الرجعة ثالث ايام الله الكبرى

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع) / العدد (164)


الرَّجْعَة
ثالثُ أيّامِ اللهِ الكُبْرَى

أجوبة السيد أحمد الحسن (ع)


إعداد
علاء السالم
الطبعة الأولى
1433 هـ - 2012 م

لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن (ع)
يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي :
www.almahdyoon.org




بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
تمهيد ..
قال السيد أحمد الحسن (ع) في بيان الرجعة: (الرجعة اسمها دال عليها وفقك الله، هي رجعة أي أنها إعادة، أناس ماتوا يعودون، امتحان انتهى يعاد، أيام مضت تعاد .....).
لا شك أنّ الحديث عن الرجعة وبيان خصوصياتها وما يتعلق بها هو من عظائم الأمور التي ليس بوسع غير خلفاء الله الإجابة عنها، تماماً كاختصاصهم بإجابة باقي العظائم المرتبطة بدين الله وعوالم الخلق.
وعلى هذا الأساس ورد أنّ المبيِّن لها هو القائم (ع)، عن زرارة، قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن هذه الأمور العظام من الرجعة وأشباهها فقال: إن هذا الذي تسألون عنه لم يجئ أوانه، وقد قال الله عز وجل: "بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ") ([1]).
وتعقيباً على هذه الرواية سُئل السيد أحمد الحسن: هل المخصوص ببيانه القائم (ع) ؟
فأجاب (ع): (نعم).
وكان حريّاً بالعلماء بعد هذا أن يكتفوا بقول (لا أعلم) فيما يتعلق بالرجعة، ولكنهم بكل أسف خاضوا فيما خُصَّ القائم ببيانه، فكان منهم ما كان.
ولأنّ عالم الرجعة عالم آخر بنص قول آل محمد (ع)، وله قوانينه ونظامه الخاص به، فلا يصح - والحال هذه - أن تحمل المفاهيم المذكورة في بعض روايات الرجعة على معانيها المتعارفة في هذا العالم الجسماني، وربما جهل هذه الحقيقة أوقع الكثير من العلماء في تخبط فظيع أثناء الحديث عن الرجعة. 
بل تمادى بعضهم بجهله ليجعل من الفهم المغلوط للرجعة وموضعها سبباً في إنكار إمامة اثني عشر وصياً من آل محمد (ع) (وهم المهديون الاثني عشر)، بالرغم من النص عليهم في وصية رسول الله (ص) المقدسة ليلة وفاته.
ولأجل كشف بعض المستور عن هذا الأمر العظيم، كان هذا السفر الموجز الذي يضم بين طياته أجوبة الإمام أحمد الحسن على أسئلة كانت قد وجهت إليه مما يتصل بعالم الرجعة وبعض ما يخصه، وهو دليل آخر يضاف على صدقه وأحقيته.
والأجوبة بعضها مأخوذ من كتبه المنشورة كالمتشابهات والتوحيد والجواب المنير ومع العبد الصالح، والبعض الآخر - وهو الأغلب - كان من خلال إجابة أسئلة وجهت إليه أخيراً، فكان هذا المجموع الشريف بين يدي الجميع.
هذا، وكلّي ثقة بالله سبحانه أن يغفر ذنبي ويعفو عن تقصيري بحرمة هذا الإمام المجهول القدر، ويختم لي ولجميع المؤمنين بخير إنه أرحم الراحمين.
والحمد لله رب العالمين.
الجمعة: 13 شوال 1433 ه
                                                                                 علاء 







ما هي الرجعة ؟
الرجعة في اللغة: هي العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت.
قال الجوهري والفيروزآبادي: (فلان يؤمن بالرجعة أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت) ([2]).
وأما معناها الاصطلاحي الذي نحن بصدد بيانه:
فالرجعة: عالم آخر، ويوم آخر من أيام الله الكبرى الثلاثة ([3]) في قبال يومي القائم والقيامة، وله نظامه وقوانينه الخاصة به، كما هو مضمون روايات عديدة لآل محمد (ع) كما سيأتي.
فبعد أن ذكر يومي (القائم والقيامة)، قال السيد أحمد الحسن (ع): [.. بقي يوم الرجعة فأكيد أنه عالم آخر، وإلا لما خص بكونه يوم أي وقت وآن مستقل مقابل الحياة الجسمانية والقيامة، فهو ليس منهما]. 
وقال: [الرجعة اسمها دال عليها وفقك الله، هي رجعة أي أنها إعادة، أناس ماتوا يعودون، امتحان انتهى يعاد، أيام مضت تعاد ...].
وقال: [هو امتحان آخر وتنظيمه وترتيب الراجعين فيه بيده سبحانه وتعالى ..].
وقال: [الرجعة عالم آخر مختلف عن هذا العالم الجسماني، وبالتالي تفاصيله مختلفة عن هذا العالم ..]. 
وسنقف على تفصيل إجابات هذا الولي الطاهر من آل محمد (ع)، ولكن بعد عرض موجز لأهم ما بيَّنه علماء الشيعة عن الرجعة كأمر ثابت يرتبط بالعقيدة لديهم جميعاً أو لدى أغلبهم في أقل التقادير.
كيف فهم علماء الشيعة الرجعة ؟
يرى علماء الشيعة أنّ الرجعة تعني: إعادة إحياء في هذه الحياة الدنيا بعد الموت.
قال الشيخ المفيد: (القول في الرجعة: وأقول: إن الله تعالى يرد قوماً من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها فيعز منهم فريقاً ويذل فريقاً ويديل المحقين من المبطلين والمظلومين منهم من الظالمين، وذلك عند قيام مهدي آل محمد (ع)) ([4]).
وقال الحر العاملي: (إعلم أنّ الرجعة هنا في الحياة بعد الموت قبل القيامة، وهو الذي يتبادر من معناها، وصرح به العلماء ..) ([5]).
فواضح أنهم يرون الرجعة مقطعاً زمنياً تابعاً لهذا العالم الجسماني الذي نحن فيه، ومما يؤكد ذلك أكثر ملاحظة طبيعة الاستدلال المقام على إثبات الرجعة، وهذا بيان بعضه:
أولاً: قولهم بأنّ الرجعة نوع من المعاد الجسماني، لذا فهم يستدلون عليها بنفس الدليل على المعاد في الآخرة.
يقول السيد المرتضى في الاستدلال على الرجعة: (.. ولا يخالف في صحة رجعة الأموات إلا خارج عن أقوال أهل التوحيد، لأن الله تعالى قادر على إيجاد الجواهر بعد إعدامها، وإذا كان عليها قادراً جاز أن يوجدها متى شاء) ([6]).
ثانياً: استدلالهم عليها بإحياء بعض الأقوام أو الأفراد في الأمم السالفة إلى هذه الحياة بعد موتهم، وكمثال لها يذكرون إحياء عزير بعد موته، أو إحياء عيسى للموتى، وإحياء أصحاب الكهف، أو قوم من بني إسرائيل، وهكذا.
يقول الشيخ المظفر: (إن الاعتقاد بالرجعة لا يخدش في عقيدة التوحيد، ولا في عقيدة النبوة، بل يؤكد صحة العقيدتين. إن الرجعة دليل القدرة البالغة لله تعالى كالبعث والنشور، وهي من الأمور الخارقة للعادة التي تصلح أن تكون معجزة لنبينا محمد وآل بيته (ع)، وهي عيناً معجزة إحياء الموتى التي كانت للمسيح (ع) بل أبلغ هنا؛ لأنها بعد أن يصبح الأموات رميماً ..) ([7]).
ويقول الشيخ الطبرسي: (وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد (ع) في أنّ الله تعالى سيعيد عند قيام القائم (ع) قوماً ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في الدنيا من القتل على أيدي شيعته والذل والخزي بما يشاهدون من علو كلمته، ولا يشك عاقل أن هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره، وقد صح عن النبي (ص) أنه قال: "سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه") ([8]).
ثالثاً: ربطهم الرجعة بعصر ظهور الإمام المهدي (ع)، كما سمعناه قبل قليل من الشيخ الطبرسي. 
ويقول الشيخ المفيد: (قد جاءت الأخبار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي (ع) وحوادث تكون أمام قيامه وآيات ودلالات، فمنها خروج السفياني .. إلى أن قال: وأموات ينشرون من القبور حتى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون .. إلى أن قال: فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة، فيتوجهون نحوه لنصرته) ([9]).
رابعاً: استدلالهم ببعض آيات الخلافة والتمكين على هذه الأرض بعد الاستضعاف على رجوع النبي والأئمة إلى هذه الحياة الدنيا بعد موتهم، مثل:
قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾([10]).
قال الحر العاملي عن الآية بعد نقل إجماع الشيعة على رجعة النبي والأئمة (ع): (.. ويظهر ذلك من ملاحظة ضمائر الجمع في الآية وفي كلام الطبرسي، ومن لفظ الاستخلاف والتمكين وزوال الخوف والعبادة، وما هو معلوم من وجوب الحمل على التقية، ولو حملناه على مجرد خروج المهدي (ع) لزم حمل الجميع على المجاز والتأويل البعيد من غير ضرورة ولا قرينة ..) ([11]). 
وقوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾([12]).
قال الحر العاملي: (وهذه أوضح مما قبلها، لأنها تدل على أن المن على الجماعة المذكورين وجعلهم أئمة وارثين، والتمكين لهم في الأرض وحذر أعدائهم منهم، كله بعد ما استضعفوا في الأرض، وهل يتصور لذلك مصداق إلا الرجعة) ([13]).
إنّ ما تقدم ذكره كافٍ لتأكيد الأمر الذي قلناه عنهم.
وهؤلاء العلماء إذ تأولوا الرجعة ورواياتها على أنها جزء من هذا العالم الجسماني، تأول بعض آخر روايات الرجعة بنحو آخر لا تكون فيه الرجعة بمعنى رجوع الأفراد وإنما بمعنى رجوع دولة الحق.
نقل السيد المرتضى قولهم، فقال: (فأما من تأول الرجعة في أصحابنا على أن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي، من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات، فانّ قوماً من الشيعة لما عجزوا عن نصرة الرجعة، وبيان جوازها، وأنها تنافي التكليف، عولوا على هذا التأويل للأخبار الواردة بالرجعة) ([14]).
بل بعضهم ذهب بعيداً ليرى أنّ الرجعة ليست بدار تكليف لجميع الراجعين:
يقول العلامة المجلسي: (.. إذ الظاهر أنّ زمان الرجعة ليس زمان تكليف فقط، بل هو واسطة بين الدنيا والآخرة، بالنسبة إلى جماعة دار تكليف وبالنسبة إلى جماعة دار جزاء) ([15]).
إنّ هذا الاختلاف في فهم الرجعة ورواياتها، لخصه الشيخ المفيد بقوله: (اتفقت الإمامية على رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف) ([16]).
وعلى هذا الأساس اختلفت الكلمات في بيان الاعتقاد بالرجعة:
فبعد أن اكتفى الشيخ الصدوق (وهو من المتقدمين) بالقول: (اعتقادنا في الرجعة أنها حق) ([17]).
يرى الشيخ المظفر (وهو من المتأخرين) أنّ الرجعة ليست من أصول الاعتقاد التي يجب النظر فيها، قال: (والرجعة ليست من الأصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر فيها، وإنما اعتقادنا بها كان تبعاً للآثار الصحيحة الواردة عن آل البيت (ع) الذين ندين بعصمتهم من الكذب، وهي من الأمور الغيبية التي أخبروا عنها، ولا يمتنع وقوعها) ([18]).
ويعترف بعضهم أنّ تفاصيل الرجعة وكيفيتها وترتيبها موكول علمه إلى خلفاء الله:
يقول السيد عبد الله شبر: (يجب الإيمان بأصل الرجعة إجمالاً، وأنّ بعض المؤمنين وبعض الكفار يرجعون إلى الدنيا، وإيكال تفاصيلها إليهم (ع) والأحاديث في رجعة أمير المؤمنين والحسين عليهما السلام متواترة معنى، وفي باقي الأئمة قريبة من التواتر، وكيفية رجوعهم هل هو على الترتيب أو غيره، فكل علمه إلى الله سبحانه وإلى أوليائه) ([19]).
وقد راج أخيراً التعبير عن (الرجعة) أنها من أصول المذهب، وليست من أصول الدين !!

هل يوجد تعارض بين روايات الرجعة والمهديين ؟
الرجعة مما تواترت بذكرها إجمالاً روايات أهل البيت (ع): 
قال العلامة المجلسي: (كيف يشك مؤمن بحقية الأئمة الأطهار (ع) فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح، رواها نيف وأربعون من الثقات العظام والعلماء الأعلام في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم ........ وإذا لم يكن مثل هذا متواتراً، ففي أي شيء يمكن دعوى التواتر مع ما روته كافة الشيعة خلفا عن سلف) ([20]). 
وقال الحر العاملي: (إنّ أحاديث الرجعة ثابتة عن أهل العصمة (ع) لوجودها في الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتمدة، وكثرة القرائن القطعية الدالة على صحتها وثبوت روايتها، على أنها لا تحتاج إلى شيء من القرائن لكونها قد بلغت حد التواتر، بل تجاوزت ذلك الحد، وكل حديث منها يفيد العلم مع القرائن المشار إليها، فكيف يبقى شك مع اجتماع الجميع) ([21]).
وأما أنّ أئمة الهدى (ع) ذكروا الرجعة إجمالاً؛ فباعتبار أنهم صرّحوا أنّ زمان بيان التفاصيل العظيمة المرتبطة بالرجعة لم يأتِ بعد، وأمره موكول إلى القائم (ع). 
عن زرارة قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن هذه الأمور العظام من الرجعة وأشباهها، فقال: إن هذا الذي تسألون عنه لم يجئ أوانه ..) ([22]).
فلو أنّ العلماء بعد معرفتهم بذلك، تركوا الخوض في تفاصيل الرجعة لما أوقعوا أنفسهم فيما أوقعوها فيه، وكفوها مؤنة التقوّل وطرح الاقتراحات والتأويلات في دين الله، والتي أدت ببعضهم إلى تصور المعارضة بينها وبين روايات المهديين من ذرية الامام المهدي (ع).
هذا، وروايات المهديين هي الأخرى متواترة، ووردت بكثرة في مصادر الشيعة عن أغلب أئمة أهل البيت (ع)، وقام أنصار الامام المهدي (ع) بتخريجها في العديد من كتبهم، وهي منشورة في الموقع الرسمي لهذه الدعوة المباركة وبوسع الجميع الرجوع إليها ([23]). 
يقول السيد أحمد الحسن (ع): [.. هناك روايات كثيرة متواترة تقول إنّ هناك اثنا عشر مهدياً من ولد الامام المهدي (ع) وهم خلفاء الله في أرضه، وهناك روايات كثيرة أيضاً قالت بأنّ هناك رجعة، إذن الأمران العقائديان ثابتان بروايات كثيرة ومتواترة، ومنكر أحدهما إما جاهل لم يسعفه عقله وما عنده من علم أن يجمع ويوفق بين الروايات بصورة صحيحة مقبولة، أو أنه معاند مكابر يريد أن يغطي الشمس بغربال، وإلا فما معنى إنكار حقيقة وردت في روايات كثيرة ورواها علماء الشيعة جيلاً عن جيل ؟! ...]. 
هذه هي الحقيقة الغائبة عن العلماء، مع أنها أكيدة التحقق بعد أن قطعها آل محمد وعداً لشيعتهم: (إن هذا الذي تسألون عنه لم يجئ أوانه)، وكان حرياً بهم انتظار ذلك وعدم الخوض في بيانه فضلاً عن أن يحددوا فهماً بأوهامهم ثم يحكمون بطرح ما خالفه.


أسئلة في الرجعة أجابها القائم:
ما هي الرجعة ؟ وهل هي عالم برأسه وامتحان آخر يمر به الانسان ؟ وما هو الدليل على إثبات أنها عالم آخر ؟
وما هي (الكُبَر) التي أشار لها الحق سبحانه في كتابه (إِنَّها لإَحْدَى الْكُبَرِ) ؟
ثم إنّ الله وعد رسله بالنصر في كتابه، فأين يكون نصرهم وهم بين مقتول ومسموم ؟
وما معنى (الأُولى) التي أشار لها الله سبحانه في كتابه في قبال الآخرة (وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ؟ 
وهل لعالم الرجعة ارتباط بالظلمات الثلاث التي ذكرها سبحانه في كتابه ؟ وبكلمة أخرى: ما هو وجه الارتباط بين عالم الذر وهذا العالم وعالم الرجعة ؟
ثم إنه من الواضح أنّ المعرفة غاية الخلقة، فهل لعالم الرجعة دور في تحقيق ذلك ؟ 
وأيضاً: أين ستكون الرجعة، فقد ورد ذكر الأرض في روايات الرجعة، فهل المقصود بها هذه الأرض التي نعيش عليها الآن، أم أنّ المقصود شيء آخر ؟ كذا ورد ذكر الدنيا.
وهل يرجع جميع البشر، أم بعضهم، ومن هم ؟ وهل يرجعون أقواماً أو أفراداً، أم يرجع كلا الصنفين ؟ وهل يرجع الإنس فقط، أم الجن أيضاً ؟
ثم إننا نقرأ بعض احتجاجات الائمة في إثبات الرجعة بإحياء موتى في الأمم السالفة (كما حصل من الامام الرضا (ع) للمأمون الآتي ذكره)، فكيف ينسجم هذا مع كون الرجعة عالماً آخر غير هذا العالم الجسماني ؟
كذلك نجد آل محمد (ع) يفسرون بعض آيات الكتاب في قيام القائم وفي الرجعة معاً، فما معنى ذلك ؟ 
هل في الرجعة يوم معلوم يُقتل فيه إبليس (لعنه الله)كما في هذا العالم يوم معلوم يقتل فيه على يد القائم (ع) في مسجد الكوفة ؟
كيف يمكن للمؤمن الاعتقاد بالرجعة وبالمهديين الاوصياء معاً، مع أنّ كليهما يكون بعد الامام المهدي (ع) ؟
وأيضاً: ورد عن آل محمد (ع) أنّ علياً (ع) دابة الأرض في الرجعة، ولكن ورد ذكر الدابة أيضاً في زمن القائم، فما معنى ذلك ؟ 
بل ورد في الروايات اجتماع رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) في دولة العدل الالهي في الكوفة، وورد أيضاً ذكر سلمان ومالك الاشتر وأصحاب الكهف وغيرهم ضمن أصحاب القائم (ع)، فهل هناك رجعة أخرى تتحدث عنها الروايات تكون على هذه الأرض غير الرجعة التي هي عالم آخر ؟
ومن الأسئلة أيضاً: هل في الرجعة زمن كما هو الحال في عالمنا هذا ؟
كيف ستكون رجعة الانبياء والأئمة، هل بنفس الترتيب الموجود في هذا العالم ؟
وإذا كتب الله بفضله لمؤمن العود في عالم الرجعة، فهل سيرجع لينصر نفس الخليفة الالهي الذي نصره في هذا العالم ؟
هل للعلاقات النسبية والسببية الموجودة الآن كالأبوة والبنوة والزوجية وما شابه دور وتأثير في الرجعة، فمن كان ابناً لفلان مثلاً يكون كذلك في الرجعة ؟
وعلى سبيل المثال: ورد أنّ أول من يرجع هو الامام الحسين (ع)، فهل يرجع وهو ابن لأمير المؤمنين (ع) وجده رسول الله (ص) وهكذا ؟
هذه الأسئلة وغيرها، أجابها السيد أحمد الحسن في هذا المختصر المبارك، مما عجز عن إجابته وبيانه كبار العلماء، لذا أترك القارئ الكريم في رحاب البينات التي أوضحها وهو يجيب الأسئلة المتعلقة بالرجعة وبعض تفاصيلها.
1) الرجعة يوم من أيام الله:
هذا ما أوضحه السيد أحمد الحسن (ع)، إذ يقول في بيان قوله تعالى: ﴿إِنَّها لإَحْدَى الْكُبَرِ﴾([24]) ما يلي: 
[أي القيامة الصغرى. والوقعات الإلهية الكبرى ثلاث هي: القيامة الصغرى، والرجعة، والقيامة الكبرى] ([25]). 
ويقول أيضاً: [.. وأيام الله قريبة عند الله وعند أولياء الله، وبعيدة عند الكافرين ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً @ وَنَرَاهُ قَرِيباً﴾ المعارج: 7، وهي يوم قيام القائم ويوم الرجعة ويوم القيامة الكبرى، وعندها يرى الإنسان ويرى الناس ما في يد كل إنسان من عدل أو ظلم عندما تتكشف الحقائق لهم، ويرون ما لم يكونوا يرونه، عندها يندم المبطلون الظالمون، ويقولون: يا ليتنا جئنا بالولاية لولي الله وحجته على خلقه ..] ([26]).
وهذا هو ما ورد عن آل محمد (ع): 
عن مثنى الحناط، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، قال: (أيام الله عز وجل ثلاثة: يوم يقوم القائم، ويوم الكرة، ويوم القيامة) ([27]).
وعن سؤال: هل تنفع الرواية في إفراد الرجعة (الكرة) عالماً برأسه ؟ 
أجاب (ع): [نعم، هي واضحة أنها شخّصت كل حدث بيوم أي وقت وعالم مختلف، فيوم القائم معروف أنه في الحياة الجسمانية التي نعيشها وهو خلاصتها، ويوم القيامة معروف أنه في الآخرة وعالم آخر غير العالم الجسماني، بقي يوم الرجعة فأكيد أنه عالم آخر وإلا لما خص بكونه يوم أي وقت وآن مستقل مقابل الحياة الجسمانية والقيامة، فهو ليس منهما].
إنّ إفراد الرجعة يوماً آخر بعد الموت وقبل القيامة هو ما أكدته روايات أخرى أيضاً، هذا مثال لها:
عن محمد بن سلام عن أبي جعفر (ع) في قول الله: ﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ﴾([28])، قال: (هو خاص لأقوام في الرجعة بعد الموت، ويجري في القيامة، فبعداً للقوم الظالمين) ([29]). 
عن حماد عن أبي عبد الله (ع)، قال: (ما يقول الناس في هذه الآية: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾([30])، قلت: يقولون إنها في القيامة. قال: ليس كما يقولون، إنّ ذلك الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كل أمة فوجاً ويدع الباقين ؟! إنما آية القيامة: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾([31]) ...) ([32]).

2) الرجعة امتحان آخر:
بعد أن توضح أنّ الرجعة يوم من أيام الله الثلاثة، إذن فهي عالم آخر وامتحان آخر يخوضه بعض الخلق ممن محض الايمان محضاً أو محض الكفر محضاً.
عن المفضل، عن أبي عبد الله(ع) فيقوله: ﴿َيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾، قال: (ليس أحد من المؤمنين قتل إلا يرجع حتى يموت، ولا يرجع إلا من محض الإيمان محضاً أو محض الكفر محضاً) ([33]).
وهو عالم له قوانينه الخاصة به:
قال الامام الصادق (ع) بعد أن ذكر مقتل ابليس على يد رسول الله (ص) في الرجعة: (.. فعند ذلك يعبد الله عز وجل ولا يشرك به شيئاً، ويملك أمير المؤمنين (ع) أربعاً وأربعين ألف سنة حتى يلد الرجل من شيعة علي (ع) ألف ولد من صلبه ذكراً، وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء الله) ([34])
وواضح أنّ ولادة ألف ولد ذكر للرجل الواحد سوى الأناث أمر لا يمكن عادة أن يكون ضمن هذا العالم الجسماني بقوانينه الحاكمة فيه ([35]). كما أنّ المدد الزمنية التي ذكرتها الروايات لحكم خلفاء الله في الرجعة تدل هي الأخرى على أنّ الرجعة عالم آخر له قوانينه الخاصة به، وهي مختلفة عن قوانين هذا العالم.
يقول السيد أحمد الحسن (ع): [إنّ عالم الرجعة عالم آخر غير هذا العالم الذي نعيشه، وهذا واضح من خلال الروايات، فمثلاً: الروايات الدالة على أنه عالم آخر من خلال منافاة صفات عالم الرجعة لهذا العالم كأن يعيش الانسان مدة طويلة أو يولد له عدد كبير، وأيضاً النص القرآني في الرجعة وأنها حياة بعد موت، فكيف ستكون الحال والناس ترى أنّ هناك من يخرجون من القبور أمام أعينهم وبأعداد كبيرة، فأين الامتحان ولماذا إذن يتمرد بعض الناس ؟!].
ويقول أيضاً: [سألفت انتباهك إلى مسألة في الرجعة، فالعاقل عندما يطلع على روايات الرجعة وكيف تكون الحياة فيها، وكم يولد للشخص الواحد ... الخ، يحكم بأنها عالم آخر، فالعقل والواقع لا يقبل أنّ هذا يكون في هذه الدنيا بحدودها هذه، وهذا الفهم غير مقبول عند العقلاء ولكن ماذا نفعل لهؤلاء الذين لا يكادون يفقهون قولاً !!].
وفي توضيح مثل هذا الفهم البدائي السقيم للروايات الذي مارسه بعض المدعين للعلم سواء كان ما يتصل بالرجعة أو غيرها من العقائد، يقول (ع): 
[مثل هذا الفهم البدائي للروايات نراه في تصوير بعضهم أنّ الدجال شخص رغم أنّ خطوة حماره مسافة بعيدة جداً وبين أُذني حماره أربعون ذراعاً أو سبعون ذراعاً في بعض الروايات، ورغم أنّ معه جبل من طعام وجبل من نار كما ورد في الرواية، كيف يعني حمار طول أُذنه ثلاثون ذراعاً أو بين أُذنيه أربعون ذراعاً ؟! وكيف يكون جبل من نار وجبل من طعام ؟! هل يقبل العقل أو الإنسان السوي أنّ هذا الحديث كما هو وليس فيه رمز أو شفرة؟!! هم بهذا التفسير الساذج للأحاديث يجعلون الناس تعيش في خيال وأوهام بعيدة عن الواقع.
فمثلاً: بحسب فهم هؤلاء الساذج للروايات فإنّ أصحاب المهدي يُفقدون من فرشهم ويجتمعون بمكة هكذا دون مقدمات، كأنه فلم كارتون للأطفال، هكذا بدون تهيئة عقائدية، وبدون أن يُسلِّحهم المهدي بالعلم، هكذا يصورون للناس أنه في ليلة يطيرون أصحاب المهدي بالهواء ويجدون أنفسهم في الكعبة وفقط المهدي ومعه ثلاث مائة وثلاثة عشر يجدون أنفسهم في مكة محاطين بمئات آلاف الوهابية.
هذا الفهم أقرب للسفه، وهكذا هم يخدّرون الناس ويمنعونهم من نصرة المهدي بحجة أنه سيظهر هو وأصحابه الثلاث مائة وثلاثة عشر في مكة وينتصرون، وأنتم انتظروا ظهوره وانتصاره ولا تفعلوا شيئاً !! طيب، كيف سينتصر على مئات آلاف الوهابيين إن حاربوه في مكة ؟! كيف سيسيطر على الحجاز ؟! هل ببضع مئات فقط، أم بالمعجزات القاهرة ؟ وإذا كانت المسألة مسألة معجزات وإهلاك الناس فقط إذن لا داعي للمهدي والله سبحانه هو من يهلك الناس وينتصر عليهم بالمعجزات ويجعلهم يؤمنون بالقهر وينتهي الأمر !!
إنّ هذا الفهم الساذج للمسائل العقائدية سواء المرتبطة منها بالمهدي (ع) أم الرجعة يُبيِّن سفاهة من يتبنونه ومدى ضعف إدراكهم، ولابد من تبيين ذلك ليعرف من يسمعهم مستواهم الفكري والعلمي ولا ينخدع بهم].
هذا، وربما وردت روايات متشابهة ويبدو من ظاهرها أنّ الرجعة جزء من هذا العالم الجسماني، وكمثال: روى الشيخ الصدوق رحمه الله سؤال المأمون العباسي للإمام الرضا (ع) في حديث طويل، ورد فيه: (... فقال المأمون: يا أبا الحسن فما تقول في الرجعة ؟ فقال الرضا (ع): إنها لحق قد كانت في الأمم السالفة ونطق به القرآن وقد قال رسول الله (ص) يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ..) ([36]). 
وعن هذا الحديث سُئل السيد أحمد الحسن (ع): عن أي رجعة هنا يتحدث الإمام الرضا (ع) ؟
فأجاب: [الرجعة عموماً سواء كانت عالماً آخر كما قلنا، أو لم تكن كما يدعي بعض المخالفين فهي بالنتيجة إحياء بعد موت كما تعلم، وبالتالي يصح أن يُضرب لها مثلاً ما حصل من إحياء بعض الأموات في السابق؛ لأنه حدث يقره المخالف للقول بالرجعة.
فالمأمون مخالف، وبالتالي فبما يمكن أن تحتج عليه ؟ أليس بما يقره ؟ والمأمون مخالف للرضا (ع) وبالتالي فالإمام يحتج عليه بما يقولون به هم من إحياء بعض الموتى بعد الموت في الأمم السابقة].

3) الرجعة يوم ينتصر فيه الله لرسله:
يقول السيد أحمد الحسن (ع) في بيان ذلك: 
[.. الرسل أو خلفاء الله في أرضه (ع) قد بلّغوا رسالاتهم وقد أنذروا أقوامهم وقد حصل معهم ما حصل من تكذيب وتشريد وقتل، ولكن الله سبحانه وتعالى وعدهم بالانتصار لهم ولرسالاتهم ولحقهم المغبون، وهذا الانتصار لهم يكون في مواضع ثلاثة، هي: القيامة الصغرى، والرجعة، والقيامة الكبرى، أو الوقعات الإلهية الثلاث وأولها القيامة الصغرى وهي قيام قائم آل محمد وبعثه للناس.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ @ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ @ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ @ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ @ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ @ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ @ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ﴾ الصافات: 171 – 177.
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ﴾ هود: 110.
﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴾ طه: 129.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ﴾ فصلت: 45.
﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ﴾ الشورى: 14.
هذه الآيات إذا تدبرتها تبين لك بوضوح أن انتصار الله للرسل (ع) ولمنهجهم الإلهي الذي دعوا إليه وهو حاكمية الله مؤجل إلى أن يقوم القائم الذي هو الكلمة التي سبقت من ربك والذي هو قائد جند الله الغالبين والذي هو يوم الفصل الأول أي في القيامة الصغرى. هذا باختصار، وإذا تحتاجون تفصيلاً أكثر يمكنك أن تسأل وأكون بخدمتكم إن شاء الله تعالى] ([37]).
وهذا ما أوضحه آل محمد (ع) في رواياتهم الشريفة: 
عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع)، قال: (قلت له قول الله عز وجل: ﴿إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾([38])، قال: ذلك والله في الرجعة، أما علمت أنّ أنبياء الله كثيراً لم ينصروا في الدنيا وقتلوا، وأئمة قد قتلوا ولم ينصروا، فذلك في الرجعة. 
قلت: ﴿وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾([39])، قال: هي الرجعة) ([40]).

4) في الرجعة تتحقق المعرفة العالية (غاية الخلق):
لا شك أنّ غاية خلق الأنس والجن هو المعرفة، والسؤال: أين ستتحقق تلك المعرفة بصورة أعلى وأتم ؟ وإذا كان للرجعة دور في إجابة هذا السؤال، فأين ستكون الرجعة ؟
قال تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾([41]). سُئل السيد أحمد الحسن عن هذه الآية، فأجاب عنها وبيَّن أجوبة الأسئلة أعلاه، فقال: 
[أي أنّ الحمد الحقيقي لله سبحانه وتعالى، وهو الثناء عليه بشكل أكمل وأتم بحسب المعرفة بمرتبة عالية: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ الذاريات: 56، أي يعرفون، وهذه المعرفة العالية والتي تمثل الغرض من الخلق تتحقق في الأولى وهي السماء الأولى (سماء الرجعة)، وقبلها هي (سماء الذر)، وبدايتها أي (بداية الأولى) في ظهور الإمام المهدي (ع)، حيث تبدأ مرحلة الأولى ومقدمات تمهيد لعالم الرجعة. 
﴿وله الحكم﴾: أي الحاكمية لله بحكم الإمام المهدي (ع)، والمهديين (ع) ثم الرجعة، والحكم للأنبياء والمرسلين والأئمة والأوصياء. 
﴿وإليه ترجعون﴾: إلى الله سبحانه وتعالى في الرجعة، أي ليجازي الصالحين بصلاحهم، والظالمين بظلمهم في الرجعة (من محض الإيمان محضاً ومن محض الكفر محضاً) ([42]) كما ورد عنهم (ع)، فيكال لكل ظالم كيله، ويكال لكل صالح كيله، فينتقم الله للأنبياء والمرسلين والأئمة من الظالمين الذين محضوا الكفر محضاً.
﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ السجدة: 21، ولنذيقنهم من العذاب الأدنى (في الرجعة). أما الآخرة فالحمد فيها أكمل وأتم وأعظم؛ لأنها كشف تام للحقائق وكل بحسبه ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ ق: 22. 
﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ الأعراف: 43، أي رفع (الأنا) من الصدور، وكلٌ بحسبه يغترف من رحمة الله بحسب وعائه، ويكال له بمكياله الذي صنعه بأعماله الصالحة] ([43]).

5) الرجعة تكون في السماء الأولى:
ربما يظن من يجهل أنّ السماء الأولى سماء جسمانية، أو أنها السماء الزرقاء المحيطة بنا والتي نشاهدها بأعيننا، كما اعتقد بذلك الكثير من المفسرين شيعة وسنة.
ولكن الحق إنها ليست كذلك، فهي سماء مثالية ولا ترى بالعين.
يقول السيد أحمد الحسن (ع) في بيانها في كتاب (مع العبد الصالح):
[السماء الأولى لا ترى بالعين وفقك الله، السماء الدنيا تنقسم إلى سماء أولى وسماء جسمانية، في السماء الأولى أنفس الناس، وفي السماء الجسمانية يوجد جسم الإنسان المادي الذي يرى بالعين، هذا أمر بينته في الكتب سابقاً ([44])، وأيضاً بينته كثيراً للأنصار. 
السماء الجسمانية هي هذه المجرات والكواكب والشموس التي ترى، وهي أيضاً تسمّى الأرض، أي إن السماء الجسمانية بأجمعها تسمى الأرض في بعض الأحيان].
وهي عالم آخر لا علاقة فيها بالزمان والمكان، يقول (ع):
[.. فهي لا علاقة لها أصلاً بالجهات، ليس فيها مكان أو زمان، ولا علاقـة لها بالمكان أو الزمان].
بل أنّ الالفاظ التي نستعملها في عالمنا هذا لا تعبر عنها بدقة، لأنها عالم آخر، يقول:
[المشكلة أنها من عالم آخر فلا يمكن أن تعبر عنها بدقة تامة بهذه الألفاظ التي هي في حقيقتها من هذا العالم وتعبر عن هذا العالم، ..... حيث إنّ ذاك العالم لا تعبر الألفاظ عنه تماماً مهما كانت؛ لأنها غير معدة للتعبير عنه، فهي ليست منه بل غريبة عنه] ([45]).
وأيضاً: أوضح السيد أحمد الحسن (ع) السماء الأولى من بين السماوات السبع التي ورد ذكرها في الأيام الستة لخلق السماوات والأرض، وبين أنّ الرجعة تكون فيها، قال:
[... ويجب ملاحظة أنّ السماء الأولى هي نهاية السماء الدنيا، أي أنّ السماء الدنيا تبدأ في هذا العالم الجسماني، وتنتهي في أول العالم الملكوتي الروحاني، أي إنّ نهايتها حلقة وصل، ونهايتها أو حلقة الوصل هي السماء الأولى، في الزيارة الجامعة: (.. وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى ..) مفاتيح الجنان: ص620.
وفي القرآن: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ القصص: 70. وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ﴾ الواقعة: 62.
وفي الأولى عالما: الذر والرجعة، وفيها الأنفس، فالله سبحانه وتعالى لم ينظر إلى عالم الأجسام منذ أن خلقه كما قال رسول الله (ص)، إنما محط الاهتمام يبدأ من نهاية عالم الأجسام، وهي نهاية السماء الدنيا، وهذه النهاية هي السماء الأولى.
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ﴾ المؤمنون: 17. السبع طرائق هي: (السماوات السبع) من السماء الأولى إلى السماء السابعة، وليست السماء الدنيا الجسمانية منها؛ لأنها ليست فوقنا بل نحن فيها، فهي محيطة بنا وهي (تحتنا وفوقنا وعن كل جهات الأرض)، ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ العنكبوت: 54، وسيتبين لك فيما يأتي لِمَ أوردتُ هذه الآية في هذا الموضع.
وهذا يعني أنّ السماوات إذا عُدَّتْ بهذا التفصيل تكون ثمانياً، وليست سبعاً، وإنما لم تُعد الدنيا الجسمانية؛ لأنها جزء من السماء الدنيا بما فيها من سماء أولى وسماء جسمانية، فإذا ذكرت الأولى أو الدنيا فهي من ضمنها؛ لأنها جزء منها أو تابعة لها.
والسماء الجسمانية مرة تُعد هي (الأرض)، ومرة تُعد هي (السماء الدنيا)؛ لأنها الجانب المرئي منها. وفي السماء الجسمانية الأرض بل كل الأرضين السبع، وفي السابعة (جهنم)، كما أنّ الجنة في السماء الثانية، أما في الأولى فتوجد (الجنة الأرضية) وهي جنة آدم؛ لأن الأولى كما بينتُ إنما هي جزء من السماء الدنيا، وهي ملكوتها.
عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن ميسر، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن جنة آدم (ع)، فقال: (جنة من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبداً) الكافي: ج3 ص247.
﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً﴾: والمصابيح هم الأنبياء والمرسلون والأوصياء (ع) يحفظون الذين يتبعونهم من وسوسة الشياطين بالتعاليم والأخلاق الإلهية التي يُعلِّمونها الناس. وظهورهم في السماء الجسمانية بالكواكب والشموس المضيئة، فما أكثر الظلام في السماء، وما أقل النجوم نسبة إلى الجزء المظلم، كما أن في الأرض ما أقل الأنبياء، وما أكثر من خالفهم وحاربهم وتخلف عنهم ولم ينصرهم. فقليل دائماً هم الأنبياء والأوصياء وأنصارهم، كـ (قلة النجوم في السماء الجسمانية). 
وفي نهاية حركة الفَلك الأعظم (أقصد قوس النـزول)، وبداية صعوده إلى جهة الآخرة، سيبدأ هذا العالم الجسماني بالتحول إلى جحيم ويستعر، فالذين اختاروا زخرف الأرض عقوبتهم إعادتهم إلى ما اختاروه، وعصوا الله من أجله، أو قل إبقاؤهم فيه؛ لأنه سيكون جهنم المستعرة بإعمالهم وأفعالهم وظلمهم. 
والآن تبيَّن لك مناسبة الآية السابقة: ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾.
وعند بداية صعود (قوس النزول) يبدأ (عالم الرجعة)، وهو عالم آخر وامتحان آخر لمن محض الإيمان ولمن محض الكفر، وعالم الرجعة يبدأ مع نهاية ملك المهدي الثاني عشر (ع)، وهو القائم الذي يخرج عليه الحسين (ع) ...] ([46]).
ويقول السيد أحمد الحسن (ع) أيضاً:
[أرجو الانتباه إلى أنّ الرجعة تكون في السماء الدنيا؛ لأنّ السماء الدنيا تنقسم إلى السماء الجسمانية والسماء الأولى، والرجعة تكون في السماء الأولى، ذكرت هذه الملاحظة للتنبيه؛ لأن بعض من يجهلون ربما يظنون أنّ السماء الدنيا هي فقط هذه السماء الجسمانية مع أنّ السماء الجسمانية هي فقط جزء من السماء الدنيا كما بيَّنت سابقاً في الكتب وفقكم الله، بل وربما بعضهم يظن السماء الأولى هي السماء الجسمانية مع أنها تختلف عنها رغم أنهما يتشاركان في تكوين السماء الدنيا].
وإذا اتضح ذلك، نستطيع فهم معنى "الدنيا" التي تكون الرجعة فيها في الرواية التالية:
عن الامام الصادق (ع): (أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليهما السلام، وأنّ الرجعة ليست بعامة وهي خاصة، لا يرجع إلا من محض الايمان محضاً أو محض الشرك محضاً) ([47]).
فليست الدنيا هنا هي العالم الجسماني أو سماؤه، وإنما هي السماء الأُولى، وقد توضح وجه إطلاق الدنيا عليها.

6) الأرض التي تكون الرجعة عليها:
وعطفاً على ما سبق، طرح سؤال آخر يسهم جوابه في زيادة توضيح الموضوع المتقدم، سنتعرف عليه بعد عرض الرواية التالية:
عن الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله (ع)، أنه قال: (دخلت عليه يوماً فألقى إليّ ثياباً وقال: يا وليد ردها على مطاويها، فقمت بين يديه، فقال أبو عبد الله (ع): رحم الله المعلى بن خنيس، فظننت أنه شبّه قيامي بين يديه بقيام المعلى بن خنيس بين يديه. ثم قال لي: أفٍ للدنيا أفٍ للدنيا، إنما الدنيا دار بلاء سلّط الله فيها عدوه على وليه، وإنّ بعدها داراً ليست هكذا. فقلت: جعلت فداك وأين تلك الدار ؟ فقال: هاهنا وأشار بيده إلى الأرض)([48]).
وأكيد أنّ تلك الدار هي الرجعة، لذا سُئل السيد أحمد الحسن (ع): ما معنى إشارة الإمام الصادق (ع) إلى هذه الأرض ؟ 
فأجاب: [نعم، وفقك الله وسدد خطاك. إنّ للأرض تجليات في كل السماء الدنيا تمتد إلى السماء الأولى التي ستكون فيها الرجعة، فالرجعة أيضاً في الأرض وإن كانت في تجلي آخر للأرض غير هذا الذي نعيش فيه في هذا العالم الجسماني].
7) الرجعة أحد عوالم قوس النزول:
سئل السيد أحمد الحسن (ع) عن الظلمات الثلاث في قوله تعالى: 
﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾([49]). فبيِّن في جوابه قوسي الصعود والنزول في حركة الإنسان من مبدئه إلى منتهاه. 
قال: [هي: ظلمة الذر، وظلمة الدنيا، وظلمة الرجعة، وهي عوالم قوس النـزول. وعوالم قوس الصعود هي الأنوار الثلاثة وهي: (قبل الفناء، والفناء، والعودة بعد الفناء). وهي مراتب محمد (ص) الثلاثة قبل فتح الحجاب، وبعد فتح الحجاب، وبعد عودة الحجاب. فهو يخفق بين الفناء في الذات الإلهية فلا يبقى إلا الله الواحد القهار، وبين عودته إلى الأنا والشخصية. وهذه المراتب الستة في قوس الصعود والنزول تمثل كل الوجود، وتجلي النور في الظلمة وظهور الموجودات بالنور في الظلمات، وهي (واو النزول و واو الصعود) تشير إلى الستة أيام والست مراتب. 
( ) واو النـزول. 
( و ) واو الصعود.
والدائرة في رأس الواو تدل على الحيرة في قوس الصعود وهي الحيرة في النور؛ لعدم إدراك ومعرفة النور التام الذي لا ظلمة فيه، وهو الله سبحانه وتعالى معرفة تامة وكاملة، فتكون مراتب قوس الصعود هي: قبل الفتح، وبعد الفتح والفناء، والثالثة هي العودة إلى الأنا والشخصية بعد الفناء. أما الحيرة في الظلمة؛ لأنها في أدنى مراتبها لا تُدرك ولا يُحصَّل منها شيء، بل هي ظلمة وعدم ليس لها حظ من الوجود إلا قابليتها للوجود، وهذه هي حقيقة المادة ظلمة وعدم لا يُحصَّل منها شيء، ولا يُعرف منها شيء، لولا تجلي الصورة الملكوتية فيها وإظهارها لها. فتكون مراتب قوس النزول هي: عالم الذر، ثم النزول إلى ظلمة المادة، ثم الصعود في قيامة القائم حتى الوصول إلى الرجعة، وهي المرتبة الثالثة، وهذه هي صورة قوس النـزول والصعود:

   







وباجتماعهما وتداخلهما يتحصَّل كل الوجود من بدايته إلى نهايته، وهو محمد (ص).             

   





انتهى قوله (ع).
وهذا اسم رسول الله (ص) الشريف بعد تداخل قوسي الصعود والنزول: 


والحمد لله رب العالمين.


8) الرجعة عالم يرجع فيه الأفراد: 
في عالم الرجعة، هل يرجع من المكلفين الأمم أم الأفراد ؟ وهل الرجعة تكون للأنس والجن ؟ ومن هم الذين يرجعون ؟
قال السيد أحمد الحسن (ع) في بيان أجوبة ذلك ما يلي:
[الرجعة متعلقة بالإنس والجن ولا علاقة لها بالأُمم بل بالأفراد، فمن محضوا الإيمان يرجعون ومن محضوا الكفر يرجعون، أي أنّ الذين يعاد امتحانهم في الرجعة هم أئمة العدل وخاصة من أتباعهم، وأئمة الكفر وخاصة من أتباعهم، وقد فصلت مسألة الرجعة وعلتها في أكثر من موضع فراجع ([50]).
أمّا الآيات التي تشير لرجعة بعض الأفراد من الأمم فهي كثيرة، وهذه منها: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ القصص: 85، هذه في رجعة رسول الله محمد وآل محمد (ع) فهم أهل القرآن.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ النمل: 83، وهذه الآية في رجعة أئمة الكفر وخاصة أتباعهم] ([51]).

9) الرجعة عالم لا زمن فيه:
عن أبي عبد الله (ع) أنه سُئل عن اليوم الذي ذكر الله مقداره في القرآن في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فقال: (وهي كرة رسول الله (ص) فيكون ملكه في كرته خمسين ألف سنة، ويملك أمير المؤمنين (ع) في كرته أربعاً وأربعين ألف سنة) ([52]).
وعلى ضوء هذه الرواية وأمثالها، سئل السيد أحمد الحسن (ع): هل يوجد في عالم الرجعة زمن كما هو الحال في هذا العالم ؟
فأجاب: [لا يوجد زمن كهذا الذي عندنا في الحياة الجسمانية، ولكن يوجد في الرجعة أحداث ومضي آن بعد آن بما يناسب ذلك العالم، ولهذا تلاحظ في الرواية التي ذكرتها أُستخدم اليوم الذي يمثل حدث عروج الملائكة والروح لبيان المدة في الرجعة ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ المعارج: 4].

10) الاعتقاد بالرجعة والمهديين (عليهم السلام):
كثر اللغط أخيراً من قبل بعض أنصاف المتعلمين بادعاء أنّ المهديين الوارد ذكرهم في وصية رسول الله (ص) ليلة وفاته هم أنفسهم الائمة الاثنا عشر، هذا قول لبعضهم. وقول آخر يرى أنّ المهديين أوصياء وحجج، ولكن وجودهم ودورهم يكون في الرجعة فقط. وقول ثالث أعيت صاحبه السبل في الجمع بين روايات المهديين والرجعة، فزعم أنّ هناك تعارض بين الطائفتين وقدّم روايات الرجعة. 
وعن مثل هذه الأقوال، أجاب السيد أحمد الحسن (ع)، فقال:
[عموماً وفقك الله، هناك روايات كثيرة متواترة تقول إنّ هناك اثني عشر مهدياً من ولد الامام المهدي (ع) وهم خلفاء الله في أرضه، وهناك روايات كثيرة أيضاً قالت بأنّ هناك رجعة، إذن الأمران العقائديان ثابتان بروايات كثيرة ومتواترة، ومنكر أحدهما إما جاهل لم يسعفه عقله وما عنده من علم أن يجمع ويوفق بين الروايات بصورة صحيحة مقبولة، أو أنه معاند مكابر يريد أن يغطي الشمس بغربال، وإلا فما معنى إنكار حقيقة وردت في روايات كثيرة ورواها علماء الشيعة جيلاً عن جيل ؟! 
أما من يقول بجهالة: إنّ المهديين يكونون في الرجعة فقط، فهو جاهل ويتخبط؛ لأنّ الرجعة تكون لمن عاشوا في هذا العالم الجسماني قبلها، وبما أنّ الرجعة لمن محضوا الايمان محضاً فالمهديون إذن ممن محضوا الايمان محضاً في هذا العالم الجسماني قبل رجعتهم. 
إذن، من قال إنهم يكونون بالرجعة، فقد أثبت أنّ لهم دوراً مهماً جداً في هذا العالم الجسماني، وبهذا عاد الأمر عليه فهو لما أثبت رجعتهم حججاً لله على خلقه أثبت دورهم في العالم الجسماني وأنهم حجج الله فيه أيضاً، فأين كان دورهم كحجج لله في العالم الجسماني أليس بعد الائمة الاثني عشر ؟!
أما من تمادى في البلاهة وقال: إنّ المهديين هم أنفسهم الأئمة فهذا أظن لا يستحق الرد، فالروايات واضحة بأنّ المهديين من ولد القائم ومن ولد الحسين ومن ولد علي وفاطمة فكيف يكونون هم أنفسهم الائمة والروايات نصت على أنهم من ذرية الحسين (ع)، فهل الحسن أو علي من ذرية الحسين ؟! وكيف يكونون هم الائمة والروايات نصت أنهم من ذرية الامام المهدي (ع)، فهل علي والحسن والحسين والأئمة من ولد الامام المهدي ؟! 
الحقيقة، إنّ هذه المقالات تُعبِّر عن بلاهة قائلها.   
هذا إضافة إلى أنّ الروايات ذكرت المهديين بوضوح وبيّنت زمانهم وأنه بعد الأئمة (ع) ولم تقل إنهم في الرجعة، ولا توجد رواية واحدة تقول إنهم في الرجعة فقط، فمن أين جاءوا بهذه التخرصات البلهاء التي تجعل من يسمع أقوالهم يدرك أنهم قوم قد سلبهم الله عقولهم ويحمد الله على نعمة العقل التي حباه الله بها].
ويقول أيضاً: [.. واعلم أيضاً: أنّ المهديين هم علامات الساعة وميقاتها، فبآخرهم يختم هذا العالم الجسماني، ويبدأ عالم الرجعة ثم القيامة: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ البقرة: 189...] ([53]).

11) للرجعة يوم معلوم كما لهذا العالم:
من يطالع بيان بعض الأحداث المهمة في الروايات يجد أنها يُشار لها مرة في هذا العالم الجسماني، وأخرى في عالم الرجعة، كقضية مقتل إبليس مضل الأمم (لعنه الله).
فقد ورد أنّ قاتله في اليوم المعلوم هو القائم (ع) في مسجد الكوفة:
عن وهب بن جميع مولى إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول إبليس: ﴿رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾([54])، قال له وهب: جعلت فداك أي يوم هو ؟ قال: (يا وهب أتحسب أنه يوم يبعث الله فيه الناس؟ إن الله أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا، فإذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة، وجاء إبليس حتى يجثو بين يديه على ركبتيه فيقول: يا ويله من هذا اليوم فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك يوم الوقت المعلوم) ([55]).
وورد أنّ قاتله هو رسول الله (ص) في اليوم المعلوم أيضاً:
عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: (إن إبليس قال: ﴿أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾، فأبى الله ذلك عليه، قالَ: ﴿فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾، فإذا كان يوم الوقت المعلوم ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشياعه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت المعلوم، وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين (ع). 
فقلت: وإنها لكرات ؟ قال: نعم إنها لكرات وكرات، ما من إمام في قرن إلا ويكر معه البر والفاجر في دهره حتى يديل الله المؤمن من الكافر، فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين (ع) في أصحابه و جاء إبليس في أصحابه، ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال له الروحا قريب من كوفتكم، فيقتتلون قتالاً لم يقتتل مثله منذ خلق الله عز وجل العالمين، فكأني أنظر إلى أصحاب علي أمير المؤمنين (ع) قد رجعوا إلى خلفهم القهقرى مائة قدم، وكأني أنظر إليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات، فعند ذلك يهبط الجبار عز وجل ﴿فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ رسول الله (ص) بيده حربة من نور، فإذا نظر إليه إبليس رجع القهقرى ناكصاً على عقبيه، فيقولون له أصحابه: أين تريد وقد ظفرت؟ فيقول: ﴿إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ﴾، فيلحقه النبي (ص) فيطعنه طعنة بين كتفيه فيكون هلاكه وهلاك جميع أشياعه، فعند ذلك يعبد الله عز وجل ولا يشرك به شيئاً، ويملك أمير المؤمنين (ع) أربعاً وأربعين ألف سنة حتى يلد الرجل من شيعة علي (ع) ألف ولد من صلبه ذكراً، وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء الله) ([56]).
وهو ما رفع تشابهه السيد أحمد الحسن (ع) في كتبه الشريفة وأجوبته فيها:
فعن بيان آية الغمام في الرواية، يقول: 
[وقال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ البقرة: 210، والذي يأتي في ظل من الغمام هو محمد (ص) (الله في الخلق) في الرجعة وبيده حربة من نور فيقتل إبليس (لعنه الله)، فتعالى سبحانه عن الإتيان والمجيء والذهاب أو الحركة وهي من صفات الخلق ...] ([57])، ثم ذكر رواية الخثعمي المتقدمة.
ثم سُئل السيد أحمد الحسن (ع): في أكثر من آية كريمة نرى أنّ أئمة الهدى (ع) يفسرون الآية في هذا العالم وفي عالم الرجعة، فما حكمة ذلك ؟؟
فقال: [يوم الوقت المعلوم هو يوم قيام القائم وفيه يقتل إبليس كما ورد يقتله القائم في مسجد الكوفة، ولكن بما أنّ الرجعة إعادة امتحان بعض الخلق ممن محضوا الايمان وممن محضوا الكفر، فيعاد معهم مضل الأمم إبليس (لعنه الله)؛ لأنه ممن محضوا الكفر ولأنه أحد أفراد الامتحان الإلهي، وبالتالي أيضاً يكون في الرجعة يوم معلوم آخر، أو قل إعادة لليوم المعلوم الحقيقي - الأصل - الذي كان في الحياة الجسمانية. 
الرجعة اسمها دال عليها وفقك الله، هي رجعة أي أنها إعادة، أناس ماتوا يعودون، امتحان انتهى يعاد، أيام مضت تعاد .......، فإذا كان لإبليس يوم وقت معلوم عند قيام القائم كما في الروايات وانتهى الأمر في هذا اليوم، وقتل القائمُ إبليس في هذا اليوم ثم كانت الرجعة وأعيد إبليس باعتبار أنه ممن محضوا الكفر محضاً، فهل يترك بعد إعادته إلى يوم يبعثون كما طلب هو ؟! أم يعاد عليه يوم الوقت المعلوم في عالم الرجعة بما يناسب عالم الرجعة ويكون قاتله في الرجعة هو رسول الله (ص) كما في الرواية ؟!].
ويقول أيضاً: [القتلة الأولى: في ظهور القائم (ع)، والقيامة الصغرى في هذه الدنيا، حيث يقتله القائم في مسجد الكوفة عند ظهور الحق، ويلقيه في هاوية الجحيم. والقتلة الثانية: في الرجعة (في الأولى) التي تبدأ بعد انقضاء ملك المهدي الثاني عشر حيث يرجع عليه الحسين بن علي (ع)، ويرجع علي بن أبي طالب (ع) وكل من محض الإيمان محضاً وكل من محض الكفر محضاً، ويرجع إبليس (لعنه الله) أيضاً لأنه ممن محض الكفر محضاً ويقتله رسول الله (ص) كما في الرواية الثانية] ([58]).

12) الرجعة رجعتان:
الأولى تكون رجعة بالمثل والنظير، وهي التي تكون عند قيام القائم (ع). والثانية تكون بالنفس وجسد يناسبها، وهي التي نتحدث عنها في هذا المختصر كعالم ويوم آخر من أيام الله الكبرى، وقد توضح أنها تكون في السماء الأولى. 
إنّ جهل العلماء بهذه الحقيقة المهمة كان سبباً في عدم فهمهم للرجعة وظهور الأقوال المتعددة البعيدة عن الحق تماماً مما تقدم عرض بعضه.
يقول السيد أحمد الحسن (ع) في بيان الرجعتين: [.. الرجعة رجعتان: رجعة في قيام القائم بمَثَلهم، ورجعة في عالم الرجعة "الأولى" ([59]) بأنفسهم وبأجساد تناسب ذلك العالم بعد أن ينسيهم الله حالهم والامتحان الأول والثاني] ([60]).
ويقول في بيان ذلك أيضاً: 
[.. أما ما روي أنّ أصحاب الكهف الذين يبعثون مع القائم (ع) هم بعض المخلصين من أصحاب رسول الله (ص)، وأصحاب أمير المؤمنين علي (ع) كمالك الأشتر، فليس المقصود هم أنفسهم، بل المراد في هذه الروايات هو نظائرهم من أصحاب القائم (ع)، أي إنّ هناك رجلاً من أصحاب القائم (ع) هو نظير مالك الأشتر في الشجاعة والحنكة والقيادة والشدة في ذات الله وطاعة الله والأخلاق الكريمة وكثير من الصفات التي امتاز بها مالك الأشتر، فلذلك يصفه الأئمة بأنه مالك الأشتر. 
وهذا ليس ببعيد عن الفصحاء والبلغاء وساداتهم أهل البيت (ع)، كالشاعر الحسيني يصف نزول علي الأكبر إلى ساحة المعركة فيقول ما معناه: إن محمداً (ص) نزل إلى ساحة المعركة؛ وذلك لشدة شبه علي الأكبر خَلقاً وخُلقاً برسول الله محمد (ص)، مع أنّ أصحاب الأئمة الذين محضوا الحق محضاً يعودون ويكرون في الرجعة بعد الاثني عشر مهدياً، وفي زمن آخرهم وهو آخر قائم بالحق من آل محمد (ع) الذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع)، وهذا المهدي الأخير أو القائم الأخير لا عقب له ولا ولد له] ([61]).
وهذا مقطع يوضح الرجعة بالمثل أيضاً، ورد في كتاب (المحكمات على أحقية الوصي أحمد الحسن)، أحد إصدارات أنصار الامام المهدي (ع):
[... وأما الرجعة بالمثل، فهي التي تكون في أيام القائم (ع) ودعوته الإلهية الكبرى، وهذه بعض الروايات المؤكدة ذلك:
عن أبي مروان قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل:﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾، قال: فقال لي: (لا والله لا تنقضي الدنيا ولا تذهب حتى يجتمع رسول الله (ص) وعلي بالثوية، فيلتقيان ويبنيان بالثوية مسجداً له اثنا عشر ألف باب، يعني موضعاً بالكوفة) ([62]).
وهو مسجد يبنيه القائم (ع) في أيامه، إذ يقول الناس له: (.. المسجد لا يسعنا، فيقول: أنا مرتاد لكم فيخرج إلى الغري فيخط مسجداً له ألف باب يسع الناس) بنص قول الإمام الباقر (ع) ([63]). ومن ثم يكون المقصود بـ"رسول الله وعلي" في الحديث السابق: نظيريهما بحيث يكون مجيئهما بمثابة مجيء النبي وعلي عليهما وآلهما السلام.
والرجعة بالمثْل في زمن القائم نراها أيضاً في قول الإمام الصادق (ع): (يُخرج القائم من ظهر الكوفة سبعة وعشرين رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون، وسلمان وأبا دجانة الأنصاري والمقداد ومالكاً الأشتر، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً) ([64]). 
أي يكون من أنصاره من هو نظير ومثيل هؤلاء المذكورين لا أنهم يأتون بأنفسهم.
ولكي تتأكد أكثر من هذين اليومين (يوم القائم ويوم الرجعة)، يمكنك إعادة قراءة الرواية أعلاه ([65]) والتي أوضحت أنّ النبي (ص) هو من يقوم بقتل إبليس لعنه الله بحربة من نور في اليوم المعلوم، وإذا ما عرفت أنّ روايات أخرى تقول إنّ من يقتله هو القائم (ع) في مسجد الكوفة، تعرف حينها أنّ النبي (ص) هو من يقتل إبليس في اليوم المعلوم في عالم الرجعة، وأنّ القائم (ع) هو من يقتل إبليس في هذا العالم في مسجد الكوفة عند قيامه بالحق، وهو يوم الرجعة بالمثل كما أوضحنا] انتهى.
وإذا عرفنا وجود رجلين في زمن الظهور المقدس، أحدهما يكون نظيراً لرسول الله (ص)والآخر يكون نظيراً لأمير المؤمنين (ع)، فهل ستجد الناس من خلفاء الله غير الامام المهدي محمد بن الحسن وابنه ووصيه المهدي الأول (أحمد) أول المؤمنين به والمقربين إليه بنص رسول الله محمد (ص) في وصيته.

13) دابة الأرض في الرجعة وفي هذا العالم:
قال تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ﴾ ([66]).
وقد سُئل السيد أحمد الحسن (ع) عن معنى هذه الآية، فأجاب:
[.. قال رجل لأبي عبد اللّه (ع): بلغني أنّ العامة يقرؤون هذه الآية هكذا: (تَكلمهم) أي تجرحهم، فقال (ع): (كلمهم الله في نار جهنم ما نزلت إلا تُكلمهم من الكلام) ([67]).
وعن الرضا (ع) في قوله تعـالى: ﴿أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ﴾، قال (ع): (علي (ع)) ([68]). 
فالدابة في هذه الآية إنسان، وتوجد روايات بيَّنت أنه علي بن أبي طالب (ع)، وهذا في الرجعة، فعلي (ع) هو دابة الأرض في الرجعة يكلم الناس، ويبيِّن المؤمن من الكافر بآيات الله سبحانه. وقبل الرجعة قيام القائم (ع)، وأيضاً له (دابة تكلم الناس) ([69]) وتبيِّن لهم ضعف إيمانهم بآيات الله الحقة في ملكوت السماوات، وهي الرؤيا والكشف في اليقظة، وتبيِّن لهم أنّ الناس على طول مسيرة الإنسانية على هذه الأرض أكثرهم لا يوقنون بآيات الله الملكوتية ولا يؤمنون بالرؤيا، والكشف في ملكوت السماوات، لأنهم قصروا نظرهم على هذه الأرض، وعلى المادة، وهي مبلغهم من العلم لا يعدونها إلى سواها، ﴿ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾ النجم: 30] ([70]).
وعن دابة الأرض الخارجة في زمن الظهور المقدس وردت روايات كثيرة، هذا مثال منها:
عن الإمام الصادق (ع) في كلام طويل: (.. ثم تظهر دابة الأرض بين الركن والمقام فتكتب في وجه المؤمن مؤمن، وفي وجه الكافر كافر، ثم يظهر السفياني ويسير بجيشه إلى العراق .. ويخرب الزوراء ويتركها حمماً، ويخرب الكوفة والمدينة .. ثم يخرج إلى البيداء ... فتبتلعهم الأرض..) ([71]).
عن علي بن إبراهيم بن مهزيار، عن الإمام المهدي (ع): (.. فقلت: يا سيدي، متى يكون هذا الأمر ؟ فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة، واجتمع الشمس والقمر، واستدار بهما الكواكب والنجوم، فقلت: متى يابن رسول الله ؟ فقال لي: في سنة كذا وكذا تخرج دابة الأرض من بين الصفا والمروة ومعه عصا موسى وخاتم سليمان لتسوق الناس إلى المحشر ...) ([72]).
وواضح جداً أنّ هذه الدابة الالهية هي رجل يخرج قبل الامام المهدي (ع)، وقبل ظهور السفياني، وقد اتضح أنّ مثل علي (ع) ونظيره في عصر الظهور هو وصي الامام المهدي ورسوله ويمانيه صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين.
ولذا قال السيد أحمد الحسن (ع): [... وقد عبر عن القائم في بعض الروايات بأنه علي بن أبي طالب أو دابة الأرض، وهي لقب مشترك بين القائم وعلي بن أبي طالب] ([73]).
أما لماذا صار المهدي الأول شبيهاً بجده أمير المؤمنين (ع)، وتطلق عليه بعض ألقابه كما عرفناه في لقب (دابة الأرض) ؟
أوضح السيد أحمد الحسن (ع) في كتاب (مع العبد الصالح) الوجه في ذلك:
[عن عباية الأسدي، قال: (سمعت أمير المؤمنين (ص) وهو مشنكى - هكذا في المصدر، وقيل: ربما متكئ - وأنا قائم عليه يقول: لأبنين بمصر منبراً، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً، ولأخرجن اليهود والنصارى من كل كور العرب ولأسوقن العرب بعصاي هذه، قال: قلت له: يا أمير المؤمنين كأنك تخبر أنك تحيى بعد ما تموت ؟ فقال : هيهات يا عباية ذهبت في غير مذهب يفعله رجل مني) ([74]). فالإمام أمير المؤمنين (ع) ينسب الفعل لنفسه مع أنّ فاعله المباشر هو رجل من ولده، فما وجه ذلك ؟ 
في هذا كنت قد سألته (ع)، فقلت: ما ورد في كثير من الروايات من أنّ إماماً ما ينسب الفعل لنفسه مع أنه يقصد إماماً آخر من ولده كما ورد في "مكلّم موسى"، و"يفعله رجل مني"، فهل صحة النسبة لأنه منه فقط، أم أنّ هناك أمراً آخر ؟ وهل له ربط باتحاد أنوارهم في السماء السابعة ؟ 
فأجابني (ع): وفقك الله، في هذا العالم الجسماني نعم هو منه؛ لأنه من ذريته، وفي السماء السابعة هو منه؛ لأنه دونه وبعض حقيقته] ([75]). 



14) رجعة خلفاء الله وشيعتهم:
هذه بعض الروايات في رجعة آل محمد (ع):
عن جابر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع)، قال: (إن لعلي (ع) في الأرض كرة مع الحسين ابنه صلوات الله عليهما يقبل برايته حتى ينتقم له من أمية ومعاوية وآل معاوية ومن شهد حربه، ثم يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفاً ومن سائر الناس سبعين ألفاً فيلقاهما بصفين مثل المرة الأولى حتى يقتلهم ولا يبقى منهم مخبر، ثم يبعثهم الله عز وجل فيدخلهم أشد عذابه مع فرعون وآل فرعون. ثم كرة أخرى مع رسول الله (ص) حتى يكون خليفة في الأرض وتكون الأئمة (ع) عمّاله وحتى يعبد الله علانية فتكون عبادته علانية في الأرض كما عبد الله سراً في الأرض. ثم قال: إي والله وأضعاف ذلك، ثم عقد بيده أضعافاً يعطى الله نبيه (ص) ملك جميع أهل الدنيا منذ يوم خلق الله الدنيا إلى يوم يفنيها حتى ينجز له موعده في كتابه كما قال: ويظهره على الدين كله ولو كره المشركون) ([76]).
وعن جابر عن أبي جعفر (ع) قال: (قال الحسين بن علي عليهما السلام لأصحابه قبل أن يقتل: إن رسول الله (ص) قال لي يا بني، إنك ستساق إلى العراق وهي أرض قد التقى فيها النبيون وأوصياء النبيين وهي أرض تدعى عمورا، وإنك تستشهد بها يستشهد جماعة معك من أصحابك لا يجدون ألم مس الحديد وتلي: ﴿يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾([77])، يكون الحرب برداً وسلاماً عليك وعليهم، فأبشروا فو الله لأن قتلونا فإنا نرد على نبينا (ص) ثم أمكث ما شاء الله فأكون أول من تنشق الأرض عنه فأخرج خرجة يوافق ذلك خرجة أمير المؤمنين (ع) وقيام قائمنا (ع) وحياة رسول (ص)، ثم لينزلن على وفد من السماء من عند الله عز وجل لم ينزلوا إلى الأرض قط ولينزلن إلى جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وجنود من الملائكة ولينزلن محمد وعلي وأنا وأخي وجميع من منَّ الله عليه في حمولات من حمولات الرب خيل بلق من نور لم يركبها مخلوق، ثم ليهزن محمد (ص) لواءه وليدفعنه إلى قائمنا (ع) مع سيفه. ثم إنا نمكث بعد ذلك ما شاء الله، ثم إن الله يخرج من مسجد الكوفة عيناً من دهن وعيناً من لبن وعيناً من ماء، ثم إن أمير المؤمنين (ع) يدفع إليّ سيف رسول الله (ص) فيبعثني إلى المشرق والمغرب فلا آتي على عدو الله إلا أهرقت دمه ولا أدع صنماً إلا أحرقته ...) ([78]).
وعن هذه الروايات وأمثالها، سئل السيد أحمد الحسن (ع): 
كيف يكون رجوع الأئمة (ع) ؟ وهل يرجعون في مقطع زمني واحد ؟ 
وهل رجوعهم بنفس الترتيب الذي هم (ع) عليه في هذا العالم من حيث الأبوة والبنوة، مثلاً: ورد أنّ أول من يرجع الإمام الحسين (ع) فهل يرجع بصفته ابن الإمام علي (ع) وأنّ جده رسول الله (ص)، وهكذا ؟؟ 
وكذا السؤال عن الخلق الراجعين من حيث الأبوة والبنوة والنسب والزوجية والصحبة وما شابه ؟؟
فأجاب: [الرجعة عالم آخر مختلف عن هذا العالم الجسماني، وبالتالي تفاصيله مختلفة عن هذا العالم، وبالنسبة للبنوة والأبوة والعلاقات الاجتماعية الحالية فهي من لوازم هذا العالم.
وفقكم الله، الرجعة امتحان آخر لمن محضوا الايمان ومن محضوا الكفر، ولا يكون هناك معنى للرجعة لو لم تكن امتحاناً، بل لا تكون هناك حكمة فيها لولا أنها امتحان، وقد بيَّنت سابقاً علّية كونها امتحاناً آخر، وبالتالي فعالم الرجعة عالم آخر لابد أن يُغفل الله من يدخله فيه عن حاله السابق؛ ليدخل الجميع للامتحان بعدالة ويعطوا نفس الفرصة للفوز والخسارة.
فإذا كان الأمر كذلك، فأي أسماء تسأل عنها وفقك الله ؟ هم أصلاً يغفلون عن حالهم السابق وأنهم كانوا في امتحان سابق، كما أنّ الله أغفل الناس في العالم الجسماني عن حالهم السابق في الذر وامتحانهم السابق في الذر: 
﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ﴾ الواقعة: 60 - 62. 
انتبه إلى قوله تعالى: ﴿وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ﴾. انتبه أنّ الله تعالى يقول: ﴿وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، وهذا يكون في الرجعة حيث إنّ الداخل في ذلك العالم سيكون غافلاً عن حاله السابق وداخلاً إلى عالم جديد لا يعلمه، وإذا تريدون مثالاً لهذا الحال المستقبلي فهناك حدث سابق هو عالم الذر، وقد كنتم فيه وعلمتموه وامتحنكم الله فيه، ولكنكم الآن غافلون عنه تماماً ولا تتذكرونه لماذا ؟! ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ﴾. 
والجواب: لأنّ الله أغفلكم عن التذكر لما حجبكم بالأجسام، وهذا الأمر الجميع فيه سواء؛ لأن الله عادل، ولو لم يكن الأمر كذلك للجميع وحتى لخلفاء الله في أرضه، فأيّ فضل لخلفاء الله وهم يفوزون بالامتحان لأنّ الله لم يغفلهم ؟! نعم، يمكن أن يتذكر الانسان حاله السابق بعد أن يخوض الامتحان ويخلص ويعرف، ولكن لا يمكن أن يكون تعريفه بالحال السابق دون عمل ودون خوض الامتحان؛ لأنّ معنى تعريفه ابتداءً هو إالغاء امتحانه وهذا غير عادل؛ لأنه فُضِّل ابتداءً على غيره دون عمل، ومخالف للحكمة؛ لأنه دخل للامتحان فكيف يُلغى امتحانه ؟! 
اعلم سددك الله لمعرفة الحق والثبات عليه دائماً، إنّ كل عالم امتحان لابد أن يدخله الجميع متساوين في القدرة على خوض الامتحان؛ لتتحقق عدالة الله سبحانه، فالناس مثلا ًكلهم مفطورون على معرفة الله، وكلهم غافلون عن حالهم السابق الذي وصلوا إليه ولا يعلمون حالهم الذي سيصلون إليه في هذا العالم، ولهذا فمن يفوز بالسباق كمحمد (ص) وآل محمد (ع) له فضل، ومن يخسر كيزيد ومعاوية وأشباههم يستحق العذاب، ولو لم يكن الأمر كذلك لما كان لمحمد (ص) فضل، ولما كان يزيد (لعنه الله) يستحق العذاب؛ لأنّ الامتحان - باختصار- غير عادل].
وسئل أيضاً: هل يرجع الإمام من آل محمد (ع) مرة واحدة في عالم الرجعة، أم يمكن أن يرجع أكثر من مرة كما حصل في هذا العالم لبعض آل محمد (ع) ؟
فأجاب: [أمره لله سبحانه وتعالى].
ثم إنّ فيض بن أبي شيبة، قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول وتلي هذه الآية: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين﴾الآية، قال: ليؤمنن برسول الله (ص) ولينصرن علياً أمير المؤمنين (ع). قال: نعم، والله من لدن آدم (ع) فهلم جرا فلم يبعث الله نبياً ولا رسولاً إلا رد جميعهم إلى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع)) ([79]).
وفي هذا سُئل السيد أحمد الحسن (ع): هل يرجع الأنبياء بنفس ترتيبهم في هذا العالم ؟ وما معنى أنهم يقاتلون بين يدي علي (ع) ؟ هل كلهم في مرحلة واحدة مثلاً ؟
فأجاب: [القتال بين يدي علي (ع) هو القتال بين يدي الحق الذي جاء به علي، وبين يدي أولاد علي (ع) المعصومين الذين يمثلونه ويمثلون منهجه، وبالتالي فلا مانع أن يأتي الأنبياء على فترات مختلفة في الرجعة، ولا مانع أن يكون بعضهم مع أحد الحجج من آل محمد (ع)].
وسئل أيضاً: هل أنصار خلفاء الله يرجعون لنصرة من نصروه في هذا العالم من خلفاء الله، أو يمكن أن ينصروا خليفة آخر في الرجعة ؟
فقال: [هو امتحان آخر، وتنظيمه وترتيب الراجعين فيه بيده سبحانه وتعالى، فيمكن أن يرجع الشخص مع نفس الحجة، ويمكن أن يرجع مع حجة آخر].


15) ولا زالت هناك أسئلة في الرجعة:
كان ما تمَّ عرضه إجابات الامام أحمد الحسن (ع) على الكثير من الأسئلة العظيمة المرتبطة بالرجعة، وما كان لغيره أن يعرف شيئاً عنها بعد أن رأينا جهل العلماء في بيان معنى الرجعة فضلاً عن التفاصيل المرتبطة بها. 
وبكل تأكيد لا زالت هناك الكثير من الأسئلة، جوابها مبهم لدى المؤمنين، وكما أنّ الاسئلة التي تم عرضها في هذا المختصر لم يكن ليجيبها سوى يماني آل محمد، فكذلك الأسئلة التي يتوقع طرحها سواء ما كان منها متصلاً بالرجعة أو غيرها من العظائم التي حارت فيها عقول الرجال.
ثم أقول للناس: بعد أن ثبت لكم شيء من علم السيد أحمد الحسن في عظائم الأمور بنص قول آل محمد (ع)، وثبت استغناؤه عما بين أيديكم مما فهمه علماؤكم، بل ظهر حاجتهم إليه دون العكس، أفلا يكون ذلك دليلاً كافياً في تصديقكم به في رسالته الإلهية التي يدعوكم إليها، ومعرفتكم بأنه وصي أبيه الامام المهدي ورسوله إلى الناس، وأنه القائم المأمول واليماني الموعود !! تدبروا هداكم الله. 
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً.


الهوامش


[1]. مختصر بصائر الدرجات: ص24.
[2]. الصحاح: ج3 ص1216، القاموس المحيط: ج3 ص28.
[3]. الوارد ذكرها فيما رواه الشيخ الصدوق بسنده عن الامام الصادق (ع): (أيام الله عز وجل ثلاثة: يوم يقوم القائم، ويوم الكرة، ويوم القيامة) معاني الأخبار: ص366.
[4]. أوائل المقالات: ص78.
[5]. الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ص61.
[6]. رسائل الشريف المرتضى: ج3 ص135.
[7]. عقائد الامامية: ص109.
[8]. تفسير مجمع البيان: ج7 ص366.
[9]. الارشاد: ج2 ص368 - 370.
[10]. القصص: 5.
[11]. الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ص67.
[12]. النور: 55.
[13]. الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ص93.
[14]. رسائل الشريف المرتضى: ج1 ص126.
[15]. بحار الانوار: ج25 ص109.
[16]. اوائل المقالات: ص46.
[17]. الاعتقادات في دين الامامية: ص60.
[18]. عقائد الامامية: ص113.
[19]. حق اليقين: ج2 ص35.
[20]. بحار الأنوار: ج53 ص122.
[21]. الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ص56.
[22]. مختصر بصائر الدرجات: ص24.
[23]. منها: (الأربعون حديثاً في المهديين وذرية القائم)، و(المهديين في حديث أهل البيت)، و( المهدي والمهديين في القرآن والسنة)، و(ما بعد الاثني عشر إماماً)، و(جامع الأدلة)، و(البينات على أحقية الوصي أحمد الحسن)، و(المحكمات على أحقية الوصي أحمد الحسن)، وغيرها.
[24]. المدثر: 35.
[25]. المتشابهات: ج4 سؤال رقم (144).
[26]. الجواب المنير عبر الأثير: ج2 سؤال رقم (59).
[27]. معاني الأخبار للشيخ الصدوق: ص366.
[28]. غافر: 11.
[29]. مختصر بصائر الدرجات: ص194- 195.
[30]. النمل: 83.
[31]. الكهف: 47.
[32]. مختصر بصائر الدرجات: ص41 - 42.
[33]. تفسير القمي: ج2 ص131، بحار الأنوار: ج53 ص53.
[34]. مختصر بصائر الدرجات: ص27.
[35]. هو ليس مستحيلاً عقلاً وإن كان غير ممكن عادة، والظاهر من الرواية أنها تصور حصول هذا الأمر على نحو المعتاد والطبيعي وليس المعجز والاستثنائي، فهي عبّرت بصورة الرجل من شيعة علي (ع)، وواضح أنّ هذا المعتاد لا يتناسب مع عالمنا الجسماني، بل هو فيه معجز خارق.
[36]. عيون أخبار الرضا (ع): ج1 ص218. 
[37]. الجواب المنير عبر الاأثير: ج6 سؤال رقم (531).
[38]. غافر: 51.
[39]. ق: 41 - 42.
[40]. مختصر بصائر الدرجات: ص18- 19.
[41]. القصص: 70.
[42]. مختصر بصائر الدرجات: ص24.
[43]. المتشابهات: ج4 سؤال رقم (171).
[44]. انظر على سبيل المثال: كتاب المتشابهات: ج4 سؤال رقم (175)، حول خلق السماوات والأرض.
[45]. كتاب مع العبد الصالح، أحد إصدارات أنصار الامام المهدي (ع).
[46]. المتشابهات: ج4 سؤال رقم (175).
[47]. مختصر بصائر الدرجات: ص24.
[48]. مختصر بصائر الدرجات: ص49.
[49]. الزمر: 6.
[50]. راجع المتشابهات: ج3 سؤال رقم (145)، وج4 سؤال رقم (171)، و(175)، وغيرها من المواضع. 
[51]. الجواب المنير عبر الأثير: ج3 سؤال رقم (235).
[52]. مختصر بصائر الدرجات: ص49.
[53]. المتشابهات: ج4 سؤال رقم (180).
[54]. الحجر: 36 - 38.
[55]. بحار الأنوار: ج60 ص254.
[56]. مختصر بصائر الدرجات: ص27.
[57]. كتاب التوحيد: ص41، أحد إصدارات أنصار الامام المهدي (ع).
[58]. المتشابهات: ج4 سؤال رقم (177).
[59]. إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ القصص: 70، وقد تقدم بيان السيد أحمد الحسن (ع) أن "الأُولى" هي الرجعة.
[60]. كتاب مع العبد الصالح، أحد إصدارات أنصار الامام المهدي (ع).
[61]. المتشابهات: ج2 سؤال رقم (72).
[62]. بحار الأنوار: ج53 ص113 - 114.
[63]. بحار الأنوار: ج52 ص331.
[64]. الإرشاد للمفيد: ج2 ص386.
[65]. أي رواية عبد الكريم الخثعمي المتقدمة.
[66]. النمل: 82.
[67]. بحار الأنوار: ج53 ص53.
[68]. العديد من الروايات تشير إلى أنّ دابة الأرض هو علي بن أبي طالب (ع) في الرجعة، فراجع للوقوف على هذه الروايات: بحار الأنوار ج53 ص53، ومدينة المعاجز للبحراني: ج3 ص90، وما بعدها وغير ذلك.
[69]. وقد فصل الأستاذ أحمد حطاب القول في هذه المسألة في كتاب (طالع المشرق ودابة الأرض)، فراجع.
[70]. المتشابهات: ج4 سؤال رقم (145).
[71]. الرجعة - للأسترآبادي: ص100.
[72]. بشارة الإسلام: ص236.
[73]. الجواب المنير عبر الأثير: ج6 سؤال رقم (529).
[74]. بحار الأنوار: ج53 ص59 - 60.
[75]. كتاب مع العبد الصالح، أحد إصدارات أنصار الامام المهدي (ع).
[76]. مختصر بصائر الدرجات: ص29.
[77]. الأنبياء: 69.
[78]. مختصر بصائر الدرجات: ص37.
[79]. مختصر بصائر الدرجات: ص26.




0 تعليق على موضوع "الرجعة ثالث ايام الله الكبرى"


الإبتساماتإخفاء