الطريقة الصحيحة لمعرفة اليماني

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

لكي نتحصل على معرفة حقيقية لشخصية اليماني لابد أن يكون مصدر هذه المعرفة هو الروايات الواردة عن أهل البيت (ع)، ففي الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 399:
عن أبي مريم قال: قال: ( أبو جعفر عليه السلام لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: شرقا وغربا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت ).
فما خرج منهم (ع) هو العلم الحقيقي وهو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أما ما لدى غيرهم فليس سوى تخرصات وتقولات واستحسانات تلفقها عقولهم الناقصة.
من هذا المنطلق سأترك القلم لكلام السيد أحمد الحسن (ع) الذي بيّن فيه حدود شخصية اليماني أجلى بيان وأوضحه اعتماداً على الرواية الواردة عن الإمام الباقر (ع)، يقول السيد أحمد الحسن (ع):
(( أما بالنسبة لحدود شخصية اليماني فقد ورد في الرواية عن الباقر(ع) ( وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى ، لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) الغيبة  - محمد بن ابراهيم النعماني  ص 264. وفيها :- 
أولاً / (لا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار) : وهذا يعني أن اليماني صاحب ولاية إلهية فلا يكون شخص حجة على الناس بحيث إن إعراضهم عنه يدخلهم جهنم وإن صلوا وصاموا إلا إذا كان من خلفاء الله في أرضه وهم أصحاب الولاية الإلهية من الأنبياء والمرسلين والأئمة والمهديين.
أقول كلام السيد أحمد الحسن (ع) هذا تؤكده روايات كثيرة منها ما ورد في الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 185:
( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أبو جعفر عليه السلام : دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين فقال عليه السلام : يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله عز وجل : " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون " ؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك ، فقال : الحسنة معرفه الولاية وحبنا أهل البيت والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت ، ثم قرأ عليه هذه الآية ).
وفي الكافي أيضاً ج 1 - ص 186:
( عن بشير العطار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : نحن قوم فرض الله طاعتنا وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته ).
وفيه كذلك - ج 1 - ص 187:
( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : نحن الذين فرض الله طاعتنا ، لا يسع الناس إلا معرفتنا ولا يعذر الناس بجهالتنا ، من عرفنا كان مؤمنا ، ومن أنكرنا كان كافرا ، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا حتى يرجع إلى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة فإن يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء ).
وفي وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 130:
( عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول : احذروا على دينكم ثلاثة ، رجلا قرأ القرآن حتى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره ورماه بالشرك ، فقلت : يا أمير المؤمنين أيهما أولى بالشرك ؟ قال : الرامي ، ورجلا استخفته الأكاذيب كلما أحدث أحدوثة كذب مدها بأطول منها ، ورجلا آتاه الله سلطانا فزعم أن طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله ، وكذب لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لا ينبغي أن يكون المخلوق حبه لمعصية الله ، فلا طاعة في معصيته ولا طاعة لمن عصى الله ، إنما الطاعة لله ولرسوله ( صلى الله عليه وآله ) ولولاة الأمر ، وإنما أمر الله بطاعة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية ، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته ).
وفي الفضائل - شاذان بن جبرئيل القمي - ص 96:
( عن عبد الله بن عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله حب علي ( ع ) حسنة لا تضر معها سيئة وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة ).
وفي عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق - ج 1 - ص 144 – 145:
( عن إسحاق بن راهويه قال : لما وافى أبو الحسن الرضا عليه السلام نيسابور وأراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع عليه أصحاب الحديث فقالوا له : يا بن رسول الله ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك ؟ وكان قد قعد في العمارية فاطلع رأسه وقال سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام يقول سمعت النبي ( ص ) يقول سمعت الله عز وجل يقول : لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي قال فلما مرت الراحلة نادانا بشروطها وأنا من شروطها ).
من هذه الأحاديث يتضح أن معرفة الحجة من التوحيد، وطاعته حسنة لا تضر معها سيئة، ولا عذر لمن يجهله، وإن الله إنما أمر بطاعة من أمر بطاعتهم لأنهم معصومون لا يخرجون الناس من حق ولا يدخلونهم في باطل، وعليه فإن أمرهم بطاعة اليماني وعدم الالتواء عليه، ونصهم على أن الملتوي عليه من أهل النار، يدل حتماً على أنه حجة من حجج الله تعالى.
ويقول السيد أحمد الحسن (ع):  
ثانياً /  (أنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) : والدعوة إلى الحق والطريق المستقيم أو الصراط المستقيم تعني أن هذا الشخص لا يخطأ فيُدخل الناس في باطل أو يخرجهم من حق أي انه معصوم منصوص العصمة وبهذا المعنى يصبح لهذا القيد أو الحد فائدة في تحديد شخصية اليماني أما افتراض أي معنى آخر لهذا الكلام (يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) فانه يجعل هذا الكلام منهم (ع) بلا فائدة فلا يكون قيداً ولا حداً لشخصية اليماني وحاشاهم (ع) من ذلك.
أقول يؤكد ما قاله السيد أحمد الحسن ما ورد في القرآن الكريم/ سورة الأحقاف- آية 30- 31:
( قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم. يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ).
فالقرآن يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، ومن هذا شأنه معصوم وإمام بالتأكيد، كما إن القرآن معصوم وإمام.
وفي الصراط المستقيم - علي بن يونس العاملي - ج 1 - ص 283 – 284:
( منها قوله تعالى ( وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) أسند إبراهيم الثقفي إلى الأسلمي قول النبي صلى الله عليه وآله سألت الله أن يجعلها لعلي ففعل. وأسند الشيرازي من أعيانهم إلى قتادة عن الحسن البصري في قوله ( هذا صراطي مستقيما ) قال : يقول : هذا طريق علي بن أبي طالب وذريته طريق مستقيم ودين مستقيم فاتبعوه ، تمسكوا به فإنه واضح لا عوج فيه . وفي تفسير وكيع عن السدي ومجاهد عن ابن عباس في قوله ( اهدنا الصراط المستقيم ) معناه أرشدنا إلى حب النبي وأهل بيته ).
فعلي وذريته هم الصراط المستقيم، الأمر الذي يعني أن اليماني الموصوف بأنه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم هو منهم (ع). 
وفي كتاب الأربعين - محمد طاهر القمي الشيرازي - ص 572:
( قول علي عليه السلام : اني للقاء ربي لمشتاق ، ولحسن ثوابه لمنتظر ، واني لعلى طريق مستقيم من أمري وبينة من ربي ).
وفي بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 53 - ص 190 – 191:
( إكمال الدين : توقيع منه عليه السلام كان خرج إلى العمري وابنه رضي الله عنهما رواه سعد بن عبد الله قال الشيخ أبو جعفر رضي الله عنه : وجدته مثبتا بخط سعد بن عبد الله رضي الله عنه. وفقكما الله لطاعته ، وثبتكما على دينه، وأسعدكما بمرضاته ... إلى قوله: أما تعلمون أن الأرض لا تخلو من حجة إما ظاهرا، وإما مغمورا، أولم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله واحدا بعد واحد إلى أن أفضى الأمر بأمر الله عز وجل إلى الماضي - يعني الحسن بن علي - صلوات الله عليه، فقام مقام آبائه عليهم السلام يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ).
في هذا التوقيع الشريف يقول الإمام المهدي (ع) إن الأئمة (ع) من شأنهم أن يهدوا إلى الحق وإلى طريق مستقيم.   
وفي بحار الأنوار أيضاً - ج 91 - ص 174 – 176، ينقل العلامة المجلسي دعاء، فيه: 
( الكتاب العتيق الغروي : دعاء التمجيد : اللهم أنت المحيط بكل شيء ، القائم بالقسط ، الرقيب على كل شيء الوكيل على كل شيء ... إلى قوله: تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ، عليك الهدى تهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم . لا تدركك الأبصار وأنت تدرك الأبصار ، وأنت اللطيف الخبير ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. لا تضل ولا تنسى ، وأنت غني عن العالمين ، لم تتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن لك شريك في الملك ، ولم يكن لك ولي من الذل ، ولا تظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة تضاعفها ، وتؤت من لدنك أجرا عظيما ، لا معقب لحكمك وأنت تهدي السبيل ، لا مكرم من أهنت ).
في الدعاء الله سبحانه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، وإذن من يهدي من البشر إلى الحق وإلى طريق مستقيم لابد أن يكون من الله ومسدداً بالله سبحانه وتعالى.
وفي البحار أيضاً - ج 97 - ص 359 – 362:
( قال المفيد رحمه الله وأما الرواية الثانية فهي ما روي عن أبي محمد الحسن بن العسكري عن أبيه صلوات الله عليهما وذكر أنه عليه السلام زار بها في يوم الغدير في السنة التي أشخصه المعتصم، فإذا أردت ذلك فقف على باب القبة الشريفة واستأذن وادخل مقدما رجلك اليمنى على اليسرى، وامش حتى تقف على الضريح واستقبله واجعل القبلة بين كتفيك وقل : السلام على محمد رسول الله خاتم النبيين وسيد المرسلين وصفوة رب العالمين أمين الله على وحيه وعزائم أمره والخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله ، ورحمة الله وبركاته وصلواته وتحياته ، والسلام على أنبياء الله ورسله وملائكته المقربين وعباده الصالحين ، السلام عليك يا أمير المؤمنين و سيد الوصيين ووارث علم النبيين وولي رب العالمين ومولاي ومولى المؤمنين و رحمة الله وبركاته ، السلام عليك يا مولاي يا أمير المؤمنين يا أمين الله في أرضه و سفيره في خلقه وحجته البالغة على عباده ... إلى قوله: وأنت أول من آمن بالله وصلى له وجاهد وأبدى صفحته في دار الشرك والأرض مشحونة ضلالة والشيطان يعبد جهرة وأنت القائل : لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة ، ولا تفرقهم عني وحشة ، ولو أسلمني الناس جميعا لم أكن متضرعا ، اعتصمت بالله فعززت ، وآثرت الآخرة على الأولى فزهدت ، وأيدك الله وهداك ، وأخلصك واجتباك ، فما تناقضت أفعالك ، ولا اختلفت أقوالك ، و لا تقلبت أحوالك ، ولا ادعيت ولا افتريت على الله كذبا ، ولا شرهت إلى الحطام ، ولا دنسك الآثام ، ولم تزل على بينة من ربك ويقين من أمرك ، تهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، اشهد شهادة حق وأقسم بالله قسم صدق أن محمدا و آله صلوات الله عليهم سادات الخلق ، وأنك مولاي ومولى المؤمنين وأنك عبد الله... إلخ الزيارة ).
في الزيارة علي عليه السلام يهدي إلى الحق وطريق مستقيم، فاليماني إذن على نهج علي (ع) وهو حجة ومعصوم مثله.
يقول السيد أحمد الحسن:
النتيجة مما تقدم في أولاً وثانياً إن اليماني حجة من حجج الله في أرضه ومعصوم منصوص العصمة، وقد ثبت بالروايات المتواترة والنصوص القطعية الدلالة إن الحجج بعد الرسول محمد (ص) هم الأئمة الإثنا عشر (ع) وبعدهم المهديين الإثنا عشر ولا حجة لله في الأرض معصوم غيرهم  وبهم تمام النعمة وكمال الدين وختم رسالات السماء. 
وقد مضى منهم (ع) أحد عشر إمام وبقي الإمام المهدي (ع) والإثنا عشر مهدياً ، واليماني يدعوا إلى الإمام المهدي (ع) فلابد أن يكون اليماني أول المهديين لان الأحد عشر مهدياً بعده هم من ولده (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (آل عمران:34) ويأتون متأخرين عن زمن ظهور الإمام المهدي (ع) بل هم في دولة العدل الإلهي والثابت أن أول المهديين هو الموجود في زمن ظهور الإمام المهدي (ع) وهو أول المؤمنين بالإمام المهدي (ع) في بداية ظهوره وتحركه لتهيئة القاعدة للقيام كما ورد في وصية رسول الله (ص) . ومن هنا ينحصر شخص اليماني بالمهدي الأول من الإثني عشر مهدياً.
ويثبت السيد أحمد الحسن هذه الحقيقة بقوله:
وان أردت المزيد فأقول إن اليماني ممهد في زمن الظهور المقدس ومن الثلاث مائة وثلاث عشر ويسلم الراية للإمام المهدي، والمهدي الأول أيضاً موجود في زمن الظهور المقدس وأول مؤمن بالإمام المهدي (ع) في بداية ظهوره وقبل قيامه ، فلا بد أن يكون أحدهما حجة على الآخر وبما أن الأئمة والمهديين حجج الله على جميع الخلق والمهدي الأول منهم فهو حجة على اليماني إذا لم يكونا شخص واحد وبالتالي يكون المهدي الأول هو قائد ثورة التمهيد فيصبح دور اليماني ثانوي بل مساعد للقائد وهذا غير صحيح لان اليماني هو الممهد الرئيسي وقائد حركة الظهور المقدس ، فتحتم أن يكون المهدي الأول هو اليماني واليماني هو المهدي الأول.
لتفصيل ما ذكره السيد أحمد الحسن (ع) أقول:
إن اليماني هو الممهد الأول للإمام المهدي (ع)، فكما قال الإمام الباقر (ع): (وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى ، لأنه يدعو إلى صاحبكم ).
إذن هو يدعو للإمام المهدي ويمهد له، وعلى الجميع أن يطيعوه، بما فيهم الأصحاب الـ ( 313 ) لأن الملتوي عليه من أهل النار، والأمر صريح في النهوض له ( وإذا خرج اليماني فانهض إليه )، واليماني كما ثبت مما تقدم حجة من حجج الله تعالى، بل إنه منصوص عليه أنه قائد جيش الغضب أو قائد الأصحاب، (أمير جيش الغضب ليس من ذي ولا ذهو، لكنهم يسمعون صوتاً ما قاله إنس ولا جان: بايعوا فلاناً باسمه، ليس من ذي ولا ذهو ولكنه خليفة يماني ) (الملاحم والفتن / ابن طاووس: 80).  
وجيش الغضب هو جيش الأصحاب عن علي (ع) حين سأله أحدهم عن جيش الغضب، قال: (... أولئك قوم يأتون في آخر الزمان، قزع كقزع الخريف، والرجل والرجلان والثلاثة من كل قبيلة حتى يبلغ تسعة، أما والله إني لأعرف أميرهم واسمه ومحل ركابهم، ثم نهض وهو يقول: باقراً باقراً باقراً، ثم قال: ذلك رجل من ذريتي يبقر العلم بقراً) (غيبة النعماني: 325).
وفي الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 313:
( عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في قول الله عز وجل : " فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا " قال : الخيرات الولاية وقوله تبارك وتعالى : " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا " يعني أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا ).   
من هذه الروايات يتضح أن جيش الغضب الذي يقوده اليماني هم الأصحاب الـ (313).
وإذا كان اليماني قائد الأصحاب وحجة عليهم فهو بالضرورة قائد وحجة على أحمد ابن الإمام المهدي (ع) الذي تذكره وصية رسول الله (ص) لأن أحمد هو أحد الأصحاب، بل إنه أولهم، فوصية رسول الله (ص) التي ذكرناها مفصلة في مبحث روايات المهديين تصف أحمد بأنه أول المؤمنين: (ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها الى ابنه أول المقربين، له ثلاثة أسامي, اسم كاسمي واسم أبي وهو عبدالله وأحمد، والإسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين ). 
فأحمد إذن هو أول المؤمنين بظهور أبيه الإمام المهدي (ع)، أي إنه أول الأصحاب، وسيدهم وأفضلهم، فالأولية هنا أولية زمنية ورتبية، بل إن استقراء تأريخ الأنبياء والأوصياء يؤكد وجود الوصي مرافقاً للنبي أو الوصي السابق له، وأنه دائماً أول من يؤمن به، وأكثر الناس بذلاً لنصرته. فعلي (ع) هو أول المؤمنين برسول الله (ص) وهو وصيه، ففي الإرشاد - الشيخ المفيد - ج 1 - ص 38:
عن ابن عباس قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام : " يا علي إنك تخاصم فتخصم بسبع خصال ليس لأحد مثلهن : أنت أول المؤمنين معي إيمانا ).
وفي الأربعون حديثا - منتجب الدين بن بابويه - ص 20 – 21:
عن ابن عباس ، قال : ( سمعت عمر بن الخطاب وعنده جماعة فتذاكروا السابقين إلى الاسلام يقول : أما علي بن أبي طالب فسمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : فيه ثلاث خصال ، لوددت أن لي واحدة منهن ، وكانت أحب إلى مما طلعت عليه الشمس . وكنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة وجماعة من الصحابة ، إذ ضرب النبي - عليه وآله السلام - يده على منكب علي عليه السلام فقال : يا علي أنت أول المؤمنين إيمانا ، وأول المسلمين إسلاما ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ).
كما إن الروايات التي تسمي أصحاب الإمام المهدي (ع) تنص على أحمد في بعضها وتشير له في بعضها الآخر؛ فعن الإمام  الصادق (ع) في خبر طويل يسمي فيه الأصحاب ال (313) يقول:(... ومن البصرة عبدالرحمن بن الأعطف بن سعد، و أحمد، ومليح، وحماد بن جابر) (بشارة الإسلام: 181). وعن أمير المؤمنين (ع):(... ألا وإن أولهم من البصرة، وآخرهم من الأبدال...) (نفسه: 148)، إذن أمير المؤمنين (ع) ينص في هذه الرواية الأخيرة على أن أول الأصحاب من البصرة، وقبلها نصت الرواية الواردة عن الإمام الصادق على أن من جملة الأصحاب في البصرة (أحمد)، وحيث أن وصية رسول الله (ص) دلت على أن أول الأصحاب اسمه (أحمد)، فتكون حصيلة الروايات كالآتي: إن (أحمد) وصي  الإمام المهدي (ع) هو أول الأصحاب، وهو من البصرة.
علماً أن ثمة رواية أخرى تسمي الأصحاب الثلاثمائة والثلاثة عشر، وفيها : من البصرة على ومحارب، بيد أن من يحصي الأسماء يجدها أقل من العدد المذكور الأمر الذي يدل على أن الرواية ليست بصدد استقصاء جميع الأسماء، أو أن أسماء قد سقطت منها الأمر الذي يعني بالنتيجة إنها لا تصلح لمعارضة سابقتها. 
والآن إذا كان أحمد هو وصي أبيه والحجة من بعده وأفضل الناس باستثنائه فلابد أن يكون هو الحجة على اليماني.
ولكننا حين نسمع الروايات الواردة بحق اليماني نعلم منها – كما مر – أنه هو الحجة على الأصحاب، فما السبيل للخروج من هذا التعارض؟
لا سبيل سوى بالقول أن اليماني هو أحمد وأن أحمد هو اليماني، أي أنهما شخص واحد.
إذن نخرج من كل ما سبق بحصيلة مفادها أن أحمد ابن الإمام المهدي (ع) هو اليماني، وعلمنا من مبحث الرايات السود أنه هو قائد الرايات السود التي تسلم الراية للإمام المهدي (ع) وقد ورد عن الباقر (ع): (إن لله تعالى كنزاً بالطالقان ليس بذهب ولا فضة؛ إثنا عشر ألفاً بخراسان شعارهم أحمد، أحمد، يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء، عليه عصابة حمراء، كأني أنظر إليه عابر الفرات، فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبواً على الثلج) (منتخب الأنوار المضيئة: 343). ومنها نعرف أن أصحاب الرايات السود يتخذون من اسم (أحمد) شعاراً لهم.
وعلمنا من مبحث الرايات السود أن أحمد الذي يتخذون من اسمه شعاراً لهم هو شاب من بني هاشم وهو من أهل بيت الإمام المهدي (ع)، وهو ( إمام أهل بيتي ) كما أخبر عنه الرسول (ص)، وهو العبد العنيف الذي يبعثه الله ( بعث عليها عبداً عنيفاً )، أي إنه مرسل من الإمام المهدي (ع)، وهذه النتيجة تتطابق تماماً مع ما وجدناه في رواية اليماني، فهو ( يدعو لصاحبكم )، أي إنه رسول أو سفير من الإمام المهدي (ع) كما اعترف الكوراني في كتابه عصر الظهور بقوله: ( ولكن المرجح أن يكون السبب الأساسي في أن ثورة اليماني أهدى، إنها تحظى بشرف التوجيه المباشر من المهدي عليه السلام، وإنها جزء من خطة حركته عليه السلام، وأن اليماني يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه) (عصر الظهور:114). وأضاف الكوراني لهذا النص في كتابه (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي) عبارة ((فاليماني سفيره الخاص)) (المعجم الموضوعي: 619).                                   
ولكن هل اتضحت كل معالم شخصية اليماني، التي تمثل في الحقيقة سر الظهور الذي كشف عنه السيد أحمد الحسن (ع)، الجواب هو بالنفي فما زالت الجهة الأهم في شخصيته خافية، وسنوضحها إن شاء الله فيما يلي من مباحث.

0 تعليق على موضوع "الطريقة الصحيحة لمعرفة اليماني"


الإبتساماتإخفاء