اليماني هوه قائم آل محمد

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

قبل أن أدخل في موضوعي أود الإشارة إلى أمر مهم، لكي لا تتلقف الظنون عبارة (اليماني هو قائم آل محمد) بكثير من الأوهام، غير المقصودة من البعض والمقصودة من آخرين.
أود أن أقول: إن اليماني هو القائم بالسيف بأمر من أبيه الإمام المهدي (ع)، وهذا المعنى الذي يؤكد وجود الإمام المهدي (ع)، ويمنحه دوره الكامل سيكون دائماً حداً لن تتجاوزه كلماتي.
ولأبدأ الآن بالرواية التالية، ورد في الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 295:
( عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يُعبد من دون الله عز وجل ).
هذه الرواية تعني أن كل راية على الإطلاق ترفع قبل القائم هي راية ضلال وصاحبها طاغوت يُعبد من دون الله، لا يُستثنى من هذا الحكم غير راية القائم فقط.
ولكنا علمنا مما تقدم أن راية اليماني – وهي قبل الإمام المهدي (ع) – هي راية هدى، بل أهدى الرايات، فكيف نخرج من التعارض بين رواية اليماني والرواية الواردة في الكافي أعلاه؟
ليكن واضحاً لنا أن أي حل للتعارض لابد أن يُبقي على مضمون كلتا الروايتين دون أن يُسقط منه شيئاً.
والحل الوحيد الذي يمكن أن نتحصله في حالتنا هو أن نقول أن راية القائم وراية اليماني هما راية واحدة، بمعنى أن القائم هو نفسه اليماني. وهذه الحقيقة أشارت لها الرواية الآنفة التي نصت على أن أمير جيش الغضب أو قائد الأصحاب الثلاثمائة وثلاثة عشر هو خليفة يماني، وعن أبي عبدالله (ع)، قال: (إذا أذن الإمام دعى الله باسمه العبراني فأتيحت له صحابته الثلاثمائة والثلاثة عشر قزع كقزع الخريف). 
فالخليفة اليماني بحسب أبي عبدالله (ع) هو إمام.
ورد في الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 535:
عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( إن الله تعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا سويا ، مباركا ، يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل ، فحدث عمران امرأته حنة بذلك وهي أم مريم ، فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام ، فلما وضعتها قالت : رب إني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى، أي لا يكون البنت رسولا يقول الله عز وجل والله أعلم بما وضعت ، فلما وهب الله تعالى لمريم عيسى كان هو الذي بشر به عمران ووعده إياه ، فإذا قلنا في الرجل منا شيئا وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك ).
الإمام الصادق (ع) ينبهنا في هذه الرواية إنهم (ع) إذا قالوا أن القائم هو فلان منهم وكان ولده أو ولد ولده هو القائم فعلينا أن لا ننكر ذلك. والذي يقوي أن الأمر يعني القائم هو أنهم لم يقولوا في أحد من الأئمة السابقين للإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) شيئاً ولم يكن فيه، ويدل عليه كذلك إن سياق حديثه (ع) كان في عيسى (ع) وهو المنقذ الذي كان ينتظره اليهود. 
وفي الكافي أيضاً - ج 1 - ص 535:
( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا قلنا في رجل قولا ، فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك ، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء ).
وقوله: (فإن الله تعالى يفعل ما يشاء )، واضح في أن الأمر يستبطن اختباراً للناس.
وفي الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 535:
( عن أبي خديجة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قد يقوم الرجل بعدل أو يجور وينسب إليه ولم يكن قام به، فيكون ذلك ابنه أو ابن ابنه من بعده ، فهو هو).
وهذه الرواية تدل على أن أمراً ما أو عملاً ما قام به ابن الرجل أو ابن ابنه ثم نُسب إليه – أي إلى نفس الرجل – فالنسبة صحيحة.
وهكذا إذا قال آل محمد (ع) إن القائم هو الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع)، وكان القائم هو ولده أحمد فهو هو. 
وفي الإمامة والتبصرة - ابن بابويه القمي - ص 94:
( عن أبي عبيدة الحذاء: قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذا الأمر، متى يكون؟ قال: إن كنتم تؤملون أن يجيئكم من وجه ، ثم جاءكم من وجه فلا تنكرونه ).
هنا أبو عبيدة يسأل الإمام الباقر (ع) عن هذا الأمر، أي عن أمر القائم (ع)، فيجيبه، إنه إذا كنتم تؤملون أن يجيئكم من وجه ثم جاءكم من وجه فلا تنكرونه!؟ وهذا الكلام من الإمام (ع) لا يمكن أن يكون دون معنى أبداً، بل الأكيد الأكيد إن الإمام (ع) يقصد منه الإشارة إلى أمر سيقع، ويريد من شيعته أن يلتفتوا له، ولا ينكرونه.  
على أي حال كانت هذه مقدمات لتهيئة ذهن القارئ، وفيما يأتي استعراض لما وقعت عليه يدي من أدلة تؤكد هذا الأمر:-
الدليل الأول:
عن حذيفة، قال: ((سمعت رسول الله (ص) – وذكر المهدي – فقال: إنه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبدالله والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها)) (غيبة الطوسي: 299 و 305).
الرسول (ص) في هذه الرواية يسمي المهدي (ع) ويذكر له ثلاثة أسماء، وهي الأسماء نفسها التي ذكرها (ص) لولد الإمام المهدي ( أحمد ) في رواية الوصية حيث قال (ص) هناك: (( ... يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملى رسول الله (ص) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال يا علي إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً فأنت يا علي أول الإثني عشر إماماً ... وساق الحديث إلى أن قال : وليسلمها الحسن (ع)إلى ابنه م ح م د المستحفظ من آل محمد (ص) فذلك إثنا عشر إماماً ، ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله و أحمد ، والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين )).
فالمهدي (ع) الذي يبايع بين الركن والمقام هو ولد الإمام المهدي (ع)، أي أحمد الذي هو اليماني نفسه. والأسماء الثلاثة التي يذكرها رسول الله في الوصية، ويكررها في الرواية التي يذكر فيها المهدي تدل على هذه الحقيقة.
وبطبيعة الحال لا حاجة للتذكير بأن المهديين الإثني عشر ومنهم أحمد يصح على كل منهم إطلاق لقب المهدي.
الدليل الثاني:
وقال رسول الله (ص)، في حديث طويل ... إلى أن قال (ص) : (( الحقوا به بمكة فإنه المهدي وأسمه أحمد )) ( الملاحم والفتن ص68 ). 
وهذه الرواية تنص على أن اسم المهدي هو أحمد. بل لعلنا من خلال هذه الرواية يمكننا أن نفهم ما ورد من إن المهدي اسمه اسم رسول الله (ص)، واسم أبيه اسم أبي الرسول (ص).
فقد ورد في الغيبة - الشيخ الطوسي - ص 180 – 182:
( عن عاصم، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث رجلا مني يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما ).
الملاحم والفتن - السيد ابن طاووس - ص 157:
عن أبي الطفيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( المهدي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ).
هذه الروايات واشباهها ربما دفعت أبناء العامة للظن بأن اسم الإمام المهدي (ع) هو محمد بن عبدالله، ولكننا نعلم أن رسول الله (ص) اسمه (أحمد) كذلك، وهو (ص) كثيراً ما كان يقول: أنا ابن الذبيحين عبدالله واسماعيل.
ففي البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج 2 - ص 288:
( روي عنه عليه السلام أنا ابن الذبيحين يعني أباه عبد الله وإسماعيل ).
وفي الخصال - الشيخ الصدوق - ص 55 – 56:
( حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن علي - ابن موسى الرضا عليهما السلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله : أنا ابن الذبيحين قال : يعني إسماعيل ابن إبراهيم الخليل عليهما السلام وعبد الله بن عبد المطلب ).
وفي من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج 4 - ص 368:
عنه (ص): ( يا علي : أنا ابن الذبيحين ).
وفي الفصول المختارة - الشريف المرتضى - ص 60:
( وقال رسول الله ( ص ) في افتخاره بآبائه : أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل - عليه السلام - و عبد الله ).
والسيد أحمد الحسن (ع) اسمه أحمد واسم أبيه إسماعيل.
الدليل الثالث:
كفاية الأثر – الخزاز القمي- 158:
عن محمد بن الحنفية، قال: قال أمير المؤمنين (ع): (( سمعت رسول الله (ص) يقول، في حديث طويل في فضل أهل البيت (ع): وسيكون بعدي فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من السابع من ولدك )).
الرسول (ص) يحدث أمير المؤمنين (ع) عن فتنة تقع عند فقدان الخامس من ولد السابع من ولد أمير المؤمنين (ع)، فهو يقول له: من ولدك.
لنرى من يكون هذا الولد من أولاد علي (ع):
1-    الإمام الحسن 2- الإمام الحسين 3- الإمام السجاد 4- الإمام الباقر 5- الإمام الصادق 6- الإمام الكاظم 7- الإمام الرضا ( وهو السابع ) والآن لنعرف من هو الخامس من السابع من ولد أمير المؤمنين (ع):
1-    الإمام الجواد 2- الإمام الهادي 3- الإمام العسكري 4- الإمام المهدي 5- الإمام أحمد المذكور في وصية رسول الله (ص). إذن المقصود هنا هو أحمد بن الإمام المهدي (ع)، هو الخامس من السابع من ولد أمير المؤمنين. وهو الذي بفقدانه تكون الفتنة الصماء الصيلم أي الإختبار الذي يسقط فيه كل ذي وليجة وبطانة. 
وفي الكافي – الشيخ الكليني / ج1: 336:
قال إن الإمام الكاظم (ع) قال لأولاده وأرحامه : ((إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لايزيلنكم عنها أحد. يا بني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به!؟ إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه، لو علم أباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه. قال، فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه)). 
الإمام الكاظم (ع) يُحدث أولاده وأرحامه عن صاحب هذا الأمر، أي عن القائم (ع)، ويحذرهم من الامتحان الذي يحدث عن فقد الخامس من ولد السابع، ولكن هذه الرواية لا تقول إنه الخامس من ولد السابع من ولد أمير المؤمنين، فهل المقصود منها إذن الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع)؟
لنتساءل الآن: عن أي شئ تصغر عنه عقول أبناء الإمام الكاظم وأرحامه وتضيق عنه أحلامهم؟ هم يسألونه عن الخامس من ولد السابع. فهل معرفة اسم الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) الذي يعرفه القاصي والداني، وذكرته الروايات، وغيبته التي وردت فيها عشرات الروايات، هل هذا هو ما تضيق عن حمله أحلام أبناء الإمام الكاظم وأرحامه وتصغر عنه؟ 
لا شك في أن الأمر يتعلق بشخص آخر ادخره الله ليبتلي به الناس وتكون نتيجة هذا الابتلاء رجوع من كان يقول بأمرهم أي يخرج من ولايته (ع).
لنقرأ الرواية التالية:
بحار الأنوار- العلامة المجلسي- ج36ص335:
وعن عبدالرحمان بن أبي ليلى، قال علي (ع):((كنت عند النبي (ص) في بيت أم سلمة... الى أن قال (ع): ثم التفت إلينا رسول الله (ص) فقال رافعاً صوته: الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي. قال علي: فقلت: يارسول الله، فما تكون هذه الغيبة؟ قال: الصمت حتى يأذن الله له بالخروج...)).
إذن هو الخامس من ولد السابع من ولد أمير المؤمنين (ع) وهو أحمد كما سلف القول، والفتنة أو الاختبار ليس هو الغيبتان كما حصل للإمام المهدي (ع)، وإنما هو الصمت حتى يأذن الله له بالخروج. وأحمد هو صاحب الأمر الذي ذكره الإمام الكاظم (ع).

الدليل الرابع:
عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين (ع) فوجدته متفكراً ينكت في الأرض، فقلت: ما لي أراك متفكراً تنكت في الأرض، أرغبة منك فيها؟ فقال:((لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط، ولكني فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً، تكون له غيبة وحيرة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون. فقلت: وكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين! فقلت: وإن هذا لكائن؟ فقال: نعم، كما أنه مخلوق، وأنى لك بهذا الأمر  ياأصبغ، أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة. فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك؟ فقال: ثم يفعل الله ما يشاء، فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات)) ( الكافي / ج1: 379). 
لابد من توضيح أن الرواية قيد البحث قد وردت لها صورتان الأولى بلفظ ( من ظهر ) والثانية (من ظهري )، ولتحقيق المسألة لابد بدءاً من التأكيد على أن الرواية قد وردت في كتاب الكافي لمؤلفه الشيخ الكليني بالصورتين معاً ، كما تدل عليه إشارة محقق الكتاب حين وضع الياء بين معقوفتين بالشكل الآتي [ من ظهر(ي) ] .
إن عمل المحقق بوضع الياء بين معقوفتين يشير إلى أن ورود الياء قد جاء في بعض النسخ. ولو تحققنا من الأمر سنجد أن الياء قد أضيفت إلى كلمة ( ظهر ) من قبل بعض النساخ، والأدلة على هذا كثيرة، منها؛ إن الرواية وردت في الهداية الكبرى - الحسين بن حمدان الخصيبي - ص 362، بصورة ( من ظهر ) كما يلي:
( عن الأصبغ بن نباتة ، قال دخلت على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فوجدته مفكرا ينكت في الأرض قلت : يا مولاي مالي أراك مفكرا قال : في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي وهو المهدي الذي يملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما يكون له غيبة يضل بها أقواما ، ويهدي بها آخرين أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة فقلت : ثم ماذا : قال : يفعل الله ما يشاء ، من الرجعة البيضاء والكرة الزهراء ، وإحضار الأنفس الشح والقصاص والأخذ بالحق والمجازاة بكل ما سلف ثم يغفر الله لمن يشاء ).
ومعلوم أن كتاب الهداية من أقدم الكتب الشيعية، بل إن الرواية وردت في دلائل الإمامة - محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) - ص 529 – 530، وهو يشترك بالسند مع الشيخ الكليني، وفيها ( من ظهر ) ولكن ليس فيها ( من ولدي ) كما يلي:
( أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون ، عن أبيه ، عن أبي علي محمد بن همام ، عن عبد الله بن جعفر ، عن الحسن بن علي الزبيري ، عن عبد الله بن محمد بن خالد  الكوفي ، عن منذر بن محمد بن قابوس ، عن نصر بن السندي ، عن أبي داود ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن مالك الجهني ، عن الحارث بن المغيرة ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : أتيت أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) فوجدته مفكرا ، ينكت في الأرض، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما لي أراك مفكرا ، تنكت في الأرض ؟ أرغبة منك فيها ؟ ‹ صفحة 530 › فقال : لا والله ، ما رغبت في الدنيا قط ، ولكني فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر، هو المهدي ، يملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما ، تكون له حيرة وغيبة ، يضل فيها قوم ، ويهتدي بها آخرون . فقلت : يا أمير المؤمنين ، وكم تكون تلك الحيرة ، وتلك الغيبة ؟ قال ( عليه السلام ) : وأني لك ذلك ، وكيف لك العلم بهذا الأمر يا أصبغ ! أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة ).
ووردت كذلك في كتاب الاختصاص - الشيخ المفيد - ص 209، بسند مقارب، وفيها أيضاً ( من ظهر ) كما يلي:
( حدثنا محمد بن قولويه قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن خالد الطيالسي عن المنذر بن محمد ، عن النصر بن السندي، عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترق عن ثعلبة بن ميمون ، عن مالك الجهني ، عن الحارث بن المغيرة ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال سعد بن عبد الله : وحدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الكوفي قال : حدثنا الحسن ابن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن مالك الجهني ، عن الحارث بن المغيرة ، عن الأصبغ بن نباتة قال : أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فوجدته متفكرا " ينكت في الأرض، فقلت : يا أمير المؤمنين ما لي أراك متفكرا " تنكت في الأرض ، أرغبة منك فيها ؟ قال : لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما " قط ولكني فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملأها عدلا وقسطا " كما ملئت ظلما " وجورا " ، يكون له حيرة وغيبة ، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، فقلت : إن هذا لكائن ؟ قال : نعم كما أنه مخلوق فأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ ، أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة ، قلت : وما يكون بعد ذلك ؟ قال : الله يفعل ما يشاء فإن لله إرادات وبداءات وغايات ونهايات ).
ويرويها الشيخ الطوسي في موضعين من كتابه الغيبة، الأول: ص 165 – 166، والثاني: ص 336 وبسند آخر عن ثعلبة من ميمون، وفيها ( من ظهر )، كما يلي:
( ورواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن مالك الجهني ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فوجدته ينكت في الأرض ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ما لي أراك مفكرا تنكت في الأرض ؟ أرغبة منك فيها ؟ . قال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا قط ، ولكني تفكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملاها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، يكون له حيرة وغيبة تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون . قلت : يا مولاي فكم تكون الحيرة والغيبة ؟ . قال : ستة أيام ، أو ستة أشهر ، أو ست سنين . فقلت : وإن هذا الامر لكائن ؟ فقال : نعم كما أنه مخلوق ، وأنى لك بهذا الامر يا أصبغ ، أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة ، قال : قلت : ثم ما يكون بعد ذلك ؟ قال : ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات ).
من هذا يتبين أن ما ورد في أحد نسخ الكافي، من إضافة (ياء) لكلمة ظهر إنما هو من عمل النساخ، ويقويه الدلائل التالية:
1- إن الرواية تنص على غيبة واحدة لا غيبتين ( له غيبة وحيرة ...الخ ) والحيرة هنا هي نفس الغيبة وليست شيئاً آخر، بدلالة الجواب، فالأمير (ع) أجاب : ( ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين ) وبهذا الجواب جمع الحيرة والغيبة معاً ، بل لقد ورد توضيح معنى هذا الغيبة عن رسول الله (ص) بأنه الصمت لا نفس الغياب المعروف عن الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) فعن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال علي (ع):(كنت عند النبي (ص) في بيت أم سلمة... إلى أن قال (ع): ثم التفت إلينا رسول الله (ص) فقال رافعاً صوته: الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي. قال علي: فقلت: يارسول الله، فما تكون هذه الغيبة؟ قال: الصمت حتى يأذن الله له بالخروج...). 
2- إن الرواية توقت للغيبة وهذا خلاف ما ورد من كونهم (ع) لا يوقتون ، فعن عبدالرحمن ابن كثير قال : كنت عند أبي عبدالله (ع) اذ دخل عليه مهزم فقال له : جعلت فداك اخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظره متى هو ؟ . فقال : يا مهزم كذب الوقاتون , وكذب المستعجلون , ونجا المسلمون )) .أصول الكافي ج1ص415
وعن أبي بصير عن أبي عبدالله (ع) قال:سألته عن القائم (ع) فقال : كذب الوقاتون, إنا أهل بيت لا نوقت )) .نفسه ص415
وعنهم (ع) ((أبى الله إلا أن يخالف وقت الموقتين )) .نفسه ص415
عن الفضيل بن يسار ,عن أبي جعفر (ع)قال :قلت لهذا الأمر وقت ؟ فقال :كذب الوقاتون ,كذب الوقاتون ,كذب الوقاتون …)) .نفسه ص415. 
3- إن ورود الرواية بصورتها الأولى ( من ظهر ) في المصادر المعتبرة من قبيل غيبة الطوسي قرينة قوية على صحة هذه الصورة دون الصورة الأخرى فالمعروف عن الشيخ الطوسي دقته العلمية العالية ونقله عن الأصول فقد نقل الحر العاملي كلام الشيخ الطوسي في هذا الموضوع ملخصاً: (إن أحاديث كتب أصحابنا المشهورة بينهم ثلاثة أقسام: منها ما يكون متواتراً ومنها ما يكون مقترناً بقرينة موجبة للقطع بمضمون الخبر،ومنه ما لا يوجد فيه هذا ولا ذاك ولكن دلت القرائن على وجوب العمل به،وإن القسم الثالث ينقسم إلى أقسام: منها خبر أجمعوا على نقله ولم ينقلوا له معارضاً، ومنها ما انعقد إجماعهم على صحته وإن كل خبر عمل به في كتابي الأخبار وغيرها لا يخلو من الأقسام الأربعة) خاتمة وسائل الشيعة ص64-65.
ثم عقب الحر العاملي قائلاً: (وذكر-الشيخ الطوسي- في مواضع من كلامه أيضاً أن كل حديث عمل به فهو مأخوذ من الأصول والكتب المعتمدة). نفس المصدر السابق . وهذا الكلام يدل على أن الشيخ الطوسي(رحمه الله) لا يستدل بخبر ضعيف غير معتمد في كتبه الاستدلالية في الفقه والعقائد، ولا يخفى إن كتابه (الغيبة) هو من أوثق كتبه الاستدلالية في العقائد. 
أما عن دلالة الرواية فإن الحادي عشر من ولد أمير المؤمنين هو الإمام المهدي (ع)، والمولود الذي يكون منه هو ولده أحمد كما نصت وصية رسول الله (ص)، وهو المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً.
الدليل الخامس:
عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت أثني عشر آخرهم القائم (ع)؛ ثلاثة منهم محمد، وثلاثة منهم علي)) (من لا يحضره الفقيه / ج 4: 180. وسائل الشيعة / ج 11: 490). 
ومثله ما يلي:
عن أبي جعفر (ع)، قال : ((قال رسول الله (ص): إني وإثني عشر من ولدي و أنت يا علي زر الأرض، يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الأرض ان تسيخ بأهلها فإذا ذهب الإثنا عشر من ولدي ساخت بأهلها ولم ينظروا)) (الكافي / ج1: 534) . أقول إن القائم في رواية جابر هو أحمد بن الإمام المهدي (ع) بعد استثناء اسم علي (ع)، لأنه زوج فاطمة (ع) وليس ولدها، فالمعدودين هم ولد فاطمة (ع)، ويدل عليه كذلك إن الرواية نصت على أن ثلاثة منهم اسمهم علي بينما هم مع علي أمير المؤمنين يكونون أربعة. ومثله يقال في الرواية الثانية التي استثنت علياً (ع) بقوله (ص): ( وأنت يا علي )، وعلى أي حال فإن علياً (ع) أخو رسول الله (ص) وليس ولده، فلا يدخل إذن في قوله (ص): ( وإثني عشر من ولدي ).
الدليل السادس:
معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) - الكوراني - ج 3 - ص 240
( في صاحب هذا الأمر سنن من أربعة أنبياء: سنة من موسى ، وسنة من عيسى ، وسنة من يوسف ، وسنة من محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، فقلت : ما سنة موسى؟ قال: خائف يترقب. قلت: وما سنة عيسى؟ فقال : يقال فيه ما قيل في عيسى ، قلت: فما سنة يوسف؟ قال: السجن والغيبة. قلت: وما سنة محمد صلى الله عليه وآله؟ قال: إذا قام سار بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أنه يبين آثار محمد ، ويضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا هرجا، حتى رضي (يرضى) الله قلت : فكيف يعلم رضا الله؟ قال: يلقي الله في قلبه الرحمة ).
معلوم أن الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) لا تطاله أيدي الأعداء، فالمقصود من صاحب الأمر الذي يُسجن هو غيره. وقوله: ( يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر ) إشارة إلى أن المقصود هو صاحب الرايات السود، وهو أحمد ابن الإمام المهدي (ع) كما دلت الروايات الآنفة التي نصت على خروج رجل من أهل بيت الإمام المهدي (ع).
ورد في كنز العمال - المتقي الهندي - ج 14 - ص 589:
عن علي قال : إذا بعث السفياني إلى المهدي جيشا فخسف بهم بالبيداء وبلغ ذلك أهل الشام قالوا لخليفتهم : قد خرج المهدي فبايعه وادخل في طاعته وإلا قتلناك ، فيرسل إليه بالبيعة ويسير المهدي حتى ينزل بيت المقدس ، وتنقل إليه الخزائن ، وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته من غير قتال ، حتى تبنى المساجد بالقسطنطينية وما دونها، ويخرج قبله رجل من أهل بيته بالمشرق ويحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل ويمثل ويتوجه إلى بيت المقدس ، فلا يبلغه حتى يموت ( نعيم ) . 
وعن أمير المؤمنين (ع) إنه قال: ( ... يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته من المشرق يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل ويقتل ويتوجه إلى بيت المقدس فلا يبلغه حتى يموت) الممهدون للكوراني ص110. 
الدليل السابع:
ورد عن يزيد الكناسي عن أبي جعفر الباقر (ع): (إن صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف؛ ابن أمة سوداء ) (غيبة النعماني: 166). 
والإمام المهدي محمد بن الحسن ابن السيدة نرجس (ع) ابنة ملك الروم وليست هي أمة سوداء، فيكون المقصود ولده أحمد. 

الدليل الثامن:
عن الإمام الرضا (ع)، قال: (كأني برايات، من مصر مقبلات، خضر مصبغات، حتى تأتي الشامات، فتؤدى الى ابن صاحب الوصيات ) (المعجم الموضوعي: 451). وصاحب الوصيات هو الإمام المهدي (ع) وفي رواية الوصية تعبير مشابه حيث ورد وصف الإمام المهدي ع بأنه المستحفظ من آل محمد، وابنه هو أحمد المذكور في وصية رسول الله (ص). وفي الرايات التي تؤدى إليه من مصر دليل على أنه هو القائم.
الدليل التاسع:
قال رسول الله (ص): ( من ولدي إثنا عشر نقيباً نجباء مفهمون محدثون آخرهم القائم بالحق ليملأها عدلاً كما ملئت جوراً ) [ غيبة الطوسي ص102 / أصول الكافي ج1 ص608].    
ولد رسول الله (ص) هم: 1- الحسن 2- الحسين 3- السجاد 4- الباقر 5- الصادق 6- الكاظم 7- الرضا 8- الجواد 9- الهادي 10- العسكري 11- المهدي ( عليهم السلام أجمعين ) لأن علياً (ع) أخوه لا ولده، بل إن الرسول (ص) وعلي (ع) هما أبوا هذه الأمة، وإليكم هذه الأحاديث التي توضح هذا الأمر:
جواهر الفقه - القاضي ابن البراج - ص 249:
قال ( ص ): ( يا علي أنت أخي ووارث علمي ، وأنت الخليفة من بعدي ، وأنت قاضي ديني ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي ). 
منهاج الصالحين - الشيخ وحيد الخراساني - ج 1 - ص 159:
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): ( يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة ).
الخصال - الشيخ الصدوق - ص 429:
(عن علي عليهم السلام قال : كان لي عشر من رسول الله صلى الله عليه وآله لم يعطهن أحد قبلي ولا يُعطاهن أحد بعدي قال لي : يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة ... إلخ قوله عليه السلام ).
عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق - ج 2 - ص 264:
قال رسول الله ( ص ): ( يا علي أنت أخي ووزيري وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة وأنت صاحب حوضي من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني ).
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 23 - ص 128:
( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي أنت أخي ووارثي ووصيي وخليفتي في أهلي وأمتي في حياتي وبعد مماتي ، محبك محبي ، ومبغضك مبغضي يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة ).
إذن الإمام المهدي (ع) هو الولد الحادي عشر لرسول الله (ص) فيكون الولد الثاني عشر أو الأخير الذي ذكره حديثه (ص) هو أحمد المذكور في الوصية المقدسة، وهو القائم إذن.
الدليل العاشر:
قال رسول الله (ص): (( ياعلي إني مزوجك فاطمة ابنتي سيدة نساء العالمين وأحبهن إليّ بعدك وكائن منكما سيدا شباب أهل الجنة والشهداء المضرجون المقهورون في الأرض من بعدي والنجباء الزهر الذين يطفئ الله بهم الظلم ويحيي بهم الحق ويميت بهم الباطل عدتهم عدة أشهر السنة آخرهم يصلي عيسى بن مريم خلفه )) [ غيبة النعماني ص58 ] .
قوله (ص): ( عدتهم عدة أشهر السنة )، أي إن عددهم إثنا عشر، وهؤلاء الإثنا عشر عليهم السلام هم أبناء فاطمة وعلي عليهما السلام، إذن بالنتيجة يكون أحمد هو كمال عدتهم، أي هو الثاني عشر منهم، وهو الذي يصلي خلفه عيسى (ع) إذن هو القائم.       
الدليل الحادي عشر:
الهداية الكبرى - الحسين بن حمدان الخصيبي - ص 374:
عن الصادق ( عليه السلام ) عن أبيه عن جده الحسين ، عن عمه الحسن ، عن أمير المؤمنين عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال: ( إذا تواتت أربعة أسماء من الأئمة من ولدي فرابعهم القائم المؤمل المنتظر ).
والأسماء التي تتواتى لابد أن تكون على اسم رسول الله (ص) لأن أي اسم آخر يُخرج الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع)، والآن لدينا:
1-    محمد الباقر 2- محمد الجواد 3- محمد المهدي عليهم السلام، ورسول الله لا يدخل في جردة الحساب لأنه (ص) قال: من الأئمة من ولدي.
إذن الرابع لابد أن يكون أحمد، وهو القائم المؤمل المنتظر عليه السلام.
الدليل الثاني عشر:
كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري - ص 429:
في خبر طويل ... ( ثم ضرب بيده على الحسين عليه السلام فقال: ( يا سلمان ، مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما من ولد هذا. إمام بن إمام، عالم بن عالم، وصي بن وصي، أبوه الذي يليه إمام وصي عالم. قال: قلت: يا نبي الله ، المهدي أفضل أم أبوه ؟ قال: أبوه أفضل منه. للأول مثل أجورهم كلهم لأن الله هداهم به ).
فالمهدي بحسب هذا الحديث الشريف أبوه يليه، أي يأتي بعده، وهو ما ينطبق على أحمد (ع) لأنه يرسله أبوه ليقوم بالأمر ويطهر الأرض.
وقد ورد في كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ص 176:
( عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) ، قال : " إن لصاحب هذا الأمر غيبتين : إحداهما تطول حتى يقول بعضهم : مات ، وبعضهم يقول : قتل ، وبعضهم يقول : ذهب ، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير ، لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره ، إلا المولى الذي يلي أمره ).
وقوله: المولى الذي يلي أمره، أي يتولى أمره، وأمره هو القيام وتطهير الأرض من الظالمين.
الدليل الثالث عشر:   
ورد الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 534:
( عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من ولدي اثنا عشر نقيبا ، نجباء ، محدثون ، مفهمون ، آخرهم القائم بالحق يملاها عدلا كما ملئت جورا ).
أولاد رسول الله (ص) بعد استثناء أخيه علي (ع) هم أحد عشر لغاية الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع)، إذن الثاني عشر منهم هو أحمد (ع)، وهو القائم.
وهذه روايات أخرى تتحدث عن الإمام الثالث عشر وهي تؤكد ما تقدم: 
( عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وآله إلى الجن والإنس وجعل من بعده اثني عشر وصيا ، منهم من سبق ومنهم من بقي وكل وصي جرت به سنة والأوصياء الذين من بعد محمد صلى الله عليه وآله على سنة أوصياء عيسى وكانوا اثني عشر وكان أمير المؤمنين عليه السلام على سنة المسيح ).
الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 532 . الإمامة والتبصرة - ابن بابويه القمي - ص 134.
إذن أوصياء رسول الله (ص) على سنة أوصياء عيسى (ع) وهم إثنا عشر، وعلي (ع) على سنة عيسى (ع)، إذن هو غير داخل في الإثني عشر، فيكون الثاني عشر هو أحمد (ع). 
ومثله عن أنس بن مالك قال: (( سئلت رسول الله (ص) عن حواري عيسى (ع) فقال (ص): كانوا من صفوته وخيرته وكانوا إثني عشر ... وساق الحديث إلى إن قال (ص): الأئمة بعدي إثنا عشر من صلب علي (ع) وفاطمة (ع) وهم حواري وأنصاري عليهم من الله التحية والسلام )) . [كتاب لمحات للشيخ الصافي ص220]. 
ومثله في كفاية الأثر للخزاز القمي - ص 226 – 227:
( حدثني محمد بن وهبان البصري ، قال حدثني داود بن الهيثم بن إسحاق النحوي ، قال حدثني جدي إسحاق بن البهلول ابن حسان ، قال حدثني طلحة بن زيد الرقي ، عن الزبير بن عطا ، عن عمير بن هاني العيسى ، عن جنادة بن أبي أميد قال : دخلت على الحسن بن علي عليهما السلام في مرضه الذي توفي فيه وبين يديه طشت يقذف فيه الدم ويخرج كبده قطعة قطعة من السم الذي أسقاه معاوية لعنه الله ، فقلت : يا مولاي ما لك لا تعالج نفسك ؟ فقال : يا عبد الله بماذا أعالج الموت ؟ قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون . ثم التفت إلي وقال : والله إنه لعهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما من ولد علي عليه السلام وفاطمة عليها السلام ، ما منا إلا مسموم أو مقتول ).
وفي كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري - ص 379 – 380:
( عن سليم عن سلمان ، قال : كانت قريش إذا جلست في مجالسها فرأت رجلا من أهل البيت قطعت حديثها . فبينما هي جالسة إذ قال رجل منهم : ( ما مثل محمد في أهل بيته إلا كمثل نخلة نبتت في كناسة ) فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فغضب ، ثم خرج فأتى المنبر فجلس عليه حتى اجتمع الناس ، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، من أنا ؟ قالوا : أنت رسول الله . قال : أنا رسول الله ، وأنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ، ثم مضى في نسبه حتى انتهى إلى نزار. خلق أهل البيت عليهم السلام ونسبهم ثم قال : ألا وإني وأهل بيتي كنا نورا نسعى بين يدي الله قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام ، وكان ذلك النور إذا سبح سبحت الملائكة لتسبيحه . فلما خلق آدم وضع ذلك النور في صلبه ثم أهبط إلى الأرض في صلب آدم . ثم حمله في السفينة في صلب نوح ، ثم قذفه في النار في صلب إبراهيم . ثم لم يزل ينقلنا في أكارم الأصلاب حتى أخرجنا من أفضل المعادن محتدا وأكرم المغارس منبتا بين الآباء والأمهات ، لم يلتق أحد منهم على سفاح قط . ألا ونحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة : أنا وعلي وجعفر وحمزة والحسن والحسين وفاطمة والمهدي . اختار الله محمدا وعليا والأئمة عليهم السلام حججا ألا وإن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختار منهم رجلين : أحدهما أنا فبعثني رسولا ونبيا ، والآخر علي بن أبي طالب ، وأوحى إلي أن أتخذه أخا وخليلا ووزيرا ووصيا وخليفة . ألا وإنه ولي كل مؤمن بعدي ، من والاه والاه الله ومن عاداه عاداه الله . لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر . هو زر الأرض بعدي وسكنها ، وهو كلمة الله التقوى وعروته الوثقى . ( يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ) . ألا وإن الله نظر نظرة ثانية فاختار بعدنا اثني عشر وصيا من أهل بيتي ، فجعلهم خيار أمتي واحدا بعد واحد ، مثل النجوم في السماء ، كلما غاب نجم طلع نجم . هم أئمة هداة مهتدون لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم . هم حجج الله في أرضه ، وشهدائه على خلقه ، وخزان علمه ، وتراجمة وحيه ، ومعادن حكمته . من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله . هم مع القرآن والقرآن معهم ، لا يفارقونه حتى يردوا علي الحوض . فليبلغ الشاهد الغائب . اللهم اشهد ، اللهم اشهد - ثلاث مرات - ).
وفي الغيبة - الشيخ الطوسي - ص 151 – 152:
( عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : الإثنا عشر الإمام من آل محمد كلهم محدث [ من ] ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولد علي بن أبي طالب عليه السلام ، فرسول الله وعلي عليهما السلام هما الوالدان ).
وفي الغيبة أيضاً - ص 152 – 154:
( عن محمد بن يحيى ، عن محمد الحسين، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله عليه السلام . 
ومحمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : كنت حاضرا لما هلك أبو بكر واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يثرب يزعم يهود المدينة أنه أعلم أهل زمانه حتى رفع إلى عمر ، فقال له : يا عمر إني جئتك أريد الإسلام ، فإن خبرتني عما أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب هذا الكتاب والسنة ، وجميع ما أريد أن أسأل عنه قال : فقال ( له ) عمر : إني لست هناك ، لكني أرشدك إلى من هو أعلم أمتنا بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه ، وهو ذاك - وأومأ إلى علي عليه السلام - ... إلى قوله: فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : إن لهذه الأمة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها ، وهم مني . وأما منزل نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في الجنة فهو أفضلها وأشرفها جنة عدن . وأما من معه في منزله منها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته وأمهم وجدتهم - أم أمهم - وذراريهم ، لا يشركهم فيها أحد ).
وفي كفاية الأثر - الخزاز القمي - ص 68 – 69:
( عن أنس ابن مالك ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حواري عيسى ، فقال : كانوا من صفوته وخيرته ، وكانوا اثني عشر مجردين مكنسين في نصرة الله ورسوله لا رهو فيهم ولا ضعف ولا شك ، كانوا ينصرونه على بصيرة ونفاد وجد وعنا . قلت : فمن حواريك يا رسول الله ؟ فقال : الأئمة بعدي اثنا عشر من صلب علي وفاطمة، هم حواري وأنصار ديني ، عليهم من الله التحية والسلام ).
وفي الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 531:
( عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : الاثنا عشر الامام من آل محمد عليهم السلام كلهم محدث من رسول الله صلى عليه وآله ومن ولد علي ورسول الله وعلي عليهما السلام هما الوالدان ).
وفي الكافي أيضاً - ج 1 - ص 533:
( عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : نحن اثنا عشر إماما منهم حسن وحسين ثم الأئمة من ولد الحسين عليه السلام )
وفيه كذلك - ج 1 - ص 532:
( قال له أمير المؤمنين عليه السلام إن لهذه الأمة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها وهم مني ).

***
نخلص مما تقدم أن القائم هو أحمد ابن الإمام المهدي (ع)، وهذا القائم هو اليماني وهو صاحب الرايات السود، ويكون مولده في البصرة من العراق. 
وقد ورد في شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج 12 - ص 420 – 421:
( عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : لما ولد النبي ( صلى الله عليه وآله ) جاء رجل من أهل الكتاب إلى ملأ من قريش فيهم هشام بن المغيرة والوليد بن المغيرة والعاص بن هشام وأبو وجزة بن أبي عمرو بن أمية وعتبة بن ربيعة فقال : أولد فيكم مولود الليلة ؟ فقالوا : لا قال : فولد إذا بفلسطين غلام اسمه أحمد به شامة كلون الخز الأدكن ويكون هلاك أهل الكتاب واليهود على يديه قد أخطأكم والله يا معشر قريش فتفرقوا وسألوا فأخبروا أنه ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام فطلبوا الرجل فلقوه ، فقالوا : إنه قد ولد فينا والله غلام قال : قبل أن أقول لكم أو بعد ما قلت لكم ؟ قالوا : قبل أن تقول لنا ، قال : فانطلقوا بنا إليه حتى ننظر إليه فانطلقوا حتى أتوا أمه فقال : أخرجي ابنك حتى ننظر إليه فقالت إن ابني والله لقد سقط وما سقط كما يسقط الصبيان لقد اتقى الأرض بيديه ورفع رأسه إلى السماء فنظر إليها ، ثم خرج منه نور حتى نظرت إلى قصور بصرى وسمعت هاتفا في الجو يقول : لقد ولدتيه سيد الأمة فإذا وضعتيه فقولي : أعيذه بالواحد من شر كل حاسد وسميه محمدا ، قال الرجل : فأخرجيه فأخرجته فنظر إليه ثم قلبه ونظر إلى الشامة بين كتفيه فخر مغشيا عليه فأخذوا الغلام فأدخلوه إلى أمه وقالوا : بارك الله لك فيه ، فلما خرجوا أفاق فقالوا له : مالك ويلك ؟ قال : ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيامة هذا والله من يبيرهم ففرحت قريش بذلك فلما رآهم قد فرحوا قال : ] قد [ فرحتم أما والله ليسطون بكم سطوة يتحدث بها أهل المشرق والمغرب وكان أبو سفيان يقول : يسطو بمصره . * الشرح : وقوله : ( قد أحظاكم ) إما بالحاء المهملة والظاء المعجمة من الحظوة بالضم أو الكسر : وهي المكانة والمنزلة أي جعلكم ذوي منزلة رفيعة بين للناس أو بالخاء المعجمة والطاء المهملة من الخطو وهو المشي والركوب والتجاوز ، يقال تخطى الناس وأخطاهم إذا ركبهم وجاوزهم وقال بعض الأفاضل في توجيه علم الرجل بذلك وتوجيه قوله « فولد إذا بفلسطين » بعد قولهم « لا » مذكور في الكتب المنزلة على الأنبياء المتقدمين ( عليهم السلام ) يولد في مكة رجل معصوم اسمه أحمد وكنيته أبو القاسم وكذلك في قرية من العراق أحدهما نبي والآخر إمام ومذكور الليلة التي يولد فيها أحد الأحمدين ).
والإمام ( أحمد ) الذي يولد في قرية من العراق هو اليماني والقائم وصاحب الرايات السود. وهو مذكور في الكتب المنزلة على الأنبياء السابقين (ع).

0 تعليق على موضوع "اليماني هوه قائم آل محمد"


الإبتساماتإخفاء