عشرات ، بل مئات الأشخاص شاهدوا رؤى بأهل البيت ع والانبياء والمرسلين خصوصاً، كلها تخبرهم بأن السيد أحمد الحسن صادق في ما يدعيه ، علماً إن بعض هؤلاء الأشخاص ممن لم يدخلوا في الدعوة المباركة أصلاً ، على الرغم من أن الدليل قد أخذ بأعناقهم! ولكن لا غرابة فقد ورد إن هذا الأمر لا يثبت عليه إلا من أخذ الله ميثاقه في الذر الأول .
علماً إن الأشخاص المشار إليهم من مناطق مختلفة، ومدن متعددة وبلدان متعددة، فلم يسبق أن التقوا أو تعارفوا بأية صورة من الصور بل إن الكثير منهم كانت الرؤيا سبباً في دخوله الى الدعوة المباركة.
الم يخبروكم انهم يجتمعون على صاحب الامر اذا جاء؟!
عن الحضرمي قال دخلت أنا وأبان على ابي عبد الله (ع) وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان وقلنا ما ترى فقال (اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح) غيبة النعماني 197.
ومعنى هذه الرواية لا يحتاج الى كثير من التفكر وهو اجتماع أهل البيت في عالم الرؤيا لتأييد رجل وحث الناس على نصره.
عن عبد الله بن عجلان قال : ذكرنا خروج القائم (عليه السلام) عند أبي عبد الله (ع) فقلت : كيف لنا نعلم ذلك ؟ فقال (ع) : يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب : طاعة معروفة (اسمعوا وأطيعوا) منتخب الأنوار المضيئة – السيد بهاء الدين النجفي ص 311 / كمال الدين ص654
وهذه الصحيفة هي رؤيا رآها النائم قبل ان يستيقظ صباحاً
إن اجتماعهم على رجل بأجمعهم لا يكون إلا بعد شهادتهم عليهم السلام لسببين :
الأول انهم لم يجتمعوا في زمن واحد
والثاني هو نصرته بالسلاح وهو لا يكون إلا مع القائم أو من يمثله فلا يكون اجتماعهم إلا بالرؤيا
قضية الإمام المهدي (ع) مرتبطة ارتباط وثيق بالرؤيا وصرح الإمام الرضا (ع) بذلك :
( فعن البيزنطي قال سالت الرضا (ع) عن مسالة الرؤيا فامسك ثم قال (ع) ( إنا لو أعطيناكم ما تريدون لكان شراً لكم واخذ برقبة صاحب هذا الأمر (ع) ) . قرب الإسناد ص380.
فالإمام إذاً يربط الرؤيا برقبة صاحب هذا الأمر . ومع ذلك يحاولون بكل طريقة إهمال هذا الدليل الملكوتي العظيم ، وهو الرؤيا والتي صدقها واعتمدها القرآن والرسول والأئمة (ع) .
أما ما أوله بعضهم بان السادة الهاشميين هم الذين يجتمعون عليه فأنه يضحك الثكلى كيف وقد أعلن كثير منهم العداء لأهل البيت (ع) .
وهذا مثال منها فقط : عن أبي خالد الكابلي قال لما مضى علي بن الحسين (ع) دخلت على محمد بن علي الباقر (ع) (فقلت له : جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك و أنسي به و وحشتي من الناس . قال : صدقت يا أبا خالد فتريد ما ذا . قلت : جعلت فداك لقد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفة لو رأيته في بعض الطريق لأخذت بيده . قال : فتريد ماذا يا أبا خالد . قلت : أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه . فقال سألتني و الله يا أبا خالد عن سؤال مجهد ، ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثا به أحدا و لو كنت محدثا به أحدا لحدثتك ، و لقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة) الغيبة للنعماني ص 289.
ولقد جمع أنصــار الامام المـــهدي القليل جدا من هذه الرؤى في كتب ويمكنك الاطلاع على البلاغ المبين الجزئين الثاني والثالث.
من كتاب جامع الادلة للدكتور ابو محمد الانصاري :
أدلة أخرى تؤكد صدق دعوة السيد أحمد الحسن:
أولاً-
السيد أحمد الحسن مؤيد بالملكوت:
أ- الرؤيا:
في مطلع هذه البحث أود الاشارة الى أن الكثير جدا من الأشخاص قد شاهدوا رؤى برسول الله ص أو بأهل بيته ع أو بالانبياء ع، كلها تخبرهم بأن السيد أحمد الحسن صادق في ما يدعيه، علماً إن بعض هؤلاء الأشخاص ممن لم يدخلوا في الدعوة المباركة أصلاً ، على الرغم من أن الدليل قد أخذ بأعناقهم ؟! ولكن لا غرابة فقد ورد إن هذا الأمر لا يثبت عليه إلا من أخذ الله ميثاقه في الذر الأول . علماً إن الأشخاص المشار إليهم من مناطق مختلفة، ومدن متعددة، فلم يسبق أن التقوا أو تعارفوا بأية صورة من الصور. بل إن الكثير منهم كانت الرؤيا سبباً في دخوله الى الدعوة المباركة. وبشأن الأدلة على حجية الرؤيا، أود أن أبدأ بالدليل العقلي الذي يحبذه الكثيرون فأقول:
1- الدليل العقلي على حجية الرؤيا:-
إن السؤال عن حجية الرؤيا يرتبط في الأذهان بسؤال آخر هو : إن الرؤيا هل هي هذه الصورة الذهنية التي نراها في المنام وحسب ، أم أن ثمة واقعا" خارجيا" أو حقيقة موضوعية تمثل الصورة الذهنية تعبيرا" أو دليلا" عليها ؟
وبتعبير آخر هل إن الرؤيا وهم لا حقيقة له أم إنها واقع حقيقي يحضر في الذهن من خلال الصورة التي تعبر عنه ؟ للإجابة على هذا السؤال لا بد أن نضع نصب أعيننا أن الإنسان مفطور على البحث عن المعنى أو الحقيقة ، بمعنى إن أي شيء يعترضه يحمله على أن يتساءل عن معناه أو حقيقته. فالإنسان لا يستطيع بأي حال من الأحوال أن يفترض أن شيئا" ما أو حدثا" معينا" هو وليد العبث المطلق ، ولا يمكن نسبته إلى معنى أو حقيقة .
نعم ، قد يخطر في البال إننا كثيرا" ما نصف سلوكا" ما بأنه عبث لا طائل منه ، وإنه خلو من المعنى ، وأكثر من ذلك قد ينجر البعض منا بتحفيز هذا الخاطر إلى اجتراح نتيجة مفادها ؛ إن ثمة أشياء لا معنى ولا حقيقة لها .
هنا لابد أن نلتفت جيدا" إلى أننا حين نطلق الوصف آنف الذكر لا نريد منه تقرير النتيجة تلك.
فإن ما يرمي إليه قولنا ذاك هو أن يشير إلى أن هناك منظومة قيمية وأخلاقية محددة تنظم الضمير الجمعي للجماعة ، التي نشير لها باللفظ (نحن) ، وإن هذه المنظومة تمثل البنية التحتية أو القالب الذي نزن وفقه السلوك أو التصرف المعين فنمنحه المشروعية والمعنى في الحالة التي يطابق فيها القالب ، ونسلب عنه المشروعية والمعنى فيما لو أفترق عنه .
نحن إذن بإزاء معنى محدد وحقيقة معينة تواضعنا واصطلحنا عليها هي التي نسلبها عن سلوك ما حين نصفه بأنه عبثي أو لا معنى له ، وليس من شأننا ولا مرادنا أبدا" أن نسلب عن هذا السلوك مطلق المعنى ، أو نخليه تماما" من أية حقيقة . بل أبعد من ذلك إن اختيارنا لمنظومة معينة من القيم والأفكار نتخذها فيصلا" في تقييم سلوك معين بأن نضفي عليه المعنى تارة ونفرغه منه تارة أخرى ، كل ذلك يدل إلى أننا نشعر فطريا" بضرورة وجود المعنى أو الحقيقة وإن انعدامها لا يعني سوى الفوضى التي لا يسعنا الإقرار والتسليم بها .
غاية ما في الأمر إننا في لحظة ما ، وبسبب الحاجة لنظم أمورنا فعليا" وعمليا" نتفق على منظومة معينة نرى في لحظتنا تلك إنها الأكمل أو الأكثر مطابقة للكمال ، أي المعنى أو الحقيقة بصورتها المطلقة
ولعل خير دليل على إننا لا يسعنا التسليم بعدم وجود المعنى ، إننا – وتاريخ الإنسان كله شاهد – ما أن نرى نقصا" في منظومتنا حتى نبادر إلى البحث عما يستكمله ، وهكذا ترانا بلا كلل ولا ملل ما إن ينبثق فتق حتى نسده وما أن يتصدع بنيان حتى نرممه ، لم نستسلم يوما" ولم ترتفع لنا راية بيضاء ، وإنما كان دأبنا أبدا" البحث عن الكمال والتطلع للحقيقة .
والآن إذا كان الأمر كذلك ، فبأي دليل عقلي نخرج الرؤيا عن ما أدخلنا فيه كل الأشياء ؟ أ ليس هو التحكم والعناد المقيت ؟ ولأطرح عليك هذا السؤال : لو حدث أن رأيت رؤيا وأخبرك أحدهم أن بإمكانه أن يجد لك تعبيرها ، أ لا يتحرك فيك الشوق لمعرفة ما عسى أن يخبرك به ؟ بل لو كنت أشد الناس إنكارا" لوجود حقيقة تنطوي عليها الرؤيا وأخبرك بما أخبرك ألا تهجس شعورا" وإن دقَّ وخفي ، ينبض في أعماقك قائلا" : ترى ما عساه يخبرني ؟ بالله عليك إلا يعني ذلك إنك بدأت الشك في إنكارك وصرت تحدث نفسك : سبحان الله لعل الرؤيا تستبطن حقيقة أجهلها ! وهل أنا ممن يحيط علما" بكل شيء ؟ قل لي : هل كنت ستحدث نفسك بهذا لو أنك تعلم يقينا بخلو الرؤيا من المعنى ؟
والحقيقة إن الإنسان لا يسعه القول بعدم وجود الإمكان المغاير لما في رأسه من أفكار ، لأنه ببساطة يعلم جيدا" أن رأسه لم يحط علما" بكل شيء ، وأن ما بين يديه من معرفة ليس سوى عطايا حاضره الذي يعيشه ، أما ما في الغيب ، وما عسى أن يأتي به قابل الأيام من معارف قد تختلف عن ما تختزنه عقولنا فنحن قاصرون عن معرفته ، تلك هي الحقيقة المريرة التي لابد أن تخضع لها نفوسنا .
عودا" على بدء ، إذا كان الإنسان يتطلع دائما" ، ويسعى دائبا" للوصول إلى المعنى والحقيقة ، فهل يمكن لله عز وجل أن يخدعه ويضله ؟ أمن المعقول أن نقول على الله الذي يعلم بحقيقة الإنسان ويعرف ما يختلج في نفسه من تطلع للمعنى والحقيقة ، ويعلم إنه حين يريه رؤيا سينطلق لمعرفة معناها وحقيقتها التي لا يسعه إلا أن يفترض وجودها ، والتي ما أن يتبينها حتى تراه يصدق بها ويعتبرها ، أقول أ من الممكن لله سبحانه أن يري الإنسان رؤيا إذا لم يكن يقيم لها وزنا"؟
أ ليس في ذلك إضلال للإنسان يجل عنه الله سبحانه ؟ وإذا كان للرؤيا حقيقة تعبر عنها ، بحسب ما تدلنا فطرتنا ، وبحسب إيماننا بالله تعالى ، فما الذي نريده من حجية الرؤيا غير هذا ؟
ولعل قائلا" يقول إن الرؤيا حجة على صاحبها دون سواه ، ومن ثم فإنها لا تملك من الحجية إلا بالقدر الذي يكون فيه شعور الإنسان بشيء حجة عليه ، أقول إن تسليم العقل والفطرة بأن ثمة حقيقة وراء الرؤيا ، ومعرفة الله سبحانه بهذا التسليم يحملنا طائعين أو مرغمين على الخضوع إلى أن الله تعالى الذي لا يرضى لعباده الضلال قد جعل للرؤيا حقيقة ، وهل الدين إلا (( فطرة الله التي فطر الناس عليها )) وإذا كان للرؤيا حقيقة فمن غير الممكن أن تكون هذه الحقيقة حقا" بالنسبة لزيد وباطلا" بالنسبة لعمرو . ولا سيما إذا كانت واقعا" خارجيا" لا تحدده قيود تجعله ناظرا" لحالة نفسية أو معنوية متعلقة بشخص دون سواه كما هو شأن دعوة السيد احمد الحسن ، فهي لا تناسب زيدا" بقدر أكبر مما تناسب فيه عمرا" ، وإنما هي مناسبة لهما معا" بمستوى واحد ، ومن هنا تكون الرؤيا التي يراها أحدهما حجة عليه وعلى الآخر أيضا" ، فالحقيقة التي تعبر عنها مطلقة وواحدة ولا اختصاص لها بالأفراد .
وقد يعترض إشكال مفاده إن فكر الإنسان حين ينشغل في يقظته بأمر ما عادة ما يرى هذا الإنسان أحلاما" محورها ذلك الأمر نفسه .
وبحسب ما أتذكر الآن إن هذه الفكرة هي نفسها التي فسر بها أرسطو مسألة الأحلام . لدفع هذا الإشكال لا بد من ملاحظة أن هذا التفسير يريد أن يقول أن نفـــس الإنســـان هـي الــتي تخلق الرؤيا ، أو قل تختلقها أو تلفقها .
ولو تأملنا قليلا ـ ويمكننا في هذا الصدد أن نستعين بآراء علماء النفس ـ لتوصلنا ، تماشيا" مع هذا التفسير ، الى أن النفس تعمد إلى اختلاق الحلم طلبا" للراحة أو تنفيسا" عما يختلج فيها من مكبوتات أو توترات ، والسؤال الآن ؛ هل إن رؤى أنصار الإمام المهدي (ع) المؤمنين بدعوة السيد أحمد الحسن ، قابلة لانطباق هذا المفهوم عليها ؟
للإجابة عن هذا السؤال لا بد من توضيح هو ؛ إننا نتحدد في سياق هذه المناقشة بتلك الرؤى التي تتعلق بإثبات صحة دعوة السيد أحمد الحسن بوصفها محل النزاع الحقيقي ، وإذا أتضح هذا الأمر نقول إن الرائي لا بد أن يكون قلقا" أو متشككا" أو على أقل الفروض لم يبلغ به الإيمان بالدعوة أو الكفر بها مرتبة اليقين التي تستقر عندها نفسه وينتفي المحفز الذي يستحثه لطلب اليقين سلبا" أو إيجابا" ، ولو تفحصنا المؤثرات التي تتحكم بتوجيه أو تسيير حركة وعيه لوجدنا النتيجة وقد سقطت في أيدينا كالثمرة اليانعة 0فمن جهة يجد الإنسان نفسه محاصرا" بثقافة لا تمل ولا تكل عن تمجيد المرجعيات الدينية والإعلاء من شأنها وتقديسها وتصويرها على أنها الحارس الأمين لدين الله ، ويجد غالبية ساحقة لا هم لها سوى الصراخ :(( احذروا يا عباد الله المساكين فهذا عصر تكثر فيه الفتن )) !!
ومن جهة أخرى يجد الإنسان نفرا" من المؤمنين بدعوة السيد أحمد الحسن لا يكاد جمعهم يملأ العين التي لا يملؤها سوى التراب ، ويمكنك أن تضيف المزيد من التفاصيل لكلا الصورتين .
والآن إذا كانت النفس الميالة لراحتها هي التي تخلق رؤاها فما بالها تختار كفة الدعوة المباركة ، مع ما ينطوي عليه هذا الاختيار من مخالفة الأغلبية الساحقة بجهازها الإعلامي والدعائي المناهض للدعوة والمشكـك فيهـا الذي لا يتوانى عن نعتها بأبشع النعوت ؟ إن العقل السليم يقول ان الرؤيا ان كانت النفس تخلقها فلابد ان تكون لغير صالح الدعوة طالما كانت النفس تميل لراحتها وتنفس عن كربها من خلال الاحلام. إذن الرؤى التي تصدع بصدق الدعوة المباركة لا يمكن ان تكون من اختلاق النفس بل هي من الله حتما وجزما.
2- الدليل على حجة الرؤيا من القرآن الكريم:-
وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة تتحدث عن الرؤيا منها : ( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ ) (يوسف:43)
( يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) (يوسف:46)
(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات:102)
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:36)
(وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيراً) (الإسراء:60)
والله سبحانه وتعالى يمدح الأنبياء والصالحين لتصديقهم الرؤيا (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (الصافات:104-105). ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ( )
(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا)(التحريم: 12)
و(يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ)(يوسف: 46)
ويذم من كذبها وسماها أضغاث أحلام (قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعَالِمِينَ) (يوسف:44)
والله سبحانه وتعالى شهد للمؤمنين وعرض نفسه شاهداً للذين كفروا برسالات الرسل ومن خير الطرق التي يعرفها الناس لشهادة الله سبحانه وتعالى هي الرؤيا (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) (المائدة:111) ،
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ )(الأنعام: 19) ،
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ )(الرعد: من الآية43)
، (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الاحقاف:8) ،
(قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (الإسراء:96)
وسمى سبحانه الرؤيا احسن القصص قال تعالى (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ * إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) (يوسف:3-4) ،
وتدبر هذه الآيات لتعرف من هم المكذبون بالرؤيا قال تعالى (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) (الأنبياء:1-5)
إذن في القرآن يقص علينا الله سبحانه رؤى كثيرة وكلها صادقة بعضها لأنبياء وبعضها لفراعنة وبعضها …وبعضها …
وإبراهيم (ع) يصدق الرؤيا ، وفرعون يصدق الرؤيا وأم موسى تصدق الرؤيا و ملكة سبأ تصدق الرؤيا فقد عرفت بالرؤيا إن كتاب سليمان (ع) كتاب كريم … و… و… والله سبحانه وتعالى يسميها احسن القصص ، فما بالكم انتم وأي صنف من الناس انتم وكيف وصل بكم الأمر إلى موافقة الماديين الذين لا يؤمنون بوجود الله في تكذيب الرؤيا ؟ !
في رؤيا إبراهيم (ع) بشأن ذبح ولده إسماعيل (ع)، وهي قوله تعالى: ((يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك))، هذه الرؤيا لم يتردد إبراهيم (ع) قيد أنملة في النظر إليها على أنها حجة ملزمة له، بل بادر إلى شحذ سكينه وعزم على مباشرة الفعل((ولما أسلما وتله للجبين))، وأكثر من ذلك لو أن الخليل (ع) كان يساوره أدنى شك في حجيتها ، أما كان لزاما" عليه أن يراجع ربه ليستجلي حقيقة الأمر ؟ ومن الواضح إن الخليل (ع) لم يراجع وإلا لما قال تعالى :(( وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا * إنا كذلك نجزي المحسنين )) لأنه في حالة المراجعة لا يكون قد صدق بالرؤيا ، وإنما بالأمر الثاني الذي بلغه ، ثم ألا يدل مدح الله تعالى له إنه تعالى يعتبر الرؤيا حجة على العباد ، بل إن المديح المترتب على التصديق بها يدل على أنه تعالى يعتبر التصديق بها من التصديق بالغيب الذي هو صفة المؤمنين ، بل المحسنين .
وانظر إلى إسماعيل (ع) يقول لأبيه :(( يا أبت إفعل ما تؤمر )) ، إن إسماعيل (ع) وهو في موقفه العصيب لا يخالجه أدنى شك في حجية الرؤيا ، بل إنه يراها أمرا" إلهيا" واجب التنفيذ ، وحجة على رائيها (إبراهيم) و غيره (إسماعيل). وعلى الرغم من وضوح الدلالة في هذه الآيات على حجية الرؤيا، إلا إننا لانعدم من المعاندين من يعترض على هذه الدلالة الواضحة، ويحاول الإلتفاف عليها زاعماً إن الرؤيا حجة على الأنبياء دون سواهم! وليت أنه يبرز دليلاً على مدعاه ولكنه يتبجح بما يزعمه تبجح المستكبرين!
ولمناقشة هذا الإعتراض، أقول: لو إن الرؤيا بحد ذاتها، أي بصرف النظر عن رائيها؛ نبياً كان أو غير نبي، لو كانت فاقدة الحجية، هل كان يمكن لإبراهيم (ع) أن يجد فيها حجة؟ الجواب طبعاً لا يمكنه ذلك، لأن فاقد الشئ لا يُعطيه، إذن طالما وجد فيها إبراهيم حجة، فلابد أن تكون هي بحد ذاتها حجة. وعلى سبيل المثال لو أن حجراً لا ماء فيه فهل يمكن لأحد أن يعثر فيه على ماء؟ طبعاً لا يمكنه، لأن الحجر بحد ذاته لا ماء فيه، فلو خرج منه ماء، ماذا يعني هذا؟ ألا يعني أن الحجر هو بحد ذاته فيه ماء؟ ويجب الالتفات أن رؤى الأنبياء (ع) كانت قبل إرسالهم وبعد إرسالهم أي إن وحي الله سبحانه وتعالى لهم بدأ بالرؤيا ثم وحتى بعد إرسالهم لم ينقطع هذا السبيل (الرؤيا) من سبل وحي الله سبحانه وتعالى عنهم .
والرسول محمد (ص) كان يرى الرؤى قبل بعثته وإرساله وكانت تقع كما يراها ، ولولا أن الأنبياء المرسلين (ع) صدقوا وامنوا وعملوا بتلك الرؤى التي رأوها قبل إرسالهم لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من المقام العالي ، والقرب من الله سبحانه وتعالى . ولما اصطفاهم الله أصلا لرسالاته
بل هم (ع) كانوا يؤمنون ويصدقون برؤى المؤمنين الذين كانوا معهم ، وهذا رسول الله محمد (ص) كان يسأل أصحابه عن رؤاهم ويهتم بسماعها ، وبعد صلاة الصبح وكأن سماعها ذكر وعباده لله سبحانه ، حتى أن المنافقين شنعوا عليه (ص) بأنه يسمع ويصدق كل متكلم (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ( ) عن الرضا (ع) قال : (إن رسول الله (ص) كان إذا أصبح قال : لأصحابه : هل من مبشرات . يعني به الرؤيا ) ( ).
بل إن النبي محمد (ص) كان يعتبرها من مبشرات النبوة ، عن النبي (ص) قال :
( ألا إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ) ( ) .
بل وكان (ص) يعتبرها نبوة ، عنه (ص) قال :
( لا نبوة بعدي إلا المبشرات . قيل يا رسول الله ، وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة ) ( ).
وقال رسول الله (ص) : (الرؤيا الصالحة بشرى من الله وهي جزء من أجزاء النبوة) .
3 – الرؤيا في الحديث:-
أما الأحاديث فقد ورد منها الكثير، وحسبك أن تراجع كتاب (دار السلام) للميرزا النوري، لتجد الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع). ولا يسعني في هذه العُجالة سوى الاكتفاء بإيراد جملة من الأحاديث كما يأتي:
عن الرضا (ع)، قال:((حدثني أبي عن جدي عن أبيه، إن رسول الله (ص) قال: من رآني في منامه فقد رآني، لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ولا صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم. وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة)) (دار السلام / ج4: 272).
ينص هذا الحديث على أن الشيطان لا يتمثل بصورة أحد من أهل البيت (ع)، الأمر الذي يُسقط اعتراض المعاندين، إذ إن القول بعدم حجية الرؤيا يقتضي بالضرورة القول بقدرة الشيطان على التمثل بصورهم. ومع عدم قدرته على التمثل بصورهم، يتضح إن الرؤيا من الله تعالى، وهذا ما دلت عليه كثير من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع). فعن رسول الله:((لا نبوة بعدي إلا المبشرات، قيل يارسول الله، وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة)) (بحار الأنوار / ج58: 193).
فالرؤيا بحسب هذه الرواية من سنخ النبوة، والنبوة لا أظن أحداً لا يقول بحجيتها. وعن الصادق (ع):((رأي ورؤيا المؤمن في آخر الزمان على سبعين جزء من أجزاء النبوة)) (دار السلام / ج1: 18). ومعنى هذا أن الرؤيا وحي من الله (عز وجل). والمعلوم بالبديهة أن ما يسري على الكل يسري على الجزء حتما"، علما" أن وصف الرؤى بالمبشرات يستلزم أن تكون لها حقيقة خارجية واقعية تبشر بها وإلا فإن التبشير بالوهم لا يعده العقلاء تبشيرا"، فإن عدم كونها حجة يعني إنها لا تكشف عن واقع خارجي، أو حقيقة خارجية، وإذا لم يكن ثمة واقع خارجي تكشف عنه الرؤيا، أو تبشر به، فهي وهم لا طائل وراءه.
وفي كتاب الغايات لجعفر بن أحمد القمي، قال رسول الله (ص):((خياركم أولوا النهى. قيل: يارسول الله، ومن هم أولوا النهى؟ فقال (ص): أولوا النهى أولوا الأحلام الصادقة)). سبحان الله، أصحاب الرؤى هم خيار المسلمين، ومع ذلك يسخر المنكوسون منا قائلين: بسبب رؤيا تؤمنون بأحمد الحسن؟ نقول: نعم ونحمد الله على نعمة الإيمان.
عن رسول الله (ص): (( رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام تكلم به الرب عنده )) [ بحار الأنوار ج/58 ص 311] ، أقول هل إن كلام الرب حجة على العبد المؤمن أم لا.
وعن الصادق (ع) : (( إذا كان العبد على معصية الله عز وجل وأراد الله به خيرا" أراه في منامه رؤيا تروعه فينزجــر بها عن تلك المعصيـة ، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة )) [ الاختصاص للمفيد ص 343] ،
وعن رسول الله (ص) في قوله تعالى : (( لهم البشرى في الحياة الدنيا )) قال (ص) : (( هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له ، وهو كلام يكلم به ربك عبده في المنام )) [ بحار الأنوار ج/58 ص 175، 194 ] ، أقول إن قوله (ص) : (( أو ترى له )) دليل على أن حجية الرؤيا تتعدى الرائي إلى السامع.
عن الرضا عليه السلام :-
( أنه قال له رجل من أهل خراسان : يا ابن رسول الله رأيت رسول الله ( ص ) في المنام كأنه يقول لي كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي واستحفظتم وديعتي وغيب في ثراكم نجمي ؟ ! . فقال له الرضا (عليه السلام) :
أنا المدفون في أرضكم وأنا بضعة نبيكم فانا الوديعة والنجم ، ألا ومن زارني وهو يعرف ما اوجب الله تبارك وتعالى من حقي وطاعتي فانا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ، ومن كنا شفعاءه نجى ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والإنس ، ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن آبائه أن رسول الله ( ص ) قال :
من رآني في منامه فقد رآني لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ، ولا في صورة أحد من شيعتهم . وأن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة ) .
وعن النبي (ص) قال :-
إذا اقترب الزمان لم تكن رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ورؤيا المؤمن جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة ) .
وعنهم (عليهم السلام) :-
( أن رؤيا المؤمن صحيحة لان نفسه طيبة ، ويقينه صحيح ، وتخرج فتتلقى من الملائكة ، فهي وحي من الله العزيز الجبار) .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خياركم أولو النهى، قيل يا رسول الله، ومن أولوا النهى ؟ فقال: أولو النهى، اولو الأحلام الصادقة. .(6).ميزان الحكمة
قال رسول الله (ص) : مَن رآني فقد رأى الحَقَّ .
- علاقة الرؤيا بالقائم ع:-
عن النبي (ص) قال :- ( إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ). وعنه (ص) :-( إذا كان آخر الزمان لم يكد رؤيا المؤمن يكذب ، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ) .
وعن عبدالله بن عجلان، قال:((ذكرنا خروج القائم (ع) عند أبي عبدالله (ع)، فقلت: كيف لنا نعلم ذلك؟ فقال (ع): يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة، اسمعوا وأطيعوا)) (كمال الدين: 654). من هذه الرواية يتضح أن من أهم الطرق للعلم بالقائم هو الرؤيا، وهذا معنى الصحيفة التي يجدها الإنسان تحت رأسه. وعن البيزنطي، قال:((سألت الرضا (ع) عن مسألة الرؤيا، فأمسك، ثم قال: إنا لو أعطيناكم ما تريدون لكان شراً لكم، وأُخذ برقبة صاحب هذا الأمر)) (بحار الأنوار / ج25: 110). في هذا الحديث يربط الإمام الرضا (ع) بين الرؤيا وصاحب الأمر، و ينص صراحة على أن معرفة كل أسرار الرؤيا ينتج عنها الأخذ برقبة صاحب الأمر. فكيف لا تكون حجة؟
وعن أبي بكر الحضرمي قال : دخلت أنا وأبان على أبي عبد الله عليه السلام وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان ، فقلنا ما ترى ؟ فقال : اجلسوا في بيوتكم ! فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح .
قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53) ، ورد في الروايات عنهم (ع) (انه الحق ) أي : قيام القائم .
والآيات التي يرونها في الآفاق ، وفي أنفسهم هي كما ورد عنهم (ع) :- في الآفاق : (الفتن والقذف من السماء) وفي أنفسهم : (المسخ) .
وأيضاَ الآيات في الآفاق الملكوتية ، أي في آفاق السماوات ، وفي أنفسهم بـ(الرؤيا والكشف) ، فيريهم الله آياته الملكوتية ، حتى يتبيّن لهم انه الحق ، أي خروج القائم .
شبهات وردود:-
سأُجيب فيما يلي عن الإشكالات، والإعتراضات التي أثارها المعاندون على دليل الرؤيا، وكما يأتي:-
1- نسمع بعض الأشخاص يقولون إننا طلبنا رؤيا من الله، ولكننا لم نرزق بها، ويستشف من كلامهم إنهم يرمون الى القول: أنتم تقولون إن الرؤيا دليل على الدعوة، ولكننا لم نرَ رؤيا فأي شئ يبقى من دليلكم؟!
وعلى الرغم من سذاجة هذا الإعتراض، إلا أننا نجيب عنه قائلين: إن الرؤيا دليل و حجة بكل تأكيد، والدليل مرتكز هنا على الرؤى الحاصلة فعلاً، ونحن لا نقول إن كل من يطلب رؤيا فنحن نضمن له الحصول عليها فالملكوت بيد الله لا بيدنا، بل نقول ان من يرى رؤيا صالحة فلا شك ستهديه لحق السيد احمد الحسن ع، هذا أولاً، أما ثانياً فقد ورد عن أهل البيت (ع): (الرؤيا بمنزلة كلام يكلم به الرب عبده) وعلى هذا إذا لم تروا رؤيا، أو لم يكلمكم الرب فعليكم أن تسألوا أنفسكم عن السبب.
2 - يقول البعض إن الرؤيا حجة على صاحبها فقط.
أقول: وهذا القول مغالطة واضحة، فالرؤيا - بحسب الواقع الذي تخبر عنه - قسمان؛ فإذا كان واقعها ذاتيا أي متعلقاً بالشخص الرائي فقط ، مثل أن يرى شخص رؤيا تحذره من السفر بسيارته لأن سيارته ستحترق ، فالرؤيا في هذه الحالة لا تخص أحداً غيره، وهي حجة عليه دون سواه. أما إن كان واقعها موضوعياً، أي غير محدد بشخص الرائي فإنها حجة على الجميع. فعلى سبيل المثال لو رأى شخص رؤيا تُنبأه بوقوع حريق في سوق المدينة، فلاشك أنه هو و أي شخص آخر غيره مشمول بهذه الرؤيا. وبخصوص دعوة السيد أحمد الحسن (ع)، فمن الواضح إنها دعوة تشمل الجميع، والرؤيا المتعلقة بها إذن رسالة تخص الجميع، وإن كان رائيها شخص واحد، أو عدة أشخاص.
3 – قال بعضهم: إن إدامة التفكير في أهل البيت (ع) ينتج عنه أن يرى الإنسان رؤى بهم (ع)، فالقضية إذن قضية نفسية، ولا علاقة لها بعالم الغيب!
سبحان الله أعدوا لكل حق باطلا ً، ولكل عدل مائلاً، لقد كان على المستشكل أن يسأل نفسه؛ هل إن صورة المعصوم الذي نراه (النبي أو الإمام) هي نفس صورته أم إن شيطاناً قد تمثل بصورته؟ فإن قال إن الشيطان تمثل بصورة المعصوم، نقول له: إن رسول الله (ص) يقول: إن الشيطان لا يتمثل بصورتي، ولا بصورة أحد من أوصيائي، ولا بصورة أحد من شيعتنا. وإن قال: هي نفس صورة المعصوم، نقول له : إذن إدامة التفكير في المعصوم لا تقدح في الرؤيا ، ولا في حجيتها، بل يحسُن بكم أن تديموا التفكير بهم عسى الله أن يرحمكم . هذا وقد روي عن الإمام الكاظم (ع)، قوله:((من كانت له الى الله حاجة، وأراد أن يرانا، وأن يعرف موضعه من الله، فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا، فإنه يرانا، ويُغفر له بنا، ولا يخفى عليه موضعه...)) (الإختصاص / الشيخ المفيد: 90).
وقد علق المجلسي على هذا الحديث، قائلاً:((قوله (ع): يناجي بنا، أي يناجي الله تعالى بنا، ويعزم عليه، ويتوسل إليه بنا أن يرينا إياه، ويعرف موضعه عندنا. وقيل: أي يهتم برؤيتنا، ويُحدث نفسه بنا ورؤيتنا ومحبتنا، فإنه يراهم)) (بحار الأنوار / ج 53: 328).
4 – ورد في بعض الروايات ، عن حماد بن عثمان بن زرارة قال : قال أبو عبدالله (ع) : (( أخبرني عن حمزة أ يزعم أن أبي آتيه ؟ قلت : نعم . قال : كذب والله ما يأتيه إلا المتكون ، إن إبليس سلط شيطاناً يقال له المتكون يأتي الناس في أي صورة شاء ، إن شاء في صورة صغيرة وإن شاء في صورة كبيرة ولا والله ما يستطيع أن يجئ في صورة أبي (ع) ))[رجال الكشي] .
هذه الرواية استدل بها البعض على أن الرؤى التي يراها الأنصار يمكن أن تكون من الشيطان ، ويرد عليه أن الأنصار يستدلون بالرؤى التي يشاهدون فيها المعصومين (ع) حصراً ، والرواية واضحة في أن الشيطان ( المتكون أو غيره ) لا يستطيع التمثل بصورهم (ع) ، والإمام الصادق (ع) يُقسم على هذا . أما بأي صورة كان الشيطان المتكون يأتي حمزة المشار إليه في الرواية فهذا ما لا تنص عليه الرواية ، وهو على أي حال لا أهمية له بعد أن علمنا أنه لا يتمثل بصور المعصومين . وعن بريد بن معاوية العجلي ، قال : (( كان حمزة بن عمارة الزبيدي (البربري) لعنه الله يقول لأصحابه أن أبا جعفر (ع) يأتيني في كل ليلة ولا يزال إنسان يزعم أنه قد رآه فقدر لي أني لقيت أبا جعفر (ع) فحدثته بما يقول حمزة فقال : كذب عليه لعنة الله ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي ولا وصي نبي )) [نفسه] .
5 – يعترض البعض – ومنهم الشيخ بشير النجفي – قائلاً : من منكم رأى النبي أو الإمام حتى يتأكد أن من يراه هو المعصوم نفسه ! أقول هذا الكلام غريب ومنكر ، فمن من أصحاب الإمام الصادق (ع) قد رأى النبي (ص) حتى يقول لهم افعلوا كذا وكذا من أعمال عبادية وسترون النبي في منامكم ؟ ثم هل يعتقد المعترض إننا إذا لم نكن قد رأينا المعصوم فإن الشيطان سيتمكن من التمثل بصورته ! ؟ وهل برأيه إن السبب في عدم تمثل الشيطان بصورهم هو معرفتنا أو مشاهدتنا لصورهم ، أم إنه نفس صورهم المقدسة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من رآني في المنام فقد رآني، فإني أُرى في كل صورة. بحار الأنوار.
6- عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : " ما تروي هذه الناصبة ؟ فقلت جعلت فداك فيماذا ؟ فقال في أذانهم وركوعهم وسجودهم . فقلت إنهم يقولون إن أبي بن كعب رآه في النوم فقال كذبوا فإن دين الله أعز من أن يرى في النوم.
أقول نحن لا نقول ان الرؤيا تشرّع بل نقول انها تؤيد ما ورد في الشرع والسيد اثبتنا أمره من روايات ال محمد ع ولاسيما الوصية فهذه الشبهة لا ترد علينا. وقد وردت أخبار وروايات تدل على ايمان كثيرين من خلال الرؤيا. أن جندب بن جنادة امن برسول الله (ص) من خلال رؤيا رآها بموسى عليه السلام واخبره أن يصدق محمد (ص) وقد قبل رسول الله إيمانه
وكذلك وهب النصراني الذي نصر الحسين (ع) بدمه الطاهر على اثر رؤيا رآها بعيسى بن مريم (ع) وقدم دمه الطاهر فداء للحسين (ع) وقبله الحسين (ع) بقبول حسن. وقصة السيدة نرجس عليها السلام أم الإمام المهدي عليه السلام وما كان من رؤى قد رأتها برسول الله وفاطمة الزهراء وعيسى ومريم سلام الله تعالى عليهم أجمعين. وهذه الاخبار تدل على ان الرؤيا يترتب عليها الايمان وان قيل انها لا تثبت الاحكام الشرعية.
7- الشيخ الكوراني عندما سأله أحدهم في قناة سحر الفضائية عن هذه الرواية ((عن أبي بكر الحضرمي قال دخلت أنا و أبان على أبي عبد الله ع و ذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان فقلنا ما ترى فقال اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح )) وقال ذلك الشخص نحن نعلم إن الذي يقوم بالسيف هو الإمام أو من يمثله مباشرة ، والأئمة إلى الحسن العسكري (ع) كلهم متوفى في زمن الظهور فالظاهر انه لا يكون اجتماعهم على صاحب الحق إلا بالرؤيا فهل هذه الرؤى التي يراها كثير من الناس بالرسول والزهراء والأئمة (ع) ويقولون (ع) فيها إن احمد الحسن حق تمثل اجتماعهم (ع) على صاحب الحق وبالتالي يجب نصرة احمد الحسن فأجاب الشيخ علي الكوراني إن اجتماعهم أي اجتماع بني فاطمة وهم السادة الهاشميين سبحان الله وكأن الشيخ الكوراني لا يعلم إن كثير من السادة الهاشميين لا ينصرون الإمام (ع) كما نصت روايات على ذلك وهذا مثال منها فقط : عن أبي خالد الكابلي قال لما مضى علي بن الحسين (ع) دخلت على محمد بن علي الباقر (ع) ( فقلت له : جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك و أنسي به و وحشتي من الناس . قال : صدقت يا أبا خالد فتريد ما ذا . قلت : جعلت فداك لقد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفة لو رأيته في بعض الطريق لأخذت بيده . قال : فتريد ماذا يا أبا خالد . قلت : أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه . فقال سألتني و الله يا أبا خالد عن سؤال مجهد ، ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثا به أحدا و لو كنت محدثا به أحدا لحدثتك ، و لقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة ) الغيبة للنعماني ص 289.
8- يقولون ان بعض ابناء العامة قد يرون في المنام رؤى تدل على صحة معتقدهم . اقول: ان هذا من قبيل ما ورد في المحاسن - أحمد بن محمد بن خالد البرقي - ج 1 - ص 284. وعن أبي جعفر ( ع ) قال : إن فيما ناجى الله به موسى ( ع ) أن قال : يا رب هذا السامري صنع العجل، الخوار من صنعه ؟ - فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : أن تلك من فتنتي ، فلا تفصحن عنها.
وورد في تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 14 - ص 207:
" فقال يعني موسى : يا رب العجل من السامري فالخوار ممن ؟ فقال : منى يا موسى إني لما رأيتهم قد ولوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة " . وما وقع في رواية راشد بن سعد المنقولة في الدر المنثور وفيه " قال : يا رب فمن جعل فيه الروح ؟ قال : أنا ، قال : فأنت يا رب أضللتهم ! قال : يا موسى يا رأس النبيين ويا أبا الحكام ، إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم "
فالمسألة هي ان الدليل آخذ بأعناق هؤلاء ولكنهم مع ذلك يصرون على باطلهم فييسره الله لهم. فالله تعالى يذرهم في باطلهم يعمهون. وبالنسبة لقضية السيد احمد الحسن ع هذه القضية ثابتة وصحيحة عقائديا وروايات اهل البيت ناطقة بها، وحتى لو قلتم انكم تخالفوننا فيها فالمناط ليس خلافكم بل ما تقرره روايات ال محمد، بل انه حتى على مستوى المختلف فيه تكون الرؤيا حجة في حسم الخلاف ، فجندب بن جنادة ووهب النصراني وغيرهم كانوا غير مؤمنين ومن خلال الرؤيا اتضح الحق لهم. بل نقلنا فيما تقدم روايات تدل على ان الرؤيا لها تعلق بالقائم وبمعرفته ع. ورد عن محي الدين بن عربي في كتابه الفتوحات المكية " إعلم أيدنا الله أن لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملؤها قسطا وعدلا ، ولو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله من ولد فاطمة يواطي اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله . " ... الى قوله: أعداؤه مقلدة الفقهاء أهل الاجتهاد ، لما يرونه من الحكم بخلاف ما حكمت به أئمتهم ، فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ، ورغبة فيما لديه . يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم ، ويبايعه العارفون من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي. والكشف هو الرؤيا في اليقظة، وهو التعريف الالهي.
كلمة أخيرة تكشف حال الشيعة المتردي اليوم :
ورد في الفصول المختارة - الشريف المرتضى - ص 128 وما بعدها. فصل ومن حكايات الشيخ أدام الله عزه ( يقصد المفيد ):
(( قال الشيخ : كان يختلف إليّ [ يختلف أي يتردد] حدثٌ من أولاد الأنصار ويتعلم الكلام فقال لي يوما : اجتمعت البارحة مع الطبراني شيخ من الزيدية . فقال لي : أنتم يا معشر الإمامية حنبلية وأنتم تستهزؤون بالحنبلية ، فقلت له : وكيف ذلك ؟ فقال : لأن الحنبلية تعتمد على المنامات وأنتم كذلك ، والحنبلية تدعي المعجزات لأكابرها وأنتم كذلك ، والحنبلية ترى زيارة القبور والاعتكاف عندها وأنتم كذلك فلم يكن عندي جواب أرتضيه ، فما الجواب ؟ قال الشيخ أدام الله عزه : فقلت له : ارجع إليه فقل له : قد عرضت ما ألقيته إلي على فلان فقال لي : قل له إن كانت الإمامية حنبلية بما وصفت أيها الشيخ فالمسلمون بأجمعهم حنبلية والقرآن ناطق بصحة الحنبلية وصواب مذاهب أهلها ، وذلك أن الله تعالى يقول : * ( إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين * قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك ‹ صفحة 129 › فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين ). فأثبت الله جل اسمه المنام وجعل له تأويلا عرفه أولياؤه - عليهم السلام - وأثبتته الأنبياء ودانت به خلفاؤهم وأتباعهم من المؤمنين واعتمدوه في علم ما يكون وأجروه مجرى الخبر مع اليقظة وكالعيان له . وقال سبحانه : * ( ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين ) فنبأهما - عليه السلام - بتأويله وذلك على تحقيق منه لحكم المنام ، وكان سؤالهما له مع جهلهما بنبوته دليلا على أن المنامات حق عندهم ، والتأويل لأكثرها صحيح إذا وافق معناها ، وقال عز اسمه : * ( وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون * قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ) * ثم فسرها يوسف - عليه السلام - وكان الأمر كما قال . وقال تعالى في قصة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - : * ( فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) * فأثبتا - عليهما السلام - الرؤيا وأوجبا الحكم ولم يقل إسماعيل لأبيه - عليه السلام - يا أبت لا تسفك دمي برؤيا رأيتها فإن الرؤيا قد تكون من حديث النفس وأخلاط البدن وغلبة الطباع بعضها على بعض كما ذهبت إليه المعتزلة . فقول الإمامية في هذا الباب ما نطق به القرآن ، وقول هذا الشيخ هو قول الملأ من أصحاب الملك حيث قالوا : * ( أضغاث أحلام ) * ومع ذلك فإنا لسنا نثبت الأحكام الدينية من جهة المنامات وإنما نثبت من تأويلها ما جاء الأثر به عن ورثة الأنبياء - عليهم السلام - . فأما قولنا في المعجزات فهو كما قال الله تعالى : * ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) * . فضمن هذا القول تصحيح المنام إذ كان الوحي إليها في المنام ، وضمن المعجز لها لعلمها بما كان قبل كونه . وقال سبحانه في قصة مريم - عليها السلام - : * ( فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) * ( 2 ) . فكان نطق المسيح - عليه السلام - معجزا لمريم - عليها السلام - إذ كان شاهدا ببراءة ساحتها . وأم موسى - عليه السلام - ومريم لم تكونا نبيين ولا مرسلين ولكنهما كانتا من عباد الله الصالحين . فعلى مذهب هذا الشيخ كتاب الله يصحح الحنبلية .
0 تعليق على موضوع "احمد الحسن(ع) أجتمع عليه آل محمد(ع) في الرؤيا"
الإبتساماتإخفاء