يهجر) فغضب رسول الله (ص) ثم تركها ؟ قال: بلى، قد شهدت ذاك. قال: فإنكم لما خرجتم أخبرني بذلك رسول الله (ص) وبالذي أراد أن يكتب فيها وأن يشهد عليها العامة. فأخبره جبرائيل: (أن الله عز وجل قد علم من الأمة الاختلاف والفرقة)، ثم دعا بصحيفة فأملى علي ما أراد أن يكتب في الكتف وأشهد على ذلك ثلاثة رهط: سلمان وأبا ذر والمقداد، وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم القيامة ...] كتاب سليم بن قيس: ص211، تحقيق الأنصاري.
6. سليم بن قيس عن ابن عباس: [لقد دخلت على علي (ع) بذي قار، فأخرج إلي صحيفة وقال لي: يا بن عباس، هذه صحيفة أملاها عليّ رسول الله (ص) وخطي بيدي. فقلت: يا أمير المؤمنين، إقرأها علي فقرأها، فإذا فيها كل شئ كان منذ قبض رسول الله (ص) إلى مقتل الحسين (ع) وكيف يقتل ومن يقتله ومن ينصره ومن يستشهد معه. فبكى بكاء شديداً وأبكاني. فكان فيما قرأه عليّ: كيف يصنع به وكيف يستشهد فاطمة وكيف يستشهد الحسن ابنه وكيف تغدر به الأمة. فلما أن قرأ كيف يقتل الحسين ومن يقتله أكثر البكاء، ثم أدرج الصحيفة وقد بقي ما يكون إلى يوم القيامة] كتاب سليم بن قيس: ص434، تحقيق الأنصاري.
7. الصدوق: [1ـ حدثنا جعفر بن علي عن أبيه، عن جده الحسن بن علي الكوفي، عن جده عبد الله بن المغيرة عن سالم عن أبي عبد الله (ع)، قال: أوصى رسول الله (ص) إلى علي (ع) وحده، وأوصى علي إلى الحسن والحسين جميعاً ...] علل الشرائع: ج2 ص386.
8. الشريف الرضي: [حدّثني هارون بن موسى، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن عمّار العجلي الكوفي، قال: حدّثني عيسى الضرير، عن أبي الحسن، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (ص) حين دفع الوصيّة إلى عليّ (ع): يا علي أعدّ لهذا جواباً غداً بين يدي ذي العرش فإنّي محاجّك يوم القيامة بكتاب الله، حلاله وحرامه، ومحكمه ومتشابهه على ما أنزل الله، وعلى تبليغه من أمرتك بتبليغه، وعلى فرائض الله كما أُنزلت وعلى أحكامه كلّها ....] خصائص الأئمة: ص72.
9. المجلسي عن ابن طاووس: [عن الكاظم، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال عليّ بن أبي طالب (ع): كان في وصيّة رسول الله (ص) في أوّلها: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد محمّد بن عبد الله (ص) وأوصى به وأسنده بأمر الله إلى وصيّه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع)"، وكان في آخر الوصيّة: "شهد جبرئيل وميكائيل وإسرافيل على ما أوصى به محمد (ص) إلى عليّ بن أبي طالب (ع)، وقبضه وصيّته وضمانه على ما فيها على ما ضمن يوشع بن نون لموسى بن عمران عليهما السلام وضمن وأدّى وصيّ عيسى بن مريم، وعلى ما ضمن الأوصياء قبلهم، على أنّ محمّداً أفضل النبيّين، وعليّاً أفضل الوصيّين، وأوصى محمّد وسلّم إلى عليّ، وأقرَّ عليَّ وقبض الوصية على ما أوصيت به الأنبياء وسلّم محمّد الأمر إلى عليّ بن أبي طالب، وهذا أمر الله وطاعته، وولّاه الأمر على أن لا نبوّة لعليّ ولا لغيره بعد محمّد، وكفى بالله شهيداً"] بحار الأنوار: ج22 ص482.
10. المجلسي: [كتاب الطرف للسيد علي بن طاووس، وكتاب مصباح الأنوار بإسنادهما إلى كتاب الوصية لعيسى الضرير، عن موسى بن جعفر (ع) قال: قال لي أبي: قال علي (ع) لما قرأت صحيفة وصية رسول الله (ص) فإذا فيها: يا علي غسلني ولا يغسلني غيرك .....] بحار الأنوار: ج22 ص546.
11. قطب الدين الراوندي: عن محمد بن الفضيل عن الرضا (ع) في حديث دخول الكوفة واحتجاجه مع علماء اليهود والنصارى، ورد فيه: [... فانّ رسول الله (ص) لما كان وقت وفاته دعا علياً وأوصاه، ودفع إليه الصحيفة التي كان فيها الأسماء التي خص الله بها الأنبياء والأوصياء] الخرائج والجرائح: ج1 ص351.
12. محمد بن الحسن الصفار: [حدثنا محمد بن الحسين عن صفوان عن ابن مسكان عن حجر عن حمران عن أبي جعفر (ع) قال: ذكرت الكيسانية وما يقولون في محمد بن علي، فقال: ... إنّ محمد بن علي كان يحتاج إلى بعض الوصية أو إلى شئ مما في وصية فيبعث إلى علي بن الحسين فينسخه له] بصائر الدرجات: ص198.
13. وعنه أيضاً: [حدثنا محمد بن الحسين عن النضر بن شعيب عن عبد الغفار الجازي قال: ذكر عند أبي عبد الله (ع) الكيسانية وما يقولون في محمد بن علي، فقال: ألا تسألونهم عند من كان سلاح رسول الله (ص)، إنّ محمد بن علي كان يحتاج في الوصية أو إلى الشئ فيها فيبعث إلى علي بن الحسين فينسخها له] بصائر الدرجات: ص198.
14. الخزاز القمي: [... عن الزهري قال: دخلت على علي بن الحسين (عليهما السلام) في المرض الذي توفي فيه ... ثم دخل عليه محمد ابنه فحدثه طويلاً بالستر، فسمعته يقول فيما يقول: عليك بحسن الخلق، قلت: يا ابن رسول الله إن كان من أمر الله ما لا بد لنا منه ـ ووقع في نفسي أنه قد نعى نفسه ـ فإلى من يختلف بعدك ؟ فقال: يا أبا عبد الله إلى ابني هذا وأشار إلى محمد ابنه أنه وصيي، ووارثي، وعيبة علمي، معدن العلم، وباقر العلم ... قلت: يا ابن رسول الله هلا أوصيت إلى أكبر أولادك ؟ قال: يا أبا عبد الله ليست الإمامة بالكبر والصغر، هكذا عهد إلينا رسول الله (ص)، وهكذا وجدناه مكتوباً في اللوح والصحيفة ...] كفاية الأثر: ص243.
ب- روايات تؤكد أنّ الوصية (عهد محمد (ص)) من مختصات آل محمد (ص) وبها يُعرفون:
15. الكليني: [ 2ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَشْعَثِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ: أتَرَوْنَ الْمُوصِيَ مِنَّا يُوصِي إِلَى مَنْ يُرِيدُ لَا واللَّه ولَكِنْ عَهْدٌ مِنَ اللَّه ورَسُولِه (ص) لِرَجُلٍ فَرَجُلٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ الأَمْرُ إِلَى صَاحِبِه] الكافي: ج1 ص277.
16. وعنه أيضاً: [4ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ وجَمِيلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ: أتَرَوْنَ أَنَّ الْمُوصِيَ مِنَّا يُوصِي إِلَى مَنْ يُرِيدُ لَا واللَّه ولَكِنَّه عَهْدٌ مِنْ رسول الله (ص) إِلَى رَجُلٍ فَرَجُلٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى نَفْسِه] الكافي: ج1 ص279.
17. وعنه أيضاً: [1ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ قُلْتُ لأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (ع) إِذَا مَاتَ الإِمَامُ بِمَ يُعْرَفُ الَّذِي بَعْدَه فَقَالَ: لِلإِمَامِ عَلَامَاتٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ وُلْدِ أَبِيه ويَكُونَ فِيه الْفَضْلُ والْوَصِيَّةُ، ويَقْدَمَ الرَّكْبُ فَيَقُولَ إِلَى مَنْ أَوْصَى فُلَانٌ فَيُقَالَ إِلَى فُلَانٍ والسِّلَاحُ فِينَا بِمَنْزِلَةِ التَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ تَكُونُ الإِمَامَةُ مَعَ السِّلَاحِ حَيْثُمَا كَانَ] الكافي: ج1 ص284.
18. وعنه ايضاً: [3ـ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وحَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قِيلَ لَه بِأَيِّ شَيْءٍ يُعْرَفُ الإِمَامُ، قَالَ: بِالْوَصِيَّةِ الظَّاهِرَةِ وبِالْفَضْلِ إِنَّ الإِمَامَ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَطْعُنَ عَلَيْه فِي فَمٍ ولَا بَطْنٍ ولَا فَرْجٍ فَيُقَالَ كَذَّابٌ ويَأْكُلُ أَمْوَالَ النَّاسِ ومَا أَشْبَه هَذَا] الكافي: ج1 ص284.
19. وعنه أيضاً: [2ـ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) عَنْ قَوْلِ الْعَامَّةِ إِنَّ رسول الله (ص) قَالَ: مَنْ مَاتَ ولَيْسَ لَه إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، فَقَالَ: الْحَقُّ واللَّه ... قَالَ فَذَكِّرْ مَا أَنْزَلَ اللَّه فِي عَلِيٍّ (ع) ومَا قَالَ لَه رسول الله (ص) فِي حَسَنٍ وحُسَيْنٍ (عليهما السلام) ومَا خَصَّ اللَّه بِه عَلِيّاً (ع) ومَا قَالَ فِيه رسول الله (ص) مِنْ وَصِيَّتِه إِلَيْه ونَصْبِه إِيَّاه ... قُلْتُ: فَإِنَّ النَّاسَ تَكَلَّمُوا فِي أَبِي جَعْفَرٍ (ع) ويَقُولُونَ كَيْفَ تَخَطَّتْ مِنْ وُلْدِ أَبِيه مَنْ لَه مِثْلُ قَرَابَتِه ومَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْه وقَصُرَتْ عَمَّنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْه، فَقَالَ: يُعْرَفُ صَاحِبُ هَذَا الأَمْرِ بِثَلَاثِ خِصَالٍ لَا تَكُونُ فِي غَيْرِه: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِالَّذِي قَبْلَه وهُوَ وَصِيُّه وعِنْدَه سِلَاحُ رسول الله (ص) ووَصِيَّتُه وذَلِكَ عِنْدِي لَا أُنَازَعُ فِيه. قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ مَسْتُورٌ مَخَافَةَ السُّلْطَانِ، قَالَ: لَا يَكُونَ فِي سِتْرٍ إِلَّا ولَه حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ إِنَّ أَبِي اسْتَوْدَعَنِي مَا هُنَاكَ فَلَمَّا حَضَرَتْه الْوَفَاةُ قَالَ ادْعُ لِي شُهُوداً فَدَعَوْتُ أَرْبَعَةً مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ قَالَ: اكْتُبْ هَذَا مَا أَوْصَى بِه يَعْقُوبُ بَنِيه: (يا بَنِيَّ إِنَّ الله اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) وأَوْصَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى ابْنِه جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ...] الكافي: ج1 ص378 ـ 379.
20. وعنه أيضاً: [11ـ ... عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) فَقِيلَ لِي ادْخُلْ فَدَخَلْتُ فَوَجَدْتُه فِي مُصَلَّاه فِي بَيْتِه فَجَلَسْتُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَه فَسَمِعْتُه وهُوَ يُنَاجِي رَبَّه ويَقُولُ: يَا مَنْ خَصَّنَا بِالْكَرَامَةِ وخَصَّنَا بِالْوَصِيَّةِ ووَعَدَنَا الشَّفَاعَةَ وأَعْطَانَا عِلْمَ مَا مَضَى ومَا بَقِيَ وجَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْنَا ...] الكافي: ج4 ص582.
21. الصدوق: [حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت الرضا (ع) يقول: ... والذي أكرمنا بعد محمد (ص) بالإمامة وخصنا بالوصية إن زوار قبري لأكرم الوفود على الله يوم القيامة وما من مؤمن يزورني فيصيب وجهه قطرة من الماء إلا حرم الله تعالى جسده على النار] عيون أخبار الرضا (ع): ج2 ص248.
22. محمد بن الحسن الصفار: [حدثنا عمران بن موسى عن موسى بن جعفر (ع) عن علي بن معبد عن جعفر بن عبد الله عن حماد عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي عمير عن معاوية بن وهب قال: استأذنت على أبى عبد الله (ع) فأذن لي فسمعته يقول في كلام له: يا من خصنا بالوصية وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي وجعل أفئدة من الناس تهوى إلينا وجعلنا ورثة الأنبياء] بصائر الدرجات: ص149.
23. وعنه أيضاً: [حدثنا أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: الامام يعرف بثلاث خصال: إنه أولى الناس بالذي كان قبله وعنده سلاح رسول الله (ص) وعنده الوصية، وهو الذي قال الله تعالى: "إن الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها" وقال: السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل يدور الملك حيث دار السلاح كما كان يدور حيث دار التابوت] بصائر الدرجات: ص201.
ج- روايات تؤكد أنّ صاحب الأمر والقائم يُعرف بالوصية:
24. الصدوق: [12ـ ... عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): بم يعرف صاحب هذا الأمر ؟ قال: بالسكينة والوقار والعلم والوصية] الخصال: ص200.
25. النعماني: [67ـ ... عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (ع): يا جابر، الزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها ... قال: فيجمع الله عليه أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ويجمعهم الله له على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف، وهي ـ يا جابر ـ الآية التي ذكرها الله في كتابه: (أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعاً إن الله على كل شئ قدير) فيبايعونه بين الركن والمقام، ومعه عهد من رسول الله (ص) قد توارثته الأبناء عن الآباء ...] الغيبة: ص288 ـ 291.
26. الصفار: [حدثنا محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن حماد بن عيسى عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله (ع) ... قال: يعرف صاحب هذا الأمر بثلاث خصال لا تكون في غيره: هو أولى الناس بالذي قبله وهو وصيه وعنده سلاح رسول الله (ص) ووصيته، وذلك عندي لا أنازع فيه] بصائر الدرجات: ص202.
27. العياشي: [117ـ عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (ع) يقول: الزم الأرض لا تحركن يدك ولا رجلك ابدا حتى ترى علامات اذكرها لك في سنة ... فيقول رجل من آل محمد (ص) وهي القرية الظالمة أهلها، ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام، ومعه عهد نبي الله ورايته وسلاحه ووزيره معه، فينادى المنادى بمكة باسمه وأمره من السماء حتى يسمعه أهل الأرض كلهم، اسمه اسم نبي، ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله (ص) ورايته وسلاحه. والنفس الزكية من ولد الحسين، فان أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره. وإياك وشذاذ من آل محمد، فانّ لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات، فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلا أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين، معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه، فانّ عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين، ثم صار عند محمد بن علي ويفعل الله ما يشاء ...] تفسير العياشي: ج1 ص65.
ثانياً: في كتب السنة
أ- همّه (ص) بكتابة الوصية في يوم الخميس:
1. أخرج البخاري: [عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء فقال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال: ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه، وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، ونسيت الثالثة] صحيح البخاري: ج4 ص31، باب دعاء النبي إلى الاسلام.
2. وفيه: [عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: ائتوني اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا يردون عليه، فقال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه، وأوصاهم بثلاث قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة أو قال: فنسيتها.
3. ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلموا اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، فقال بعضهم: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا] صحيح البخاري: ج5 ص137 ـ 138، باب مرض النبي.
4. وفيه: [عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلم اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، فقال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا. قال عبيد الله: وكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم] صحيح البخاري: ج7 ص9، كتاب المرضى والطب.
5. وفيه: [عن ابن عباس قال: لما حضر النبي صلى الله عليه وسلم قال وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال: هلم اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده، قال: عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله، واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال: قوموا عني. قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم] صحيح البخاري: ج8 ص161، باب قول النبي لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء.
6. وأخرج مسلم: [عن سعيد بن جبير قال قال: ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى فقلت: يا ابن عباس وما يوم الخميس ؟ قال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: ائتوني اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي فتنازعوا وما ينبغي عند نبي تنازع وقالوا ما شأنه أهجر استفهموه، قال: دعوني فالذي أنا فيه خير أوصيكم بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، قال: وسكت عن الثالثة أو قالها فأنسيتها.
7. ... عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتوني بالكتف والدواة (أو اللوح والدواة) اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فقالوا: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر.
8. ... عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلم اكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده، فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت فاختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا. قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم] صحيح مسلم: ج5 ص75، كتاب الوصية.
ب- إنّ النص والوصية قد ذكر:
9. العجلوني: [3187ـ يا علي ادع بصحيفة ودواة فأملى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب علي وشهد جبريل ثم طويت الصحيفة. قال الراوي: فمن حدثكم أنه يعلم ما في الصحيفة إلا الذي أملاها وكتبها وشهدها فلا تصدقوه فعل ذلك في مرضه الذي توفي فيه] كشف الخفاء: ج2 ص383.
10. الزرندي الحنفي والقندوزي: [عن إبراهيم بن شيبة الأنصاري قال: جلست إلى الأصبغ بن نباته فقال: ألا أقرء عليك ما أملاه علي علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟ فأخرج لي صحيفة فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به محمد رسول الله (ص) أهل بيته وأمته، أوصى أهل بيته بتقوى الله، ولزوم طاعته وأوصى أمته بلزوم أهل بيته، وان أهل بيته يأخذون بحجزة نبيهم (ص) وان شيعتهم آخذون بحجزهم يوم القيامة، وإنهم لن يدخلوكم في باب ضلالة، ولن يخرجوكم من باب هدى] نظم درر السمطين: ص240، ينابيع المودة: ج2 ص365.
11. وعنه أيضاً: [روى ابن عباس قال: دخلت على عمر في أول خلافته ... قال: من أين جئت يا عبد الله ؟ قلت: من المسجد قال: كيف خلفت ابن عمك ؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر قلت: خلفته يلعب مع أترابه قال: لم أعن ذلك إنما عنيت عظيمكم أهل البيت، قلت: خلفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلان ويقرأ القرآن، قال: يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شئ من أمر الخلافة ؟ قلت: نعم قال: يزعم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نص عليه قلت: نعم وأزيدك سألت أبي عما يدعيه فقال: صدق. فقال عمر: لقد كان من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أمره ذرو من القول لا يثبت حجة ولا يقطع عذراً، ولقد كان يزيغ في أمره وقتاً ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة على الاسلام لا ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبداً] شرح نهج البلاغة: ج12 ص20.
جـ وجود صحيفة مكتوبة ورثها آل محمد من رسول الله (ص) ([43]):
12. البيهقي: [وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا ثنا أبو العباس أنبأ الربيع أنبأ الشافعي أنبأ ابن عيينة عن محمد بن إسحاق قال قلت لأبي جعفر محمد بن علي: ما كان في الصحيفة التي كانت في قراب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان فيها لعن الله القاتل غير قاتله والضارب غير ضاربه ومن تولى غير ولي نعمته فقد كفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم] السنن الكبرى: ج8 ص26.
13. مسلم: [.. عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال خطبنا علي بن أبي طالب فقال: من زعم أن عندنا شيئاً نقرأه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة (قال وصحيفة معلقة في قراب سيفه) فقد كذب فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات وفيها قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ...] صحيح مسلم: ج4 ص115.
14. الطحاوي: [.. عن طارق قال خطبنا علي رضي الله عنه فقال: ما عندنا من كتاب نقرؤه عليكم إلا كتاب الله وهذه الصحيفة، يعني الصحيفة في دواته وقال: في غلاف سيف عليه أخذناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فرائض الصدقة] شرح معاني الأخبار: ص318.
وقد أوضح آل محمد (ص) أنّ ما في تلك الصحيفة يخصهم:
الكليني: [4ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ الصَّيْقَلِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّه (ع) وُجِدَ فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِ رسول الله (ص) صَحِيفَةٌ فَإِذَا فِيهَا بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّه عَزَّ وجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِه والضَّارِبُ غَيْرَ ضَارِبِه ومَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيه فَهُوَ كَافِرٌ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى مُحَمَّدٍ ومَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً أَوْ آوَى مُحْدِثاً لَمْ يَقْبَلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ مِنْه يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفاً ولَا عَدْلاً. قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي أتَدْرِي مَا يَعْنِي مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيه، قُلْتُ: مَا يَعْنِي بِه، قَالَ: يَعْنِي أَهْلَ الدِّينِ ...] وفي بعض نسخ الكافي: (أهل البيت) بدل (أهل الدين)، الكافي: ج7 ص274.
* * *
ملحق (2)
بعض روايات المهديين (ع) في كتب الشيعة والسنة
وهي بالإضافة إلى الوصية المقدسة (الكتاب العاصم من الضلال):
أولاً: في كتب الشيعة
28. الصدوق: [56ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) يا ابن رسول الله إني سمعت من أبيك (ع) أنه قال: يكون بعد القائم اثنا عشر مهدياً، فقال: إنما قال: اثنا عشر مهدياً، ولم يقل: إثنا عشر إماماً، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا] كمال الدين وتمام النعمة: ص358.
29. وعنه: [.. عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا (ع)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (ع)، قال: قال رسول الله (ص) في حديث طويل: وإنه لما عرج بي إلى السماء ..... فنوديت: يا محمد، هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك. وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني، ولأعلين بهم كلمتي، ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها، ولأسخرن له الرياح، ولأذللن له الرقاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب، ولأنصرنه بجندي، ولأمدنه بملائكتي حتى يعلن دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمن ملكه ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة ...] كمال الدين وتمام النعمة: ص254 ـ 256.
30. الطوسي: [504ـ محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عبد الحميد ومحمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (ع) في حديث طويل أنه قال: يا أبا حمزة إنّ منا بعد القائم أحد عشر مهدياً من ولد الحسين (ع)] الغيبة: ص478.
31. وعنه أيضاً: [238ـ .. عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي قال: حدثني الحسين بن محمد بن عامر الأشعري القمي، قال: حدثني يعقوب بن يوسف الضراب الغساني ... (إلى أن يقول في الدعاء للإمام المهدي (ع)): اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه وتسر به نفسه، وبلغه أفضل ما أمله في الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير ... وصل على وليك وولاة عهدك والأئمة من ولده، ومد في أعمارهم وزد في آجالهم وبلغهم أقصى آمالهم ديناً ودنيا وآخرة إنك على كل شيء قدير] الغيبة: ص273 ـ 280.
32. وعنه: [19ـ عنه عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن حبة العرني قال: خرج أمير المؤمنين (ع) إلى الحيرة فقال: لتصلن هذه بهذه وأومى بيده إلى الكوفة والحيرة حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير وليبنين بالحيرة مسجد له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم عجل الله تعالى فرجه لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم، وليصلين فيه إثنا عشر إماماً عدلاً ...] تهذيب الأحكام: ج3 ص253.
33. وعنه: [145ـ الدعاء لصاحب الأمر (ع) المروي عن الرضا (ع): روى يونس بن عبد الرحمن أنّ الرضا (ع) كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر بهذا: اللهم ادفع عن وليك وخليفتك وحجتك على خلقك ... اللهم أعطه في نفسه وأهله ووَلَدِه وذريته وأمته وجميع رعيته ما تقر به عينه وتسر به نفسه وتجمع له ملك المملكات كلها قريبها وبعيدها وعزيزها وذليلها حتى يجري حكمه على كل حكم وتغلب بحقه كل باطل ... اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده وبلغهم آمالهم وزد في آجالهم وأعز نصرهم وتمم لهم ما أسندت إليهم من أمرك لهم وثبت دعائمهم واجعلنا لهم أعواناً وعلى دينك أنصاراً فإنهم معادن كلماتك وخزان علمك وأركان توحيدك ودعائم دينك وولاة أمرك وخالصتك من عبادك وصفوتك من خلقك وأولياؤك وسلائل أوليائك وصفوة أولاد نبيك والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته) مصباح المتهجد: ص409.
34. وعنه أيضاً: [خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد (ع) أن مولانا الحسين (ع) ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان فصمه وادع فيه بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته، بكته السماء ومن فيها والأرض ومن عليها، ولما يطأ لابتيها قتيل العبرة وسيد الأسرة الممدود بالنصرة يوم الكرة، المعوض من قتله أنّ الأئمة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في أوبته، والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته حتى يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويرضوا الجبار ويكونوا خير أنصار صلى الله عليهم مع اختلاف الليل والنهار ..] مصباح المتهجد: ص826.
35. القاضي النعمان المغربي: [عن النبي (ص) أنه ذكر المهدي (ع) وما يجريه الله عز وجل من الخيرات والفتح على يديه، فقيل له: يا رسول الله كل هذا يجمعه الله له ؟ قال: نعم، وما لم يكن منه في حياته وأيامه هو كائن في أيام الأئمة من بعده من ذريته] شرح الأخبار: ج2 ص42.
36. وعنه: [1281ـ وعن علي بن الحسين (ع)، أنه قال: يقوم القائم منا (يعني المهدي) ثم يكون بعده اثنا عشر مهدياً (يعني من الأئمة من ذريته)] شرح الأخبار: ج3 ص400.
37. وعنه أيضاً: [1283ـ ومن رواية يحيى بن السلام، يرفعه إلى عبد الله بن عمر، أنه قال: ابشروا فيوشك أيام الجبارين أن تنقطع، ثم يكون بعدهم الجابر الذي يجبر الله به أمة محمد (ص)، المهدي، ثم المنصور، ثم عدد أئمة مهديين] شرح الأخبار: ج3 ص400.
38. بهاء الدين النجفي: [ومما جاز لي روايته أيضاً عن أحمد بن محمد الأيادي يرفعه إلى علي بن عقبة عن أبيه، عن أبي عبد الله (ع): إنّ منا بعد القائم (ع) اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين (ع)] منتخب الأنوار المضيئة: ص353.
39. أصل محمد بن المثنى الحضرمي: [حدثنا جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي عن ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (ع)، قال: سألته عن الأئمة بعد النبي (ص)، فقال: نعم، كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه الإمام بعد النبي صلوات الله عليه وأهل بيته، ثم كان علي بن الحسين، ثم كان محمد بن علي، ثم إمامكم اليوم، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله ورسوله ... إن منا بعد الرسول (ص) سبعة أوصياء أئمة مفترضة طاعتهم سابعهم القائم إن شاء [الله] له إن الله عزيز حكيم، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء وهو العزيز الحكيم، ثم بعد القائم أحد عشر مهدياً من ولد الحسين] الأصول الستة عشر: ص90 ـ 91.
40. السيد ابن طاووس: [فمن الرواية في الدعاء لمن أشرنا إليه صلوات الله عليه، ما ذكره جماعة من أصحابنا، وقد اخترنا ما ذكره ابن أبي قرة في كتابه، فقال بإسناده إلى علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن محمد بن عيسى بن عبيد، بإسناده عن الصالحين (ع) قال: وكرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائماً وقاعداً وعلى كل حال .. اللهم كن لوليك، القائم بأمرك، الحجة محمد بن الحسن المهدي، عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام، في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظا وقاعداً، وناصراً ودليلاً ومؤيداً، حتى تسكنه أرضك طوعاً، وتمتعه فيها طويلاً وعرضاً، وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين] إقبال الأعمال: ج1 ص191.
41. وعنه: [يوم الجمعة، وهو يوم صاحب الزمان صلوات الله عليه وباسمه، وهو اليوم الذي يظهر فيه عجل الله فرجه .. السلام عليك يا حجة الله في أرضه، السلام عليك يا عين الله في خلقه .. السلام عليك صلى الله عليك وعلى آل بيتك الطيبين الطاهرين، السلام عليك عجل الله لك ما وعدك من النصر وظهور الأمر .. يا مولاي يا صاحب الزمان صلوات الله عليك وعلى آل بيتك ...] جمال الأسبوع: ص42.
42. الميرزا النوري: [الرابع: نقل في آخر كتاب (مزار) بحار الأنوار عن كتاب (مجموع الدعوات) لهارون بن موسى التلعكبري سلاماً وصلاة طويلة لرسول الله وواحد واحد من الأئمة صلوات الله عليهم، وبعد ذكر سلام وصلاة على الحجة (ع) ذكر سلاماً وصلاةً على ولاة عهد الحجة (ع) وعلى الأئمة من ولده ودعا لهم: السلام على ولاة عهده، والأئمة من ولده، اللهم صلّ عليهم وبلّغهم آمالهم، وزد في آجالهم، وأعزّ نصرهم، وتمم لهم ما أسندت من أمرك، واجعلنا لهم أعواناً، وعلى دينك أنصاراً، فإنّهم معادن كلماتك، وخزائن علمك، وأركان توحيدك، ودعائم دينك، وولاة أمرك، وخلصائك من عبادك، وصفوتك من خلقك، وأوليائك وسلائل أوليائك، وصفوة أولاد أصفيائك، وبلّغهم منّا التحيّة والسلام، واردد علينا منهم السلام، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته] النجم الثاقب: ج2 ص70.
43. سليم بن قيس في ذكر الامام المهدي والمهديين (ع)، قال: [.. ثم ضرب بيده على الحسين (ع) فقال: يا سلمان، مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً من ولد هذا. إمام بن إمام، عالم بن عالم، وصي بن وصي، أبوه الذي يليه إمام وصي عالم. قال: قلت: يا نبي الله، المهدي أفضل أم أبوه ؟ قال: أبوه أفضل منه. للأول مثل أجورهم كلهم لأن الله هداهم به] كتاب سلين بن قيس: ص429، تحقيق الأنصاري.
44. علي بن بابويه: [116ـ باب الدعاء في الوتر وما يقال فيه: وهذا مما نداوم به نحن معاشر أهل البيت (ع): ... اللهم صل عليه وعلى آله من آل طه ويس، واخصص وليك، ووصي نبيك، وأخا رسولك، ووزيره، وولي عهده، إمام المتقين، وخاتم الوصيين لخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله، وابنته البتول، وعلى سيدي شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، وعلى الأئمة الراشدين المهديين السالفين الماضين، وعلى النقباء الأتقياء البررة الأئمة الفاضلين الباقين، وعلى بقيتك في أرضك، القائم بالحق في اليوم الموعود، وعلى الفاضلين المهديين الأمناء الخزنة] فقه الرضا: ص402 ـ 403.
45. محمد بن همام الاسكافي (من أصحاب سفراء الامام المهدي (ع)): [167ـ عن المفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله عز وجل: افترضت على عبادي عشرة فرائض، إذا عرفوها أسكنتهم ملكوتي وأبحتهم جناني، أولها: معرفتي، والثانية: معرفة رسولي إلى خلقي، والاقرار به، والتصديق له، والثالثة: معرفة أوليائي وأنهم الحجج على خلقي، من والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، وهم العلم فيما بيني وبين خلقي، ومن أنكرهم أصليته ناري وضاعفت عليه عذابي. والرابعة: معرفة الأشخاص الذين أقيموا من ضياء قدسي، وهم قوام قسطي. والخامسة: معرفة القوام بفضلهم والتصديق لهم ...] التمحيص: ص69.
46. المجلسي: [كامل الزيارة: أبي، عن سعد، عن الجاموراني، عن الحسين بن سيف، عن أبيه عن الحضرمي، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا في ذكر الكوفة: فيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه، ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده، وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين] بحار الأنوار: ج53 ص148.
47. وعنه: [148ـ تفسير فرات بن إبراهيم: عبد الرحمان بن محمد العلوي معنعناً، عن ابن عباس في قوله تعالى: "والنهار إذا جليها" قال: يعني الأئمة منا أهل البيت يملكون الأرض في آخر الزمان فيملأونها عدلاً وقسطاً] بحار الأنوار: ج53 ص118. وفي المصدر القول للإمام الصادق (ع)، انظر: تفسير فرات الكوفي: ص563.
48. علي النمازي: [40ـ قوله تعالى: (والنهار إذا جليها) قال ابن عباس: يعني الأئمة منا أهل البيت يملكون الأرض في آخر الزمان] مستدرك سفينة البحار: ج4 ص86.
ثانياً: في كتب السنة
15. ابن أبي حاتم الرازي: [14769ـ ذكر، عن يحيي بن أبى الخطيب، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، عن عمرو البكالي، عن كعب الأحبار قال: هم اثنا عشر، فإذا كان عند انقضائهم فيجعل مكان اثني عشر اثنا عشر مثلهم وكذلك وعد الله هذه الأمة فقرأ: (وَعَدَ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وكذلك فعل ببني إسرائيل] تفسير القرآن العظيم: ج8 ص2628.
16. العيني تعليقاً على (اثنا عشر أميراً ..)، قال: [وقيل: يحتمل أن يكون اثنا عشر بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان ... وعن كعب الأحبار: يكون اثنا عشر مهدياً ثم ينزل روح الله فيقتل الدجال] عمدة القاري: ج24 ص282.
وهذا بعض ما رواه نعيم بن حماد المروزي في فتنه تحت عنوان (ما يكون بعد المهدي):
17. وقال: [حدثنا ابن وهب عن ابن أنعم عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال: ثلاثة أمراء يتوالون تفتح الأرضين كلها عليهم كلهم صالح؛ الجابر ثم المفرح ثم ذو العصب يمكثون أربعين سنة ثم لا خير في الدنيا بعدهم] الفتن: ص242.
18. وقال: [حدثنا يحيى بن سعيد العطار عن سليمان بن عيسى وكان علامة في الفتن قال: بلغني أن المهدي يمكث أربعة عشر سنة ببيت المقدس ثم يموت ثم يكون من بعده شريف الذكر من قوم تبع يقال له منصور ببيت المقدس إحدى وعشرين سنة ... وهو الذي يخرج عليه المولى اسمه اسم نبي وكنيته كنية نبي ... ثم يقتل، ثم يملك من بعده هيم المهدي الثاني وهو الذي يقتل الروم ويهزمهم ويفتح القسطنطينة ويقيم فيها ثلاث سنين أربعة أشهر وعشرة أيام ثم ينزل عيسى بن مريم (ع) فيسلم الملك إليه] الفتن: ص243.
19. وقال: [حدثنا رشدين عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو قال: بعد المهدي الذي يُخرج أهل اليمن إلى بلادهم ثم المنصور ثم من بعده المهدي الذي تفتح على يديه مدينة الروم] الفتن: ص244.
20. وقال: [حدثنا الوليد بن أبي عبد الله مولى بني أمية عن محمد بن الحنفية قال: ينزل خليفة من بني هاشم بيت المقدس يملأ الأرض عدلاً يبني بيت المقدس بناءا لم يبن مثله يملك أربعين سنة تكون هدنة الروم على يديه في سبع سنين بقين في خلافته ثم يغدرون به ثم يجتمعون له بالعمق فيموت فيها غماً، ثم يلي بعده رجل من بني هاشم ثم تكون هزيمتهم وفتح القسطنطينية على يديه ثم يسير إلى رومية فيفتحها ويستخرج كنوزها ومائدة سليمان بن داود عليهما السلام ثم يرجع إلى بيت المقدس فينزلها ويخرج الدجال في زمانه وينزل عيسى بن مريم (ع) فيصلي خلفه] الفتن: ص246.
21. وقال: [حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد سمع عتبة بن راشد الصدفي سمع عبد الله بن الحجاج سمع عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يقول: الجابر ثم المهدي ثم المنصور ثم السلام ثم أمير العصب فمن استطاع أن يموت بعد ذلك فليمت.
22. حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زياد عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال: ثلاثة خلفاء يتوالون كلهم صالح عليهم تفتح الأرضين أولهم جابر والثاني المفرج والثالث ذو العصب يمكثون أربعين سنة لا خير في الدنيا بعدهم ...
23. حدثنا الحكم بن نافع عن جراح عن أرطاة قال: بلغني أن المهدي يعيش أربعين عاماً ثم يموت على فراشه ثم يخرج رجل من قحطان مثقوب الأذنين على سيرة المهدي بقاؤه عشرين سنة ثم يموت قتلاً بالسفاح، ثم يخرج رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مهدي حسن السيرة يفتح مدينة قيصر وهو آخر أمير من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ثم يخرج في زمانه الدجال وينزل في زمانه عيسى بن مريم (ع)] الفتن: ص 247 ـ 248.
24. وقال: [حدثنا الحكم بن نافع عن جراح عن أرطاة قال: بعد المهدي رجل من قحطان مثقوب الأذنين على سيرة المهدي حياته عشرون سنة ثم يموت قتلاً بالسلاح، ثم يخرج رجل من أهل بيت أحمد صلى الله عليه وسلم حسن السيرة يفتح مدينة قيصر وهو آخر ملك أو أمير من أمة أحمد صلى الله عليه وسلم ويخرج في زمانه الدجال وينزل في زمانه عيسى (ع)] الفتن: ص251.
* * *
ملحق (3)
بعض روايات المهدي الأول (ع) في كتب الشيعة والسنة
طالعنا وصية رسول الله (ص) المقدسة، ورأينا المهدي أحمد فيها، وصي الإمام المهدي (ع) وأول مقرَّب إليه ومؤمن به، والآن أعرض بعض الروايات التي ذكرته في كتب الفريقين:
أولاً: في كتب الشيعة
أ- إنه إمام من آل محمد (ص) (الثاني عشر من ولد رسول الله وعلي):
49. الكليني: [7ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَشَّابِ عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ رِبَاطٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) يَقُولُ: الِاثْنَا عَشَرَ الإِمَامَ مِنْ آلِ محمد (ص) كُلُّهُمْ مُحَدَّثٌ مِنْ وُلْدِ رسول الله (ص) ومِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ ورَسُولُ اللَّه وعَلِيٌّ (ع) هُمَا الْوَالِدَانِ] الكافي: ج1 ص531.
50. وعنه: [8ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ومُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْمَدَائِنِيِّ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ .. (في أسئلة اليهودي لأمير المؤمنين (ع)): ... أَخْبِرْنِي عَنْ هَذِه الأُمَّةِ كَمْ لَهَا مِنْ إِمَامٍ هُدًى، وأَخْبِرْنِي عَنْ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ أَيْنَ مَنْزِلُه فِي الْجَنَّةِ، وأَخْبِرْنِي مَنْ مَعَه فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ لَه أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع): إِنَّ لِهَذِه الأُمَّةِ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً هُدًى مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبِيِّهَا وهُمْ مِنِّي، وأَمَّا مَنْزِلُ نَبِيِّنَا فِي الْجَنَّةِ فَفِي أَفْضَلِهَا وأَشْرَفِهَا جَنَّةِ عَدْنٍ، وأَمَّا مَنْ مَعَه فِي مَنْزِلِه فِيهَا فَهَؤُلَاءِ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ ذُرِّيَّتِه وأُمُّهُمْ وجَدَّتُهُمْ وأُمُّ أُمِّهِمْ وذَرَارِيُّهُمْ لَا يَشْرَكُهُمْ فِيهَا أَحَدٌ] الكافي: ج1 ص532.
51. وعنه: [9ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه الأَنْصَارِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ عليها السلام وبَيْنَ يَدَيْهَا لَوْحٌ فِيه أَسْمَاءُ الأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهَا فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ (ع)؛ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌّ] الكافي: ج1 ص532.
52. وعنه: [10ـ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: إِنَّ اللَّه أَرْسَلَ مُحَمَّداً (ص) إِلَى الْجِنِّ والإِنْسِ وجَعَلَ مِنْ بَعْدِه اثْنَيْ عَشَرَ وَصِيّاً مِنْهُمْ مَنْ سَبَقَ ومِنْهُمْ مَنْ بَقِيَ وكُلُّ وَصِيٍّ جَرَتْ بِه سُنَّةٌ والأَوْصِيَاءُ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِ محمد (ص) عَلَى سُنَّةِ أَوْصِيَاءِ عِيسَى وكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ وكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) عَلَى سُنَّةِ الْمَسِيحِ] الكافي: ج1 ص532.
53. وعنه: [14ـ أَبُو عَلِيٍّ الأَشْعَرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّه عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ رِبَاطٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع): يَقُولُ الِاثْنَا عَشَرَ الإِمَامَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ كُلُّهُمْ مُحَدَّثٌ مِنْ وُلْدِ رسول الله (ص) ووُلْدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (ع)، فَرسول الله (ص) وعَلِيٌّ (ع) هُمَا الْوَالِدَانِ] الكافي: ج1 ص533.
54. وعنه: [17ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُورِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ قَالَ رسول الله (ص): إِنِّي واثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وأَنْتَ يَا عَلِيُّ زِرُّ الأَرْضِ يَعْنِي أَوْتَادَهَا وجِبَالَهَا بِنَا أَوْتَدَ اللَّه الأَرْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي سَاخَتِ الأَرْضُ بِأَهْلِهَا ولَمْ يُنْظَرُوا] الكافي: ج1 ص534.
55. وعنه أيضاً: [18ـ وبِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَه عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: قَالَ رسول الله (ص): مِنْ وُلْدِيَ اثْنَا عَشَرَ نَقِيباً نُجَبَاءُ مُحَدَّثُونَ مُفَهَّمُونَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ يَمْلأُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً] الكافي: ج1 ص534.
ب- وأنه يوصف بالمهدي أيضاً واسمه أحمد:
56. الطوسي: [127ـ وروى عبد الله بن محمد بن خالد الكوفي، عن منذر بن محمد بن قابوس، عن نصر بن السندي، عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترق، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن الأصبغ بن نباتة. ورواه سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين (ع) فوجدته ينكت في الأرض، فقلت له: يا أمير المؤمنين ما لي أراك مفكراً تنكت في الأرض ؟ أرغبة منك فيها ؟ قال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا قط، ولكني تفكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يكون له حيرة وغيبة تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون. قلت: يا مولاي فكم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال: ستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين. فقلت: وإن هذا الأمر لكائن ؟ فقال: نعم كما أنه مخلوق، وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ، أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة، قال: قلت: ثم ما يكون بعد ذلك ؟ قال: ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات] الغيبة: ص166.
57. وعنه: [437ـ وروى حذلم بن بشير قال: قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام: صف لي خروج المهدي وعرفني دلائله وعلاماته ؟ فقال: يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له: عوف السلمي بأرض الجزيرة، ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد دمشق ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند. ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك] الغيبة: ص443.
58. وعنه أيضاً: [463ـ وعنه (أي الفضل)، عن إسماعيل بن عياش، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة قال: سمعت رسول الله (ص) وذكر المهدي فقال: إنه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبد الله والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها] الغيبة: ص454.
59. الصدوق: [17ـ حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا إسماعيل بن مالك، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع) ... (وبعد أن ذكر صفة القائم (ع) قال) .. له اسمان: اسم يخفى واسم يعلن، فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد، إذا هز رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله تعالى قوة أربعين رجلاً، ولا يبقى ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة ..] كمال الدين وتمام النعمة: ص653.
60. السيد بهاء الدين النجفي: [وعن الباقر (ع) ـ بالطريق المذكور يرفعه إلى جابر ـ قال: إن لله تعالى كنزاً بالطالقان ليس بذهب ولا فضة، اثنا عشر ألفا بخراسان شعارهم: "أحمد أحمد"، يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء، عليه عصابة حمراء، كأني أنظر إليه عابر الفرات. فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبواً على الثلج] منتخب الأنوار المضيئة: ص343.
ج- وأنه القائم وصاحب الأمر ([44]) أيضاً واليماني الموعود:
61. الكليني: [484ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ: اخْتِلَافُ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنَ الْمَحْتُومِ والنِّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُومِ وخُرُوجُ الْقَائِمِ مِنَ الْمَحْتُومِ، قُلْتُ: وكَيْفَ النِّدَاءُ، قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَوَّلَ النَّهَارِ أَلَا إِنَّ عَلِيّاً وشِيعَتَه هُمُ الْفَائِزُونَ قَالَ: ويُنَادِي مُنَادٍ فِي آخِرِ النَّهَارِ أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ وشِيعَتَه هُمُ الْفَائِزُونَ] الكافي: ج8 ص310.
62. النعماني: [3ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن المفضل وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني، جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم الجواليقي، عن يزيد الكناسي، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (ع) يقول: إن صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف، ابن أمة سوداء، يصلح الله له أمره في ليلة] الغيبة: ص166.
63. وعنه: [5ـ وحدثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن عبد الله بن جبلة، عن الحسن بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (ع) يقول: في صاحب هذا الأمر سنة من أربعة أنبياء: سنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد (ص). فقلت: ما سنة موسى ؟ قال: خائف يترقب. قلت: وما سنة عيسى ؟ فقال: يقال فيه ما قيل في عيسى. قلت: فما سنة يوسف ؟ قال: السجن والغيبة. قلت: وما سنة محمد (ص) ؟ قال: إذا قام سار بسيرة رسول الله (ص) إلا أنه يبين آثار محمد، ويضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا مرجاً حتى يرضى الله. قلت: فكيف يعلم رضا الله ؟ قال: يلقي الله في قلبه الرحمة] الغيبة: ص167.
64. وعنه: [13ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه ووهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: إذا رأيتم ناراً من المشرق شبه الهردي العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد (ص) إن شاء الله عز وجل إن الله عزيز حكيم ....
وقال (ع): لا يقوم القائم (ع) إلا على خوف شديد من الناس وزلازل وفتنة، وبلاء يصيب الناس، وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد في الناس، وتشتت في دينهم، وتغير من حالهم، حتى يتمنى المتمني الموت صباحاً ومساء من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضاً، فخروجه (ع) إذا خرج يكون اليأس والقنوط من أن يروا فرجاً، فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره، والويل كل الويل لمن ناواه وخالفه، وخالف أمره، وكان من أعدائه .....
ثم قال (ع): خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا فيكون البأس من كل وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى، لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم] الغيبة: ص262 ـ 264.
65. وعنه أيضاً: [10ـ أخبرنا محمد بن همام، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله الخالنجي، قال: حدثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: كنا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا (ع) فجرى ذكر السفياني، وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر: هل يبدو لله في المحتوم ؟ قال: نعم. قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم. فقال: إن القائم من الميعاد، والله لا يخلف الميعاد] الغيبة: ص315.
66. حسن بن سليمان الحلي: [الحسين بن حمدان عن محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله الحسنيين عن أبي شعيب محمد بن نصر عن عمر بن الفرات عن محمد بن المفضل عن المفضل ابن عمر قال: سألت سيدي الصادق (ع) ..... فبغير سنة القائم بايعوا له قبل ظهور (وقبل) قيامه (ع) فقال (ع): يا مفضل كل بيعة قبل ظهور القائم (ع) فبيعة كفر ونفاق وخديعة لعن الله المبايع لها والمبايع له، بل يا مفضل يسند القائم (ع) ظهره إلى الحرم ويمد يده فترى بيضاء من غير سوء ويقول: هذه يد الله وعن الله وبأمر الله ثم يتلو هذه الآية (ان الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) ... ويكون هذا أول طلوع الشمس في ذلك اليوم، فإذا طلعت الشمس وأضاءت صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين يسمع من في السماوات والأرضين: يا معشر الخلايق هذا [مهدي] آل محمد ويسميه باسم جده رسول الله (ص) ويكنيه وينسبه إلى أبيه الحسن الحادي عشر ([45]) إلى الحسين بن علي صلوات الله عليهم أجمعين بايعوه تهتدوا ولا تخالفوا امره فتضلوا .....، فإذا دنت الشمس للغروب صرخ صارخ من مغربها: يا مشعر الخلائق قد ظهر ربكم بوادي اليابس من أرض فلسطين وهو عثمان بن عنبسة الأموي من ولد يزيد بن معاوية لعنهم الله فبايعوه تهتدوا ولا تخالفوا عليه فتضلوا، فيرد عليه الملائكة والجن والنقباء قوله ويكذبونه ويقولون له سمعنا وعصينا ولا يبقى ذو شك ولا مرتاب ولا منافق ولا كافر إلا ضل بالنداء الأخير، وسيدنا القائم صلوات الله عليه مسنده ظهره إلى الكعبة ويقول: يا معشر الخلائق ألا ومن أراد أن ينظر إلى آدم وشيث فها أنا ذا آدم وشيث، ألا ومن أراد أن ينظر إلى نوح وولده سام فها أنذا نوح وسام، ألا ومن أراد أن ينظر إلى إبراهيم وإسماعيل فها أنذا إبراهيم وإسماعيل، ألا ومن أراد أن ينظر إلى موسى ويوشع فها أنذا موسى ويوشع، ألا ومن أراد أن ينظر إلى عيسى وشمعون فها أنذا عيسى وشمعون، ألا ومن أراد أن ينظر إلى محمد (ص) وأمير المؤمنين صلوات الله عليه فها أنذا محمد (ص) وأمير المؤمنين (ع)، ألا ومن أراد أن ينظر إلى الحسن والحسين (عليهما السلام) فها أنذا الحسن والحسين (عليهما السلام)، ألا ومن أراد أن ينظر إلى الأئمة من ولد الحسين (ع) فها أنذا الأئمة من ولد الحسين (ع)، أجيبوا إلى مسألتي فاني أنبئكم بما نبئتم به وما لم تنبئوا به ومن كان يقرأ الكتب والصحف فليسمع مني ...] مختصر بصائر الدرجات: ص183 ـ 184.
د- وأنه يأتي قبل الإمام المهدي (ع)ومبدؤه المشرق ومسكنه البصرة:
67. ابن طاووس: [وهذا ما ذكره بلفظه من نسخة عتيقة بخزانة مشهد الكاظم (ع)، وهذا ما رويناه ورأينا عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) قال قال: الله أجل وأكرم وأعظم من أن يترك الأرض بلا إمام عادل، قال: قلت له: جعلت فداك فأخبرني بما استريح إليه، قال: يا أبا محمد ليس يرى أمة محمد (ص) فرجاً أبداً ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم، فإذا انقرض ملكهم أتاح الله لأمة محمد رجلاً منا أهل البيت، يشير بالتقى ويعمل بالهدى ولا يأخذ في حكمه الرشى، والله إني لا عرفه باسمه واسم أبيه، ثم يأتينا الغليظ القصرة ذو الخال والشامتين، القائم العادل الحافظ لما استودع يملأها قسطاً وعدلاً كما ملأها الفجار جوراً وظلماً] إقبال الأعمال: ص116.
68. وعنه: [فيما ذكره أبو صالح السليلي في كتاب الفتن من عدد رجال المهدي (ع) بذكر بلادهم. 417ـ ... عن سلمة بن أنس عن الإصبع بن نباتة، قال: خطب أمير المؤمنين علي (ع) خطبة، فذكر المهدي وخروج من يخرج معه وأسماءهم، فقال له أبو خالد الكلبي: صفه لنا يا أمير المؤمنين، فقال علي (ع): ألا إنه أشبه الناس خلقاً وخلقاً وحسناً برسول الله (ص) ألا أدلكم على رجاله وعددهم ؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: سمعت رسول الله (ص) قال: أولهم من البصرة، وآخرهم من اليمامة. وجعل علي (ع) يعدد رجال المهدي، والناس يكتبون ...] الملاحم والفتن: ص288.
69. الكليني: [22ـ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه الْمُحَمَّدِيِّ عَنْ أَبِي رَوْحٍ فَرَجِ بْنِ قُرَّةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) بِالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّه وأَثْنَى عَلَيْه وصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وآلِه ثُمَّ قَالَ: ..... ولَعَمْرِي أَنْ لَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ مِنْ بَعْدِي مُدَّةَ سُلْطَانِ بَنِي أُمَيَّةَ لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى السُّلْطَانِ الدَّاعِي إِلَى الضَّلَالَةِ وأَحْيَيْتُمُ الْبَاطِلَ وخَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وقَطَعْتُمُ الأَدْنَى مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ ووَصَلْتُمُ الأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرسول الله (ص)، ولَعَمْرِي أَنْ لَوْ قَدْ ذَابَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ لَدَنَا التَّمْحِيصُ لِلْجَزَاءِ وقَرُبَ الْوَعْدُ وانْقَضَتِ الْمُدَّةُ وبَدَا لَكُمُ النَّجْمُ ذُو الذَّنَبِ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ولَاحَ لَكُمُ الْقَمَرُ الْمُنِيرُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ واعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمْ طَالِعَ الْمَشْرِقِ سَلَكَ بِكُمْ مَنَاهِجَ الرسول (ص) فَتَدَاوَيْتُمْ مِنَ الْعَمَى والصَّمَمِ والْبَكَمِ وكُفِيتُمْ مَؤُونَةَ الطَّلَبِ والتَّعَسُّفِ ونَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْفَادِحَ عَنِ الأَعْنَاقِ ولَا يُبَعِّدُ اللَّه إِلَّا مَنْ أَبَى وظَلَمَ واعْتَسَفَ وأَخَذَ مَا لَيْسَ لَه: (وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)] الكافي: ج8 ص63 ـ 66.
70. النعماني: [14ـ أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن عبد الله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن خالد، عن الحسن بن المبارك، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث الهمداني، عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: المهدي أقبل، جعد، بخده خال، يكون من قبل المشرق، وإذا كان ذلك خرج السفياني، فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق، يعصمهم الله من الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرار حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به، وذلك قول الله عز وجل في كتابه: "ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب"] الغيبة: ص316.
ه- وبيَّن آل محمد (ص) وصفه الجسدي ([46]):
71. النعماني: [3ـ حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدثنا عبد الله بن حماد الأنصاري، قال: حدثنا عبد الله بن بكير، عن حمران بن أعين، قال: قلت لأبي جعفر الباقر (ع): جعلت فداك، إني قد دخلت المدينة وفي حقوي هميان فيه ألف دينار، وقد أعطيت الله عهداً أنني أنفقها ببابك ديناراً ديناراً، أو تجيبني فيما أسألك عنه. فقال: يا حمران، سل تجب، ولا تنفقن دنانيرك. فقلت: سألتك بقرابتك من رسول الله (ص) أنت صاحب هذا الأمر والقائم به ؟ قال: لا. قلت: فمن هو، بأبي أنت وأمي ؟ فقال: ذاك المشرب حمرة، الغائر العينين، المشرف الحاجبين، العريض ما بين المنكبين، برأسه حزاز، وبوجهه أثر، رحم الله موسى] الغيبة: ص223.
72. الصفار: [56ـ حدثنا إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله البرقي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر وغيره عن أبي أيوب الحذاء عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له: جعلت فداك إني أريد أن ألمس صدرك فقال: افعل، فمسست صدره ومناكبه، فقال: ولم يا أبا محمد، فقلت: جعلت فداك إني سمعت أباك وهو يقول: إن القائم واسع الصدر مسترسل المنكبين عريض ما بينهما، فقال: يا [أبا] محمد إنّ أبي لبس درع رسول الله (ص) وكانت تستخب] بصائر الدرجات: 208 ـ 209.
وبهذا ظهر أنّ المهدي الأول:
- اسمه: أحمد.
- نسبه: من آل محمد، ومن ولد رسول الله (ص) وعلي وفاطمة (عليهما السلام).
- مسكنه: البصرة.
- وصفه الجسدي: غائر العينين، مشرف الحاجبين، عريض ما بين المنكبين ... الخ.
- مبدأ حركته الالهية: المشرق، وهو قائد الرايات السود الممهدة للامام المهدي (ع).
- ألقابه: صاحب الأمر والقائم به واليماني الموعود.
- مقامه: خليفة من خلفاء الله وإمام من أئمة أهل البيت (ع).
وهي ذاتها الصفات التي رواها أهل السنة للمهدي الذي ينتظرون ولادته في آخر الزمان، وهذا بعض ما ورد في كتبهم:
ثانياً: في كتب السنة
أ- المهدي خليفة يبعثه الله ويصلح أمره في ليلة:
25. ابن ماجة: [4084ـ حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف، قالا: ثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة. كلهم ابن خليفة. ثم لا يصير إلى واحد منهم. ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق. فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم". ثم ذكر شيئاً لا أحفظه. فقال "فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج. فإنه خليفة الله، المهدي". في الزوائد: هذا إسناد صحيح. رجاله ثقات. ورواه الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين] سنن ابن ماجة: ج2 ص1366.
26. وعنه: [حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا فضل بن دكين ثنا ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة] مسند أحمد: ج3 ص37.
ب- المهدي يواطئ اسمه اسم النبي واسم أبيه اسم أبيه ([47]):
27. 4086ـ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. ثنا أحمد بن عبد الملك. ثنا أبو المليح الرقي عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، قال: كنا عند أم سلمة. فتذاكرنا المهدي. فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من ولد فاطمة"] سنن ابن ماجة: ج2 ص1368.
28. أبو داود السجستاني: [4282ـ ... عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم) قال زائدة في حديثه: (لطول الله ذلك اليوم) ثم اتفقوا (حتى يبعث فيه رجلاً مني) أو (من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي) زاد في حديث فطر (يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً) وقال في حديث سفيان: (لا تذهب، أو لا تنقضي، الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي) ..] سنن أبي داود: ج2 ص309.
ج- المهدي خليفة يماني يقود الملاحم:
29. نعيم بن حماد المروزي: [حدثنا بقية وعبد القدوس عن صفوان عن شريح بن عبيد عن كعب قال: ما المهدي إلا من قريش وما الخلافة إلا فيهم غير أن له أصلاً ونسباً في اليمن] الفتن: 231.
30. وعنه: [حدثنا الوليد عن يزيد بن سعيد عن يزيد بن أبي عطاء عن كعب قال: فيظهر اليماني ويقتل قريش ببيت المقدس وعلى يديه تكون الملاحم] الفتن: 237.
31. وعنه: [قال الوليد: فأخبرني جراح عن أرطاة قال: فيجتمعون وينظرون لمن يبايعون فبينا هم كذلك إذ سمعوا صوتاً ما قاله إنس ولا جان بايعوا فلاناً باسمه، ليس من ذي ولا ذو ولكنه خليفة يماني] الفتن: 241.
د- المهدي من ولد الحسين (ع) ومبدؤه المشرق:
32. نعيم بن حماد المروزي: [حدثنا الوليد ورشدين عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق ولو استقبلته الجبال لهدمها واتخذ فيها طرقاً] الفتن: ص229.
33. يوسف بن يحي المقدسي الشافعي: [وعن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر (ع): ..... والمهدي، يا جابر، رجل من ولد الحسين، يصلح الله له أمره في ليلة واحدة ...
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) (في وصف المهدي): ... ألا أصفه لكم، لا وإن الدهر فينا قسمت حدوده، ولنا أخذت عهوده، وإلينا ترد شهوده، ألا وإن أهل حرم الله عز وجل سيطلبون لنا بالفضل من عرف عودتنا فهو مشاهدنا، ألا فهو أشبه خلق الله عز وجل برسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه على اسمه، واسم أبيه على اسم أبيه، من ولد ابنة محمد، صلى الله عليه وسلم من ولد الحسين، ألا فمن تولى غيره لعنه الله] عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر: ص89 ـ 95.
34. ابن ماجة: [4082ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة. ثنا معاوية بن هشام. ثنا علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم. فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم، أغر ورقت عيناه وتغير لونه. قال، فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه. فقال: "إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا. وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً. حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود. فيسألون الخير، فلا يعطونه. فيقاتلون فينصرون. فيعطون ما سألوا. فلا يقبلونه. حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطاً، كما ملؤوها جوراً. فمن أدرك ذلك منكم، فليأتهم ولو حبواً على الثلج"] سنن ابن ماجة: ج2 ص1366.
35. المتقي الهندي: [39680ـ عن محمد ابن الحنفية أن علي بن أبي طالب قال يوماً في مجلسه: ... والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يزال ملك بني أمية ثابتاً لهم حتى يملك زنديقهم ... ومنهم السناط الخليع يبايعه جل أهل الشام، ثم يسير إليه حماز الجزيرة من مدينة الأوثان، فيقاتله الخليع ويغلب على الخزائن، فيقاتله من دمشق إلى حران، ويعمل عمل الجبابرة الأولى، فيغضب الله من السماء لكل عمله، فيبعث عليه فتى من قبل المشرق يدعو إلى أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، هم أصحاب الرايات السود المستضعفون، فيعزهم الله وينزل عليهم النصر، فلا يقاتلهم أحد إلا هزموه ...] كنز العمال: ج14 ص596.
ه- عمره ووصفه الجسدي:
36. نعيم بن حماد المروزي: [حدثنا الوليد عن سعيد عن قتادة عن عبد الله بن الحارث قال: يخرج المهدي وهو ابن أربعين سنة كأنه رجل من بني إسرائيل] الفتن:225.
37. وعنه: [حدثنا ابن وهب عن إسحاق بن يحيى بن طلحة التيمي عن طاوس قال قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هو فتى من قريش آدم ضرب (الرجل الخفيف اللحم) من الرجال] الفتن: ص226.
38. العجلوني: [2661ـ ..... ومنها ما أخرجه الروياني في مسنده وأبو نعيم عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي وجسمه جسم إسرائيلي على خده الأيمن خال كأنه كوكب دري يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً يرضى بخلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو] كشف الخفاء: ص288.
* * *
في الختام كلمة:
كانت هذه القرائن الـ (110) من مصادر المسلمين، شيعة وسنة، مجرد أمثلة ليس إلا، وإلا فقائمة الروايات تطول، فماذا ينتظر المسلمون بعد هذا حتى يصدّقوا نبيهم محمداً (ص) في وصيته (كتابه العاصم من الضلال) التي احتجَّ بها مهدي أمة محمد ويمانيهم الموعود (أحمد الحسن)، وانطبق عليه ما ورد في الروايات المذكورة؛ اسماً ونسباً ومسكناً وصفةً وجميع ما يتعلق به، ثم بعد هذا احتج عليهم بعلمه المدوّن في كتبه العديدة التي أحكم فيها ما تشابه على أتباع الرسالات السماوية جميعاً، وقبل هذا كله شهادة الله له بآلاف الرؤى الصادقة بمحمد وآله وبالأنبياء والمرسلين وملائكة الله المقربين (ع) وعباده الصالحين الدالة على صدقه وأحقيته والآمرة باتباعه.
وإذا قرّروا أن يتنكروا لكل هذا فبأيِّ وجهٍ يصوّرون أنفسهم مسلمين !!
أفيقوا يرحمكم الله.
وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
والحمد لله رب العالمين
[1]. التوبة: 124 – 125.
[2]. خاتمة الوسائل: ص102.
[3]. قواعد الحديث: ص23.
[4]. النساء: 82.
[5]. النجم الثاقب: ج2 ص71.
[6]. الخصال للصدوق: ص476.
[7]. هذه بعض أقوال المفسرين:
من الشيعة:
الطبرسي: [(ولو نشاء لجعلنا منكم) أي بدلاً منكم معاشر بني آدم (ملائكة في الأرض يخلفون) بني آدم أي يكونون خلفاء منهم. والمعنى: لو نشاء أهلكناكم، وجعلنا الملائكة بدلكم سكان الأرض، يعمرونها، ويعبدون الله] مجمع البيان: ج9 ص90.
مكارم الشيرازي: [ولئلا يتوهموا أن الله سبحانه محتاج لعبوديتهم، وأنه يصر عليها، فإنه تعالى يقول في الآية التالية: "ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون" ملائكة تخضع لأوامر الله، ولا تعرف عملاً إلا طاعته وعبادته] الأمثل: ج16 ص81.
ومن السنة:
الطبري: [... عن مجاهد، قوله: لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون قال: يعمرون الأرض بدلاً منكم] جامع البيان: ج25 ص115.
ابن كثير: [وقوله عز وجل "ولو نشاء لجعلنا منكم" أي بدلكم "ملائكة في الأرض يخلفون"] تفسير ابن كثير: ج4 ص143.
[8]. روى الكليني: [18ـ .. عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: بَيْنَا رسول الله (ص) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً إِذْ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فَقَالَ لَه رسول الله (ص): إِنَّ فِيكَ شَبَهاً مِنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ولَوْلَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلاً لَا تَمُرُّ بِمَلأٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ يَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، قَالَ: فَغَضِبَ الأَعْرَابِيَّانِ والْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وعِدَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مَعَهُمْ فَقَالُوا: مَا رَضِيَ أَنْ يَضْرِبَ لِابْنِ عَمِّه مَثَلاً إِلَّا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَى نَبِيِّه (ص) فَقَالَ: (ولَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْه يَصِدُّونَ وقالُوا أآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوه لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْه وجَعَلْناه مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ ولَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) يَعْنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ: (مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ) قَالَ: فَغَضِبَ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْفِهْرِيُّ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ يَتَوَارَثُونَ هِرَقْلاً بَعْدَ هِرَقْلٍ (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْه مَقَالَةَ الْحَارِثِ ونَزَلَتْ هَذِه الآيَةُ: (وما كانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِيهِمْ وما كانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ثُمَّ قَالَ لَه: يَا ابْنَ عَمْرٍو إِمَّا تُبْتَ وإِمَّا رَحَلْتَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ بَلْ تَجْعَلُ لِسَائِرِ قُرَيْشٍ شَيْئاً مِمَّا فِي يَدَيْكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكْرُمَةِ الْعَرَبِ والْعَجَمِ فَقَالَ لَه النبي (ص): لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ ذَلِكَ إِلَى اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَلْبِي مَا يُتَابِعُنِي عَلَى التَّوْبَةِ ولَكِنْ أَرْحَلُ عَنْكَ فَدَعَا بِرَاحِلَتِه فَرَكِبَهَا فَلَمَّا صَارَ بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ أَتَتْه جَنْدَلَةٌ فَرَضَخَتْ هَامَتَه ......] الكافي: ج8 ص57.
[9]. هذا تعليل لكون المقصود بالملائكة في الآية (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة) هم آل محمد (ع).
[10]. سيأتي ذكرها.
[11]. إنّ ارتباط الآية بآل محمد الأوصياء (بل وفي المهدي منهم بالخصوص) أمر أكدته روايات الفريقين؛ [عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل: (وإِنَّه لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ)، قال: عنى بذلك أمير المؤمنين (ع). وقال: قال رسول الله (ص): يا علي، أنت علم هذه الأمة، فمن اتبعك نجا، ومن تخلف عنك هلك وهوى] البرهان: ج4 ص897.
و[عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا جعفر (ع) عن قول الله عز وجل: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً)، قال: هي ساعة القائم (ع) تأتيهم بغتة] تأويل الآيات الظاهرة: ج2 ص571.
وأخرج الحاكم [عن جابر رضي الله عنه قال قال: رسول الله (ص) "وإنه لعلم للساعة" فقال: النجوم أمان لأهل السماء فإذ أذهبت أتاها ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي ما كنت فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون. صحيح الاسناد ولم يخرجاه] المستدرك: ج2 ص448.
وقال المناوي: [قال مقاتل في (وإنه لعلم للساعة) إنه المهدي يكون في آخر الزمان] فيض القدير: ج5 ص383.
[12]. قيد (حتى يدعيه صاحبه) يوضح أنّ الحفظ الالهي للنص غايته تتحقق باحتجاج صاحبه به وكشفه له، وأي ادعاء له بعد ذلك من قبل غيره يعتبر ادعاء سفيه ولا قيمة له، إذ لو كان النص له لاهتدى إليه قبل أن يهديه إليه من كشفه، وسيكون حاله تماماً كحال من يأتي اليوم ويزعم أنه من اكتشف النظرية النسبية، وأقل ما يقال عنه إنه مجنون وسفيه !!
[13]. بيَّن آل محمد (ع) في رواياتهم أنّ صاحب الأمر يعرف باحتجاجه بالوصية، [عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): بم يعرف صاحب هذا الأمر؟ قال: بالسكينة والوقار والعلم والوصية] الخصال للصدوق: ص200.
[14]. روى الكليني: [3ـ ... عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: سَمَّتِ الْيَهُودِيَّةُ النبي (ص) فِي ذِرَاعٍ وكَانَ النبي (ص) يُحِبُّ الذِّرَاعَ والْكَتِفَ ويَكْرَه الْوَرِكَ لِقُرْبِهَا مِنَ الْمَبَالِ] الكافي: ج6 ص315.
وأخرج البخاري: [.. عن أنس ابن مالك رضي الله عنه ان يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجئ بها فقيل: ألا نقتلها، قال: لا، قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم] صحيح البخاري: ج3 ص141.
قال الشيخ المفيد عن النبي (ص): (وقبض بالمدينة مسموماً يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر) المقنعة: ص456. ومثله العلامة الحلي في المنتهى: ج2 ص887.
[15]. قال ابن الأثير عن (هجر): [أي اختلف كلامه بسبب المرض، على سبيل الاستفهام، أي هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض؟ وهذا أحسن ما يقال فيه، ولا يجعل إخباراً، فيكون إما من الفحش أو الهذيان. والقائل كان عمر، ولا يظن به ذلك] النهاية في غريب الحديث والأثر: ج5 ص246. ولا يخفى أنّ الكلمة بصورة الإخبار وردت في صحيح مسلم وغيره.
قال عبد الرحمن ابن الجوزي (ت: 597 ه): [اتفق العلماء في الذين أراد أن يكتب له رسول الله على وجهين؛ أحدهما: أراد أن ينص على الخليفة من بعده، والثاني: أن يكتب كتاباً في الأحكام يرتفع معه الخلاف، والأول أظهر. وقوله: "حسبكم كتاب الله": وإنما خاف عمر أن يكون ما يكتبه في حالة غلبة المرض الذي لا يعقل معها القول ولو تيقنوا أنه قاله مع الافاقة لبادروا إليه] كشف المشكل من حديث الصحيحين: ج2 ص315، تحقيق علي حسين البواب.
[16]. إنّ نص النبي (ص) على من يخلفه إنما هو بأمر الله سبحانه، وقد تقدم قوله (ص) للحارث بن عمرو في رواية الكافي المتقدمة: [لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ، ذَلِكَ إِلَى اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى]، والله تعالى يقول عن نبيه: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: 3ـ4]، وروى الكليني: [2ـ ... عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَشْعَثِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ: أتَرَوْنَ الْمُوصِيَ مِنَّا يُوصِي إِلَى مَنْ يُرِيدُ لَا واللَّه ولَكِنْ عَهْدٌ مِنَ اللَّه ورَسُولِه (ص) لِرَجُلٍ فَرَجُلٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ الأَمْرُ إِلَى صَاحِبِه] الكافي: ج1 ص278.
[17]. لذا وصفها رسول الله (ص) بأنها كتاب عاصم من الضلال لمن تمسك بها، وعدَّ الحق سبحانه وصية عيسى (ع) بمحمد (ص) بينة إلهية من بين البينات التي جاء بها، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) [الصف: 6]، ولا تكون الوصية بيّنة إلهية لو أمكن ادعاؤها من قبل مدعٍ مبطل.
[18]. أما حفظ النص في مرحلة نقله إلى الخليفة الذي سيوصله، فمثاله نقل الوصية بمحمد (ص) من قبل الله إلى عيسى (ع)، أو نقل الوصية بعلي وولده الطاهرين (ع) من قبل الله إلى محمد (ص)، وأما حفظ النص على مستوى وصوله إلى الخليفة الذي سيدعيه فهو قد يمر بمرحلة واحدة كما في وصول وصية رسول الله (ص) إلى الامام علي (ع)، أو يمر بعدة مراحل كما في وصولها إلى المهدي الأول (أحمد) أو وصول وصية عيسى بمحمد إلى محمد (ص). والحفظ الإلهي للنص موجود في جميع تلك الحالات والمراحل.
[19]. قال ابن منظور: [قال الجوهري: (لو) حرف تمنٍّ، وهو لامْتِناعِ الثاني مِن أَجْل امْتِناعِ الأَوَّل، تقول: لَوْ جِئْتَني لأَكْرَمْتُكَ] لسان العرب: ج15 ص470. والأول في الآية هو التقوّل (تقوّل علينا ..) والثاني هو الهلاك (لأخذنا منه باليمين ..)، و(لو) تفيد أنّ الهلاك ممتنع لأجل امتناع التقوّل.
[20]. روى أبو الفتح الكراجكي: [عن علي (ع) قال: رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام تكلم به الرب عنده] كنز الفوائد: ص211.
[21]. وقد قص أنصار الامام المهدي (ع) رؤاهم التي شهد الله لهم فيها صوتاً وكتابة، وهم من بلدان وخلفيات وقوميات مختلفة، وضمت المواقع الرسمية للدعوة اليمانية المباركة الكثير من تلك الشهادات.
[22]. أخرج ابن ماجة: [.. عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يقتتل عند كنزكم ثلاثة. كلهم ابن خليفة. ثم لا يصير إلى واحد منهم. ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق. فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم". ثم ذكر شيئاً لا أحفظه. فقال: "فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج. فإنه خليفة الله، المهدي". في الزوائد: هذا إسناد صحيح. رجاله ثقات. ورواه الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين] سنن ابن ماجة: ج2 ص1367.
[23]. أخرج الحاكم: [.. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي (ص) أنه قال: لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه أبى فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً] المستدرك: ج4 ص442.
[24]. الخصال للصدوق: ص56، عيون أخبار الرضا (ع): ج1 ص189، المستدرك للحاكم: ج2 ص559، نيل الأوطار للشوكاني: ج9 ص164. ولا يشك مسلم في أنّ النبي (ص) من ولد إسماعيل وليس من ولد إسحاق كما يدعيه اليهود.
[25]. تفسير العياشي: ج1 ص77.
[26]. وهذا أمر واضح، فالله سبحانه يصف الحكمة بأنها خير كثير وهي ليست أموالاً ولا ممتلكات، قال تعالى: (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) [البقرة: 269].
[27]. بمعنى: أنّ أموال الميت ثلاثة أثلاث؛ ثلثان منها للورثة تُقسَّم بينهم بعد موته، وثلث تنفذ فيه وصاياه، فقبل نزول آية المواريث كان يجب عليه أن يوصي في ماله كله بحكم الآية: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ..)، ولكن بعد نزولها نسخ وجوب الوصية بالثلثين أي بالمال الذي يقسم بين الورثة، وأما الوصية بالثلث الباقي وكذلك الوصية بتقوى الله ونصرة خليفة الله فباقٍ على حكمه ولم ينسخ بآية المواريث.
[28]. روى الكليني: [25ـ ... مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ مِنْ تُجَّارِ فَارِسَ مِنْ بَعْضِ مَوَالِي أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (ع) يَسْأَلُه الإِذْنَ فِي الْخُمُسِ فَكَتَبَ إِلَيْه: بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّ اللَّه وَاسِعٌ كَرِيمٌ ضَمِنَ عَلَى الْعَمَلِ الثَّوَابَ وعَلَى الضِّيقِ الْهَمَّ، لَا يَحِلُّ مَالٌ إِلَّا مِنْ وَجْه أَحَلَّه اللَّه وإِنَّ الْخُمُسَ عَوْنُنَا عَلَى دِينِنَا وعَلَى عِيَالاتِنَا وعَلَى مَوَالِينَا ...] الكافي: ج1 ص547.
[29]. إنّ الامامة وهداية الخلق خير كثير وفضل إلهي كبير خصَّ الله به سادة خلفائه في أرضه، لذا أصبح الائمة (ع) موضع حسد الناس، روى الكليني: [1ـ .. عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) عَنْ قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: (أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)، فَكَانَ جَوَابُه: ...... (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِه) نَحْنُ النَّاسُ الْمَحْسُودُونَ عَلَى مَا آتَانَا اللَّه مِنَ الإِمَامَةِ دُونَ خَلْقِ اللَّه أَجْمَعِينَ. (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) يَقُولُ: جَعَلْنَا مِنْهُمُ الرُّسُلَ والأَنْبِيَاءَ والأَئِمَّةَ فَكَيْفَ يُقِرُّونَ بِه فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ (ع) ويُنْكِرُونَه فِي آلِ مُحَمَّدٍ (ص) .....] الكافي: ج1 ص205.
[30]. لأن فيه مخالفة صريحة لكتاب الله الناطق بوجوب الوصية عند حضور الموت، إضافة إلى أنه (ص) وصف الوصية بأنها كتاب عاصم للأمة من الضلال إلى يوم القيامة، وترك بيان كتاب هذا وصفه أمر قبيح بكل تأكيد.
[31]. تقدمت بعض روايات رزية الخميس من صحيح البخاري ومسلم، وكذلك من كتب الشيعة، فراجع.
[32]. بلى والله، أوصى وأشهد عليها الرهط الصالح، عن سليم بن قيس الهلالي، قال الإمام علي (ع) لطلحة: [ألست قد شهدت رسول الله (ص) حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمة ولا تختلف، فقال صاحبك ما قال: إن نبي الله يهجر، فغضب رسول الله (ص) ثم تركها ؟ قال: بلى، قد شهدت ذلك. قال: فإنكم لما خرجتم أخبرني بذلك رسول الله (ص) بالذي أراد أن يكتب فيها وأن يشهد عليها العامة فأخبره جبرئيل: إن الله عز وجل قد علم من الأمة الاختلاف والفرقة، ثم دعا بصحيفة فأملى عليّ ما أراد أن يكتب في الكتف وأشهد على ذلك ثلاث رهط: سلمان وأبا ذر والمقداد، وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم القيامة ...] كتاب سليم بن قيس: ص211، تحقيق الأنصاري.
[33]. انظر: المراجعات للسيد شرف الدين: ص357، مكاتيب الرسول للميانجي: ج3 ص722.
[34]. حث النبي (ص) في حديث الثقلين على التمسك بكتاب الله والعترة، ولكن لم يُبيِّن أسماء الأوصياء من عترته، ولذا فالحديث مجمل من هذه الناحية.
[35]. ورد في احتجاج الامام الباقر (ع): [.... إنَّ خَلِيفَةَ رسول الله (ص) مُؤَيَّدٌ، ولَا يَسْتَخْلِفُ رسول الله (ص) إِلَّا مَنْ يَحْكُمُ بِحُكْمِه وإِلَّا مَنْ يَكُونُ مِثْلَه إِلَّا النُّبُوَّةَ، وإِنْ كَانَ رسول الله (ص) لَمْ يَسْتَخْلِفْ فِي عِلْمِه أَحَداً فَقَدْ ضَيَّعَ مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ مِمَّنْ يَكُونُ بَعْدَه .....] الكافي: ج1 ص245.
[36]. قال النووي: [وأما كلام عمر رضي الله عنه فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره لأنه خشي أن يكتب صلى الله عليه وسلم أمورا ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها فقال عمر حسبنا كتاب الله لقوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شئ وقوله اليوم أكملت لكم دينكم فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة وأراد الترفيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه] شرح صحيح مسلم: ج11 ص90.
[37]. أخرج الحاكم: [.. عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال: لما نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرحمة هابطة، قال: ادعوا لي ادعوا لي، فقالت صفية: من يا رسول الله، قال: أهل بيتي علياً وفاطمة والحسن والحسين فجيئ بهم فألقى عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كساءه ثم رفع يديه ثم قال: اللهم هؤلاء آلي فصل على محمد وعلى آل محمد، وأنزل الله عز وجل: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً. هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه] المستدرك: ج3 ص147.
[38]. للمزيد انظر ملحق رقم (1).
[39]. انظر ملحق رقم (2).
[40]. روى الطوسي: [463ـ ... عن حذيفة قال: سمعت رسول الله (ص) وذكر المهدي فقال: إنه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبد الله والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها] الغيبة: ص454. وللمزيد انظر ملحق رقم (3).
[41]. أخرج أحمد: [.. عن زر بن حبيش عن عبد الله قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي اسمه يواطئ اسمي] مسند أحمد: ج1 ص377.
[42]. الغيبة: ص150 ح111.
[43]. وقد وردت مضامين عديدة دينية في الصحيفة، والغرض من ذكر بعض رواياتها هو إثبات أنّ هناك صحيفة تركها النبي (ص) مكتوبة من قبله، وبذلك يبطل ما يزعمه الكثير من علماء السنة من أنه (ص) مات ولم يترك شيئاً مكتوباً، ثم إنّ هذه الصحيفة كتبت مع كونها لم يرد فيها أنها كتاب عاصم من الضلال، فكيف إذن يترك (ص) كتابة ما وصفه بذلك ؟!!
[44]. إنّ الوصف المذكور للقائم وصاحب الأمر في هذه الروايات مثل كونه علامة حتمية لظهور الامام المهدي (ع) بل من الميعاد، وأنه من يقاتل السفياني، أو أنه يُسجن وابن أمة سوداء، لا ينطبق على الامام المهدي (ع) بكل تأكيد.
[45]. واضح أنّ الرواية تتحدث عن القائم المتزامن ظهوره وبيعته مع السفياني بل قبله حتى، في حين أنّ الامام المهدي (ع) لا يكون ظاهراً وقتذاك، والسفياني علامة على قرب أيامه كما هو معلوم، ولا يوجد رجل غير الامام المهدي (ع) وصف بالقائم والمهدي في الروايات في زمن الظهور غير ابنه أحمد كما عرفنا، وإذا ما نسبنا (أحمد) إلى الامام الحادي عشر في الوصية (أي الحسن (ع))، فسيكون اسمه (أحمد الحسن)، والحمد لله رب العالمين.
[46]. واضح أنّ الامام المهدي (ع) شبيه جده رسول الله (ص) وكان أبيض اللون معتدل الطول أزج الحاجبين ... الخ مما ذكرته الروايات، وهي ليست الأوصاف المذكورة في هذه الروايات.
[47]. لا يخفى أنّ المواطئة تعني المشابهة، والمهدي أحمد الحسن جاءهم اليوم تماماً كما وعد جده (ص)، فاسمه يواطئ اسم النبي (أي أحمد) واسم أبيه يوطئ اسم أبي النبي (أي إسماعيل)، وقد قال (ص): (أنا ابن الذبيحين عبد الله وإسماعيل).
0 تعليق على موضوع "كتاب العاصم من الضلال"
الإبتساماتإخفاء