خطاب السيد احمد الحسن
إلى طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وفي قم وفي كل بقعة على هذه الأرض
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله على بلاءه وعظيم نعماءه
(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (الأعراف:164-165)
إلى طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وفي قم وفي كل بقعة على هذه الأرض
انصفوا أنفسكم واعطفوا بقلوبكم على الحكمة ، وتدبروا كلامي تدبر منصف ، ولا تقطعوا رحم محمد (ص) ، فإنها معلقة بالعرش تقول : يا رب صل من وصلني ، واقطع من قطعني .
بأي ثقلي الهدى تمسكتم : أبالقرآن أم بالعترة ؟ ! . هل سألتم أنفسكم ، أما القرآن فقد نبذتموه وراء ظهوركم وجعلتموه أخف الأشياء في ميزانكم . وأما العترة فقد ذروتم حكمتهم اليمانية ، ورواياتهم الربانية ذرو الريح للهشيم . فقبلتم ما وافق أهواكم وان قل رواته ، ونبذتم ما خالف آراءكم وان تواتر عنهم (ع) . تقولون إن رواياتهم التي وصفوني بها ليست حجة ، ووصية رسول الله (ص) بالأئمة وبي وبالمهديين ليست حجة ، ومعرفة القرآن وطرق السماوات ليست حجة ، فما أخف محمد (ص) والقرآن والعترة في ميزانكم ، وما أهونهم عند عقولكم .
والحق أقول لكم : إن في التوراة مكتوب (توكل علي بكل قلبك ولا تعتمد على فهمك ، في كل طريق اعرفني ، وأنا أقوم سبيلك ، لا تحسب نفسك حكيماً ، أكرمني وأدب نفسك بقولي ) . وفي القرآن (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (العنكبوت:69)
تقولون نحن نقبل شهادة العدلين . فها الله يشهد لي ، ومحمد يشهد لي ، وعلي يشهد لي ، وفاطمة تشهد لي ، والحسن يشهد لي ، والحسين يشهد لي ، وعلي بن الحسين ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن ومحمد يشهدون لي ، بمئات الرؤى التي رآها المؤمنون . أفلا تقبلون شهادتهم وقولهم ونصحهم لكم . ألم يخبروكم انهم يجتمعون على صاحب الحق إذا جاء وقالوا (ع) (فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فأنهدوا إلينا بالسلاح ) غيبة النعماني ص197 .
تقولون إن الشيطان يتمثل برسول الله محمد (ص) (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً) (مريم:89-90) والله يقول (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ) (الشعراء:210-211) فإذا كان الشيطان لا يستطيع أن ينطق بحرف من القران ، فكيف يتمثل بمحمد (ص) وهو القرآن كله .
(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (المؤمنون:88) ، من بيده ملكوت السماوات والأرض ، ما أنصفتم الله . إذ جعلتم الملكوت بيد الشيطان ، وانتهكتم حرمة رسول الله (ص) ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
تستخفون الناس وتقولون لهم : وهل رأيتم رسول الله حتى تعرفونه بالرؤيا ، سبحان الله . وهل كان أحد في زمن الإمام الصادق رأى رسول الله (ص) ؟ ! ، حتى يقول الإمام الصادق (ع) من أراد أن يرى رسول الله بالرؤيا فليفعل كذا وكذا ، والروايات كثيرة في هذا المعنى ، فراجعوا دار السلام وغيره من كتب الحديث .
تقولون الرؤيا حجة على صاحبها فقط ، فتردون شهادة المؤمن العادل ، الذي رأى وسمع في ملكوت السماوات رسول الله (ص) واخبره بالحق ، فكيف إذن تقبلون شهادته فيما رأى وسمع في هذا العالم الجسماني (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى) (النجم:22) ، في حديث (عن الإمام الحسن العسكري (ع) بعد ما رآه الفضل بن الحارث في المنام وقال له ما قال قال (ع) : (إن كلامنا في النوم مثل كلامنا في اليقظة ) سفينة البحار ج10 ص199.
ألم يقبل رسول الله (ص) إيمان خالد ابن سعيد الأموي ، لأنه رأى رؤيا . ألم يقبل رسول الله (ص) إيمان يهودي رأى رؤيا بموسى (ع) وقال له : إن محمد حق . ألم يقبل الإمام الرضا (ع) إيمان الواقفية ، لأنهم رأوا رؤى بأنه (ع) حق . ألم يقبل الإمام الحسين (ع) إيمان وهب النصراني ، لأنه رأى رؤيا . ألم تأتي نرجس أم الإمام المهدي (ع) إلى الإمام الحسن العسكري بسبب رؤيا رايتها ، ألم … وألم …
إنا لله وإنا إليه راجعون ، ما اثقل الدنيا في كفة ميزانكم ، وما أخف ملكوت السماوات عند أهواءكم وآراءكم ، تدبروا حال الأمم التي سبقتكم مع أنبيائهم (ع) .
سأنصح لكم وأنذركم وافتح صفحة الحسين (ع) باباً لنصحي ، عسى أن يكون فيكم عاقل ، يثوب إلى رشده ، وينقذ نفسه من التردي في هاوية الجحيم .
الحسين (ع) فداء عرش الله سبحانه وتعالى . ولم يكن الدين الإلهي يستقيم ويتمخض عن دولة العدل الإلهي في آخر الزمان لولا دماء الحسين (ع) .
لقد بين الإمام الحسين (ع) إن الدين الإلهي لا يستقيم إلا بدمه المقدس .
فلولا دماء الحسين (ع) التي سالت على ارض كربلاء لذهبت جهود الأنبياء والمرسلين ، وجهود محمد (ص) وعلي (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) سدى ، ولما استطاع الأئمة من ولد الحسين (ع) ترسيخ قواعد الدين الإلهي ، والولاية الإلهية وحاكمية الله سبحانه وتعالى .
وكل من يحاول جعل الحسين (ع) مجرد إمام قتل ليبكي عليه الناس ، فهو شريك في دم الحسين (ع) . وهو ممن يحاول قتل الحسين (ع) في هذا الزمان .
لقد واجه الحسين (ع) في كربلاء الشيطان (لع) بكل رموزه الخبيثة ، واجه الحسين (ع) الحكام الذين تسلطوا على الأمة الإسلامية ، ونقضوا حاكمية الله سبحانه وتعالى ، وواجه الحسين (ع) العلماء غير العاملين : شريح القاضي ، وشبث ابن ربعي ، وشمر ابن ذي الجوشن وأمثالهم ، وكانوا اخطر حلقات المواجهة ، لأنهم تسربلوا بلباس الدين ، واوهموا الناس انهم سلوا على الحسين (ع) سيف محمد (ص) ظلما وزورا ، وادعوا أنهم يمثلون الدين الإلهي كذباً وافتراءً على الله سبحانه وتعالى ، وقد اخبر عنهم (ع) انهم سلوا عليه سيفا له في أيمانهم .
0 تعليق على موضوع "إلى طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وفي قم وفي كل بقعة على هذه الأرض"
الإبتساماتإخفاء