أدلة أخرى تؤيد أن هناك قائم غير الامام محمد بن الحسن العسكري

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

أولاً:-
الروايات التي تصف القائم (ع) تصور شخصين لا شخصاً واحداً:
الرواية الأولى: 
الغيبة - الشيخ الطوسي - ص 263 - 266
( عن حبيب بن محمد بن يونس بن شاذان الصنعاني قال : دخلت إلى علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي فسألته عن آل أبي محمد عليه السلام فقال: يا أخي لقد سألت عن أمر عظيم ، حججت عشرين حجة... إلى قوله: فدخلت فإذا أنا به جالس قد اتشح ببردة واتزر بأخرى، وقد كسر بردته على عاتقه، وهو كأقحوانة أرجوان قد تكاثف عليها الندى، وأصابها ألم الهوى، وإذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان، سمح سخي تقي نقي، ليس بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة، مدور الهامة، صلت الجبين، أزج الحاجبين، أقنى الأنف، سهل الخدين، على خده الأيمن خال كأنه فتات مسك على رضراضة عنبر ).
الرواية الثانية:
الغيبة للنعماني: ص 215:
( عن حمران بن أعين قال قلت لأبي جعفر الباقر(ع) جعلت فداك إني قد دخلت المدينة و في حقوي هميان فيه ألف دينار و قد أعطيت الله عهداً أنني أنفقها ببابك ديناراً ديناراً أو تجيبني فيما أسألك عنه، فقال: يا حمران سل تجب و لا تنفقن دنانيرك. فقلت: سألتك بقرابتك من رسول الله (ص) أنت صاحب هذا الأمر و القائم به؟ قال: لا، قلت: فمن هو بأبي أنت و أمي؟ فقال: ذاك المشرب حمرة الغائر العينين المشرف الحاجبين العريض ما بين المنكبين برأسه حزاز و بوجهه أثر رحم الله موسى). 

الرواية الثالثة: 
كمال الدين وتمام النعمة:653 .
( عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين (ع) - وهو على المنبر - : يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون ، مشرب بالحمرة ، مبدح البطن عريض الفخذين ، عظيم مشاش المنكبين بظهره شامتان : شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبي صلى الله عليه وآله ، له اسمان : اسم يخفى واسم يعلن ، فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد ...).
الرواية الرابعة:
بحار الأنوار: ج83 / ص81:
( عن يحيى بن الفضل النوفلي قال : دخلت على أبي الحسن موسى ابن جعفر (ع) ببغداد حين فرغ من صلاة العصر ، فرفع يديه إلى السماء وسمعته يقول : أنت الله لا إله إلا أنت الأول والآخر والظاهر والباطن ... إلى قوله: أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تعجل فرج المنتقم لك من أعدائك ، وأنجز له ما وعدته يا ذا الجلال والإكرام . قال : قلت : من المدعو له ؟ قال : ذاك المهدي من آل محمد صلى الله عليه وآله . ثم قال : بأبي المنتدح البطن ، المقرون الحاجبين ، أحمش الساقين ، بعيد مابين المنكبين ، أسمر اللون ، يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل ، بأبي من ليله يرعى النجوم ساجداً وراكعاً…). 
في الرواية الأولى يصف ابن مهزيار الإمام المهدي (ع)، وقد شاهده عياناً، ومن وصفه نعرف أنه :
1-    ليس طويلاً ولا قصيراً بل معتدل القامة، فالمربوع والربع بحسب تاج العروس هو متوسط القامة. 
2-    أزج الحاجبين.
3-    أقنى الأنف.
4-    سهل الخدين.
5-    في خده الأيمن خال.
أما الرواية الثانية فهي تصف صاحب الأمر بصفات هي: 
1-    مشرب حمرة.
2-    غائر العينين. 
3-    مشرف الحاجبين.
4-    عريض مابين المنكبين.
5-    برأسه حزاز.
6-    بوجهه أثر.
7-    طويل القامة ( قوله: رحم الله موسى تشبيه له بموسى (ع) ). ففي قصص الأنبياء - الجزائري - ص 251:
( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : رأيت إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله عليهم ، فأما موسى فرجل طوال ).
نتيجة المقارنة:
الإمام المهدي (ع): متوسط القامة، بينما صاحب الأمر طويل.
الإمام المهدي (ع): أزج الحاجبين، وأزج العشب إذا طال (تاج العروس)، بينما صاحب الأمر: مشرف الحاجبين، أي مرتفعهما. 
الإمام المهدي (ع): في خده خال، بينما صاحب الأمر في خده أثر، والأثر: الأثر بالتحريك : ما بقى من رسم الشيء (صحاح الجوهري).
من هذا يتضح أن صاحب الأمر شخص آخر غير الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع).
ولننظر الآن في الروايتين الأخريين:-  
في الرواية الثالثة يصف أمير المؤمنين (ع) ولده الذي يخرج في آخر الزمان بأنه: أبيض مشرب بحمرة، بينما يصف الإمام الكاظم (ع) مهدي آل محمد في الرواية الرابعة بأنه: أسمر اللون وفيه صفرة من سهر الليل.
إذن الروايتان تصفان شخصين لا شخص واحد.
ثانياً:
( عن أبي حمزة قال دخلت على أبي عبد الله (ع) فقلت له أنت صاحب هذا الأمر فقال: لا.فقلت فولدك، فقال: لا. فقلت فولد ولدك ،فقال:لا.قلت فولد ولد ولدك.قال:لا. قلت فمن هو؟ قال: الذي يملأها عدلا كما ملئت ظلما و جورا لعلى فترة من الأئمة يأتي كما أن النبي (ص) بعث على فترة من الرسل).( الغيبة للنعماني : 187).
قال في شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج 1 - ص 31:
( "على حين فترة من الرسل" الفترة الضعف والانكسار وما بين الرسولين من رسل الله تعالى ، يعني ابتعثه على حين فتور من الإرسال وانقطاع من الوحي ).
إذن صاحب الأمر يأتي على فترة من الأئمة، أو انقطاع وهو لا ينطبق على الإمام المهدي (ع) لأنه لم يحدث انقطاع بين مبعثه ومبعث آبائه (ع)، فهو قد تسلم الإمامة بعد وفاة أبيه مباشرة، ومارس مهام الإمامة، لاسيما في فترة الغيبة الصغرى التي تلت وفاة أبيه مباشرة. بل إن إمامته سارية حتى في الغيبة الكبرى كما هو معروف، وإذا قيل أن الغيبة الكبرى يمكن أن تعيبر فترة، فإن الغيبة الصغرى لا يمكن أن يقال فيها ذلك.
فالمعني إذن هو ( أحمد ) ابن الإمام المهدي (ع) الذي يستلم الإمامة بعد غيبة الإمام المهدي الطويلة. وفي الرواية إشارة إلى أنه سيأتي مرسلاً من أبيه قبيل ظهوره، لأن مجيئه بعده يمنع انطباق كونه مبعوثاً على فترة من الرسل.
ثالثاً: 
( روى حذلم بن بشير قال: قلت لعلي بن الحسين (ع): صف لي خروج المهدي وعرفني دلائله وعلاماته؟ فقال: يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة، ويكون مأواه تكريت، وقتله بمسجد دمشق، ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقتد، ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي، ثم يخرج بعد ذلك). (غيبة الطوسي:444).  
والمهدي المقصود هنا غير الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) لأنه يظهر بعد ظهور السفياني. أما ما زعمه الكوراني في كتابه عصر الظهور من أن للإمام المهدي ظهور أصغر، فهو تأويل وتخرص لا تساعد عليه الروايات، بعد ما ذكرنا. فالكوراني غفل عن حقيقة القائم، وقادته غفلته إلى افتراض هذا الظهور الأصغر المزعوم.    
والحق إن القول بالظهور الأصغر متناقض للغاية، إذ إنه يستلزم القول بغيبة ثالثة تعقبه، وهذا يخالف النصوص الدالة على وجود غيبتين فقط، كما إن هذا الظهور الأصغر المزعوم الذي يسبق السفياني سيكون سابقاً لليماني أيضاً بينما اليماني ممهد للإمام، فكيف يكون ظهور الممهد له وهو الإمام سابقاً لظهور الممهد وهو اليماني؟
رابعاً:
غيبة النعماني: 299 – 300:
عن أبي خالد الكابلي، قال: (لما مضى علي بن الحسين (ع) دخلت على محمد بن علي الباقر (ع)، فقلت له: جعلت فداك قد عرفت انقطاعي الى أبيك، وأنسي به، ووحشتي من الناس، قال: صدقت ياأبا خالد، فتريد ماذا؟ قلت: جعلت فداك، لقد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفة لو رأيته في بعض الطرق لأخذت بيده. قال: فتريد ماذا يا أبا خالد؟ قلت: أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه. فقال: سألتني والله يا أبا خالد عن سؤال مجهد، ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثاً به أحداً، ولو كنت محدثاً به أحداً لحدثتك! ولقد سألتني عن امر لو أن بني فاطمة (ع) عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة). 
غيبة الطوسي – 305:
وعن جابر الجعفي، قال:(سمعت أبا جعفر (ع) يقول: سأل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين (ع)، فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ فقال: أما اسمه فإن حبيبي عهد إلي أن لا أحدث باسمه حتى يبعثه الله...).   
الإمامة والتبصرة - ابن بابويه القمي - ص 106 – 107:
عن أبي جعفر الثاني محمد بن علي عليهما السلام قال: ( أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم ومعه الحسن بن علي وسلمان الفارسي رضي الله عنه ، وأمير المؤمنين متكئ على يد سلمان ... إلى قوله: وأشهد على رجل من ولد الحسن بن علي لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ). 
من المعروف إن أبا خالد الكابلي من خلص أصحاب الإمامين؛ السجاد والباقر (ع)، و عدم معرفته اسم صاحب الأمر يضعنا بإزاء علامة استفهام كبيرة. وما يثير الاستغراب والتساؤل  أكثر، أن الإمام الباقر (ع) يمتنع عن إخباره باسمه. 
هذه الإشارات توحي حتماً إن من يقع عليه السؤال ليس هو الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) وإلا هل يجهل الكابلي، وهو من هو في قربه من الأئمة اسم الإمام المهدي (ع)؟ ثم أي صعوبة تلك التي تمنع الإمام الباقر (ع)، ومثله الإمام أمير المؤمنين (ع) عن التصريح باسمه؟ 
ولو أن الأمر حقاً متعلق بالإمام المهدي (ع)، فالخشية من أبناء فاطمة عليه مرتبطة بآخر الزمان، فهل أبناء فاطمة الآن لا يعرفون اسم الإمام المهدي؟ ثم أليس قد مر بنا قبل قليل أن جابر الأنصاري قرأ في لوح فاطمة (ع) أسماء الأوصياء، ومنهم المحمدون الثلاثة؛ محمد الباقر (ع) ومحمد الجواد(ع) و محمد المهدي (ع)؟ فالإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) كان معروف الإسم بين الشيعة، بل ويعرفه أعداؤهم كالعباسيين وغيرهم، وليس ببعيد عن المتتبعين أن الخليفة العباسي محمد المهدي بن هارون الرشيد قد تلقب بلقب المهدي ادعاءً منه أنه هو المهدي المنتظر. 
ويتضح من الرواية الثانية أن المهدي أو صاحب الأمر (ع) قد عهد رسول الله (ص) بأن لا يُسمى حتى يبعثه الله، أي حتى يحظر ويباشر هو نفسه تعريف الناس بحقيقته. عن مالك الجهني، قال: (قلت لأبي جعفر (ع) إنا نصف صاحب هذا الأمر بالصفة التي ليس بها أحد من الناس. فقال: لا والله، لا يكون ذلك أبداً حتى يكون هو الذي يحتج عليكم بذلك، ويدعوكم إليه) (غيبة النعماني: 337).
وليس صحيحاً أبداً ما علق به الكوراني على الرواية حين قال: ( قد يكون مقصوده من قوله: (حتى يبعثه الله)، حتى يولد) (المعجم الموضوعي: 306).
فمن الواضح أن أمير المؤمنين (ع) لا يريد أنه (عليه السلام) هو سيخبر باسم المهدي (ع) حين يبعثه الله، بل أراد أن المهدي هو من سيعرف الناس بنفسه، وهذا سيكون عند ظهوره لا ميلاده، وهذا ماتنص عليه الرواية الثالثة حيث يقول الإمام (ع) لسلمان: ( لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره )، ففي الرواية إشعار بأن ثمة اختبار يتعلق بمعرفة المهدي (ع)، وهو سر الامتناع عن ذكر اسمه.  ورد عن رسول الله (ص) قوله: (... له علم إذا حان وقته انتشر ذلك العلم من نفسه ) (كمال الدين: 268).
ويؤكد ذلك أنهم (ع) امتنعوا عن التصريح باسم القائم (ع) في روايات كثيرة مع إنهم قد ذكروا اسم الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع). 
من هذه الروايات ما ورد عن عبدالله بن سنان، قال :(سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: إنه ينادي باسم  صاحب هذا الأمر منادٍ من السماء، ألا إن الأمر لفلان بن فلان ففيم القتال) (غيبة النعماني: 275).     
وعن أبي بصير، قال: حدثنا أبو عبدالله (ع)، وقال: ( ينادى باسم القائم يا فلان بن فلان قم ) (نفسه: 287). 
خامساً:
ورد في بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 52 - ص 375:
عن ابن أبي يعفور قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وعنده نفر من أصحابه فقال لي : ( يا ابن أبي يعفور هل قرأت القرآن ؟ قال : قلت : نعم هذه القراءة ، قال : عنها سألتك ليس عن غيرها قال : فقلت : نعم جعلت فداك ، ولم ؟ قال : لان موسى عليه السلام حدث قومه بحديث لم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بمصر ، فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم ، ولان عيسى عليه السلام حدث قومه بحديث فلم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بتكريت فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم ، وهو قول الله عز وجل " فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين " وإنه أول قائم يقوم منا أهل البيت يحدثكم بحديث لا تحتملونه فتخرجون عليه برميلة الدسكرة فتقاتلونه فيقاتلكم فيقتلكم ، وهي آخر خارجة تكون ).
بحار الأنوار – المجلسي/ ج52 ص338:
عن أبي الجارود أنه سأل الإمام الباقر (ع):(متى يقوم قائمكم؟ قال: يا أبا الجارود لا تدركون. فقلت: أهل زمانه؟ فقال: ولن تدرك زمانه، يقوم قائمنا بالحق بعد إياس من الشيعة، يدعو الناس ثلاثاً فلا يجيبه أحد... الى قوله (ع): ويسير الى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفاً من البترية شاكين السلاح، قراء القرآن، فقهاء في الدين، قد قرحوا جباههم، وسمروا ساماتهم، وعمهم النفاق، وكلهم يقولون يا ابن فاطمة ارجع، لا حاجة لنا فيك. فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشية الإثنين من العصر الى العشاء... ثم الكوفة فيقتل مقاتليها حتى يرضى الله تعالى). 
غيبة النعماني – 194:
عن أبي عبدالله (ع) إنه قال: ( لو قد قام القائم لأنكره الناس،لأنه يرجع إليهم شاباً موفقاً، لايثبت عليه ألا من قد أخذ الله ميثاقه في الذر الأول ).               
وعنه (ع): (وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً، وهم يحسبونه شيخاً كبيراً) (نفسه: 194 – 195) .
إذن الناس والشيعة تحديداً سينكرون القائم حين يخرج إليهم، فإن مدلول كلمة (صاحبهم) يرتبط بالشيعة بالدرجة الأولى كما هو معروف، ويمكننا في الحقيقة أن نجزم بهذا المعنى بقليل من التأمل؛ فالقائم بحسب نظرية أهل السنة (كما يسمون أنفسهم) يولد في زمانه، فلا وجود لأية مشكلة لديهم فيما يتعلق بسنه. بل لا توجد أية إشارة في تراثهم تشير الى أن المهدي أو القائم سيخرج بصورة شيخ كبير. نعم يمكن أن نتصور ورود هذا الإشكال بالنسبة للشيعة باعتبار أن معتقدهم (وهو الصحيح حتماً) ينص على ولادة الإمام المهدي (ع) في زمن متقدم. ولكن حتى هذا الإشكال ضعيف يكاد لا يذكر، إذ إن المستقر في الأذهان والذي تؤيده كثير من الروايات،إن الإمام المهدي (ع) سيظهر بعمر الشباب (40 سنة تحديداً) يستوي في معرفة ذلك عامتهم وخاصتهم، بل إن الروايات التي قرأناها أعلاه نفسها تخبر بأنه سيخرج بصورة شاب موفق.
يعلق الكوراني على هذه الرواية، قائلاً: (يبدو أن أكثر هؤلاء البترية أصلهم شيعة) ( المعجم الوضوعي لأحاديث الإمام المهدي (ع): 570 ). وهذا اعتراف من الكوراني بأن الشيعة يقاتلون القائم على الرغم مما شاب عبارته من تخفيف واضح، وهو على أية حال تخفيف على حساب الحقيقة الجلية في الرواية. ولعل الكوراني  قد اعترى قلمه الارتباك وهو يقرأ أن هؤلاء البترية فقهاء في الدين، أي انهم من فقهاء آخر الزمان. ولا أظن أحداً يماري في أن الإنكار هو مقدمة القتال، بل في الرواية الثانية (يدعو الناس ثلاثاً فلا يجيبه أحد )، فالإنكار يأتي بعد أن يدعوهم ويعرفهم بنفسه. 
ومن هنا ينبثق السؤال: 
لماذا ينكرونه ويقاتلونه إن كانوا يعلمون أنه الإمام المهدي الذي ينتظرونه، لاسيما وهم من أصحاب الجباه المتقرحة من كثرة العبادة؟ ألا يعلمون أنه منصور وأن عدوه مخذول لا محالة، وحربه خاسرة؟ لاشك في أن ما يحملهم على ذلك هو أن القائم ليس هو الإمام المهدي محمد بن الحسن كما يظنون، وإنما هو ولده (أحمد)، وحين جاءهم أنكروه، وبادروا لحربه، وقد مر أن اليماني يدعو للمهدي (ع)، بل في الرواية الأولى نص على أن أول قائم، أي الممهد هو من يقاتلونه ويقاتلهم.   
ومن لطيف ما يذكر هنا، أن معاندي هذه الدعوة الشريفة يصرون على رفض الأدلة التي يسطرها لهم الأخوة الأنصار، بدعوى أن العلامات كفيلة بتعريفهم بحقيقة القائم، و نصرته، وأنا أسألهم هنا: لماذا لم تفد هؤلاء البترية معرفتهم بالعلامات؟                                                                            
سادساً:
كتاب الغيبة - الشيخ النعماني: ص 172:
عن أبي جعفر (ع)، وقد سُئل عما إذا كان هو صاحب الأمر، فقال:(.. لا والله ما أنا بصاحبكم، ولا يشار الى رجل منا بالأصابع، ويمط إليه بالحواجب إلا مات قتيلاً، أو حتف أنفه. قلت: وما حتف أنفه؟ فقال: يموت بغيظه على فراشه حتى يبعث الله من لا يؤبه لولادته. قلت: ومن لا يؤبه لولادته؟ فقال: انظر من لا يدري الناس أنه ولد أم لا، فذاك صاحبكم ). 
وفي كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ص 173:
( عن عبد الله بن عطاء ، قال : " قلت لأبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) : أخبرني عن القائم ( عليه السلام ) . فقال : والله ما هو أنا ، ولا الذي تمدون إليه أعناقكم ، ولا تعرف ولادته ).
عن أيوب ابن نوح ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا  : إنا نرجو أن تكون صاحب هذا الأمر وأن يسوقه الله إليك عفواً بغير سيف ، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك ، فقال : ( ما منا أحد اختلف الكتب إليه وأشير إليه بالأصابع وسئل عن المسائل وحملت إليه الأموال إلا اغتيل أو مات على فراشه ، حتى يبعث الله لهذا الأمر غلاماً منا خفيِّ المولد والمنشأ غير خفي في نفسه ) الكافي : ج1 ص341 ، باب في الغيبة ، ح25 ، غيبة النعماني : ص168.
قوله (ع): ( حتى يبعث الله ... الخ ) واضح في أن المقصود هو أن القائم يولد في زمنه، وليس هو الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع)، وقوله: ( من لا يؤبه لولادته ) يدل على هذا فالإمام المهدي انشغلت دولة بني العباس وانشغل الشيعة في أمر ولادته، ولا يمكن أن يُقال فيه: (من لا يدري الناس أنه ولد أم لا ). وفي كلام الإمام (ع) في الرواية الثانية دليل قوي، فالخطاب فيه للشيعة حصراً، وقوله: ولا الذي تمدون إليه أعناقكم يراد منه الإمام المهدي، لاسيما بعد أن نفاها عن نفسه، وهم إما يمدون أعناقهم للإمام الذي في ظهرانيهم أو ما عرفوه من الروايات. وقوله ولا تُعرف ولادته يراد منه الشيعة، فالخطاب لهم كما سلف القول. وفي الرواية الثالثة ما يؤكده فالإمام المهدي (ع) سئل عن المسائل وحملت إليه الأموال، واختلفت إليه الكتب.
سابعا:
الغيبة - الشيخ الطوسي - ص 422 - 423
عن أبي سعيد الخراساني قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : لأي شئ سمي القائم ؟ قال : لأنه يقوم بعدما يموت ، إنه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر الله سبحانه.
وعن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثم بعثه.
وعن مؤذن مسجد الأحمر قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام هل في كتاب الله مثل للقائم عليه السلام ؟ فقال : نعم ، آية صاحب الحمار أماته الله ( مائة عام ) ثم بعثه.
هذه الروايات التي نقلها الطوسي في غيبته، تدل على أن القائم يقوم بعدما يموت، أي يبعثه الله كما ورد في رواية الشيخ النعماني: ص 172:
عن أبي جعفر (ع)، وقد سُئل عما إذا كان هو صاحب الأمر، فقال:(.. لا والله ما أنا بصاحبكم، ولا يشار الى رجل منا بالأصابع، ويمط إليه بالحواجب إلا مات قتيلاً، أو حتف أنفه. قلت: وما حتف أنفه؟ فقال: يموت بغيظه على فراشه حتى يبعث الله من لا يؤبه لولادته. قلت: ومن لا يؤبه لولادته؟ فقال: انظر من لا يدري الناس أنه ولد أم لا، فذاك صاحبكم ). 
وهذا القيام بعد الموت هو مقتضى تشبيه القائم بصاحب الحمار الذي أحياه الله بعد أن أماته.
ولكن كلمات القوم لما لم تدرك مغزى هذه الروايات ذهبت يميناً وشمالاً، واضطربت كما تضطرب الأرشية في الطوى البعيدة.
فبعد أن ينقل الشيخ الطوسي هذه الأخبار يعلق قائلاً: ( الوجه في هذه الأخبار وما شاكلها أن نقول : يموت ذكره، ويعتقد أكثر الناس أنه بلي عظامه، ثم يظهره الله كما أظهر صاحب الحمار بعد موته الحقيقي. وهذا وجه قريب في تأويل هذا الأخبار، على أنه لا يرجع بأخبار آحاد لا توجب علما عما دلت العقول عليه، وساق الاعتبار الصحيح إليه، وعضده الأخبار المتواترة التي قدمناها، بل الواجب التوقف في هذه والتمسك بما هو معلوم، وإنما تأولناها بعد تسليم صحتها على ما يفعل في نظائرها ويعارض هذه الأخبار ما ينافيها ).
توجيه الشيخ الطوسي كما يدرك كل بصير يخالف تماماً ما نصت عليه الأحاديث، فهي قد تحدث عن موت حقيقي لا موت مجازي أو موت ذِكر كما يقول، وأفضل ما في كلامه هو قوله بأن عليه أن يتوقف عن القول فيها بعد أن خفيت عليه دلالتها.
وبمثل تعليق الطوسي يعلق صاحب البحار قائلاً: ( بيان : قوله عليه السلام " بعدما يموت " أي ذكره أو يزعم الناس ). بحار الأنوار- ج 51 - ص 30.
وبمثل قول المجلسي يقول الشيخ علي اليزدي الحائري في إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - ج 1 - ص 161.
والحقيقة إن هذه الروايات ترتبط بمسألة الشبيه المصلوب بدلاً من عيسى (ع)، وحيث أن المسألة جديدة ومعقدة، أفردت لها هذا البحث المختصر برجاء أن يقيض الله تعالى لأحد الأخوة الأنصار بيان هذه المسألو من مصادرها المختلفة.

__________________________________________________
قم بزيارة صفحتنا على الفيسبوك (أضغط هنا)

0 تعليق على موضوع "أدلة أخرى تؤيد أن هناك قائم غير الامام محمد بن الحسن العسكري"


الإبتساماتإخفاء