ورد كلام للسيد أحمد الحسن (ع) في الرجعة جواباً على أسئلة وجهت له، وكالآتي:-
(( س / هل هناك ارتباط بين قصة أصحاب الكهف وموسى (ع) والعالم (ع) أو ذي القرنين وبين القائم (ع) أو علامات ظهوره أو زمان ظهوره أو أصحابه وأنصاره أو أعداءه ؟ .
ج / قصة أصحاب الكهف معروفة وهي باختصار قصة رجال مؤمنين عددهم سبعة كفروا بالطاغوت في زمانهم ، والمتمثل بجهتين :-
الأولى :- هي الحاكم الظالم الجائر الكافر .
والثانية :- هي علماء الدين الضالين الذين حرفوا دين الله وشريعته .
فكل من هذين الطاغوت نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله؛ الحاكم الجائر نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله في (( أمور الدنيا ومعاش العباد وسياستهم )) ، والعلماء غير العاملين الضالين نصبوا أنفسهم إله يعبدون من دون الله في (( أمور الدين والشريعة )) .
وهكذا تحرر هؤلاء الفتية من عبادة الطاغوت ، وكفروا بالطاغوت . وهذا الكفر بالطاغوت هو (( أول الهدى )) . فزادهم الله هدى ، بأن عرّفهم طريقه سبحانه ، والإيمان به ، والعمل لإعلاء كلمته سبحانه وتعالى :-
(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدى) (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً)(الكهف:16) وأصحاب الكهف في زمان قيام القائم (ع) : هم فتية في الكوفة وفتية في البصرة كما في الروايات عن أهل البيت (ع) ، ورأس الحسين ابن علي (ع) نطق مرات عديدة ، وفي أكثر من مرة سمع يكرر هذه الآية
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً)(الكهف:9)
وسمع يقرأ منها فقط
(أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) .
وذلك لأن أصحاب الكهف – وهم أصحاب القائم (ع) – هم الذين يأخذون بثأر الحسين (ع) ، وينتقمون من الظالمين . ويقلبون أمر الظالمين رأساً على عقب ولهذا سمع رأس الحسين (ع) أيضاً يقرأ
( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )
وكذلك أصحاب القائم (ع) قوم عابدين مخلصين لله سبحانه وتعالى لا يرون القوة (( إلا بالله )) . يؤمنون بالله وعليه يتوكلون ويقارعون أكبر قوى الظلم والاستكبار على الأرض ، وهي المملكة الحديدية التي أكلت وداست كل الممالك على الأرض كما أخبر عنها دانيال ، وهي متمثلة الآن بأمريكا دولة الشيطان ، ولهذا سمع رأس الحسين (ع) يقرأ أيضاً (لا قوة إلا بالله) لأنه لن يأخذ بثأره ألا من كانوا مصداق لهذه الآية الكريمة (لا قوة إلا بالله) وفي رواية
(أنهم لما صلبوا رأسه على الشجر سُمع منه وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، وسُمع أيضاً صوته بدمشق يقول لا قوة إلا بالله وسُمع أيضاً يقرأ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً فقال زيد بن أرقم : أمرك أعجب يابن رسول الله) .
وروى الشيخ المفيد (رحمه الله) أن زيد بن أرقم سمع الرأس الشريف ينطق بآية سورة الكهف ، وروى عن المنهال بن عمرو أنه سمع رأس الحسين يقول : أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي ، أما ما روي أن أصحاب الكهف الذين يبعثون مع القائم (ع) هم بعض المخلصين من أصحاب رسول الله (ص) ، وأصحاب أمير المؤمنين علي (ع) كمالك الأشتر .
فليس المقصود هم أنفسهم ، بل المراد في هذه الروايات هو نظائرهم من أصحاب القائم (ع) أي أن هناك رجل من أصحاب القائم (ع) هو نظير مالك الأشتر في الشجاعة والحنكة والقيادة والشدة في ذات الله وطاعة الله والأخلاق الكريمة وكثير من الصفات التي أمتاز بها مالك الاشتر فلذلك يصفه الأئمة بأنه مالك الأشتر ، وهذا ليس ببعيد عن الفصحاء والبلغاء وساداتهم أهل البيت (ع) ، كالشاعر الحسيني يصف نزول علي الأكبر إلى ساحة المعركة فيقول ما معناه أن محمد (ص) نزل إلى ساحة المعركة وذلك لشدة شبه علي الأكبر خلقاً وخلقاً برسول الله محمد (ص) ، مع أن أصحاب الأئمة الذين محضوا الحق محضاً يعودون ويكرون في الرجعة بعد الإثني عشر مهدياً ، وفي زمن آخرهم وهو آخر قائم بالحق من آل محمد (ع) الذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع) ، وهذا المهدي الأخير أو القائم الأخير لاعقب له ولا ولد له .
س / في رواية إن القائم يقتل إبليس (لعنه الله) وفي رواية إن رسول الله (ص) يقتل إبليس (لعنه الله) فما هو الصحيح ؟ .
فعن وهب بن جميع مولى إسحاق بن عمار قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قول إبليس (رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فانك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم )
قال له وهب: جعلت فداك أي يوم هو؟ قال : يا وهب أتحسب أنه يوم يبعث الله فيه الناس؟ إن الله أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا، فإذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة، وجاء إبليس حتى يجثو بين يديه على ركبتيه فيقول: يا ويله من هذا اليوم فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك يوم الوقت المعلوم).
وعن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: (إن إبليس قال: أنظرني إلى يوم يبعثون فأبى الله ذلك عليه فقال إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم فإذا كان يوم الوقت المعلوم ، ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشياعه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت المعلوم وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين (ع) فقلت : وإنها لكرات ؟ قال : نعم ، إنها لكرات وكرات ما من إمام في قرن إلا ويكر معه البر والفاجر في دهره حتى يديل الله المؤمن من الكافر . فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين (ع) في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه ، ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال له : الروحا قريب من كوفتكم ، فيقتتلون قتالا لم يقتتل مثله منذ خلق الله عز وجل العالمين فكأني أنظر إلى أصحاب علي أمير المؤمنين (ع) قد رجعوا إلى خلفهم القهقرى مئة قدم وكأني أنظر إليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات . فعند ذلك يهبط الجبار عز وجل في ظلل من الغمام ، والملائكة ، وقضي الأمر رسول الله (ص) أمامه بيده حربة من نور فإذا نظر إليه إبليس رجع القهقرى ناكصا على عقبيه فيقولون له أصحابه : أين تريد وقد ظفرت ؟ فيقول : إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله رب العالمين ، فيلحقه النبي (ص) فيطعنه طعنة بين كتفيه ، فيكون هلاكه وهلاك جميع أشياعه ، فعند ذلك يعبد الله عز وجل ولا يشرك به شيئا ويملك أمير المؤمنين (ع) أربعا وأربعين ألف سنة حتى يلد الرجل من شيعة علي (ع) ألف ولد من صلبه ذكرا وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله له بما شاء الله )
ج / بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين.
القتلة الأولى :- في ظهور القائم (ع) ، والقيامة الصغرى في هذه الدنيا ، حيث يقتله القائم في مسجد الكوفة عند ظهور الحق ، ويلقيه في هاوية الجحيم .
والقتلة الثانية :- في الرجعة (في الأولى) التي تبدأ بعد انقضاء ملك المهدي الثاني عشر حيث يرجع عليه الحسين بن علي (ع) ، ويرجع علي بن أبي طالب (ع) وكل من محض الإيمان محضاً وكل من محض الكفر محضاً ويرجع إبليس (لعنه الله) أيضا لأنه ممن محض الكفر محضاً ويقتله رسول الله (ص) كما في الرواية الثانية.
*****
وقال (ع) أيضاً:-
واعلم أيضاً :- إن المهديين هم علامات الساعة وميقاتها ، فبآخرهم يختم هذا العالم الجسماني ، ويبدأ عالم الرجعة ثم القيامة.
*****
وقال (ع):-
س / ما هي الظلمات الثلاث في قوله تعالى (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (الزمر:6)
ج /بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين
وهي (ظلمة الذر) ، و(ظلمة الدنيا) و(ظلمة الرجعة) ، وهي عوالم قوس النزول .
وعوالم قوس الصعود :- هي الأنوار الثلاثة وهي (قبل الفناء) و(الفناء) و(العودة بعد الفناء) ، وهي مراتب محمد (ص) الثلاثة قبل (فتح الحجاب) و (بعد فتح الحجاب) و (بعد عودة الحجاب) ، فهو يخفق بين الفناء في الذات الإلهية فلا يبقى إلا الله الواحد القهار ، وبين عودته إلى الأنا والشخصية .
وهذه المراتب الستة في قوس الصعود والنزول تمثل كل الوجود ، وتجلي النور في الظلمة ، وظهور الموجودات بالنور في الظلمات ، وهي واو النزول ، و واو الصعود تشير إلى الستة أيام وستة مراتب
( ، ) واو النزول
(و) واو الصعود
والدائرة في رأس الواو تدل على الحيرة في قوس الصعود هي الحيرة في النور لعدم إدراك ومعرفة النور التام ، الذي لا ظلمة فيه ، وهو : الله سبحانه وتعالى معرفة تامة وكاملة . فتكون مراتب قوس الصعود هي : (قبل الفتح) و (بعد الفتح) و (الفناء) و الثالثة هي : (العودة إلى الأنا والشخصية بعد الفناء) .
أما الحيرة في الظلمة : لأنها في أدنى مراتبها لا تـُدرك ولا يُحصَّل منها شيء ، بل هي ظلمة وعدم ليس لها حظ من الوجود ، إلا قابليتها للوجود . وهذه هي حقيقة المادة : ظلمة وعدم ، لا يُحصَّل منها شيء ، ولا يُعرف منها شيء ، لولا تجلي الصورة الملكوتية فيها ، وإظهارها لها .
فتكون مراتب قوس النزول :- هي عالم الذر ثم النزول إلى ظلمة المادة ثم الصعود في قيامة القائم حتى الوصول إلى الرجعة ، وهي المرتبة الثالثة .
وباجتماعهما وتداخلهما يتحصَّل كل الوجود من بدايته إلى نهايته ، وهو محمد (ص) )). المصدر: كتاب المتشابهات.
عالم الرجعة إذن هو عالم آخر غير عالمنا الجسماني المادي، وهو يبدأ بعد نهاية حكم المهدي الأخير من المهديين الإثني عشر (ع)، وعالم الرجعة هو أحد الوقعات الإلهية الثلاث الكبرى ؛ أي القيامة الصغرى وهي قيام القائم (ع)، والرجعة والقيامة الكبرى.
ففي روضة الواعظين - الفتال النيسابوري - ص 392:
قال أبو جعفر " عليه السلام ": (( أيام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم ويوم الكرة ويوم القيامة)).
وفي مختصر بصائر الدرجات - الحسن بن سليمان الحلي - ص 41:
عن المثنى الحناط قال سمعت أبا جعفر " ع " يقول: (( أيام الله ثلاثة يوم قيام القائم ويوم الكرة ويوم الرجعة )).
وفي بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 13 - ص 12:
عن تفسير علي بن إبراهيم : (( " وذكرهم بأيام الله " قال : أيام الله ثلاثة : يوم القائم ، ويوم الموت ، ويوم القيامة )).
وهذه الأيام الثلاثة يذيق الله تعالى فيها العذاب وينتصر لأوليائه (ع)، وعليه لا يمكن أن تقع الرجعة مع قيام القائم (ع) لأنهما في هذه الحالة تكونا يوماً واحداً لا يومين. أما ما ورد من رجعة بعض المؤمنين في أصحاب القائم (ع) فهو كما وضحه السيد أحمد الحسن هو وجود نظرائهم بين أصحاب القائم، فمن بين أصحاب القائم (ع) رجل كسلمان ورجل كمالك الأشتر وهلم جرا.
ويمكن أن نستدل من بعض الروايات أن عالم الرجعة لا تجري عليه المواضعات والقوانين التي تجري على عالم الدنيا المادي فالأعمار فيه تطول كثيراً ويمكن للرجل أن يبقى ليلد له ألف ولد من صلبه ذكر، وفيها تظهر الجنتان المدهامتان.
وقد وردت رواية في بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 48 - ص 270 وهي خبر طويل آخذ منه موضع الشاهد قال أحدهم لأبي الحسن عليه السلام: ( إنا روينا أن الإمام لا يمضي حتى يرى عقبه ، قال : فقال أبو الحسن عليه السلام : أما رويتم في هذا الحديث غير هذا ؟ قال : لا ، قال : بلى والله لقد رويتم إلا القائم وأنتم لا تدرون ما معناه ولم قيل ، قال له علي : بلى والله إن هذا لفي الحديث ، قال له أبو الحسن عليه السلام : ويلك كيف اجترأت على شيء تدع بعضه ، ثم قال : يا شيخ اتق الله ولا تكن من الصادين عن دين الله تعالى ).
وفيه نص على أنهم لا يدرون معنى ما ورد في رواية إن الحسين (ع) يرجع على الإمام الذي لا عقب له ولا يدرون لم قيل.
الشبهة الثانية:-
ومفاد هذه الشبهة إنهم يقولون إنه قد وردت روايات كثيرة جداً تحصي من الأئمة إثنا عشر إماماً، فهذه الروايات لا تقول إن الأئمة أربعة وعشرون إماماً، وبالنتيجة هي تعارض ما ورد من وجود إثني عشر بعد الإثني عشر.
وللجواب عن هذه الشبهة أقول قبل كل شيء هذه الشبهة من التهافت بدرجة تثير الاستغراب، ولكننا نجيب عنها طالما طرحها بعضهم. والحق إن التعارض لا يُتصور فيها، فالمهديون يحكمون بعد الإثني عشر إماماً، فلا تزاحم مكاني أو زماني من هذه الناحية، وكذلك فإن ما ورد من إن الأئمة إثني عشر إماماً لا يعني إن هؤلاء الحجج الإثني عشر هم كل الحجج من آل محمد (ع)، فلم ترد رواية عن آل محمد (ع) تقول إن الأئمة الإثني عشر (ع) لا شيء بعدهم، بل ورد العكس كما تقدم.
أقول ولعل منشأ الشبهة هو إن الروايات التي ذكرت الأئمة (ع) ذكرت أنهم إثنا عشر إماماً، وكذلك ما يعرف من تسمية الطائفة المحقة بالإثني عشرية. وقد ذكر السيد المرتضى جواباً عن هذه الشبهة بقوله: (( وسئل ( رضي الله عنه ) عن الحال بعد إمام الزمان عليه السلام في الإمامة فقال : إذا كان المذهب المعلوم أن كل زمان لا يجوز أن يخلو من إمام يقوم بإصلاح الدين ومصالح المسلمين ، ولم يكن لنا بالدليل الصحيح أن خروج القائم يطابق زوال التكليف ، فلا يخلو الزمان بعده عليه السلام من أن يكون فيه إمام مفترض الطاعة ، أو ليس يكون . فإن قلنا : بوجود إمام بعده خرجنا من القول بالاثني عشرية ، وإن لم نقل بوجود إمام بعده ، أبطلنا الأصل الذي هو عماد المذهب ، وهو قبح خلو الزمان من الإمام . فأجاب ( رضي الله عنه ) وقال: إنا لا نقطع على مصادفة خروج صاحب الزمان محمد بن الحسن عليهما السلام زوال التكليف ، بل يجوز أن يبقى العالم بعده زمانا " كثيرا " ، ولا يجوز خلو الزمان بعده من الأئمة . ويجوز أن يكون بعده عدة أئمة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله ، وليس يضرنا ذلك فيما سلكناه من طرق الإمامة ، لأن الذي كلفنا إياه وتعبدنا منه أن نعلم إمامة هؤلاء الاثني عشر ، ونبينه بيانا " شافيا " ، إذ هو موضع الخلاف والحاجة . ولا يخرجنا هذا القول عن التسمي بالاثني عشرية ، لأن هذا الاسم عندنا يطلق على من يثبت إمامة اثني عشر إماما " . وقد أثبتنا نحن ولا موافق لنا في هذا المذهب ، فانفردنا نحن بهذا الاسم دون غيرنا )). رسائل المرتضى - ج 3 - ص 145 – 146.
فالجواب الذي يذكره السيد المرتضى يقول إننا طالما انفردنا بإثبات إثني عشر إماماً لا يضرنا بعد هذا أن نؤمن بوجود إثني عشر مهدياً ولا يخرجنا القول الأخير عن التسمي بالإثني عشرية، إذ لا موافق لنا في مذهبنا.
والحقيقة إن قلة روايات المهديين نسبة للروايات التي تنص أو تذكر الأئمة (ع) منشؤها – والله أعلم – أن الهم الأساس في زمن الرسول (ص) والأئمة (ع) هو التركيز على إثبات وجود الأئمة الإثني عشر (ع) فهو موضع الخلاف والحاجة كما قال السيد المرتضى. وقد وردت رواية عن الإمام الصادق (ع) يستشف منها هذا المعنى عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: " الوصية نزلت من السماء على رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) كتابا مختوماً، ولم ينزل على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كتاب مختوم إلا الوصية، فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد هذه وصيتك في أمتك إلى أهل - بيتك(4) فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): أي أهل بيتي يا جبرئيل؟ فقال: نجيب الله منهم وذريته ليورثك علم النبوة قبل إبراهيم وكان عليها خواتيم، ففتح على(عليه السلام) الخاتم الأول ومضى لما أمر فيه ثم فتح الحسن(عليه السلام) الخاتم الثاني ومضى لما أمر به، ثم فتح الحسين(عليه السلام) الخاتم الثالث فوجد فيه أن قاتل وأقتل وتقتل واخرج بقوم للشهادة، لا شهادة لهم إلا معك ففعل وثم دفهعما إلى على بن الحسين(عليهما السلام) ومضى، ففتح على بن الحسين الخاتم الرابع فوجد فيه أن أطرق واصمت لما حجب العلم، ثم دفعها إلى محمد بن على(عليهما السلام) ففتح الخاتم الخامس فوجد فيه أن فسر كتاب الله تعالى وصدق أباك وورث ابنك العلم واصطنع الأمة، وقل الحق في الخوف والأمن ولا تخش إلا الله، ففعل، ثم دفعها إلى الذي يليه، فقال معاذ بن كثير: فقلت له: وأنت هو؟ فقال: ما بك في هذا إلا أن تذهب يا معاذ فترويه عني نعم أنا هو، حتى عدد على اثني عشر اسما ثم سكت، فقلت: ثم من؟ فقال: حسبك ". غيبة النعماني : 52 – 53 .
فمن الواضح إن قوله (ع): ( حسبك ) يُشعر بأن ثمة من هو بعد الأئمة، فهو (ع) لم يقل لا يوجد بعدهم أحد، وأما قوله (حسبك) فهو إشارة إلى أن هذا المقدار من المعرفة يكفيك وهو موضع حاجتك كما عبر السيد المرتضى.
الشبهة الثالثة:-
بعد أن نقل السيد ابن طاووس هذا الدعاء:
(( اللهم ادفع عن وليك وخليفتك، وحجتك على خلقك، ولسانك المعبر عنك بإذنك ....... ( إلى قوله – ع - ): اللهم أعطه في نفسه وأهله وولده وذريته وأمته وجميع رعيته ما تقر به عينه وتسر به نفسه ....... ( إلى قوله –ع- ): اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده، وبلغهم آمالهم وزد في آجالهم واعز نصرهم وتمم لهم ما أسندت إليهم في أمرك لهم وثبت دعائمهم، واجعلنا لهم أعوانا وعلى دينك أنصارا، فإنهم معادن كلماتك وأركان توحيدك ودعائم دينك وولاة أمرك، وخالصتك من عبادك وصفوتك من خلقك، وأوليائك وسلائل أوليائك وصفوة أولاد رسلك، والسلام عليهم ورحمه الله وبركاته )).
وعلق قائلاً:
(( وقد تضمن هذا الدعاء قوله عليه السلام: ( اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده )، ولعل المراد بذلك أن الصلاة على الأئمة يرتبهم في أيامه للصلاة بالعباد في البلاد، والأئمة في الأحكام في تلك الأيام، وان الصلاة عليهم تكون بعد ذكر الصلاة عليه صلوات الله عليه بدليل قوله: ( ولاة عهده ) لأن ولاة العهود يكونون في الحياة، فكأن المراد: اللهم صل بعد الصلاة عليه على ولاة عهده والأئمة من بعده. وقد تقدم في الرواية عن مولانا الرضا عليه السلام: ( والأئمة من ولده )، ولعل هذه قد كانت: ( صل على ولاة عهده والأئمة من ولده )، فقد وجدت ذلك كما ذكرناه في نسخة غير ما رويناه، وقد روي أنهم من أبرار العباد في حياته ووجدت رواية متصلة الاسناد بأن للمهدى صلوات الله عليه أولاد جماعة ولاة في أطراف بلاد البحار على غاية عظيمة من صفات الأبرار، وروي تأويل غير ذلك مذكور في الاخبار )). جمال الأسبوع - السيد ابن طاووس - ص 310.
أقول: إن السيد ابن طاووس رحمه الله يذهب هنا إلى القول بأن المهديين ( ولاة عهد الإمام – ع - ) هم أئمة صلاة وأئمة في الأحكام، وإن إمامتهم بالنتيجة طولية نسبة إلى إمامته وغير مستقلة عنها، وهم ( أي الأبناء وولاة العهد ) بالنتيجة كلهم في زمنه بقرينة إشارته إلى قصة الجزيرة الخضراء، حيث قال: (ووجدت رواية متصلة الاسناد بأن للمهدى صلوات الله عليه أولاد جماعة ولاة في أطراف بلاد البحار ). وكلامه هذا في الحقيقة بعيد تماماً عن الدلالات الواضحة التي تقررها الروايات، فمن الواضح البين إن اصطلاح ولي العهد ينصرف إلى من يستلم زمام الحكم والإمامة بعد أبيه، لا من يتولى منصباً في حياته ( أي حياة أبيه ) فقط دون أن يكون له منصباً بعد موته. وكذلك فإن رواية الوصية تنص على أنه يستلم الإمامة بعد وفاة أبيه ومعلوم بضرورة الشرع وهو ما وردت به الروايات أن الإمامة لا تجتمع في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام، وعليه لابد أن يكون المهديون هم أبناء متعاقبين لا أخوة مجتمعين، وقد ورد في روايات المهديين إنهم أوصياء، ومعنى الوصاية المرتبط بهم يدل على أنهم يأتي أحدهم بعد الآخر كما هو الحال في أوصياء رسول الله (ص) من الأئمة، فكما أن الأئمة جاءوا من بعد الرسول بالتسلسل المعروف يأتي المهديون بعد أبيهم (ع) بالتسلسل نفسه، باستثناء الميزة التي ميزت الحسنين (ع) وهي اجتماع الإمامة في أخوين، وامتناع اجتماعها بعدهم في غيرهم. وعلى هذا لا معنى لما أراده السيد ابن طاووس رحمه الله من توجيه البعدية في عبارة ( والأئمة من بعده ) إلى معنى يساوق الاجتماع في الزمان والتابعية في المنصب. فهو يريد أن يفهم من قوله ( من بعده ) إنهم معه في الزمان وتبع لهم في المنصب فهم على حد وصفه أئمة صلاة وأحكام ينصبهم أبوهم (ع)، كما مر بيانه، وعُرف بُعده عن الصواب.
الشبهة الرابعة:-
يطعن البعض في سند روايات المهديين ولاسيما رواية الوصية، وفي هذا الصدد نجيب بأن روايات المهديين متواترة من حيث المعنى، كما اتضح من سرد الروايات المتقدم، ومع ذلك ومن باب المبالغة في النصح وعدم ترك ثغرة لنفوذ الشيطان لعقول ونفوس البعض قام الشيخ ناظم العقيلي بالتدليل على صحة هذه الروايات، وتوثيق أسنادها في أكثر من كتاب؛ منها كتاب ( دفاعاً عن الوصية ) وكتاب ( انتصاراً للوصية ) المختصين برواية الوصية، ومنها كذلك كتاب اختص بتوثيق روايات المهديين، وآخر بتوثيق الأدعية التي ذكرت المهديين.
الشبهة الخامسة:-
ذكرنا فيما تقدم إن إحدى الروايات ذكرت أحد عشر مهدياً بينما جميع الروايات الأخرى ذكرت إثنا عشر مهدياً، وهذا قد يعده البعض اضطراباً وتعارضاً في مضمون الروايات.
والحق إنه إذا أمكن الجمع يسقط قول المعترض، والجمع ممكن هنا تماماً، فالمراد في الرواية المعنية هو الإشارة إلى أن المهدي الأول من المهديين الإثني عشر هو القائم، وسيتضح هذا المعنى المهم أكثر فيما يلي، فهو في الحقيقة قطب الرحى الذي عليه مدار البحث برمته. فالبحث الذي بين أيدينا غايته إثبات أن القائم الذي يخرج بالسيف ويباشر الملاحم هو المهدي الأول ( أحمد ) ابن الإمام المهدي (ع). إذن كل البحث في الحقيقة إنما هو توضيح لمعنى هذه الرواية وروايات أخرى سيتم ذكرها في مطاوي البحث.
الشبهة السادسة:-
يستشكل البعض قائلاً هل المهديون معصومون، والظاهر من كلام هذا البعض أنه يستنكر هذا الأمر، وكأنه يرى أن المعصومين هم الأئمة الإثني عشر (ع) فقط، ولعله يذهب لاحقاً إلى أنهم – أي المهديين (ع) – ليسوا ائمة وليسوا حججاً لله في أرضه لحقيقة أن الحاكم المُنَصّب من الله لابد أن يكون معصوماً لا يدخل الناس في باطل ولا يخرجهم من حق.
وبقدر تحقيق نفس مفهوم العصمة وحقيقتها، وهل يمكن أن يكون هناك معصوم غير الأئمة سأترك البحث في هذا، ويمكن أن يتبين هذا الأمر من أراد من خلال العودة لكتب السيد أحمد الحسن (ع) ولاسيما كتاب ( المتشابهات )، فعلى أية حال موضع الخلاف يمكن حسمه من خلال طريق أيسر.
ففي الخصال - الشيخ الصدوق - ص 139:
عن سليم بن قيس الهلالي قال : ( سمعت أمير المؤمنين عليا عليه السلام يقول : احذروا على دينكم ثلاثة : رجلا قرأ القرآن حتى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره ورماه بالشرك ، فقلت : يا أمير المؤمنين أيهما أولى بالشرك ؟ قال : الرامي ، ورجلا استخفته الأحاديث كلما أحدثت أحدوثة كذب مدها بأطول منها ، ورجلا آتاه الله عز وجل سلطانا فزعم أن طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله وكذب لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبه لمعصية الله فلا طاعة في معصيته ولا طاعة لمن عصى الله ، إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الامر ، وإنما أمر الله عز وجل بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر ، لا يأمر بمعصيته وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته ).
في هذه الرواية الشريفة إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته، والمهديون (ع) كما وضح من الروايات التي سردناها آنفاً منصوص على طاعتهم بوصفهم حجج الله وأوصياء الإمام المهدي (ع)، فهم معصومون بالتأكيد إذن.
وفي الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 298:
عن أبي حمزة الثمالي قال : ( قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إياك والرئاسة وإياك أن تطأ أعقاب الرجال ، قال : قلت : جعلت فداك أما الرئاسة فقد عرفتها وأما أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا ما في يدي إلا مما وطئت أعقاب الرجال فقال لي : ليس حيث تذهب ، إياك أن تنصب رجلا دون الحجة ، فتصدقه في كل ما قال ).
وهذا الحديث يؤكد على ضرورة عدم تصديق رجل دون الحجة في كل ما قال، ويستفاد منه أن كل إنسان غير الحجة يمكن أن يدخلك في باطل أو يخرجك من حق، والحجة وحده من لا يفعل هذا وهو إذن معصوم، والمهديون (ع) منصوص عليهم بأنهم حجج، فهم بالنتيجة معصومون حتماً.
الشبهة السابعة:-
ورد في الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخصيبي - ص 360 – 361:
عن المفضل بن عمر ، قال : (( سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) ، يقول : إياكم والتنويه والله ليغيبن مهديكم سنين من دهركم يطول عليكم وتقولون اي وليت ولعل وكيف وتمحصه الشكوك في أنفسكم حتى يقال مات وهلك ويأتي وأين سلك ولتدمعن عليه أعين المؤمنين ولتتكفؤون كما تتكفا السفن في أمواج البحر ولا ينجو الا من اخذ الله ميثاقه بيوم الذر وكتب بقلبه الايمان وأيده بروح منه وليرفعن له اثنتا عشرة راية مشبهة لا يدرون أمرها ما تصنع ، قال المفضل : فبكيت وقلت كيف يصنع أولياؤكم فنظر إلى الشمس دخلت في الصفة قال : يا مفضل ترى هذه الشمس قلت : نعم ، قال والله أمرنا أنور وأبين منها وليقال المهدي في غيبته مات ويقولون بالولد منه وأكثرهم يجحد ولادته وكونه وظهوره أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والرسل والناس أجمعين )).
هذه الرواية زعم البعض أنها تدل على عدم وجود ولد أو ذرية للإمام وأن من يقول بخلاف هذا يشمله اللعن الوارد في الرواية، فقد ورد في سلسلة المقالات التي نشرها مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني، في المقال الحادي والعشرون المعنون بـ( من يدعي انه ولدٌ للامام المهدي فالعنوه)، قولهم تعليقاً على الرواية أعلاه:
(( ومعنى ذلك ان من يقول بان المهدي صار له اولاد ايام غيبته فعليه لعنة الله والناس اجمعين.
ومن يقول ان المهدي (عليه السلام) قد ولد له او يدعي احد انه ولده فعليه لعنة الله والناس أجمعين.
انه لو كان لا بد ان يكون للامام (عليه السلام) من ولد في عصر الغيبة الكبرى لذكرت لنا الروايات ذلك ولبشّر به الائمة الاطهار (عليهم السلام)، فلم يكتفوا بعدم ذكرهم له، بل نفوا ذلك كما جاء في هذا الحديث واحاديث اخرى منها:
ما رواه الشيخ الطوسي في الغيبة في ص 224 عن علي بن ابي حمزة انه دخل على الرضا (عليه السلام) فقال له: انت امام؟.
قال: نعم، فقال له: اني سمعت جدك جعفر بن محمد عليهم السلام يقول: لا يكون الامام الا وله عقب.
فقال: أنسيت يا شيخ او تناسيت؟ ليس هكذا قال جعفر عليه السلام، انما قال جعفر عليه السلام: لا يكون الامام الا وله عقب الا الامام الذي يخرج عليه الحسين بن علي عليهما السلام فانه لا عقب له، فقال له: صدقت جعلت فداك هكذا سمعت جدك يقول.
كيف وقد روى الصدوق وغيره عن امير المؤمنين (عليه السلام): (صاحب هذا الامر الشريد الطريد الفريد الوحيد) )).
والجواب على هذه الشبهة التي تمسكت بها المؤسسة السيستانية البغيضة لتخدع أتباعها واضح لمن اطلع على كتاب الغيبة لشيخ الطائفة الطوسي، فالمقصود منه طائفة من الناس قالت إن الإمام المهدي (ع) قد توفي وإن الإمامة قد انتقلت بعده لولده، وهي فرقة من الناس لم يعد لها وجود، فالشيخ الطوسي يقول في كتاب الغيبة - ص 228:
(( فأما من قال: إن للخلف ولداً وأن الأئمة ثلاثة عشر . فقولهم يفسد بما دللنا عليه من أن الأئمة عليهم السلام اثنا عشر ، فهذا القول يجب إطراحه ، على أن هذه الفرق كلها قد انقرضت بحمد الله ولم يبق قائل يقول بقولها ، وذلك دليل على بطلان هذه الأقاويل )).
ما يهمنا من قول الطوسي هذا هو إشارته إلى أن هؤلاء القائلين مجموعة من الناس قالوا بموت الإمام المهدي في غيبته وزعموا أن الإمامة قد انتقلت لولده. ولو تأملنا قوله (ع): ( وليقال المهدي في غيبته مات ويقولون بالولد منه وأكثرهم يجحد ولادته وكونه وظهوره أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والرسل والناس أجمعين ) يتضح لنا أن من يقول بالولد من الإمام – أي يقول إن الإمامة قد انتقلت إلى ولده – يسبق هذا القول بأن الإمام (ع) قد مات في غيبته. فقوله (ع): ( ويقولون بالولد منه ) لا يراد به إنهم يقولون إن للإمام ولد كما يريد مركز السيستاني أن يوهم الناس، وإنما المقصود هو إنهم يقولون إنه مات وإن الإمامة قد انتقلت إلى ولده. وهذا لا تقول به دعوتنا المباركة ومركز السيستاني يعلم هذا حق العلم ولكنه في حربه غير الشريفة للدعوة لم يدخر وسعاً، ولا ترك فرية إلا ركبها.
وعلى أي حال تقدم إيراد الكثير من الروايات على وجود الذرية للإمام وهي روايات صحيحة بل متواترة من جهة المعنى وقائلها هم آل محمد (ع)، فالذكر والتبشير حاصل، فهلا يكف السيستاني وجهازه التضليلي عن الإساءة لآل محمد (ع)؟
الشبهة الثامنة:
مفاد الشبهة إنهم يقولون إن وصية رسول الله (ص) لم تذكر اسماء المهديين (ع) جميعاً، واكتفت بذكر أولهم فقط، وبزعمهم إن هذا مدعاة لعدم الأخذ بها.
وهذه الشبهة وإن كانت واضحة التهافت، ولا يُقدم على الإعتراض بها سوى الجُهال الذين لا حظ لهم من العلم، إذ إن المعترض بها في الحقيقة يعترض على رسول الله (ص)، ويطالبه بذكر أسماء المهديين (ع)، وإلا لا يقبل حديثه! بينما الحق هو أن عليه أن يؤمن على الإجمال بوجود مهديين بعد الإمام المهدي (ع)، وعلى التفصيل بأولهم المذكور في الوصية وهو أحمد (ع)، وأما أسماء الأوصياء فسوف تتبين في وقتها، وما لم يرد فيه ذكر من طرف المعصومين (ع) فنحن غير مسؤولين عنه ولا ممتحنين به.
وعلى أي حال يوجد إشكال مماثل طرحه الزيديون بخصوص عدم معرفة أسماء الأئمة من قبل الشيعة، وقد أجاب عنه الشيخ الصدوق رحمه الله في كتابه كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 74 – 75، يقول الشيخ الصدوق:
( قالت الزيدية : لو كان خبر الأئمة الاثني عشر صحيحا لما كان الناس يشكون بعد الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام في الإمامة حتى يقول طائفة من الشيعة بعبدالله وطائفة بإسماعيل وطائفة تتحير حتى أن الشيعة منهم من امتحن عبد الله بن الصادق عليه السلام فلما لم يجد عنده ما أراد خرج وهو يقول: إلى أين ؟ إلى المرجئة أم إلى القدرية ؟ أم إلي الحرورية وإن موسى بن جعفر سمعه يقول هذا فقال له: لا إلى المرجئة ، ولا إلى القدرية ، ولا إلى الحرورية ولكن إليّ . فانظروا من كم وجه يبطل خبر الاثني عشر أحدها جلوس عبدالله للإمامة ، والثاني إقبال الشيعة إليه ، والثالث حيرتهم عند امتحانه ، والرابع أنهم لم يعرفوا أن إمامهم موسى بن جعفر عليهما السلام حتى دعاهم موسى إلى نفسه وفي هذه المدة مات فقيههم زرارة بن أعين وهو يقول والمصحف على صدره : " اللهم إني أئتم بمن أثبت إمامته هذا المصحف " . فقلنا لهم : إن هذا كله غرور من القول وزخرف ، وذلك أنا لم ندع أن جميع الشيعة عرف في ذلك العصر الأئمة الاثني عشر عليهم السلام بأسمائهم ، وإنما قلنا : إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبر أن الأئمة بعده الاثنا عشر ، الذين هم خلفاؤه وأن علماء الشيعة قد رووا هذا الحديث بأسمائهم ولا ينكر أن يكون فيهم واحد أو اثنان أو أكثر لم يسمعوا بالحديث ، فأما زرارة بن أعين فإنه مات قبل انصراف من كان وفده ليعرف الخبر ولم يكن سمع بالنص على موسى بن جعفر عليهما السلام من حيث قطع الخبر عذره فوضع المصحف الذي هو القرآن على صدره ، وقال : اللهم إني أئتم بمن يثبت هذا المصحف إمامته ، وهل يفعل الفقيه المتدين عند اختلاف الامر عليه إلا ما فعله زرارة ، على أنه قد قيل : إن زرارة قد كان عمل بأمر موسى بن جعفر عليهما السلام وبإمامته وإنما بعث ابنه عبيدا ليتعرف من موسى بن جعفر عليهما السلام هل يجوز له إظهار ما يعلم من إمامته أو يستعمل التقية في كتمانه ، وهذا أشبه بفضل زرارة بن أعين وأليق بمعرفته ). الشيخ الصدوق يصف اعتراض الزيدية بأنه غرور من القول وزخرف، على الرغم من وجود نصوص تذكر أسماء الأئمة، فكيف بالمهديين الذين لم تذكر أسماءهم وصية رسول الله (ص) لا شك بأن قول المعترض هو الأقرب إلى الغرور والزخرف.
0 تعليق على موضوع "حديث حول الرجعة"
الإبتساماتإخفاء