تحدث الكثير من الروايات عن وجود دولة لبني العباس في آخر الزمان، أي في زمن ظهور قائم آل محمد (ع)، من الضروري بمكان التعرف عليها لتتوضح صورة عصر الظهور وشخصياته للقارئ.
من هذه الروايات ما ورد في غيبة النعماني267:
أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أبوعبدالله يحيى بن زكريا ابن شيبان قال: حدثنا أبوسليمان يوسف بن كليب، قال: حدثنا الحسن بن علي ابن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن أبى بكر الحضرمي، عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) أنه سمعه يقول: " لابد أن يملك بنو العباس، فإذا ملكوا واختلفوا وتشتت أمرهم خرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق، وهذا من المغرب يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان، هذا من ههنا وهذا من ههنا حتى يكون هلاكهم على أيديهما، أما إنهما لا يبقون منهم أحدا أبدا " .
واضح من هذه الرواية إن بني العباس يملكون في آخر الزمان، ويختلفون ويكون هلاكهم على يدي الخرساني والسفياني.
وقد ورد مضمون هذه الرواية في كتاب الغيبة نفسه ص 264، بالصورة التالية:
عن أبي بصير ، عن أبي جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) ، أنه قال : " لا بد لبني فلان من أن يملكوا ، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق ملكهم ، وتشتت أمرهم ، حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني ، هذا من المشرق ، وهذا من المغرب ، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان ، هذا من هنا ، وهذا من هنا ، حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما ، أما إنهم لا يبقون منهم أحدا ... ثم قال لي : إن ذهاب ملك بني فلان كقصع الفخار ، وكرجل كانت في يده فخارة وهو يمشي إذ سقطت من يده وهو ساه عنها فانكسرت ، فقال حين سقطت : هاه - شبه الفزع - فذهاب ملكهم هكذا أغفل ما كانوا عن ذهابه ".
وفيها بدل بني العباس بنو فلان، والمراد واحد، وعدم تصريحه بهم كما في الرواية الأولى يُمكن حمله على التقية، ويمكن كذلك أن نحمله على أنه إشارة إلى أن المقصود من بني العباس قوم آخرين غير أولئك الذي حكموا في زمن الأئمة (ع).
وعن الحسن بن ابراهيم قال : ( قلت للرضا (عليه السلام) أصلحك الله إنهم يتحدثون عن السفياني يقوم ، وقد ذهب سلطان بني العباس ؟ فقال : كذبوا انه ليقوم وان سلطانهم لقائم ) بحار الأنوار ج52 ص251 -
وتنص الكثير من الروايات على أن بني العباس في آخر الزمان يختلفون فيما بينهم على الملك الدنيوي، ويكون إختلافهم هذا سبباً لذهاب ملكهم وعلامة مهمة من علامات القيام المقدس.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ: (( اخْتِلَافُ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنَ الْمَحْتُومِ وَ النِّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُومِ وَ خُرُوجُ الْقَائِمِ مِنَ الْمَحْتُومِ قُلْتُ وَ كَيْفَ النِّدَاءُ قَالَ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَوَّلَ النَّهَارِ أَلَا إِنَّ عَلِيّاً وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ قَالَ وَ يُنَادِي مُنَادٍ فِي آخِرِ النَّهَارِ أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ)). الكافي ج8 ص 310.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: " ملك بني العباس يسر لا عسر فيه، لو أجتمع عليهم الترك والديلم والسند والهند والبربر والطيلسان لن يزيلوه، ولا يزالون في غضارة من ملكهم حتى يشذ عنهم مواليهم وأصحاب دولتهم ويسلط الله عليهم علجا يخرج من حيث بدأ ملكهم، لا يمر بمدينة إلا فتحها، ولا ترفع له راية إلا هدها، ولا نعمة إلا أزالها، الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتى يظفر ويدفع بظفره إلى رجل من عترتي، يقول الحق ويعمل به ". غيبة النعماني 258.
وعن ابي بصير عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) قال : ( يقوم القائم في وتر من السنين - الى قوله - اذا اختلفت بنو امية وذهب ملكهم ثم يملك بني العباس فلا يزالون في عنفوان من الملك وغضارة من العيش حتى يختلفوا فيما بينهم ، فأذا اختلفوا ذهب ملكهم واختلف اهل المشرق واهل المغرب واهل القبلة ويلقى الناس جهداً شديداً مما يمر بهم من الخوف فلا يزالون بتلك الحال حتى ينادي منادي من السماء فاذا نادى فالنفير النفير ، فوالله لكأني انظر اليه بين الركن والمقام يبايع الناس بأمر جديد وكتاب جديد وسلطان جديد من السماء اما انه لا يرد راية له حتى يموت ) غيبة النعماني270.
والحق إن المقصود من بني العباس في آخر الزمان هم الشيعة الذين يسقطهم الغربال ويستخفهم فقهاء الضلالة ليجعلوا منهم أعداء لقائم آل محمد (ع)، وهذه القضية توضحها لنا الروايات الكثيرة التي تتحدث عن اختلاف الشيعة وتعد هذا الإختلاف من العلامات المحتومة.
عن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين (ع): (يا مالك بن ضمرة، كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا – وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض -؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما عند ذلك من خير. قال: الخير كله عند ذلك يا مالك، عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله (ص) فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد) غيبة النعماني 214.
وعن عبد الكريم ، قال : " ذكر عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) القائم ، فقال : أنى يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال : مات أو هلك ، في أي واد سلك ؟ فقلت : وما استدارة الفلك ؟ فقال : اختلاف الشيعة بينهم " كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ص 159.
واضح من هاتين الروايتين إن بني العباس الذين يختلفون ويكون اختلافهم علامة لخروج القائم ( أي حركته العسكرية ) هم الشيعة.
ولابأس من قراءة هذه الروايات – وهي قليل من كثير – لتتأكد أهمية هذه العلامة، وهي اختلاف الشيعة أو بني العباس:-
قال الإمام الصادق ع (لا يكون فساد ملك بني فلان حتى يختلف سيفاهم فإذا اختلفوا كان عند ذلك فساد ملكهم ) الخرائج والجرائح/ ج3 ص 1164.
وعن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع كان أبو جعفر ع يقول ( لقائم آل محمد غيبتان إحداهما أطول من الأخرى فقال نعم و لا يكون ذلك حتى يختلف سيف بني فلان و تضيق الحلقة و يظهر السفياني و يشتد البلاء و يشمل الناس موت و قتل يلجئون فيه إلى حرم الله و حرم رسوله ) بحارالأنوار/ ج52 ص156.
وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ ( الْزَمِ الْأَرْضَ وَ لَا تُحَرِّكْ يَداً وَ لَا رِجْلًا حَتَّى تَرَى عَلَامَاتٍ أَذْكُرُهَا لَكَ وَ مَا أَرَاكَ تُدْرِكُهَا اخْتِلَافُ بَنِي فُلَانٍ وَ مُنَادٍ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ وَ يَجِيئُكُمُ الصَّوْتُ مِنْ نَاحِيَةِ دِمَشْقَ ) وسائلالشيعة/ ج 13 ص 56.
وعن أبي عبد الله ع (اختلاف بني فلان من المحتوم و ...) بحار الأنوار/ج52.
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ( ليس يرى أمة محمد فرجا أبدا ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم فإذا انقرض ملكهم أتاح الله لأمة محمد برجل منا أهل البيت ...) بحار الأنوار/ ج52 ص 269.
أما الوجه في تسمية شيعة آخر الزمان ببني العباس، فلأنهم يتخذون من شعار الثأر للحسين والدعوة للرضا من آل محمد شعاراً يستخفون به العامة لتحقيق أغراضهم في الحكم كما فعل العباسيون آنذاك، ولأنهم يتخذون من بغداد عاصمة لحكمهم، ويمكن إضافة الشبه الواضح بين الدولتين في الفساد بمستوياته المختلفة.
إذن يمكن القول بقناعة راسخة إن حكومة بغداد اليوم هي حكومة بني العباس في آخر الزمان.
لابد إن الكثيرون سيرون هذه النتيجة ثقيلة صعبة التصديق، إذن يحسن بنا تذليل هذه الحقيقة عبر سرد بعض من الأحاديث التي تنص على الغربلة والتمحيص الذي يجري في آخر الزمان والتي تكون نتيجتها خروج أكثر الشيعة – للأسف – من ولاية آل محمد (ع):-
عن الإمام الباقر (ع) ، إنه قال : (( إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال ، فانبذوه إليهم نبذاً ، فمن أقرّ به فزيدوه ، ومن أنكر فذروه ، إنه لابد من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة و وليجة حتى يسقط فيها من يشق الشعرة بشعرتين ، حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا )) [غيبة النعماني 210] 0 هذا الحديث ينص على وجود فتنة أو اختبار قبل قيام القائم (ع) تكون نتيجتها سقوط أكثر الناس ، حتى من يشق الشعرة بشعرتين [وهذا التعبير كناية عن الدقة والمعرفة بمجاري الأمور] ، ولا يبقى بالنتيجة إلا أهل البيت وشيعتهم، فكم هم شيعة أهل البيت (ع)؟
لنقرأ الحديث الآتي ، عن أبي عبدالله (ع) إنه قال : (( والله لتُكسرنّ تكسر الزجاج ، وإن الزجاج ليعاد فيعود كما كان ، والله لتُكسرنّ تكسر الفخار ، وإن الفخار ليتكسر فلا يعود كما كان ، ووالله لتُغربلنّ ، ووالله لتُميزنّ ، والله لتُمحصنّ حتى لا يبقى منكم إلا الأقل ، وصعّر كفه )) [غيبة النعماني 215].
ولنقرأ كذلك هذا الحديث الوارد عن الإمام الرضا (ع) : (( والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تُمحّصوا وتُميّزوا ، وحتى لا يبقى منكم إلا الأندر فالأندر )) [غيبة النعماني 216].
أقول واضح إن الأقل ، والأندر فالأندر ليسوا ملايين ، وليسوا آلافاً ، وإذا شئتم الدقة فانظروا في هذا الحديث الوارد عن الصادق (ع) ، حين سأله بعض أصحابه قائلاً : (( جعلت فداك ، إني والله أحبك ، وأحب من يحبك ، يا سيدي ما أكثر شيعتكم 0 فقال له : اذكرهم 0 فقال : كثير 0 فقال : تُحصيهم ؟ فقال : هم أكثر من ذلك 0 فقال أبو عبدالله (ع) : أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون 000 فقلت : فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون ؟ فقال (ع) : فيهم التمييز ، وفيهم التمحيص ، وفيهم التبديل ، يأتي عليهم سنون تفنيهم ، وسيف يقتلهم ، واختلاف يبددهم 000 الخ )) [غيبة النعماني 210- 211] 0 يُفهم من هذا الحديث إنه إذا اكتمل من الشيعة ثلاثمائة وبضعة عشر يتحقق خروج القائم (ع) ، وأما الأعداد الغفيرة التي تدّعي التشيع فإن الغربال سيُسقطهم حتماً 0 وفي حديث آخر يرويه أبو بصير عن الإمام الصادق (ع) : (( قال أبو عبدالله (ع) : لا يخرج القائم حتى يكون تكملة الحلقة 0 قلت : وكم تكملة الحلقة ؟ قال : عشرة آلاف 000)) [غيبة النعماني320]، إذن جيش القائم هم هؤلاء ال(313+10000)!!
عن أبي عبدالله (ع) ، إنه قال : (( مع القائم (ع) من العرب شئ يسير 0 فقيل له : إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير 0 قال : لابد للناس من أن يُميّزوا ويغربلوا ، وسيخرج من الغربال خلق كثير )) [غيبة النعماني212] 0 وعن أبي جعفر (ع) : (( لتُمحصنّ يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين ، وإن صاحب العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج منها ، وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا ، ويمسي وقد خرج منها ، ويمسي على شريعة من أمرنا ، ويصبح وقد خرج منها )) [غيبة النعماني214] 0 الحديث الأول يُشبّه التمحيص بالغربال ، ونتيجة التمحيص هي بقاء الإنسان على حد الإيمان أو خروجه منه ، فالخارجون من الغربال خارجون من حد الإيمان كما هو واصح 0 ثم أ ليس هذا هو ما ينص عليه الحديث الثاني ، اسمع إذن تعليق الشيخ النعماني على الحديث ، يقول الشيخ : (( أ ليس هذا دليل الخروج من نظام الإمامة ، وترك ما كان يعتقد منها )) [الغيبة215] 0 وهذا ينبغي أن يكون واضحاً ، فأمرهم (ع) هو الولاية ، والخروج من أمرهم خروج منها 0
نتيجة محزنة للغاية بلاشك، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولكن هنا سؤال يلح بقوة يتعلق بالسبب الكامن وراء هذا الخروج، والحق إن هذا السبب ليس سوى التقليد الأعمى أو إتباع فقهاء الضلالة.
لنقرأ هذه الأحاديث الشريفة:-
وردت الكثير من الأحاديث في ذم فقهاء آخر الزمان ، أي فقهاء زمننا هذا ومنها : ورد عن رسول الله (ص):((والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، حتى لا تخطئون طريقهم، و لايخطئكم سنة بني إسرائيل)) (بحار الأنوار ج 52: 180).
ومعلوم أن بني إسرائيل اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، كما أخبر عنهم القرآن الكريم:((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم)). ورد عن الإمام الصادق (ع) في تفسير هذه الآية في الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 53:
عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : " اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله " ؟ فقال : " أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ، ولو دعوهم ما أجابوهم ، ولكن أحلوا لهم حراما ، وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون .
وفي الكافي/ ج 1 - ص 53
عن محمد بن عبيدة قال : قال لي أبو الحسن عليه السلام ، يا محمد أنتم أشد تقليدا أم المرجئة ؟ قال : قلت قلدنا وقلدوا ، فقال : لم أسألك عن هذا ، فلم يكن عندي جواب أكثر من الجواب الأول فقال أبو الحسن عليه السلام : إن المرجئة نصبت رجلا لم تفرض طاعته وقلدوه وأنتم نصبتم رجلا وفرضتم طاعته ثم لم تقلدوه فهم أشد منكم تقليدا .
فالداء هو التقليد إذن.
وعن الصادق (ع):((لينصرن الله هذا الأمر بمن لا خلاق له، ولو قد جاء أمرنا لقد خرج منه من هو اليوم مقيم على عبادة الأوثان)) ( غيبة الطوسي: 450).
وبشان قوله (ع) : (لقد خرج منه) لا تحسب أن الخارجين عن أمر أهل البيت قوم آخرين غير الشيعة، فأمرهم (ع) هو القول بإمامتهم ولا يخرج من هذا القول إلا من كان داخلاً فيه وهم الشيعة تحديداً وهؤلاء هم من يخرج من أمرهم (ع) والسبب لأنهم مقيمون على عبادة الأوثان، أي إطاعة علماء السوء، كما يتضح من ربط هذا الحديث بالحديث المتقدم.
وعن الرسول (ص) في حديث المعراج، قال:((... قلت إلهي فمتى يكون ذلك –أي الفرج-؟ فأوحى إلي (عز وجل) : يكون ذلك إذا رفع العلم و ظهر الجهل وكثر القراء و قل العمل وكثر الفتك و قل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة الخونة)) (بحار الأنوار/ج52-ص277 ).
وعن أمير المؤمنين (ع):((... وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته، ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه)) (نهج البلاغة / ج2: 41).
وعن رسول الله (ص):((سيأتي زمان على أمتي لايبقى من القرآن إلا رسمه، ولا من الإسلام إلا اسمه، يسمون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود)) (بحار الأنوار / ج52: 190).
في مجمع النورين - الشيخ أبو الحسن المرندي - ص 344، عن يحيى بن العلا الرازي قال سمعت أبا عبد الله ع إلى قوله: (( ... فتوحات القدس عنه (ع) ان لله خليفة يخرج من عترة رسول الله ولد فاطمة يواطى اسمه اسمه اسم رسول الله جده الحسين بن على بن ابى طالب ع يبايع بين الركن والمقام يشبه رسول الله في الخلق بفتح الخاء وينزل عنه في الخلق بضم الخاء اسعد الناس به اهل الكوفة يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا يضع الجزية و يدعو الى الله بالسيف ويرفع المذاهب عن الارض فلا يبقى الا الدين الخالص أعداوه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم يبايعه العارفون من اهل الحقايق عن شهود وكشف بتعريف إلهي له رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه ولولا ان السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله ولكن الله يظهره بالسيف والكرم فيطعمون ويخافون ويقبلون حكمه من غير ايمان بل يضمرون خلافه ويعتقدون فيه إذا حكم فيهم بغير مذهبهم انه على ضلالة في ذلك الحكم لانهم يعتقدون ان اهل الاجتهاد في زمانه قد انقطع وما بقى مجتهد في العالم وان الله لا يوجد بعد ائمتهم احدا له درجة الاجتهاد واما من يدعى التعريف الالهى بالاحكام الشرعية فهو عندهم مجنون فاسد الخيال لا يلتفتون إليه. وروى انه قبل قيام القائم تبنى في كربلاء ثمانون الف قبة من الذهب الاحمر اجلالا لحسين بن على فإذا خرج القائم من كربلاء واراد النجف والناس حوله قتل بين الكربلاء والنجف ستة عشر الف فقيه فيقول الذين حوله من المنافقين انه ليس من ولد فاطمة والا لرحمهم فإذا دخل النجف وبات فيه ليلة واحدة فخرج منه من باب النخيله محاذى قبر هود وصالح استقبله سبعون الف رجل من اهل الكوفة يريدون قتله فقتلهم جميعا فلا ينجى منهم احد )).
ولتوضيح هذه النتيجة أكثر وأكثر سنبحث باختصار بقضية فتنة الدجال الذي حذرت منه روايات الطاهرين (ع) لنرى كيف أن فقهاء الضلالة قد اصطفوا في خانة الدجال ودفعوا الناس دفعاً ليدخلوا في زمرته.
فتنة الدجال:-
وردت أحاديث كثيرة عن أهل البيت (ع) تحذر من فتنة الدجال، سأنقل بعضاً منها فيما يلي من سطور، ولكني أود الإشارة في مطلع هذا المبحث الى أن اصطلاح الدجال يمكن أن ينصرف الى كل من يُظهر الحق ويُضمر الباطل، ومن هنا قيل في علماء السوء أنهم دجالون. وبقدر ما يتعلق الأمر باستعمال الروايات لاصطلاح (الدجال) و(الدجالون), فإن الملاحظ عليها إنها تصف به كل من يُظهر التدين ليخدع الناس، بينما هو في باطنه منحرف يطلب دنيا، أو جاهاً، أو زعامة. ولكي يكون القارئ على بينة من أمره، أقول إن مقصودي من الدجال في هذا المبحث بالدرجة الأولى هو الدجال الأكبر أو أمريكا، كما فسره بعض الباحثين، ومن جملتهم السيد محمد الصدر في موسوعته، وكما وضحه وصي ورسول الإمام المهدي (ع) السيد أحمد الحسن (ع). وعلى أية حال يستطيع من يتأمل في منطق الروايات أن يتبين من الأوصاف التي يوصف بها انطباقها على دولة تمتلك جيشاً وقوة عسكرية كبيرة، وسيأتي عما قريب ذكر الروايات المشار إليها، ولما كان اصطلاح الدجال ينطبق كذلك على بعض فقهاء الضلالة، فسيكون هذا المبحث جامعاً للإثنين (الدجال الأكبر: أمريكا، والأصغر: فقهاء الضلالة أو كبيرهم على وجه الدقة).
عن رسول الله (ص) في حديث طويل أقتبس منه موضع الشاهد، قال: (... يتقدم المهدي من ذريتي فيصلي الى قبلة جده رسول الله (ص)، ويسيرون جميعاً – أي المهدي وأصحابه – الى أن يأتوا بيت المقدس، ثم ذكر الحرب بينه وبين الدجال، وذكر إنهم يقتلون عسكر الدجال من أوله الى آخره...) (معجم أحاديث الإمام المهدي (ع)/ الشيخ الكوراني- ح659). فالدجال في هذا الحديث يملك عسكراً يقتلهم الإمام المهدي (ع) وأصحابه. وفي الحديث رقم (427) من نفس المصدر، جاء ما يأتي: (ليهبطن الدجال خوز و كرمان في ثمانين ألفاً... ). وهؤلاء الثمانون ألفاً بعض جيش الدجال على ما هو راجح، أي إنهم غير أولئك النازلين في بيت المقدس. وعن أمير المؤمنين (ع)، في حديث يذكر فيه بعض العلامات التي تسبق خروج القائم، يقول: (... وغلبة الروم على الشام، وغلبة أهل أرمينية، وصرخ الصارخ بالعراق: هُتك الحجاب وافتُضت العذراء وظهر علم اللعين الدجال، ثم ذكر خروج القائم) (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي (ع) . ص29). والعلم كما هو واضح علامة رمزية تتخذها الدول للإشارة الى كياناتها، وصراخ الصارخ في العراق بظهور علم الدجال إشارة الى الإحتلال الأمريكي للعراق. ويشير إليه صراحة الحديث الذي يصف دخول الدجال الى العراق من جهة جبل سنام في البصرة، فعن رسول الله (ص): (أول ما يردُه الدجال سنام ؛ جبل مشرف على البصرة هو أول ما يردُهُ الدجال) (الفتن: ابن حماد/ 150، معجم أحاديث الإمام المهدي /ج2 ص63)، ومعروف أن القوات الأمريكية دخلت العراق قادمة من الكويت من جهة الجبل المذكور. وعلى أية حال نحن نعيش عصر الظهور، و نشهد بأم أعيننا إحتلال العراق من قبل القوات الأمريكية (الدجال الأكبر)، كما إن معرفتنا بالسياسة الأمريكية توفر لنا فرصة نادرة لفهم المراد من التعبيرات الرمزية التي يوصف بها الدجال, من قبيل (المسيح الدجال)، (الأعور الدجال)، (وكونه يأتي معه بجبل من خبز، وجبل من نار)، فالرئيس الأمريكي بوش من المسيحيين المتدينين – بحسب ما يفهم هو من التدين – وقد صرح في خطاباته بأن الحرب التي يخوضها ضد الإسلام حرب صليبية، بل صرح علناً أن ما دفعه لحرب العراق رؤيا رأى فيها الرب (السيد المسيح) يأمره بإحتلال العراق، وأكثر من هذا كان يدعي في بعض ما صدر عنه إنه مأمور من قبل الرب بتأديب شعب الخطيئة في بابل! والعبارة الأخيرة مقتبسة من الإنجيل، وهي واحدة من علامات ظهور المصلح المنتظر. وأما أن الدجال أعور فلأنه لا يرى إلا بعين المصلحة المادية، وإن ادعى ما ادعى، ومعلوم أن السياسة الأمريكية لا تحسب حساباً لأي شيء عدا مصالحها المادية. وأما جبل الخبز فهو تعبير رمزي عن القوة الإقتصادية، وحالة الرفاه المادي التي تستخف بها أتباعها، وجبل النار قوتها الحربية التي تخيف بها الحكومات التي نسيت أن لا قوة إلا بالله.
إن فتنة الدجال أو أحد أهم مصاديق هذه الفتنة – ولعل الصراع الطائفي مصداق مهم آخر من مصاديق فتنة الدجال (أمريكا) – هي الديمقراطية، أو حاكمية الناس (أو قل اختيار الناس للحاكم). فأمريكا ترى الديمقراطية الحلقة الأخيرة في سلسلة التطور السياسي البشري، ونهاية التأريخ فيما يتعلق بطبيعة أنظمة الحكم (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (التوبة: 47). والحق إن الديمقراطية لا تختلف كثيراً عن الديكتاتورية، بل إنهما من حيث الجوهر حقيقة واحدة، إذ النظامان كلاهما قائمان على فكرة استبعاد السماء من معادلة اختيار الحاكم، والنظامان كلاهما يقفان على الضد، أو حتى النقيض من مبدأ التنصيب الإلهي للحاكم. وعلى أية حال لست الآن في صدد تتبع مساوئ الديمقراطية، ولعل الكثير الذي كُتب عنها فيه الكفاية، كما إنّ المفترض بهذا الكتاب إنه يُخاطب فئة تؤمن بمبدأ التنصيب الإلهي للحاكم، وإن كانت هذه الفئة للأسف الشديد قد استخفتها الأهواء، وأوردها فقهاء آخر الزمان آجناً من بعد عذب، والى الله المشتكى.
أود الآن إيراد بعض الروايات التي يمكن الإستدلال منها على فتنة الديمقراطية، أو حاكمية الناس، التي يطرحها الدجال، وأود الإشارة المسبقة الى أن هذه الروايات بما إنها – كما سنرى – تشير الى أن فتنة الدجال تتمثل بمعارضة مبدأ التنصيب الإلهي، فإنها تدل بلاشك على أن الدجال الأكبر هو أمريكا، باعتبارها حاملة لواء الديمقراطية في العالم.
عن حذيفة بن أسيد، قال: (سمعت أبا ذر يقول، وهو متعلق بحلقة باب الكعبة: ... إني سمعت رسول الله (ص) يقول: من قاتلني في الأولى، وفي الثانية، فهو في الثالثة من شيعة الدجال) (المعجم الموضوعي24). وفي نفس المصدر ونفس الصفحة ينقل الشيخ الكوراني نفس الرواية عن أمالي الطوسي، وفيها (وقاتل أهل بيتي في الثانية) وعن أمير المؤمنين (ع)، قال: قال رسول الله (ص): (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال) (المصدر والصفحة نفسها). وعن الإمام الصادق (ع): (قال رسول الله (ص) : ... من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهودياً. قيل: وكيف يا رسول الله؟ قال: إن أدرك الدجال آمن به) (المعجم الموضوعي25). أقول إن من يبغض أهل البيت (ع)، ومن يقاتلهم هو بالتأكيد مبغض و متمرد على مبدأ التنصيب الإلهي، ومتبع للشيطان ولهوى نفسه، وهو بالتالي ممن يقول بحاكمية الناس قطعاً، ولعل هذه الحقيقة هي التي تشير لها الروايات حين تؤكد على إيمان مبغض أهل البيت (ع) بالدجال.
ويدلك على خطورة فتنة الديمقراطية، أو اختيار الناس للحاكم، التحذير الشديد الصادر عن رسول الله (ص) من الشورتين, الكبرى والصغرى، فعن حذيفة بن اليمان وجابر الأنصاري، عن رسول الله (ص)، إنه قال: (الويل الويل لأمتي من الشورى الكبرى والصغرى ، فسُئل عنهما، فقال: أما الكبرى فتنعقد في بلدتي بعد وفاتي لغصب خلافة أخي وغصب حق إبنتي، وأما الشورى الصغرى فتنعقد في الغيبة الكبرى في الزوراء لتغيير سنتي وتبديل أحكامي) (مناقب العترة /ومائتان وخمسون علامة130). ورغم هذا التحذير الشديد، أبت الأمة إلا مخالفة الرسول (ص) فانعقدت سقيفة بني ساعدة لغصب خلافة علي (ع)، حتى لم يبق على عهد الله ورسوله سوى قلة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وأبى شيعة آخر الزمان إلا اقتفاء أثر من سبقهم حذو النعل بالنعل ، فانعقدت سقيفة الزوراء برعاية الدجال، وفقهاء آخر الزمان لانتخاب حاكم للعراق، وتبديل أحكام الله ورسوله (ص) عبر كتابة الدستور سيئ الصيت. وإذا كان اتباع أبي بكر وعمر ( لعنهما الله ) قد خرجوا من ولاية الله بتمردهم على خليفة رسول الله (ص)، فإن من يدّعون اليوم إنهم شيعة لعلي (ع) قد التحقوا بركبهم، ودخلوا جحر الضب نفسه الذي أدخل أولئك أنفسهم به.
ولعل الوقت قد حان للحديث عن دور فقهاء آخر الزمان في إضلال الناس، وإخراجهم عن حوزة الدين، وسأبدأ بنقل الرواية التي وصفت المكان الذي يأتي منه الدجال الأصغر، قال رسول الله (ص): (لما عرج بي الى ربي جل جلاله أتاني النداء يا محمد، قلت: لبيك... الى أن قال: وخروج رجل من ولد الحسين بن علي بن أبي طالب، وخروج الدجال يخرج من سجستان، وظهور السفياني) (بحار الأنوار ج51 ص70). ولو رجعت الى المعاجم، من قبيل تاج العروس مادة (سجس) لعلمت أن سجستان هي اللفظ المعرّب لكلمة سيستان الفارسية، فالدجال بتعبير آخر يخرج من مدينة سيستان، أي إنه سيستاني. [يحسن الرجوع الى بيان السيد أحمد الحسن (ع) المؤرخ ب ( 27 / رمضان / 1425)].
والحق إن الدجال الأكبر ما كان له أن يُضل الناس لولا فتاوى الضلال التي أصدرها فقهاء آخر الزمان، ودفعوا الناس بها الى هاوية الإنتخابات السحيقة. فلقد بلغ الإستهتار بهم أن عدّوا المشاركة في الإنتخابات فريضة (كذا) أفضل من الصلاة والصوم! ولم يتورع بعضهم عن تشبيه خروج المرأة لمعصية الإنتحاب بخروج زينب (ع) لنصرة الإمام الحسين (ع). فبربكم هل التنصل من مبدأ التنصيب الإلهي والدخول في مشروع الدجال الأكبر المحتل أفضل من الصلاة والصوم؟ أ ليس هذا التجني على حدود الله من مصاديق (كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً)؟ وهل ترضى مروءاتكم أن يُشبّه مراجعكم خروج العقيلة (ع) لنصرة حجة الله والدفاع عن حاكمية الله، بخروج نسائكم لخذلان حجة الله، وتوجيه طعنة لقلب رسول الله (ص) وعلي (ع) والمهدي (ع)؟ ولعلكم تعلمون أن بعض النساء كُنّ سافرات حاسرات.. و.. و مما لا يخفى عليكم، بل أنتم تعلمون حق العلم إن أكثر نساؤكم ورجالكم لم يكن يعنيه من أمر الدين شيئاً.
***
إذن اتضحت مما تقدم حقيقة دولة بني العباس في آخر الزمان، وكيف أدخل فقهاء الضلالة الكثير الكثير من المتشيعة في ولاية الدجال وأخرجوهم من ولاية آل محمد (ع)، سأورد الآن بعض الروايات التي تصف راية بني العباس الآن بالضلال، فقد ورد وصفهم في رواية: ((أسماؤهم الكنى وقبائلهم القرى وعليهم ثياب كلون الليل المظلم تعود بهم إلى آل العباس )) .
وفي رواية أخرى (( لا يفون بعهد ولا ميثاق يدعون إلى الحق وليسوا من أهله ، أسماؤهم الكنى ونسبهم القرى ، وشعورهم مرخاة كشعور النساء )) . الممهدون ، الكوراني ص105 .
إذن لا غرابة بعد أن علمنا فساد بني العباس أن يكون في بوارهم الفرج، ورد
في كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ص 266:
عن الحسين بن مختار ، قال : حدثني ابن أبي يعفور ، قال : قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : " أمسك بيدك هلاك الفلاني - اسم رجل من بني العباس - ، وخروج السفياني ، وقتل النفس ، وجيش الخسف والصوت ، قلت : وما الصوت ، هو المنادي ؟ فقال : نعم ، وبه يعرف صاحب هذا الأمر ، ثم قال : الفرج كله هلاك الفلاني من بني العباس "
وعن ابن شوذب قال: كنت عند الحسن فذكرنا حمص ، فقال: هم أسعد الناس بالمسودة الأولى وأشقى الناس بالمسودة الثانية ، قال: قلت: ومن المسودة الثانية يا أبا سعيد ، قال: أول الظهور يخرج من المشرق ثمانون ألفا محشوة قلوبهم إيمانا حشو الرمانة من الحب وبوار المسودة الأولى على أيديهم )) الملاحم والفتن ، الباب 106، الممهدون للكوراني ص106 .
في هذه الروايات دلالة واضحة على انحراف أصحاب الرايات السود الأولى (المسودة الأولى)، التي تكون نهايتهم على يد أصحاب الرايات السود الثانية (المسودة الثانية) التي تسلم الأمر إلى الإمام المهدي (ع)، والرايات السود الأولى هم بنو العباس في آخر الزمان أما الرايات السود الثانية فهم أنصار الإمام المهدي (ع)، وسنتبين الآن حقيقة الرايات السود الثانية.
0 تعليق على موضوع "دولة بني العباس في أخر الزمان"
الإبتساماتإخفاء