ج : بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
قال تعالى (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَأخلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) (طـه : 12).
النعل في رجل أي إنسان يقيها ولكنه أيضاً يُبطأ من سرعة سيره ، ولم يُرِد سبحانه وتعالى فقط النعلين الماديين اللتان تبطئان من سرعة سيره (ع) للوصول إلى الشجرة التي كُلم منها بل أيضاً كان سبحانه يريد من موسى (ع) أن ينـزع من نفسه كل ما يعيقها في سيرها إلى الله سبحانه فكان سبحانه يريد من موسى (ع) أن ينـزع حبه لما سوى الله وان ينـزع خوفه مما سوى الله فلا يقي نفسه بالخوف والحذر بل بالله سبحانه وتعالى ويكون حبه لأي إنسان بالله ومن خلال حبه لله سبحانه وتعالى.
والخوف من الطواغيت (كفرعون) من صفات العلماء غير العاملين – فقلوبهم مليئة بالخوف من الطاغوت – أو كما يسميهم الله سبحانه في القرآن الكريم بالحمير قال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ …) (الجمعة : 5) ، وقال تعالى (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (لقمان : 19) ، وقال تعالى (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ) (المدثر : 50) ، ورد عن الصادق (ع) في تفسير هذا الخطاب الإلهي لموسى (ع) (فأخلع نعليك) (لأنها كانت من جلد حمار ميت) علل الشرائع ج 1 ص 66 ، فلم يرد الصادق (ع) إلا بيان هذه الصفة وهي الخوف من الطاغوت على النفس وهي من صفات العلماء غير العاملين أو الحمير ولم يكن الصادق (ع) يريد ان في قلب موسى خوف من الطاغوت بعد دخوله ساحة القدس الإلهي.
فالله سبحانه وتعالى يقول لموسى (ع) أنت وصلت إلى ساحة القدس الإلهية فلا تخاف دركاً ولا تخشى لأن الذي يدافع عنك هو الله فأنت الآن في ساحة قدسه الوادي المقدس طوى ، ولم يكن في قلب موسى (ع) بعد أن وصل إلى ساحة القدس الإلهي أي خوف من الطواغيت ، ولكن في هذا الخطاب الإلهي تعليم من الله سبحانه وتعالى لكل إنسان يريد الوصول إلى الساحة المقدسة (الوادي المقدس طوى) إن عليه أولاً وليكون أهلاً أن يلج هذه الساحة المقدسة أن ينـزع من قلبه الخوف من الطواغيت كفرعون ، ويوقن ان الذي يدافع عنه هو الله سبحانه وتعالى القادر على كل شيء في مقابل من لا يقدرون على شيء.
فالمطلوب من موسى (ع) الآن وهو يلج ساحة القدس أن ينـزع من قلبه الخوف مما سوى الله ولو كان مثقال ذرة ثم أن يملأ قلبه خوفاً من الله سبحانه وتعالى.
أما قول موسى (ع) (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (الشعراء : 14) فقد أراد موسى (ع) الخوف على الرسالة الإلهية وليس على نفسه ، فهو يخاف أن يقتلوه قبل أن يتم تبليغ الرسالة الإلهية المكلف بها ، فلما أجابه الله تعالى بقوله (كَلَّا فَاذْهَبَا بِآياتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) (الشعراء : 15) ، ذهب موسى مسرعاً إلى الطاغية وأبلغه بالرسالة وبلغ بني إسرائيل وأتم تبليغ الرسالة بفضل الله القادر على كل شيء.
0 تعليق على موضوع "س : ورد في القران الكريم هذه الأية (ياموسى انزع نعليك انك في الوادي المقدس طوى) ما المقصود بهذه الأية ؟"
الإبتساماتإخفاء